الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدوث الصفات
"حدوث الأعراض
"
1 -
معناه في اللغة:
سبق بيان معنى الحدوث، ومعنى الصفات، والأعراض، في اللغة1.
2 -
معنى هذا الدليل في اصطلاح المتكلمين:
يقول الرازي في بيان هذا الدليل: "الاستدلال بحدوث الصفات، والأعراض، على وجود الصانع - تعالى -، مثل صيرورة النطفة المتشابهة الأجزاء إنساناً، فإذا كانت تلك التركيبات أعراضاً حادثة، والعبد غير قادر عليها، فلا بد من فاعل آخر، ثم من ادعى العلم بأن حاجة المحدث إلى الفاعل ضروري، ادعى الضرورة هنا، ومن استدل على ذلك بالإمكان، أو بالقياس على حدوث الذوات، فكذلك يقول أيضاً في حدوث الصفات"2. فاستدلالهم بهذا الدليل من ثلاثة طرق:
1 -
بعضهم يقول الصفات حادثة، والحادث لابد له من محدث ضرورة.
2 -
وبعضهم يقول الصفات حادثة، والحادث ممكن، والممكن لابد له من واجب.
3 -
وبعضهم يقول الصفات حادثة، فلابد لها من محدث قياساً على حدوث الذوات.
3 -
مناقشة الدليل:
أولاً: هذه الطريقة جزء من الطريقة المذكورة في القرآن، وهي التي جاءت بها الرسل، وكان عليها سلف الأمة، وأئمتها، وجماهير العقلاء من الآدميين. فإن الله - سبحانه - يذكر في آياته ما يحدثه في العالم؛ من السحاب والمطر والنبات والحيوان، وغير ذلك من الحوادث، ويذكر في آياته خلق السماوات والأرض، واختلاف الليل والنهار، ونحو ذلك، لكن القائلين بإثبات الجوهر الفرد من المعتزلة، ومن وافقهم من الأشعرية، وغيرهم، يسمون هذا استدلالاً
1 - انظر: البحث ص 288، 308، 265.
2 -
الدرء 3/82، وانظر: معالم أصول الدين ص34، المطالب العالية 1/215.
بحدوث الصفات؛ بناء على أن هذه الحوادث المشهود حدوثها لم تحدث ذواتها، بل الجواهر، والأجسام، التي كانت موجودة قبل ذلك؛ لم تزل من حين حدوثها، بتقدير حدوثها، ولا تزال موجودة، وإنما تغيرت صفاتها، بتقدير حدوثها، كما تتغير صفات الجسم إذا تحرك بعد السكون، وكما تتغير ألوانه، وكما تتغير أشكاله، وهذا مما ينكره عليهم جماهير العقلاء من المسلمين، وغيرهم1.
ثانياً: أن الاستدلال بحدوث الصفات على طريقتهم، أخفى من الاستدلال بحدوث الأجسام، إذ حدوث الأجسام ظاهر، كما أن الصفة تبع للجسم، فإذا ثبت حدوث الجسم، ثبت حدوث الصفة.
ثالثاً: أن حقيقة قول الجهمية، والمعتزلة، ومن وافقهم من الأشعرية، وغيرهم، أن الرب لم يزل معطلاً فلا يفعل شيئاً، ولا يتكلم بمشيته وقدرته، ثم إنه أبدع جواهر من غير فعل يقوم به، وبعد ذلك ما بقي يخلق شيئاً، بل إنما تحدث صفات تقوم بها، ويدعون أن هذا قول أهل الملل الأنبياء وأتباعهم2، وهذا باطل.
رابعاً: أن من اعتمد في حدوث الصفات، على أن هذا يدل على الإمكان، والممكن لابد له من واجب، فقد أطال الدليل بدون حاجة، واستدل على الأظهر بالأخفى، وهذا بلاشك يبعد عن المقصود.
فالصواب إذاً هو الاستدلال بحدوث المخلوقات على الخالق العظيم، وليس الاقتصار على حدوث صفاتها، كما ينبغي أن يكون الدليل خالياً من الألفاظ المجملة؛ لأنها سبب الاضطراب والاختلاف.
1 - انظر: درء التعارض 3/83، مجموع الفتاوى17/246.
2 -
انظر: درء التعارض 3/84.