الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
معنى الشرك وأقسامه
•
قاعدة الحكم على الشيء فرع تصوره:
كلامنا في الفصل الخامس عن الشرك من ناحية ذرائعه وطبائعه يدخل في باب الحكم عليه، وحديثنا عنه الآن من جهة معناه وأقسامه يعد من قبيل التصور، والحكماء يقولون: الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛ فمقتضى هذه القاعدة تأخير الفصل الخامس عن هذا الفصل، ولكنا سلكنا هذا الترتيب، لأن التصور الذي ينبني عنه الحكم ويتوقف عليه هو الشعور بأصل معنى الشيء، وهذا القدر من معنى الشرك حاصل للمسلمين، ولهذا ينفرون منه، بل يكاد تصور الشرك يكون ضروريّاً لكل ناطق بالعربية، ولذلك لم تعن كتب متن اللغة بتحديد معناه كما اعتنت بضبط ألفاظه، والتصور الذي نحاوله هنا هو تحرير معنى اللفظة لغة وشرعاً، وضبطها نطقاً ووضعاً، وهو بالعلم أنسب، وكلامنا في الفصل الخامس إلى الوعظ أقرب؛ فآثرنا تقديم الوعظ الذي هو خطاب للقلوب على العلم الذي هو حديث إلى العقول!؛ لأنني أرى مصيبة هذا الجيل في قلوبهم أعظم من مصيبتهم في عقولهم.
•
معنى الشرك في اللغة:
تقول: شركته في الأمر، أشركه- من باب تعب-، شركاً، وشركة؛ بفتح
الأول، وكسر الثاني فيهما، ويخففان بكسر الأول وسكون الثاني، وذلك إذا صرت له شريكاً، وشاركته كذلك، وأشركته: جعلته شريكاً، قال تعالى:{وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 31]؛ أي: اجعله شريكي فيه، وشركت بينهما في المال تشريكاً، واشتركنا، وتشاركنا في الشيء، قال الجعدي:
وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي تُقَاهَا
…
وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ
و (العنان): سيرا اللجام المعترضان عن يمين عنق الدابة وشمالها، يكنى به عن المساواة.
و (الشرك)، بالتخفيف: أغلب في الاستعمال، ويكون مصدراً واسماً بمعنى النصيب؛ كما في قولهم: أعتق الرجل شركاً له في عبد، والشراك ككتاب: سير النعل على ظهر القدم؛ يقال منه: أشركت نعلي وشركتها تشريكاً: إذا جعلت لها الشراك. و (الشرك)، بفتحتين: حبالة الصائد، واحدتها شركة، ويكون الشرك جمعاً لشركة بمعنى معظم الطريق ووسطه. هذا تلخيص كلام الجوهري في " صحاحه " والفيومي في " مصباحه ".
وقال الراغب الأصفهاني في " مفرداته ": " الشركة والمشاركة: خلط الملكين، وقيل: هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعداً، عيناً كان ذلك الشيء أو معنى، كمشاركة الإِنسان والفرس في الحيوانية، ومشاركة فرس وفرس في الكمتة والدهمة ".
وعبارة الراغب الثانية في شرح الشركة أعم من الأولى، لأن كون الشيء لاثنين يشمل ما كان لهما ملكاً، كالمال، أو وصفاً؛ كالبياض والكمتة، أو جزءاً ذاتيّاً؛ كالحيوانية.
ومرجع مادة الشرك إلى الخلط والضم: