الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطِّيَرة
1 -
معنى الطيرة في اللغة:
قال الخليل بن أحمد: "الطِّيَرة مصدر قولك اطَّيَّرْتُ أي تَطَيَّرْتُ، والطِّيرة لغة، ولم أسمع في مصادر افتعل على فعلة غير الطِّيرة، والخِيرة، كقولك اخْتَرْتُه خِيرةً نادرتان..وطائر الإنسان، عمله الذي قلده في قوله - تعالى -: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء - 13] ، والطائر من الزجر في التشؤم، والتسعد، وزجر فلان الطير فقال كذا وكذا، أو صنع كذا وكذا، جامع لكل ما يسنح لك من الطير وغيره"1.
وقال الجوهري: "وتطيرت من الشيء وبالشيء، والاسم منه الطِيَرة، مثال العِنبَة، وهو مايتشاءم به من الفأل الرديء"2.
وقال ابن منظور: "والطائر ما تيمنت به أو تشاءمت، وأصله في ذي الجناح..وقالأبو عبيد: الطائر عند لعرب الحظ، وهو الذي تسميه العرب البخت..وقيل للشؤم طائر وطير وطيرة؛ لأن العرب كان من شأنها عيافة الطير وزجرها، والتطير ببارحها، ونعيق غرابها، وأخذها ذات اليسار إذا أثاروها، فسموا الشؤم طيراً وطائراً وطيرة؛ لتشاؤمهم بها"3.
فأصل الطِّيرة التشاؤم أو التيمن بحركات الطير وأصواتها، ثم صار لفظ عام لكل ما تشاءمت به من طائر أو إنسان أو غير ذلك.
1 - العين 7/447، وانظر: الصحاح 2/728.
2 -
الصحاح 2/728.
3 -
لسان العرب 4/511 - 512.
2 -
معنى الطيرة في الشرع:
ورد في كتاب الله لفظ الطير، والطائر، وفعل التطير، بتصريفاته، ومن ذلك قوله - تعالى -:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف - 131] . وورد لفظ الطيرة في السنة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد"1.
قال ابن الأثير: "الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن، هي التشاؤم بالشيء"2.
وقال النووي: "والتطير التشاؤم، وأصله الشيء المكروه من قول، أو فعل، أو مرئي، وكانوا يتطيرون بالسوانح، والبوارح، فينفرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به، ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم، وتشاءموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهى عنه"3.
وقال شيخ الإسلام: "الطيرة بأن يكون قد فعل أمراً متوكلاً على الله، أو يعزم عليه، فيسمع كلمة مكروهة مثل ما يتم، أو ما يفلح، ونحو ذلك فيتطير، ويترك الأمر فهذا منهي عنه"4.
وقيل: الطيرة "ترك الإنسان حاجته واعتقاده عدم نجاحها، تشاؤماً بسماع بعض الكليمات القبيحة، كيا هالك أو يا ممحوق ونحوها، وكذا التشاؤم ببعض الطيور كالبومة وما شاكلها، إذا صاحت قالوا إنها ناعبة أو مخبرة بشر، وكذا التشاؤم بملاقاة الأعور أو الأعرج.."5. فالطيرة في الشرع هي التشاؤم بما يُكره من قول أو فعل أو هيئة، وترك ما توجهت إليه لأجل ذلك، واعتقاد عدم نجاحه.
1 - أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الجذام 4/37، ح 5707، وبنحوه مسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة 4/1743، ح 2220.
2 -
النهاية في غريب الحديث 3/152، وانظر: غريب الحديث لابن الجوزي 2/48، فتح الباري10/212.
3 -
شرح النووي على صحيح مسلم 14/218 - 219.
4 -
مجموع الفتاوى 23/67.
5 -
معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي 2/392.
3 -
حكم الطيرة:
لما كانت الطيرة باباً من الشرك، منافياً للتوحيد، أو لكماله، لأنها من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته، نها عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وأرشد إلى كمال التوحيد بالتوكل على الله، وإنما جعل التطير شركاً؛ لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعاً، أو يدفع ضراً، فكأنهم أشركوه مع الله - تعالى - 1.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الطيرة شرك"2.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة"3. لأن الفأل تقوية لما فعله بإذن الله والتوكل عليه، والطيرة معارضة لذلك. واختلف في حكم الطيرة هل هو التحريم أم الكراهة؟ وقوله صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك" دليل على التحريم، ولعل مراد من قال بالكراهة كراهة التحريم4.
1 - انظر: مجموع الفتاوى 4/81، مفتاح دار السعادة 2/234، فتح الباري 10/213 تيسير العزيز الحميد ص427.
2 -
أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة 4/17، ح 3910، والترمذي في السير باب ما جاء في الطيرة 4/160، ح 1614 وقال حسن صحيح، وأحمد 1/389، وابن ماجه في الطب 2/1170، ح 3538.
3 -
أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب الطب، باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة 2/1170، ح 3536.
4 -
انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح 4/8، تيسير العزيز الحميد ص443.