الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: الألفاظ والمصطلحات المتعلقة ب
الشرك في الربوبية
الشرك في الربوبية
…
الفصل الثالث: الألفاظ والمصطلحات المتعلقة بالشرك في الربوبية.
الشرك في الربوبية
1 -
معنى الشرك في اللغة:
يقول ابن فارس: "الشين والراء والكاف أصلان، أحدهما يدل على مقارنة وخلاف انفراد، والآخر يدل على امتداد واستقامة.
فالأول الشركة، وهو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما."1
وفي الصحاح: "..وشركته في البيع والميراث أشركه شركة، والاسم الشرك..والشرك أيضاً الكفر. وقد أشرك فلان بالله فهو مشرك ومشركي"2.
فالشرك لفظ يدل على اقتسام الشيء بين اثنين فأكثر، دون أن ينفرد به واحد.
وقد سبق بيان معنى الرب في اللغة وهو المالك والمصلح والمربي3.
2 -
معنى الشرك في الشرع:
ورد لفظ الشرك في كتاب الله، وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة، ومن ذلك قوله - تعالى -:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان - 13] وقوله: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} [الجن - 20] ، وغيرها كثير، ومن السنة مارواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، أو سئل عن الكبائر، فقال:"الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين.." 4، إلى غير ذلك من الأحاديث.
1 - معجم مقاييس اللغة 3/265.
2 -
الصحاح 4/1593 - 1594.
3 -
انظر البحث ص138.
4 -
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر 4/88، ح 5977، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها 1/92، ح 88.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "وأصل الشرك أن تعدل بالله - تعالى - مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده"1. وهذا التعريف شامل لأنواع الشرك، فمن عدل بالله غيره في بعض ما يستحقه وحده بأن اعتقد شريكاً لله في التصرف، أو الخلق، أو نحوه من صفات الربوبية، فهو مشرك، ومن عدل بالله غيره في بعض أنواع العبادة فهو مشرك، ومن عدل بالله غيره في بعض ما يستحقه وحده من الصفات فهو مشرك. فالشرك نوعان شرك في الربوبية وشرك في الألوهية.
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله معرفا الشرك بتعريف جامع: "بأن يجعل لله عدلاً بغيره في اللفظ أو القصد أو الاعتقاد"2.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "الشرك وهو اتخاذ إله مع الله"3، سواء في الاعتقاد أو الفعل. وقال:"الشرك عبادة غير الله"4. وهذا نوع من أنواع الشرك وهو الشرك في الألوهية، كما ذكر الشرك في بعض أضرب العبادة في موضع آخر، حيث يقول: "الشرك بالله وهو أن يدعو مع الله إلها آخر إما الشمس، وإما القمر، أو الكواكب..أو غير ذلك مما يدعى من دون الله - تعالى -، أو يستغاث به، أو يسجد له"5.
فالشرك ينقسم إلى قسمين:
الأول: شرك بتعلق بذات المعبود، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله. وهذا هو الشرك في الربوبية.
الثاني: شرك في عبادته، ومعاملته، وإن كان صاحبه يعتقد أنه - سبحانه - لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله6.وهذا هو الشرك في العبادة والألوهية.
1 - الاستقامة 1/344.
2 -
إعلام الموقعين 1/334.
3 -
مجموع الفتاوى 4/74، وانظر: الجواب الكافي ص90.
4 -
مجموع الفتاوى 11/682.
5 -
المرجع السابق 3/424.
6 -
انظر: الجواب الكافي ص114، مدارج السالكين 1/62 - 63.
3 -
معنى الشرك في الربوبية في الشرع:
يقول شيخ الإسلام رحمه الله أن معنى الشرك في الربوبية هو:" إثبات فاعل مستقل غير الله"1، ويمثل لذلك بقوله:"كمن يجعل الحيوان مستقلاً بإحداث فعله، ويجعل الكواكب، أو الأجسام الطبيعية، أو العقول، أو النفوس، أو الملائكة، أو غير ذلك مستقلاً بشيء من الإحداث، فهؤلاء حقيقة قولهم تعطيل الحوادث عن الفاعل"2. كما عرف الشرك في الربوبية بقوله: "بأن يجعل لغيره معه تدبيراً ما"3.
والشرك في الربوبية نوعان4:
الأول: شرك التعطيل.
الثاني: شرك من جعل مع الله إلهاً آخر، ولم يعطل أسماءه، وربوبيته، وصفاته.
ومثال النوع الأول شرك أهل وحدة الوجود، وشرك القائلين بقدم العالم، وشرك المعطلة من الجهمية وأمثالهم.
ومثال النوع الثاني شرك النصارى القائلين بالتثليث، وشرك المجوس الثنوية، وشرك الصابئة5، وعباد الشمس والنار ونحوها.
فالشرك في الربوبية هو أن تجعل لغير الله قدرة على الخلق، أو التصرف، والتدبير في الكون مع الله.
1 - درء التعارض 7/390.
2 -
المرجع السابق 7/390.
3 -
اقتضاء الصراط المستقيم 2/710.
4 -
انظر: الجواب الكافي 114 - 115.
5 -
الصابئة نوعان: صابئة مشركون، وصابئة حنفاء. والصابئة المشركون هم الذين يشركون بالكواكب العلويات ويجعلونها أربابا مدبرة لأمر هذا العالم. انظر: أحكام أهل الذمة لابن القيم 1/90 - 94، إغاثة اللهفان2/252.