الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحلول
1 -
معنى الحلول في اللغة:
قال الخليل: "والحل والحلال والحلول والحلل جماعة الحال النازل"1.
وقال الجوهري: "وحل العذاب يحِل بالكسر، أي وجب، ويحُل بالضم أي نزل"2.
وحلَّ بالمكان يحُل حلُولاً ومحَلاً وحَلاً، وذلك نزول القوم بمحلة، وهو نقيض الارتحال3.
فالحلول من يحُل بمعنى النزول نقيض الارتحال، والحلول من يحِل بمعنى الوجوب.
2 -
معنى الحلول في الشرع:
ورد في كتاب الله - تعالى - الفعل يَحِل، وبعض تصريفاته، ومنها قوله - تعالى -:{وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} [طه - 81] قال الراغب: "وحللت نزلت، أصله من حل الأحمال عند النزول، ثم جرد استعماله للنزول، فقيل: حل حلولاً، وأحله غيره"4.
وورد في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة"5. قال النووي في معنى حلت له الشفاعة: "أي وجبت، وقيل نالته"6.
1 - العين 3/26، وانظر: الصحاح 4/1672.
2 -
الصحاح 4/1674.
3 -
انظر: لسان العرب 11/163، المصباح المنير 1/147.
4 -
المفردات ص251.
5 -
أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الدعاء عند النداء 1/208، ح 614.
6 -
شرح النووي على صحيح مسلم 4/87، وانظر: الفتح2/95 - 96، تحفة الأحوذي10/60
3 -
معنى الحلول في الاصطلاح:
يقول الجرجاني في تعريف الحلول: "الحلول السرياني عبارة عن اتحاد الجسمين، بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر، كحلول ماء الورد في الورد، فيسمى الساري حالاً والمسري فيه محلاً، الحلول الجواري عبارة عن كون أحد الجسمين ظرفاً للآخر، كحلول الماء في الكوز"1.
ويبين شيخ الإسلام أنواع الحلولية فيقول: "الحلولية على وجهين، أحدهما: أهل الحلول الخاص، كالنصارى والغالية من هذه الأمة الذين يقولون بالحلول إما في علي، وإما في غيره، والثاني: القائلون بالحلول العام، الذين يقولون في جميع المخلوقات نحوا مما قالته النصارى في المسيح عليه السلام، أو ما هو شر منه"2.
والقائلون بالحلول العام هم الحلولية الذين يزعمون أن معبودهم في كل مكان بذاته، وينزهونه عن استوائه على عرشه، وعلوه على خلقه، ولم يصونوه عن أقبح الأماكن، وأقذرها وهؤلاء هم قدماء الجهمية، الذين تصدى للرد عليهم أئمة الحديث كأحمد بن حنبل وغيره3.
فالحلول يقارب معنى الاتحاد من صيرورة الشيئين، شيئاً واحداً، لذا يطلق على الاتحادية أهل الوحدة، بأنهم حلولية، كما يطلق على النصارى بأنهم حلولية؛ لأن بعضهم يفسر الاتحاد بالحلول، ولقرب معناهما من بعض.
4 -
الرد على الحلولية:
قول الحلولية باطل من عدة وجوه منها:
أولاً: أن لفظ الحلول لفظ مجمل يراد به معنى باطل، ويراد به معنى حق، وقد جاء في كلام الأنبياء لفظ الحلول بالمعنى الصحيح، فتأوله من في قلبه زيغ كالنصارى، وأشباههم على المعنى الباطل، وقابلهم آخرون أنكروا هذا الاسم بجميع معانيه، وكلا الأمرين باطل،
1 - التعريفات ص12، وانظر: الأربعين ص4، الكليات ص 390، موسوعة النكري ص381 - 382.
2 -
الدرء 6/151، وانظر: مجموع الفتاوى 10/59، 12/293، الفرق بين الفرق ص241وما بعدها.
3 -
انظر: معارج القبول 1/370.
فالناس يقولون أنت في قلبي، أو ساكن في قلبي، وأنت حال في قلبي، ونحو ذلك، وهم لا يريدون أن ذاته حلت فيه ولكن يريدون أن تصوره وتمثله وحبه وذكره حل في قلبه1.
ثانياً: أن الحلولية من الصوفية والنصارى جعلوا توحيدهم هو القول بالحلول، وقد كان أئمة القوم يحذرون عن مثل هذا، سئل الجنيد عن التوحيد فقال: هو إفراد الحدوث عن القدم، فبين أنه لابد للموحد من التمييز بين القديم الخالق، والمحدث المخلوق، فلا يخلط أحدهما بالآخر. وكثير من الحلولية والإباحية ينكر على الجنيد، وأمثاله، من شيوخ أهل المعرفة، المتبعين للكتاب والسنة، ما قالوه من نفي الحلول، وما قالوه في إثبات الأمر والنهي، ويرى أنهم لم يكملوا معرفة الحقيقة كما كملها هو وأمثاله من الحلولية والإباحية2.
ثالثاً: أن سلف الأمة وأئمتها، أئمة أهل العلم والدين، أثبتوا وآمنوا بجميع ما جاء به الكتاب والسنة، من غير تحريف للكلم عن مواضعه، أثبتوا أن الله فوق سماواته، على عرشه، بائن من خلقه، وهم بائنون منه، وهو أيضاً مع العباد عموماً بعلمه، ومع أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية، وهو أيضاً قريب مجيب3. وهذا لايستلزم حلوله في خلقه.
وما سبق به الرد على الاتحادية يرد به على الحلولية، لأن فحوى القولين واحد.
1 - انظر: الجواب الصحيح 4/371، 3/345.
2 -
انظر: مجموع الفتاوى 5/126.
3 -
انظر: المرجع السابق 5/126.