الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التنجيم
1 -
معنى التنجيم في اللغة:
يقول الخليل: "النجم اسم يقع على الثريا، وكل منزل من منازل القمر سمي نجماً، وكل كوكب من أعلام الكواكب يسمى نجماً، والنجوم تجمع الكواكب كلها، ويقال لمن تفكر في أمره لينظر كيف يدبره نظر النجوم..والمنجم الذي ينظر في النجوم، والنجوم وظائف الأشياء، وكل وظيفة نجم..والنجم من النبات مالم يقم على ساق، كساق الشجر..ونجم الناب إذا طلع، وأنجمت السماء، بدت نجومها "1.
وفي لسان العرب:" والمنجم والمتنجم الذي ينظر في النجوم، يحسب مواقيتها وسيرها "2.
فالمنجم هو الذي ينظر في النجوم، يحسب مواقيتها وسيرها، والتنجيم فعل ذلك.
2 -
معنى التنجيم في الشرع:
ورد في كتاب الله لفظ النجوم ومنه قوله - تعالى -: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ} [الصافات - 88] ، وورد لفظ النجم، ومنه قوله - تعالى -:{وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل - 16] .
ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء"3، وقوله صلى الله عليه وسلم:"من اقتبس علماً من النجوم، اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد"4.
1 - العين6/154 - 155، وانظر: اللسان 12/568 - 569، القاموس ص 1499، الصحاح 5/2039.
2 -
لسان العرب 12/570.
3 -
أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب في الحوض4/205، ح 6580، ومسلم في كتاب الفضائل باب إثبات حوض رآه صلى الله عليه وسلم 4/1800، ح 2303.
4 -
أخرجه أحمد 1/311، ح 2841، وأبو داود في كتاب الطب باب في النجوم 4/15، ح 3905، وابن ماجه باب تعلم النجوم 2/1228، ح 3726، والبيهقي في الكبرى باب ما جاء في كراهية اقتباس علم النجوم 8/138، وصححه النووي في رياض الصالحينص 536، ح 1680، والعراقي في تخريج أحاديث الإحياء 4/112، وشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 35/193.
وعلم النجوم المذكور في هذا الحديث هو التنجيم، وهو الاستدلال بأحوال الفلك على الحوادث الأرضية، وهو كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب من السحر.
قال الخطابي1 رحمه الله شارحاً معنى التنجيم: "علم النجوم المنهي عنه، هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن، والحوادث التي لم تقع، وستقع في مستقبل الزمان، كإخبارهم بأوقات هبوب الرياح، ومجيء المطر، وظهور الحر والبرد، وتغير الأسعار، وما كان في معانيها من الأمور، يزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب في مجاريها وباجتماعها واقترانها، ويدعون لها تأثيراً في السفليات، وأنها تتصرف على أحكامها، وتجري على قضايا موجباتها"2.
ويعرف شيخ الإسلام التنجيم باختصار فيقول: "والتنجيم كالاستدلال بأحوال الفلك على الحوادث الأرضية"3.
وقال رحمه الله مبيناً معنى التنجيم: "وصناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية، بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية، والقوابل الأرضية"4.
أما الأحكام هنا فيراد به الأحوال الغيبية، المستنتجة من مقدمات معلومة، هي الكواكب من جهة حركاتها، ومكانها، وزمانها، وهو الاستدلال بالتشكيلات الفلكية من أوضاعها، وأوضاع الكواكب؛ من المقابلة، والمقارنة وغيرها، على الحوادث الواقعة في عالم الكون، وفي أحوال الجو، والمعادن، والنبات، والحيوان5. وهذا هو التنجيم.
1 - حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب، أبو سليمان، فقيه محدث، من مؤلفاته: معالم السنن، وإصلاح غلط المحدثين، توفي سنة388هجرية. انظر: شذرات الذهب 3/128، الأعلام 2/273.
2 -
معالم السنن للخطابي 4/212 - 213.
3 -
الفتاوى الكبرى 4/607.
4 -
مجموع الفتاوى 35/192.
5 -
انظر: كشف الظنون 1/22.
3 -
حكم التنجيم:
التنجيم وفق التعريف السابق محرم، فإن اعتقد أن الكواكب فاعلة مختارة فهو كفر.
قال شيخ الإسلام: "وصناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية، والقوابل الأرضية، صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل"1.
والتنجيم أنواع:
أحدها: ما هو كفر بإجماع المسلمين، وهو القول بأن الموجودات في العالم السفلي مركبة على تأثير الكواكب والروحانيات، وأن الكواكب فاعلة مختارة، وهذا كفر بالإجماع، وهذا قول مشركي الصابئة2.
الثاني: الاستدلال على الحوادث الأرضية بمسير الكواكب، واجتماعها، وافتراقها، ونحو ذلك، ويقول إن ذلك بتقدير الله ومشيئته، وهذا محرم، ومنه الاستسقاء بالأنواء3، وسيأتي تفصيله.
الثالث:" ما يفعله من يكتب حروف أبي جاد، ويجعل لكل حرف منها قدراً من العدد معلوما، ويجري على ذلك أسماء الآدميين، والأزمة، والأمكنة، وغيرها، ويجمع جمعاً معروفاً عنده، ويطرح منها طرحاً خاصاً، ويثبت إثباتاً خاصاً، وينسبه إلى الأبراج الاثني عشر المعروفة عند أهل الحساب، ثم يحكم على تلك القواعد بالسعود والنحوس، وغيرها مما يوحيه إليه الشيطان"4، وهذا محرم، لما فيه من ادعاء علم الغيب.
1 - مجموع الفتاوى 35/192 - 193، وانظر: شرح الطحاوية 2/762، الفروع 6/169، الإنصاف10/351، كشاف القناع 6/187.
2 -
انظر: مجموع الفتاوى 35/177، تيسير العزيز الحميد ص447، معارج القبول 2/560.
3 -
انظر: معالم السنن للخطابي 4/212 - 213، مجموع الفتاوى 35/171، شرح العقيدة الطحاوية 2/762، تيسير العزيز الحميد ص448، معارج القبول 2/559.
4 -
معارج القبول 2/559، وانظر: شرح الطحاوية 2/760، أبجد العلوم 2/236.
أما استخدام أهل الحساب والهندسة والمنطق لحروف المعجم، ولفظها أبجد هوز حطي، كعلامات على مراتب العدد، أو علامات على الخطوط المكتوبة، أو على ألفاظ الأقيسة المؤلفة، فهذا ليس داخل في المنهي عنه1.
الرابع: هو تعلم منازل الشمس والقمر، للاستدلال بذلك على القبلة، وأوقات الصلوات، والفصول، وقد اختلف السلف فيه؛ مابين الجواز والكراهية2. ولعل الأولى جوازه لعدم وجود المحظور فيه، إضافة إلى فائدته في معرفة أوقات الصلاة، والقبلة، ونحوها من الأمور الضرورية شرعاً.
1 - انظر: مجموع الفتاوى12/62.
2 -
انظر: تيسير العزيز الحميد ص448، 453، معالم السنن 4/213.