الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" وحرم حلف بغير الله؛ إلا أن يعظم شرعاً كولي فيكره، وإن قصد بـ: كالعزى التعظيم؛ فكفر ".
ونقل الحافظ في " الفتح " عن بعض أهل العلم أن من اعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله؛ كان كافراً بذلك الاعتقاد، وإن اعتقد فيه من التعظيم ما يليق به؛ فلا يكفر (11/ 450).
وما نقله الحافظ تشهد له عباراتهم في تقييد التعظيم بالشرع، لأن معنى ذلك القيد أن يكون المعظم يستحق التعظيم في الشرع، وأن يكون التعظيم سالماً من الإِفراط المحظور، مقتصراً فيه على الحد المشروع.
•
تحرير حكم اليمين بغير الله:
وخلاصة هذه النقول أن الاختلاف في حكم الحلف بغير الله إنما هو مع سلامة الحالف من تعظيم المخلوق تعظيماً من نوع تعظيم الخالق، وإن النهي حينئذ من فطام النفوس عن مألوفاتها الوثنية بالنظر لمن نشؤوا في الجاهلية، ومن سد الذرائع بالإِضافة إلى من نشؤوا في الإِسلام، فأما إن حل بالقلب تعظيم المخلوق كتعظيم الخالق؛ فجرى اللسان لذلك بتلك اليمين، وخشيت النفس في الحنث بها ما تخشاه في الحنث بالله؛ فهذه اليمين مظهر من مظاهر الشرك لا نزاع في ذلك- ولا شك.
•
حالة العوام في أيمانهم:
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالمخلوق؛ فأبى أكثر الناس إلا الحلف به، وأغلظ في النهي، حتى بلغ به نهي الشرك والكفر، فأجروا هذه اليمين على ألسنتهم أكثر من اليمين بالله، وأمر من حلف بالله أن يصدق، فتلاعبوا باليمين الشرعية، واحترموا اليمين الشركية، وأمر من حُلف له بالله أن يرضى ويكل أمر الحالف إلى الله
…
فلم يطمئنوا إلا للحلف بأوليائهم
…
وهكذا تراهم
يعظمون الأيمان بأوليائهم ويخشون الحنث فيها أكثر من تعظيم اليمين بالله وخشية الحنث فيها؛ فيحلفون بالله كاذبين في استخفاف وعدم مبالاة، ولا يقتنعون بيمين من حلف لهم بالله، ولا يكتفون بها، ولا يقدمون على الحلف بمرابطيهم وشيوخ طرقهم كذباً، ولا يكذبون من حلف بهم، بل يمتقع لون الواحد منهم إذا حاول الحلف بهم أو سمع من أسرع إلى ذلك الحلف، وكم بلغنا أنهم يستحلفون بالله على الشيء فيسرعون إلى الحلف على خلاف الواقع، ثم يستحلفون بشيوخهم أو آبائهم على ذلك الشيء نفسه؛ فتخرس ألسنتهم، وتجف أرياقهم، ويعترفون بكذبهم في اليمين بالله ولا يستحون!!
يا لله للمسلمين: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 154].
وليست هذه الحالة المنكرة خاصة بعصرنا أو مصرنا.
قال الشوكاني في " نيل الأوطار " عقب ذكر مفاسد البناء على القبور: " وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيراً من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه؛ حلف بالله فاجراً؛ فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني؛ تلعثم وتلكأ وأبى، واعترف بالحق!! وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة!!
فيا علماء الدين! ويا ملوك المسلمين! أي رزء للإِسلام أشد من الكفر؟!
وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله؟! وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟! وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجباً؟! " (4/ 72).
وقد بقي علينا أن نعرف وجه ما جاء في الكتاب والسنة من القسم بغير