الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6].
قال الراغب: " رهقه الأمر: غشيه بقهر ".
وبين المفسرون للآية استعاذة العرب بالجن التي هي من معنى العبادة، فقالوا- واللفظ للكشاف-:" إن الرجل من العرب كان إذا أمسى في واد قفر في بعض مسايره، وخاف على نفسه، قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه (يريد: الجن وكبيرهم)؛ فإذا سمعوا بذلك؛ استكبروا، وقالوا: سُدنا الجن والإِنس. فذلك رهقهم، أو فزاد الجن والإِنس رهقاً بإغوائهم وإضلالهم لاستعاذتهم بهم ".
•
معنى النشرة وحكمها:
والنشرة في كلام العرب- بضم فسكون- من النشر بمعنى التفريق، وهي تعويذ ورقية يعالج بها المريض والمجنون، تقول: نشرت المريض: إذا قرأت عليه كلمات أوكتبتها له ليعلقها تميمة أو ليمحوها ويشربها ويدهن بها، ونشرت عنه نشراً ونشرت تنشيراً: إذا رقيته بالنشرة، كأنك تفرق عنه العلة، وتطلق النشرة على السحر؛ كما في " معالم السنن " عن الحسن (4/ 220).
وأنشد جرير:
أَدْعُوكَ دَعْوَةَ مَلْهُوفٍ كَأَنَّ بِهِ
…
مَسّاً مِنَ الْجِنِّ أَوْ رِيحاً مِنَ النَّشْرِ
وتطلق أيضاً على حل السحر عن المسحور.
فإذا كان ذلك الحل بسحر أيضاً، فمحظور؛ لما في " سنن أبي داود ": أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ النُّشْرَةِ، فَقَالَ:«هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ» (205).
(205) صحيح: =
وإن كان بدعوات مشروعة وأدوية مباحة، فلا ضير.
وبالجملة: إن النشرة من الطب، ولها حكم الرقية والتميمة.
والنشرة في لسان عوامنا: طعام يتخذ على ذبيحة من الدجاج غالباً تقرباً إلى الجن كي يرفعوا داءهم عن المصاب بهم، ولا يذكرون اسم الله على
=
أخرجه أبو داود (2/ 152)؛ قال: حدثنا أحمد بن حنبل- وهذا في " مسنده "(3/ 294) - ثنا عبد الرزاق ثنا عقيل بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه يحدث عن جابر بن عبد الله، قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال:
…
" الحديث.
وإسناده حسن، رجاله ثقات معروفون غير عقيل بن معقل؛ فصدوق كما في " التقريب ".
وأخرجه عبد الرزاق في " مصنفه "(11/ 13/ 19762)؛ قال: أخبرنا عقيل بن معقل عن همام بن منبه قال: سئل جابر بن عبد الله عن النشر؛ فقال: من عمل الشيطان. وإسناده حسن أيضاً.
وللحديث شاهد من حديث أنس أخرجه البزار (3/ 393 - 394/ 3034 - كشف الأستار)، والحاكم (4/ 418) عن مسكين بن بكير عن شعبة عن أبي رجاء عن الحسن عنه مرفوعاً، وقال الحاكم:
" هذا حديث صحيح، وأبو رجاء هو مطر الوراق، ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي.
وقال البزار: " لا نعلم أسنده عن شعبة إلا مسكين، وهو حراني مشهور، ولا أسند شعبة عن أبي رجاء إلّا هذا، وأبو رجاء اسمه محمد بن سيف، وهو بصري مشهور، روى عنه شعبة ويزيد بن زريع وإسماعيل بن علية ونوح بن قيس الطاحي ويوسف بن داود السمتي ".
وقال الهيثمي (5/ 102): " رواه البزار والطبراني في " الأوسط " إلّا أنه قال: " ذكروا أنها من عمل الشيطان "، ورجال البزار رجال الصحيح.
وله شاهد آخر أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 434)؛ قال: حدثنا ابن عيينة وأبو أسامة، وأبو داود في " مراسيله "(435)، حدثنا علي بن الجعد، ثلاثتهم عن شعبة عن أبي رجاء عن الحسن مرسلاً.
والحديث حسنه الحافظ في " الفتح "(10/ 233)، وقال ابن مفلح: إسناده جيد كما في " فتح المجيد "[ص:259]، والله أعلم.