الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: قواعد أهل السنة في ألفاظ العقيدة ومصطلحاتها
.
-
القاعدة الأولى: التزام ألفاظ الشرع
.
- القاعدة الثانية: التزام معاني اللغة ودلالاتها.
- القاعدة الثالثة: تجنب الألفاظ البدعية.
- القاعدة الرابعة: تجنب الألفاظ المجملة، والتفصيل فيها.
- القاعدة الخامسة: تجنب التشبه بغير المسلمين في الألفاظ والمصطلحات.
تمهيد:
لما كانت مصادر أهل السنة والجماعة هي الكتاب والسنة ولغة العرب وآثار السلف، فإن المتأمل في كتب أهل السنة والجماعة وأقوالهم يتبين له قواعد عامة لألفاظ العقيدة ومصطلحاتها عندهم، معتمدين في ذلك على طريقة القرآن والسنة في انتقاء الألفاظ ومنهج التعبير عن المعاني وكانت قواعدهم العامة كالآتي:
- القاعدة الأولى: التزام ألفاظ الشرع.
- القاعدة الثانية: التزام معاني اللغة ودلالاتها.
- القاعدة الثالثة: تجنب الألفاظ البدعية.
- القاعدة الرابعة: تجنب الألفاظ المجملة، والتفصيل فيها.
- القاعدة الخامسة: تجنب التشبه بغير المسلمين في الألفاظ والمصطلحات.
القاعدة الأولى: التزام ألفاظ الشرع.
1 -
صورة القاعدة:
النصوص الإلهية من الكتاب والسنة فرقان فرق الله به بين الحق والباطل، ولهذا كان سلف الأمة وأئمتها يجعلون كلام الله ورسوله هو الإمام والفرقان الذي يجب اتباعه، فيثبتون ما أثبته الله ورسوله وينفون ما نفاه الله ورسوله1، وأن هذه النصوص حق يجب قبولها وإن لم يفهم معناها2.
2 -
فقه القاعدة:
لقد سبق وأن ذكرت أن أهل السنة يجعلون مصدرهم لألفاظ العقيدة كتاب الله وسنة رسوله، ثم آثار السلف، ويستعينون بفهمهم للغة العرب، وقد التزموا ذلك وصار قاعدة لهم في ألفاظ العقيدة بشكل عام، فأما باب الأسماء والصفات فهو توقيفي، وأما سائر المسائل العقدية فإن أهل السنة يستعملون الألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، أو ما ورد عن سلف الأمة، ويفضلونها على ما وافق معناها من ألفاظ أخرى، وقد يعبرون عن بعض المعاني بألفاظ أخرى موافقة للمعنى الشرعي، ولدلالات لغة العرب.
فهذا الإمام الأوزاعي3 رحمه الله عندما سئل عن الجبر قال: "ما أعرف للجبر أصلاً من القرآن ولا السنة فأهاب أن أقول ذلك، ولكن القضاء والقدر، والخلق والجبل، فهذا يعرف
1 - انظر: درء تعارض العقل والنقل 1/76.
2 -
انظر: المرجع السابق 1/76.
3 -
عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي، من قبيلة الأوزاع، أبو عمرو، إمام الديار الشامية في الفقه والزهد عرض عليه القضاء فامتنع، له كتاب "السنن" في الفقه، و"المسائل" ويقدر ما سئل عنه بسبعين ألف مسألة أجاب عليها كلها، توفي سنة 157هجرية، انظر: السير 7/107 - 134، الأعلام 3/320.
في القرآن والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"1. وأنكر سفيان الثوري رحمه الله لفظ الجبر وقال: الله جبل العباد2.
وقيل لأبي عبد الله: رجل يقول إن الله أجبر العباد، فقال هكذا لا نقول، وأنكر هذا وقال:{يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل –93]3.
وأهل السنة لا يرفضون الألفاظ غير الشرعية التي قد تحمل معنى صحيحاً، ولا يثبتونها، ويحاولون استبدال الألفاظ الشرعية بدلاً عنها، فالإمام الأوزاعي والإمام أحمد قالوا في لفظ الجبر؛ من قال إنه جبر فقد أخطأ، ومن قال لم يجبر فقد أخطأ بل يقال: إن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ونحو ذلك. وقالوا: ليس للجبر أصل في الكتاب والسنة وإنما الذي في السنة لفظ الجبل لا الجبر4.
وكذلك لما سئل الأوزاعي رحمه الله عن حديث النزول قال: يفعل الله ما يشاء، وقال حماد بن زيد5: يدنو من خلقه كيف شاء6.
ويقول شيخ الإسلام رحمه الله: "والأحسن في هذا الباب مراعاة ألفاظ النصوص: فيثبت ما أثبته الله ورسوله باللفظ الذي أثبته، وينفى ما نفاه الله ورسوله كما نفاه، وهو أن يثبت النزول والإتيان والمجيء، وينفي المثل والسمي والكفؤ والند"7.
ولذلك يقسم أهل السنة الألفاظ إلى نوعين:
1 - درء التعارض 1/66.
2 -
انظر: المرجع السابق 1/68.
3 -
انظر: المرجع السابق 1/70.
4 -
انظر: المرجع السابق 1/255.
5 -
حماد بن زيد بن درهم العلامة الحافظ الثبت، محدث الوقت أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري الأزرق الضرير، أحد الأعلام، أصله من سجستان، سبي جده درهم منها، من أئمة السلف ومن أتقن الحفاظ وأعدلهم، مولده في سنة ثمان وتسعين، ووفاته سنة تسع وسبعين بعد المائة. انظر: سير أعلام النبلاء 7/456 - 461.
6 -
انظر: الاستقامة 1/76 - 77.
7 -
بيان تلبيس الجهمية 1/622.
1 -
نوع مذكور في كتاب الله وسنة رسوله وكلام أهل الإجماع، فهذا يجب اعتبار معناه، وتعليق الحكم به، فإن كان المذكور به مدحاً استحق صاحبه المدح وإن كان ذماً استحق صاحبه الذم، وإن أثبت شيئاً وجب إثباته، وإن نفى شيئاً وجب نفيه.
2 -
الألفاظ التي ليس لها أصل في الشرع، فتلك لا يجوز تعليق المدح والذم، والإثبات والنفي على معناها، إلا أن يبين أنه يوافق الشرع1.
فالقاعدة الأولى عند أهل السنة في ألفاظ العقيدة هي التزام ألفاظ الشرع.
1 - انظر: درء التعارض 1/240 - 241.