الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوحدة في الأفعال
1 -
معنى الأفعال في اللغة:
الفَعْلُ بالفتح مصدر فعل يفعل، والفِعْل بالكسر الاسم، والجمع الفِعَال1. ويقول ابن فارس:"الفاء والعين واللام، أصل صحيح، يدل على إحداث شيء من عمل وغيره؛ من ذلك فعلت كذا أفعله فَعْلا "2.
وقال الأزهري: "والفَعَال فعل الواحد خاصة في الخير والشر..فإذا كان من فاعلين فهو فِعَال"3.
فالفعل إحداث الشيء من عمل ونحوه.
2 -
معنى توحيد الأفعال عند المتكلمين:
لم يرد مصطلح توحيد الأفعال في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعامة المتكلمين الذين يقررون التوحيد في كتب الكلام والنظر، يذكرون هذا المصطلح كنوع من أنواع التوحيد، فهم يقولون إن الله واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وهذا الأخير هو توحيد الأفعال وهو أشهر الأنواع عندهم، وهو الذي يطيلون في تقريره، وقد تابعهم في ذلك طوائف من المتصوفة وأهل الوحدة.
ويشرح الرازي معنى "أنه واحد في أفعاله" فيقول: "وأما أنه واحد في أفعاله، فهو أنه ليس في الوجود موجود، يكون مبدءاً لجميع الممكنات، إما بغير واسطة، وإما بواسطة، إلا هو"4.
وفي موضع آخر يقول الرازي: "وأما أنه سبحانه وتعالى واحد في أفعاله، فالأمر ظاهر، لأن الموجود إما واجب وإما ممكن، فالواجب هو هو، والممكن ما عداه، وكل ما
1 - انظر: الصحاح 5/1792، العين 2/145.
2 -
معجم مقاييس اللغة 4 /511.
3 -
تهذيب اللغة 2/404 - 405.
4 -
المطالب العالية 3/258.
كان ممكناًًًً فإنه يجوز ألا يوجد، ما لم يتصل بالواجب، ولا يختلف هذا الحكم باختلاف أقسام الممكنات..فثبت أن كل ما عداه فهو مُلْكه ومَلكه، وتحت تصرفه، وقهره، وقدرته، واستيلائه"1.
ويبين هذا المعنى الثاني أبو البقاء في كلياته، حيث يقول:"ومرتبة توحيد الأفعال، وهو أن يتحقق ويعلم بعلم اليقين، أو بعين اليقين، أو بحق اليقين، أن لا مؤثر في الوجود إلا الله، وقد انكشف ذلك على الأشعري، وتحقيق مذهب الحكماء أيضا هو هذا، فالسالك بهذه المرتبة يكل أموره كلها إلى الفاعل الحقيقي"2.
وينتقد أهل السنة منهج المتكلمين في توحيد الأفعال من جانبين:
الأول: إطالتهم في تقرير هذا التوحيد، والاستدلال له، مع أن الخلق مفطورون على الإقرار بوحدانية الله وربوبيته؛ مؤمنهم وكافرهم.
بل ويظن المتكلمون" أن هذا هو التوحيد المطلوب، وأن هذا هو معنى قولنا لا إله إلا الله، حتى قد يجعلون معنى الإلهية القدرة على الاختراع، ومعلوم أن المشركين من العرب، الذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم أولاً، لم يكونوا يخالفونه في هذا، بل كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء، حتى إنهم كانوا مقرين بالقدر أيضا، وهم مع هذا مشركون"3.
ومع اهتمام المتكلمين بتوحيد الأفعال، أهملوا تماماً توحيد الألوهية، والعبادة، مع أنه المقصود الأعظم للرسالة.
الثاني: اعتقاد متكلمي الأشاعرة والصوفية، أن تحقيق توحيد الأفعال يكون بنفي الأسباب، والقول بالجبر، "وأصل هذه البدعة من قول جهم، فإنه كان غالياً في نفي الصفات، وفي الجبر، فجعل من تمام توحيد الذات نفي الصفات، ومن تمام توحيد الأفعال نفي الأسباب، حتى أنكر تأثير قدرة العبد، بل نفى كونه قادراً، وأنكر الحكمة والرحمة"4.
1 - مفاتيح الغيب 4/172. وانظر: موسوعة مصطلحات الفخر الرازي ص857.
2 -
الكليات ص 932.
3 -
التدمرية ص 179 - 180، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم 2/854 - 855.
4 -
رسالة في تحقيق التوكل لابن تيمية، ضمن جامع الرسائل جمع محمد رشاد سالم ص 88.