الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القطب والغوث
1 -
معنى القطب في اللغة:
قال الخليل: "القُطْبُ نباتٌ.. والقُطْبُ كوكب بين الجدي والفرقدين، صغير أبيض، لا يبرح موضعه، شبه بقطب الرحى، وقطب الرحى، الحديدة التي في الطبق الأسفل من الرحيين، يدور عليها الطبق الأعلى، وتدور الكواكب على هذا الكوكب"1.
وقال ابن فارس: "القاف والطاء والباء أصل صحيح يدل على الجمع، يقال جاءت العرب قاطبة، إذا جاءت بأجمعها"2. وقطب القوم سيدهم، وفلان قطب بني فلان، أي سيدهم الذي يدور عليه أمرهم3.
فالقطب في اللغة هو الذي يدور عليه الأمر، لأهميته، وقطب القوم سيدهم.
2 -
معنى القطب في اصطلاح الصوفية:
القطب عند الصوفية عبارة عن "الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان، وهو على قلب إسرافيل عليه السلام "4.
وقال الجرجاني: "القطب، وقد يسمى غوثاً باعتبار التجاء الملهوف إليه، وهو عبارة عن الواحد الذي هو موضوع نظر الله في كل زمان، أعطاه الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسري في الكون وأعيانه الباطنة، والظاهرة، سريان الروح في الجسد، بيده قسطاس الفيض الأعم، وزنه يتبع علمه، وعلمه يتبع علم الحق، وعلم الحق يتبع الماهيات غير المجعولة فهو يفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل.."5.
1 - العين 5/106 - 107، وانظر: لسان العرب 1/682.
2 -
معجم مقاييس اللغة 5/104.
3 -
انظر: لسان العرب 1/682، القاموس المحيط ص161.
4 -
اصطلاحات الشيخ محيي الدين العربي ص 286، وانظر: اصطلاحات الصوفية ص80 - 81.
5 -
التعريفات ص227.
ويقول المناوي: "الأقطاب هم الجامعون للأحوال، والمقامات، وقد يتوسع فيسمى كل من دار عليه مقام من المقامات، وانفرد به في زمانه، قطباً، لكن حيث أطلق القطب لا يكون في الزمان إلا واحداً وهو الغوث، وهو سيد أهل زمنه وإمامهم، وقد يحوز الخلافة الظاهرة كما حاز الباطنة"1.
3 -
معنى الغوث في اللغة:
الغوث الإعانة والنصرة عند الشدة، يقول ابن فارس:"الغين والواو والثاء كلمة واحدة، وهي الغوث من الإغاثة، وهي الإعانة والنصرة عند الشدة. وغَوْثٌ: قبيلة "2. ويقول الخليل: "ضُرب فلانٌ فغَوَّث تغويثاً أي قال: واغَوْثاه، أي من يغيثني. والغَوْث الاسم من ذلك" 3.
4 -
معنى الغوث في اصطلاح الصوفية:
جاء في اصطلاحات الصوفية: "الغوث هو القطب حين يلتجأ إليه، ولا يسمى في غير ذلك الوقت غوثاً"4. فالغوث إذاً هو القطب في حالة الالتجاء إليه.
5 -
معنى القطب والغوث عند أهل السنة:
لفظ القطب ولفظ الغوث لم يردا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم ينطق بها السلف رحمهم الله، فهي ألفاظ محدثة، ومع ذلك يجعلها الصوفية من أعلى الرتب الدينية، قال شيخ الإسلام رحمه الله:"أما الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة، مثل الغوث الذي بمكة والأوتاد الأربعة والأقطاب السبعة، والأبدال الأربعين، والنجباء الثلاثمائة، فهذه أسماء ليست موجودة في كتاب الله - تعالى - ولا هي أيضا مأثورة عن النبي، بإسناد صحيح، ولا ضعيف يحمل عليه"5.
1 - التوقيف ص83.
2 -
معجم مقاييس اللغة 4/400.
3 -
العين 8/440.
4 -
اصطلاحات الصوفية ص74، وانظر: اصطلاحات ابن عربي ص293، التعريفات ص209، معجم الكلمات الصوفية ص60، موسوعة مصطلحات جامع العلوم ص648، المعجم الصوفي ص185.
5 -
مجموع الفتاوى11/433 - 434.
وأما من حيث معناها فهي ألفاظ مجملة قد يراد بها معنى صحيح وقد يراد بها معنى باطل، وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن لفظ القطب الغوث فأجاب بقوله:"وأما سؤال السائل عن القطب الغوث الفرد الجامع؛ فهذا قد يقوله طوائف من الناس ويفسرونه بأمور باطلة في دين الإسلام، مثل تفسير بعضهم أن الغوث هو الذي يكون مدد الخلائق بواسطته في نصرهم ورزقهم، حتى يقول إن مدد الملائكة وحيتان البحر بواسطته، فهذا من جنس قول النصارى في المسيح عليه السلام، والغالية في علي رضي الله عنه، وهذا كفر صريح يستتاب منه صاحبه فإن تاب وإلا قتل..وأما إن قصد القائل بقوله القطب الغوث الفرد الجامع، أنه رجل يكون أفضل أهل زمانه، فهذا ممكن، لكن من الممكن أيضاً أن يكون في الزمان اثنان متساويان في الفضل، وثلاثة، وأربعة، ولا يجزم بأن لا يكون في كل زمان أفضل الناس إلا واحداً، وقد تكون جماعة بعضهم أفضل من بعض من وجه دون وجه، وتلك الوجوه إما متقاربة وإما متساوية، ثم إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان، فتسميته بالقطب الغوث الجامع، بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة وأئمتها"1.
ومن المحاذير في لفظ القطب أنهم يدخلون في هذه الأسماء ما هو من خصائص الربوبية مثل كونه يعطي الولاية من يشاء، ويصرفها عن من يشاء، والله يقول لسيد ولد آدم:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص - 56] وقال: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران - 128]2.
وبعضهم يطلق لفظ القطب على كل من دار عليه أمر من أمور الدين، أو الدنيا باطناً أو ظاهراً، فهو قطب ذلك الأمر ومداره، سواء كان الدائر عليه أمر داره أو دربه أو قريته أو مدينته أمر دينها أو دنياها، باطناً أو ظاهراً ولا اختصاص لهذا المعنى بسبعة، ولا أقل، ولا أكثر، لكن الممدوح من ذلك من كان مداراً لصلاح الدنيا والدين، دون مجرد صلاح الدنيا، فقد يتفق في بعض الأعصار أن يكون شخص أفضل أهل عصره، وقد يتفق في عصر
1 - مجموع الفتاوى 27/96 - 102، وانظر: منهاج السنة 1/95.
2 -
انظر: بغية المرتاد ص393 - 394.
آخر أن يتكافأ اثنان أو ثلاثة في الفضل عند الله سواء، ولا يجب أن يكون في كل زمان شخص واحد هو أفضل الخلق عند الله مطلقاً1.
وأما لفظ الغوث فيقول شيخ الإسلام رحمه الله: "فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله، فهو غياث المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره، لا بملك مقرب، ولا نبي مرسل"2.
فإطلاق لفظ الغوث على غير الله باطل مطلقاً3. وأما لفظ القطب فقد يراد به معنى صحيح، وقد يراد به معنى باطل كما سبق.
1 - انظر: مجموع الفتاوى11/440.
2 -
المرجع السابق11/437.
3 -
انظر: المرجع السابق 11/444.