الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي يهيئ له الأسباب العادية، ويعينه بما هو خارج عن الأسباب، ويلطف به فيما يلم به، فمن اتخذ وليّاً غير الله بهذا المعنى، فقد اتخذ معه شريكاً، ولهذا قال في سورة الرعد:{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} [الرعد: 33].
ويشترك غير الله به فيها إذا كانت للمفعول، فإن العبد يوالي الله وأولياءه، فمعنى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}: إنما الولي الذي توالونه وتتولونه، لقوله بعد:{وَمَنْ يَتَوَلَّ} ، ومعنى {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}: المولى الذي يتولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا جعل الراغب فيما تقدم عنه المولى هنا بمعنى اسم المفعول.
•
معنى الولي في الشرع:
والأولياء الذين شرفهم الله بإضافتهم إليه في سورة يونس يصح كما سبق عن العسكري أن يكونوا بمعنى الفاعل، لنصرهم دين الله والدعاة إليه، وأن يكونوا بمعنى المفعول؛ لإِعانة الله لهم على الإِخلاص في الطاعة، وعلى التقديرين؛ فهم من جمع إلى صحة العقيدة القيام بالفرائض، والوقوف عند الحدود، والتزود بالنوافل، وهذا معنى وصفهم في نفس الآية بالإِيمان والتقوى، ووصفهم في غيرها بالإِيمان مع الإِسلام، أو مع الاستقامة، أو مع العمل الصالح، أو ما في معنى ذلك.
قال تعالى في البقرة، وفي النحل، وفي الزمر، وفي فصلت، وفي الزخرف:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]، {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 17 - 18]، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ
أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 35]، {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} [الزخرف: 68 - 69].
وفصل هذا المعنى أول سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} ، وحكم لأهله بقوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 11 - 10].
ووردت في هؤلاء الأولياء أحاديث أشرفها- كما قال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " - حديث البخاري: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا؛ فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ؛ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» (53).
قال القشيري في باب الولاية من " رسالته ": " الولي له معنيان:
أحدهما: فعيل بمعنى مفعول، وهو من يتولى الله سبحانه وتعالى أمره؛ قال الله سبحانه:{وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: 196]؛ فلا يكله إلى نفسه لحظة، بل يتولى الحق سبحانه رعايته.
والثاني: فعيل مبالغة من الفاعل، وهو الذي يتولى عبادة الله وطاعته؛
(53) وتمامه: " وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته".
أخرجه البخاري في " صحيحه "(كتاب الرقاق، باب التواضع، 11/ 340 - 341/ 6502) عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال
…
"؛ فذكره.
وللحديث طرق أخرى وشواهد تقوّيه، أشار إليها الحافظ في " الفتح ".