الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاعتقاد أي احتياط، حتى لا يزل أو يكدر بالاختلاط.
•
سد الذرائع:
ومن الاحتياط القول بسد الذرائع، وهو مذهب مالك وأصحابه، ومروي عن أحمد بن حنبل، وبهذا الأصل منع المالكية صوراً من بيع العينة وبيوع الآجال.
•
معنى الذريعة لغة وشرعاً:
وضبط ذلك خليل في " مختصره " بقوله: " ومنع للتهمة ما كثر قصده ".
قال في " الصحاح ": " و (الذريعة): الوسيلة، وقد تذرع فلان بذريعة؛ أي: توسل، والجمع الذرائع ".
وفرق أبو هلال العسكري في " فروقه " بين الذريعة والوسيلة، فقال:" الوسيلة عند أهل اللغة هي القربة، والذريعة إلى الشيء هي الطريقة إليه، وليست الوسيلة هي الطريقة نفسها "[ص:248].
ومعناها في الشرع ما قاله القرطبي في " تفسيره ": " الذريعة عبارة عن أمر غير ممنوع لنفسه، يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع "(2/ 58).
وبنحو هذا عرف الفقهاء بيوع الآجال.
ويشهد لسد الذرائع من الكتاب والسنة نصوص وظواهر نقتصر منها على مايلي:
•
أدلة سد الذرائع:
1 -
قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
فنهى عن سب الآلهة الباطلة حتى لا يسب الإِله الحق.
2 -
وقال أيضاً: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف: 163].
وذلك أن الله حرم عليهم الصيد يوم السبت، فأمنتهم الحيتان، وصارت تظهر لهم ذلك اليوم، فسدوا عليها فيه تذرعاً بالسد للصيد يوم الأحد، فعاقبهم الله على ذلك، وحكاه على معنى التحذير.
3 -
وفي " الصحيحين " عن عائشة؛ أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهن ذَكَرَتَا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بالحبشة فيها تصاوير، فقال:«إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، فَمَاتَ؛ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ» (49).
4 -
وفيهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ؛ فَقْد اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ؛ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ
…
» الحديث (50).
(49) أخرجه البخاري في (كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، 1/ 523 - 524/ 427)، ومسلم في (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، 1/ 375 - 376/ 528)، وزادا في آخره:" يوم القيامة ".
(50)
وتمامه: " أَلا وإِنَّ لكلّ مَلِكٍ حِمىً، أَلَا وإِنَّ حمى اللهِ محارمُه، ألا وإنَّ في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسدُ كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلُّه؛ ألا وهي القلب ".
أخرجه البخاري في (كتاب الإِيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، 1/ 126/ 52)، ومسلم في (كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات)(3/ 1219 - 1220/ 1599).
5 -
وفيهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مِنَ الْكَبَائِر شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيهِ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؛ قَالَ:«نَعَمْ؛ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» (51). فجعل التعرض لسب الآباء كسبهم.
ولقد أصاب من قال:
إِنَّ السَّلَامَةَ مِنْ سَلْمَى وَجَارَتِهَا
…
أَنْ لَا تَحِلَّ عَلَى حَالٍ بِوَادِيهَا
• • • • •
(51) أخرجه البخاري في (كتاب الأدب، باب لا يسبّ الرجل والديه، 10/ 403/ 5973)، ومسلم في (كتاب الإِيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها)(1/ 92/ 90).