الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التثليث
1 -
معنى التثليث في اللغة:
قال الجوهري: "الثلاثة في عدد المذكر، والثلاث في عدد المؤنث..وأثلث القوم صاروا ثلاثة "1.
وثلث الاثنين، يثلثهما، ثلثاً، صار لهما ثالثاً، وثلثت القوم، أثلثهم، إذا كنت ثالثهم، وكملتهم ثلاثة بنفسك2.
والتثليث أن تسقي الزرع سقية أخرى بعد الثنيا3. فالتثليث إذاً كون الشيء ثلاثة في العدد.
2 -
معنى التثليث في الشرع:
ورد في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لفظ ثالث وثلاثة ونحوها، قال - تعالى -:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة - 73]، وقال - تعالى -:{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} [النساء - 171]، قال شيخ الإسلام رحمه الله:"فذكر - سبحانه - في هذه الآية التثليث، والاتحاد، ونهاهم عنهما، وبين أن المسيح إنما هو رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وقال: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} ، ثم قال: {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} ولم يذكر هنا أمه "4. ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى" 5.
1 - الصحاح 1/274 - 276، وانظر: معجم مقاييس اللغة 1/385.
2 -
انظر: لسان العرب 2/121.
3 -
انظر: المرجع السابق 2/124.
4 -
الجواب الصحيح 2/15.
5 -
أخرجه مسلم في كتاب باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد2/1014، ح 1397، وبنحوه البخاري في كتاب فضل الصلاة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة 1/367، ح 1189.
والتثليث هو اعتقاد النصارى أن الله ثالث ثلاثة، أب وابن وزوجة، أو الأب والابن والروح القدس، يقول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله - تعالى -:{وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ} [النساء - 171]" يريد بالتثليث الله - تعالى - وصاحبته وابنه"1. ويقول الطبري إن النصارى قبل افتراقهم: "يقولون الإله القديم جوهر واحد يعم ثلاثة أقانيم، أباً والداً غير مولود، وابناً مولوداً غير والد، وزوجة متتبعة بينهما"2. كما يذكر القاضي عبد الجبار إن معنى التثليث عند النصارى هو: "إنه - تعالى - جوهر واحد، وثلاثة أقانيم: أقنوم الأب، يعنون به ذات الباري عز اسمه؛ وأقنوم الابن، أي الكلمة، وأقنوم روح القدس، أي الحياة"3.
وقال القرطبي: "والنصارى مع فرقهم مجمعون على التثليث، ويقولون إن الله جوهر واحد وله ثلاثة أقانيم، فيجعلون كل أقنوم إلهاً، ويعنون بالأقانيم الوجود والحياة والعلم، وربما يعبرون عن الأقانيم بالأب والابن وروح القدس، فيعنون بالأب الوجود، وبالروح الحياة، وبالابن المسيح..ومحصول كلامهم يؤول إلى التمسك بأن عيسى إله بما كان يجريه الله سبحانه وتعالى على يديه من خوارق العادات"4.
ويقول الدكتور يوسف بوست، في قاموس الكتاب المقدس:"طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية: الله الأب، والله الابن، والله الروح القدس، فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن، وإلى الابن الفداء وإلى الروح القدس التطهير، غير أن الثلاثة الأقانيم تتقاسم جميع الأعمال الإلهية على السواء"5.
وهذا يبين مدى الشرك الذي عليه النصارى، إذ أثبتوا ثلاثة أرباب فاعلين.
1 - تفسير القرطبي 6/23.
2 -
تفسير الطبري 6/313.
3 -
شرح الأصول الخمسة ص291، وانظر: المغني للقاضي عبد الجبار 5/81، تلبيس إبليس ص98.
4 -
تفسير القرطبي 6/23.
5 -
قاموس الكتاب المقدس ص 13، نقلا عن مقارنة الأديان للدكتور أحمد شلبي 2/134 - 135.
3 -
الرد على النصارى:
لقد رد كثير من الأئمة على قول النصارى بالتثليث، وبينوا مدى مخالفته للعقل ولشرائع الأنبياء، ومن وجوه الرد عليهم:
أولاً: أنه لا يوجد في كلام الأنبياء ما يدل على ما ذكروه من التثليث، بل إثبات ما ادعوه من التثليث والتعبير عنه بهذه الألفاظ هو مما ابتدعوه لم يدل عليه لا شرع ولا عقل1، بل التوراة التي يؤمنون بها ليس فيها أي ذكر للتثليث.
ثانياً: يقال لهم: أخالق العالم عندكم خالق واحد، وهو إله واحد، أم للعالم ثلاثة آلهة خالقون؟ فإن قالوا إن الخالق واحد، وهم ثلاثة آلهة خالقون، كما أنهم في كثير من كلامهم يصرحون بثلاثة آلهة، وثلاثة خالقين، ثم يقولون إله واحد، وخالق واحد، فيقال هذا تناقض ظاهر، فإما هذا وإما هذا، وإذا قلتم الخالق واحد له ثلاث صفات، لم ننازعكم في أن الخالق له صفات لكن لا يختص بثلاثة، فإن قالوا بثلاثة آلهة خالقين، كما قد كثر منهم في كثير من كلامهم، بان أن شركهم أعظم من كل شرك في العالم، فغاية المجوس الثنوية إثبات اثنين نور وظلمة، وهؤلاء يثبتون ثلاثة، ثم الأدلة السمعية في التوراة، والإنجيل والزبور وسائر كلام الأنبياء، مع الأدلة العقلية المبينة لكون الخالق واحداً، كثيرة جداً لا يمكن حصرها2.
ثالثاً: أنهم اضطربوا واختلفوا في معنى أقنوم الابن، تارة يقولون هو علم الله، وتارة يقولون هو حكمة الله، وتارة يقولون هو كلمة الله، وتارة يقولون هو نطق الله. وروح القدس تارة يقولون هو حياة الله، وتارة يقولون هو قدرة الله. والكتب المنقولة عن الأنبياء عندهم، ليس فيها تسمية شيء من صفات الله، لا باسم ابن، ولا باسم روح القدس، فلا يوجد أن أحداً من الأنبياء سمى علم الله، وحكمته، وكلامه، ابناً، ولا سمى حياة الله، أو قدرته، روح القدس3. فشرك النصارى وكفرهم ظاهر في قولهم بالتثليث، وهو مما حرفوا به دين عيسى عليه السلام.
1 - انظر: الجواب الصحيح 3/184.
2 -
انظر: المرجع السابق 4/271.
3 -
انظر: المرجع السابق 3/427 - 428، هداية الحيارى ص148 - 153.