الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصدر الثاني: السنة النبوية
.
تعتبر السنة النبوية المصدر الثاني من مصادر ألفاظ العقيدة عند أهل السنة والجماعة، وفي الصفحات السابقة ذكرت نصوص أهل السنة في اعتمادهم القرآن الكريم مصدراً للعقيدة وألفاظها، وكان فيها ذكر السنة واعتمادها مع القرآن الكريم في ذلك.
وهنا سأذكر مزيداً من النصوص عن أهل السنة تبين مكانة السنة عندهم، واستقاءهم ألفاظ العقيدة منها، فهذا الإمام الدارمي رحمه الله يقول:"وقد علمتم - إن شاء الله -، أنه لا يستدرك سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأحكامهم، وقضاياهم، إلا هذه الآثار والأسانيد على ما فيها من الاختلاف، وهي السبب إلى ذلك، والنهج الذي درج عليه المسلمون، وكانت إمامهم في دينهم بعد كتاب الله –عز وجل، منها يقتبسون العلم، وبها يقضون، وبها يفتون، وعليها يعتمدون، وبها يتزينون، يورثها الأول منهم الآخر، ويبلغها الشاهد منهم الغائب احتجاجاً بها، واحتساباً في أدائها إلى من لم يسمعها، يسمونها السنن والآثار، والفقه والعلم، ويضربون في طلبها شرق الأرض وغربها، يحلون بها حلال الله، ويحرمون بها حرامه، ويميزون بها بين الحق والباطل، والسنن والبدع، ويستدلون بها على تفسير القرآن ومعانيه وأحكامه، ويعرفون بها ضلالة من ضل عن الهدى"1. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "سيأتي أناس يجادلونكم بشبهات القرآن، فجادلوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله"2.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن الوجوه الصحيحة أن معرفة الله بأسمائه وصفاته على وجه التفصيل لا تعلم إلا من جهة الرسول عليه الصلاة والسلام، إما
1 - الرد على الجهمية للدارمي ص 106 - 107، وانظر: بيان تلبيس الجهمية 1/355.
2 -
الإبانة لابن بطة 1/250، الشريعة للآجري ص 74، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي 1/123.
بخبره، وإما بخبره وتنبيهه ودلالته على الأدلة العقلية، ولهذا يقولون: لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم"1.
فأهل السنة يلتزمون ألفاظ الكتاب والسنة في العقيدة ما أمكنهم ذلك، ويردون ما عارضها ويجعلونها الأصل، وقد سبق بيان ذلك، وفي هذا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ومن الأدب معه أن لا يستشكل قوله، بل تستشكل الآراء لقوله، ولا يعارض نصه بقياس بل تهدر الأقيسة، وتلقى لنصوصه، ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولاً، نعم هو مجهول وعن الصواب معزول، ولا يوقف قبول ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم على موافقة أحد. فكل هذا من قلة الأدب معه صلى الله عليه وسلم وهو عين الجرأة"2.
فمصدر أهل السنة الثاني لألفاظ العقيدة هو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1 - بيان تلبيس الجهمية 1/248.
2 -
مدارج السالكين 2/390.