الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
ولي الطرقيين:
النقطة الثانية: حصر الولاية فيمن كان على شاكلتهم ومن ذريتهم، ولَو كان حظه من العلم الأمية ومن العمل الإِباحية.
والمعتقدون فيهم يجيبون عن جهلهم بحديث (236): " مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلِيٍّ جَاهِلٍ وَلَوِ اتَّخَذَهُ لَعَلَّمَهُ "، ويدافعون عن منكراتهم بأن شريبهم إنما يشرب عسلاً، أو أنه يطفئ من نور الولاية الشديد غلّته، وبأن زانيهم إنما زناه صورة خيالية يمتحن بها أهل المرأة ومبلغ عقيدتهم فيه، ويعبرون عن ذلك بقولهم:" الشيخ يفسد النية ".
فأما أن الخمر تعود عسلًا، فمن البلادة الكثيفة، وقد تقدم في فصل الذبائح عن " الموافقات " أن تناول المباح يتعين أن يكون على الوجه المشروع لا تشبه فيه بالمحظور، وأما أن الشريب يطفئ من نور الولاية؛ فصحيح، وتكرر ذلك يخرج من ولاية الرحمن إلى ولاية الشيطان؛ فلا ترى له نوراً {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [الحديد: 12]، قال تعالى:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14].
وأما أن الزنى صورة خيالية؛ فإنكار للحس، وترويج للدياثة.
وأما الحديث؛ فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في " كشف الخفاء "(3/ 180).
وتأوله في " الفتاوى الحديثية " من غير أن ينسبه للرسول بما لا يتفق ودعواهم لهم إيثار الجهل على العلم، فقال: " المراد الجاهل بالعلوم الوهبية
(236) لا أصل له: انظر: " المقاصد الحسنة "(940) للسخاوي، و " تمييز الطيب "(1182) لابن الدّيبع، و " كشف الخفاء "(2/ 180) للعجلوني.
والأحوال الخفية، لا الجاهل بمبادئ العلوم الظاهرة مما يجب عليه تعلمه، فإن هذا لا يكون وليّاً ولا يراد للولاية ما دام على جهله بذلك، بل إذا أراد الله ولايته، ألهمه تعلم ما يجب عليه؛ لأنه لا يمكن الإِلهام فيه " [ص:93].
وفي الحديث: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (237). علقه البخاري في كتاب
(237) حسن: أخرجه البخاري في " صحيحه "(1/ 160 - بشرح الفتح) معلّقاً، ووصله ابن أبي عاصم في " كتاب العلم " - كما في " تغليق التعليق "(2/ 78) للحافظ-، والطبراني في " المعجم الكبير "(19/ 395/ 929) من طريق هشام بن عمّار ثنا صدقة بن خالد ثنا عُتْبة بن أبي حكيم عمّن حدثه عن معاوية مرفوعاً.
قال الهيثمي (1/ 128): " وفيه رجل لم يُسم، وعُتبة بن أبي حكيم وثقه أبو حاتم وأبو زرعة وابن حبان، وضعفه جماعة ".
وقال العسقلاني في " الفتح "(1/ 161): " إسناده حسن إلّا أنّ فيه مبهماًا عتضد بمجيئه من وجه آخر ".
وللحديث شواهد تقويه، منها:
1 -
حديث أبي هريرة مرفوعاً، أخرجه الخطيب البغدادي في " تاريخه "(9/ 127) بإسناد حسن إن شاء الله تعالى.
2 -
حديث أبي الدرداء مرفوعاً وموقوفاً:
أمّا المرفوع؛ فقال في " المجمع "(1/ 128): " رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد، وهو كذاب ". وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإِحياء "(3/ 176): " أخرجه الطبراني والدارقطني في " العلل " من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف ".
وأمّا الموقوف؛ فأخرجه أبو خيثمة في " كتاب العلم "(114)، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم "(1/ 100 - 101 و135 - 136)، وإسناده صحيح.
3 -
أثر عبد الله بن مسعود الموقوف: أخرجه أبو خيثمة (115)، والبزار (1/ 92/ 158 و159)، وابن عبد البر (1/ 100) من طريقين عن أبي الأحوص عنه. قال الهيثمي (1/ 129) بعد أن عزاه للبزار:" ورجاله موثقون ".