الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمكان الصفات "إمكان الأعراض
"
1 -
معنى إمكان الصفات في اللغة:
سبق التعريف بلفظ الإمكان، والعرض1، أما الصفات في اللغة فهي جمع صفة، والصفة الحلية والنعت، قال الخليل:"الوصف وصفك الشيء بحليته، ونعته"2.
وفي الصحاح: "وصفت الشيء وصفاً، وصفةً، والهاء عوض من الواو..والصفة كالعلم والسواد،"3. وقال ابن فارس: "الواو والصاد والفاء أصل واحد، هو تحلية الشيء، ووصفته أصفه وصفاً. والصفة الأمارة اللازمة للشيء"4، وقال ابن منظور: "والصفة الحلية"5. فالصفة هي الحلية والنعت.
ولم يرد مصطلح إمكان الصفات في كتاب الله - تعالى -، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم
1 - انظر: البحث ص275، 265.
2 -
العين 7/162.
3 -
الصحاح 4/1439، وانظر: لسان العرب 9/356 - 357.
4 -
معجم مقاييس اللغة 6/115.
5 -
لسان العرب 9/356.
2 -
دليل إمكان الصفات في اصطلاح المتكلمين:
دليل إمكان الصفات عند المتكلمين مبني على أن الأجسام متماثلة في الماهية، التي يرون أنها مغايرة لصفات الجسم، وأما صفات الأجسام فمختلفة، وهي ممكنة، وقد استنتج المتكلمون من تخصيص كل جسم بصفته، وجوب المخصص وأنه ليس بجسم. يقول الرازي:"الطريق الثالث الاستدلال بإمكان الصفات، فنقول: قد دللنا على أن الأجسام بأسرها متساوية في تمام الماهية، وإذا كانت كذلك، كان اختصاص جسم الفلك بما به صار فلكاً، واختصاص جسم الأرض بما به صار أرضاً، أمراً جائزاً، فلا بد له من مخصص، وذلك المخصص؛ إن كان جسماً افتقر في تركبه، وتألفه، إلى نفسه، وهو محال، وإن لم يكن جسماً، فهو المطلوب"1.
وقال في تتمة شرح هذا الدليل: "ثم قال المتكلمون في هذا المقام: ذلك المؤثر، إما أن يكون موجباً بالذات، أو فاعلاً بالاختيار، والأول باطل، لأن ذلك الموجود لما لم يكن جسماً، ولا جسمانياً، كانت نسبة حقيقته إلى جميع الأجسام نسبة واحدة، ولما كانت الأجسام بأسرها متساوية في تمام الماهية، كانت بأسرها متساوية في قبول الأثر عن ذلك المباين، وإذا كان الأمر كذلك، كان قبول كل واحد من تلك الأجسام، لأثر خاص من ذلك المباين، المفارق، رجحاناً لأحد طرفي الممكن، على الآخر، لا لمرجح، وهو محال، ولما بطلت هذه الأقسام، ثبت أن إله العالم موجود، ليس بجسم ولا بجسماني، وأنه فاعل مختار، وليس موجباً بالذات، فهذا تمام تقرير هذه الحجة"2.
3 -
مناقشة الدليل:
أولاً: أن هذا الدليل غير وارد في الكتاب والسنة - كما أسلفت_، والمتكلمون يقولون عنه إنه مقدمة شريفة، يفرع عنها القول في الإله، والقول بالنبوة، والقول بأحوال الآخرة،
1 - معالم أصول الدين ص34، وانظر: المطالب العالية 1/184.
2 -
المطالب العالية 1/186.
والقيامة1، فكيف لا يذكر الرسول شيئاً في غاية الأهمية - كما يزعمون -، بل يكون الرسول لم يبلغ البلاغ الكامل، وهذا أمر بين البطلان.
ثانياً: هذا الدليل مبني على القول بتماثل الأجسام، ولا ريب أن قولهم بتماثل الاجسام قول باطل سواء فسروا الجسم بما يشار إليه، أو بالقائم بنفسه، أو بالموجود، أو بالمركب من الهيولى والصورة، ونحو ذلك، فأما إذا فسروه بالمركب من الجواهر المفردة، وعلى أنها متماثلة، فهذا يبنى على صحة ذلك، وعلى إثبات الجوهر الفرد، وعلى أنه متماثل، وجمهور العقلاء يخالفونهم فى ذلك2. وقد أثبت العلم الحديث اختلاف ذرات الأجسام، وأنها غير متماثلة فذرات الماء ليست مماثلة لذرات الحديد، وذرات الحديد لا تماثل ذرات النحاس ولا الذهب وغيرها. فكل جسم له ذراته الخاصة به.
ثالثاً: أن هذا الدليل مبني على مقدمتين، إحداهما: أن اختصاص كل جسم بما له من الصفات، لا يكون إلا لسبب منفصل. والثانية: أن ذلك السبب لا يكون إلا مخصصاً، ليس بجسم، وهاتان المقدمتان قد عرف نزاع العقلاء فيهما، وما يرد عليهما من النقض والفساد ومخالفة أكثر الناس لموجبهما3. وهم لم يقيموا على ذلك دليلاً صحيحاً يؤيد ما ذهبوا إليه.
فهذا الدليل فاسد وباطل، ولا أدل على بطلانه من اضطراب منظريه في كثير مما يبنى عليه هذا الدليل كالقول بتماثل الأجسام، وتعريف الممكن، والجسم، كما لم يمكنهم إقامة دليل صحيح على ما ادعوه.
1 - انظر: المطالب العالية 1/186.
2 -
انظر: التدمرية ص121 - 122.
3 -
انظر: المرجع السابق 5/293، وتفصيل نقض هاتين المقدمتين في الدرء3/78 - 79.