الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل التمانع
1 -
معنى التمانع في اللغة:
سبق التعريف بلفظ الممتنع في اللغة، وقد بينت أن مادة منع تدل على عدم حصول الشيء وعدم وقوعه1.
ولم يرد مصطلح دليل التمانع في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورد معناه في قوله - تعالى -:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون - 91] . كما سيأتي بيانه.
2 -
معنى دليل التمانع في الاصطلاح:
يستدل المتكلمون بدليل التمانع على وحدانية الله، يقول الرازي:"اعلم أنهم ذكروا أنواعاً من الدلائل، أقواها دليل التمانع "2.
ويقول الباقلاني شارحاً دليل التمانع: "وليس يجوز أن يكون صانع العالم اثنين، ولا أكثر من ذلك، والدليل على ذلك أن الاثنين يصح أن يختلفا، ويوجِد أحدهما ضد مراد الآخر؛ فلو اختلفا، وأراد أحدهما إحياء جسم، وأراد الآخر إماتته، لوجب أن يلحقهما العجز، أو واحداً منهما؛ لأنه محال أن يتم ما يريدان جميعاً لتضاد مراديهما. فوجب أن لا يتما، أو يتم مراد أحدهما، فيلحق من لم يتم مراده العجز. أو لا يتم مرادهما، فيلحقهما العجز. والعجز من سمات الحدث، والقديم الإله لا يجوز أن يكون عاجزاً"3.
1 - انظر: البحث ص272.
2 -
المطالب العالية 2/135.
3 -
التمهيد ص46، وانظر: الإنصاف ص34، أصول الدين ص85 - 86، الإرشاد ص53 - 54، شرح الأصول الخمسة ص277، منهاج السنة 3/304 - 305.
وقد ورد معنى هذا الدليل في كتاب الله قال - تعالى -: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون - 91] .
قال ابن القيم رحمه الله: "فتأمل هذا البرهان الباهر، بهذا اللفظ الوجيز البين، فإن الإله الحق لا بد أن يكون خالقاً فاعلاً، يوصل إلى عابده النفع، ويدفع عنه الضر، فلو كان معه - سبحانه - إله، لكان له خلق وفعل، وحينئذ فلا يرضى بشركة الإله الآخر معه، بل إن قدر على قهره، وتفرده بالإلهية دونه فعل. وإن لم يقدر على ذلك انفرد بخلقه، وذهب به، كما ينفرد ملوك الدنيا عن بعضهم بعضاً بممالكهم.
وإذا لم يقدر المنفرد على قهر الآخر، والعلو عليه فلا بد من أحد أمور ثلاثة:
إما أن يذهب كل إله بخلقه وسلطانه، وإما أن يعلو بعضهم على بعض،
وإما أن يكون كلهم تحت قهر إله واحد، وملك واحد، يتصرف فيهم ولا يتصرفون فيه، ويمتنع من حكمهم عليه، ولا يمتنعون من حكمه عليهم، فيكون وحده هو الإله الحق وهم العبيد المربوبون المقهورون"1.
ودليل التمانع برهان تام على مقصود المتكلمين، وهو امتناع صدور العالم عن اثنين، وهذا هو توحيد الربوبية، وقد اعترض بعض النظار على هذا الدليل2، وليس الأمر كما ظنه هؤلاء بل هو برهان صحيح عقلي، كما قدره فحول النظار3.
ولكن من وجوه غلط المتكلمين في ذلك أنهم يدللون على التمانع بقوله - تعالى -: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَاّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء - 22]، بينما الآية التي تدل على التمانع هي قوله - تعالى -:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون - 91] كما سبق بيان ذلك.
1 - الصواعق المرسلة 2/463 - 464، وانظر: شرح الطحاوية 1/38 - 39، درء التعارض9/355 - 359.
2 -
انظر بعض الاعتراضات في المطالب العالية 2/135 - 144.
3 -
انظر: درء التعارض 9/354.