الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهيولى
1 -
الهيولى في اللغة:
في القاموس المحيط:" والهَيُولى وتشدد الياء مضمومة، عن ابن القطاع: القطن، وشبهالأوائل طينة العالم به"1.
ويقول الجرجاني: "الهيولى لفظ يوناني، بمعنى الأصل والمادة "2. وقال شيخ الإسلام: "والهيولى في لغتهم3 بمعنى المحل، يقال الفضة هيولى الخاتم، والدرهم والخشب هيولى الكرسي، أي هذا المحل الذي تصنع فيه هذه الصورة"4.
وفي المعتبر للبغدادي: "إن الهيولى ليست من الألفاظ العربية..لكن معناها فيما قالوا يقارب معنى المحل، والموضوع، والمادة. وقد عرّفتُ المحل أنه شبيه في العبارة بالمكان الذي يتمكن فيه المتمكن، ويحل فيه الحال في ظاهر العرف"5.
وفي المعجم الوسيط: "الهيولى بضم الياء مخففة أو مشددة: مادة الشيء التي يصنع منها، كالخشب للكرسي، والحديد للمسمار، والقطن للملابس القطنية، والهيولى عند القدماء: مادة ليس لها شكل ولا صورة معينة، قابلة للتشكيل والتصوير في شتى الصور، وهي التي صنع الله - تعالى - منها أجزاء العالم المادية. والهيولى التخطيط المبدئي للصورة أو التمثال. والهيولى القطن "6، هذا معنى الهيولى عند قدماء فلاسفة اليونان. فالهيولى لفظ يوناني معرب بمعنى المحل، والمادة، والأصل.
1 - القاموس المحيط ص1386.
2 -
التعريفات ص 314، وانظر: التوقيف ص745، المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا 2/536.
3 -
أي الفلاسفة.
4 -
مجموع الفتاوى17/328.
5 -
المعتبر 2/96.
6 -
المعجم الوسيط 2/1004.
2 -
الهيولى في اصطلاح الفلاسفة:
تعتبر الهيولى والصورة المقولتين الرئيسيتين في فلسفة أرسطو، وبهما يفسر الكون بأكمله1. وعنه أخذ الفلاسفة المنتسبون للإسلام مصطلح الهيولى.
يقول الكندي: "الهيولى هي قوة موضوعة لحمل الصور، منفعلة"2.
ويقول الخوارزمي: "هيولى كل جسم هي الحامل لصورته؛ فإذا أطلقت فإنها تعني طينة العالم؛ أعني جسم الفلك الأعلى وما يحويه من الأفلاك والكواكب، ثم العناصر الأربعة وما يتركب منها"3.
ويقول ابن سينا: "الهيولى المطلقة هي جوهر، وجوده بالفعل إنما يحصل بقبوله الصورة الجسمية، لقوة فيه قابلة للصور، وليس له في ذاته صورة تخصه إلا معنى القوة"4.
ويشرح هذا الكلام فيقول: "ومعنى قولي لها جوهر، هو أن وجودها حاصل لها بالفعل لذاتها. ويقال هيولى لكل شيء من شأنه أن يقبل كمالاً ما، وأمراً ليس فيه، فيكون بالقياس إلى ما ليس فيه هيولى، وبالقياس إلى ما فيه موضوعاً"5.
ويقول الجرجاني: "الهيولى لفظ يوناني بمعنى الأصل والمادة، وفي الاصطلاح هي جوهر في الجسم، قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال، محل للصورتين الجسمية والنوعية"6.
وفي الكليات: "الهيولى هو جوهر بسيط، لا يتم وجوده بالفعل، دون وجود ما حل فيه"7.
والهيولى عند قدماء الفلاسفة على أربعة أقسام هي:
1 - انظر: تاريخ الفلسفة اليونانية لوولتر ستيس ص227.
2 -
الحدود للكندي ضمن كتاب المصطلح الفلسفي ص191.
3 -
الحدود للخوارزمي ضمن كتاب المصطلح الفلسفي ص210.
4 -
الحدود لابن سينا ضمن كتاب المصطلح الفلسفي ص244 - 245.
5 -
المرجع السابق ص245.
6 -
التعريفات ص314.
7 -
الكليات ص955.
1 -
الهيولى الأولى: وهي جوهر غير جسم، قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال، محل للصورة الجسمية.
2 -
الهيولى الثانية: وهي جسم قام به صورة، كالأجسام بالنسبة إلى صورها النوعية.
3 -
الهيولى الثالثة: وهي الأجسام مع الصورة النوعية التي صارت محلاً لصور أخرى، كالخشب لصورة السرير.
4 -
الهيولى الرابعة: وهي أن يكون الجسم مع الصورتين محلاً للصورة؛ كالأعضاء لصورة البدن1.
والهيولى عند الإطلاق هي الهيولى الأولى، وهي التي دارت عليها التعريفات السابقة، والتي تتفق على أنها جوهر، وجوده بالفعل إنما يحصل بقبوله الصورة الجسمية، لقوة فيه قابلة للصور، وإطلاقها على باقي الأقسام بالتقييد بالثانية والثالثة والرابعة.
3 -
موقف أهل السنة:
لقد أدخل الفلاسفة تحت لفظ الهيولى معان باطلة، ومن ذلك:
أولاً: أنهم أثبتوا مادة أزلية، مجردة عن الصور، ثابتة في الخارج، وهي الهيولى الأولية، التي بنوا عليها قدم العالم وغلطهم فيها جمهور العقلاء2. حيث ادعوا أن بين أجسام العالم جوهراً قائماً بنفسه تشترك فيه الأجسام، ومن تصور الأمور، وعرف ما يقول، علم أنه ليس بين هذا الجسم المعين، وهذا الجسم المعين، قدر مشترك موجود في الخارج أصلاً، بل كل منهما متميز عن الآخر بنفسه، المتناولة لذاته وصفاته، ولكن يشتركان في المقدارية وغيرها من الأحكام اللازمة للأجسام3.
ثانياً: أن ما أثبته هؤلاء المتفلسفة من موجودات ممكنة، ليست أجساماً، ولا أعراضاً قائمة بالأجسام، كالهيولى والصورة والعقل والنفس، التي يدعون أنها جواهر عقلية، موجودة
1 - انظر: المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا 2/536، كشاف اصطلاحات الفنون 2/1534 - 1535.
2 -
انظر: مجموع الفتاوى 9/98 بتصرف يسير.
3 -
انظر: الدرء 3/86.
خارج الذهن، ليست أجساماً، ولا أعرضاً لأجسام، فإن أئمة أهل النظر يقولون إن فساد هذا معلوم بالضرورة، كما ذكر ذلك أبو المعالي الجويني، وأمثاله من أئمة النظر والكلام1.
ثالثاً: أن الهيولى الثالثة، وهي الصناعية، كالدرهم الذي له مادة وهي الفضة، وصورة وهي الشكل المعين، وكذلك الدينار والخاتم والسرير والكرسي ونحو ذلك، وهذا القسم لا نزاع فيه بين العقلاء، ولكن هذه الصورة عرض من أعراض هذا الجسم، وصفة له، ليست جوهراً قائماً بنفسه، وهذا أمر معلوم بالضرورة حساً وعقلاً. وأما الهيولى الطباعية - وهي الثانية - فكصور الحيوان والنبات والمعدن، فإنه أيضاً مخلوق من مادة؛ كالهواء والماء والتراب، وهذا لا نزاع فيه، لكن هذه الصورة جوهر قائم بنفسه، مستحيل عن تلك المواد، ليست هي صفة له كالأول2.
وبهذا يتبين أن قول الفلاسفة بالهيولى يتضمن معان فاسدة، وهي مرتبطة في قولهم بقدم العالم.
1 - انظر: بيان تلبيس الجهمية 1/8، مجموع الفتاوى 5/294، وانظر الشامل لأبي المعالي 1/118 - 119.
2 -
انظر: بغية المرتاد ص413 - 414.