الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معتقداً جلب نفع أو دفع ضر، أما للتبرك؛ فيجوز، وقال القاضي أبو بكر في " شرح الترمذي ": تعليق القرآن ليس من طريق السنة، وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق " (7/ 112).
•
صور تعليق التميمة وأحكامها:
وقول السندي: " قيل: المراد تمائم الجاهلية "، ثم قوله: و " قيل: القبح ": ليس حكاية خلاف معنوي، بل الحالتان معاً ذميمتان؛ لأن اعتقاد جلب النفع أو درء الضر من غير الطريق المشروع شرك وإلحاد، ومشابهة الجاهلية ضلال يشبه العناد.
ويخرج من كلام السندي أن للتعليق ثلاث صور:
إحداها: اعتقاد نفع المعلق، وهذا شرك، ومنه تعليق المرضى والمحمومين في عهدنا لتراب الأضرحة والمزارات وما أشبهه، وقد حدثوني أن في زواغة غربي ميلة مرابطاً، له أشجار من الشجر المدعو عندنا: الهندي، يعلقون منها في أعناقهم دفاعاً للحمى، وأن هذا التعليق شائع بينهم، وهذا الضرب من التعليق إنما هو لذلك الاعتقاد، وإنكاره إما جهل بحقيقة ما عند
=
(1/ 548) من طرق عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلّمهم من الفزع كلمات:«أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ» - زادوا كلهم غير النسائي-: " وكان عبد الله بن عمرو يعلّمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه ".
وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "!
وقال الحاكم: " حديت صحيح الإِسناد متصل في موضع الخلاف "! والحديث سقط من " تلخيص الذهبي "!
قلت: وفيه محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه! فأنّى لإِسناده الحسن بله الصحة!! نعم، للجزء المرفوع شاهدان أخرجهما ابن السني (740 و748) يتقوى بهما، والله أعلم.
الناس أو عناد.
ثانيتها: مشابهة الجاهلية بتعليق ما لا يتبرك به من نحو حلقة أو عقرب أو ودعة، مع السلامة من اعتقاد المشركين؛ فهذا غير شرك، ولكنه ممنوع؛ سدّاً للذريعة، وعملًا بأحاديث الأمر بمخالفة أهل الكتاب والمجوس.
ثالثتها: التبرك بما يتبرك به شرعاً من أسماء الله وكتابه، مع السلامة من ذلك الاعتقاد، فهذا الذي قال فيه أبو بكر بن العربي:" ليس من السنة "، وأجازه غيره، وليس ذلك اختلافاً؛ فإن ما ليس من السنة قد يكون خفيفاً خلاف الأولى فقط، فيتصف بالجواز، وفعل أحد الصحابة للشيء من غير أن ينسبه إلى الرسول لا يوجب أن يكون من السنة.
وفي " فتح المجيد " أن علماء الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا في تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته، فأجازه عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو ظاهر ما روي عن عائشة، وقال به الباقر وأحمد في رواية، ومنعه ابن مسعود وابن عباس، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم، وقال به من التابعين أصحاب ابن مسعود، وهو رواية عن أحمد اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون [ص:91].
وقد علمت من الأحاديث السابقة استعظام من استعظم من الصحابة للتعليق، حتى قال:" الموت أقرب من ذلك "، هذا على كمال توحيدهم ومعرفتهم بربهم.
فلندع التمائم وما في معناها، ولنقو إيماننا بآية:{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].
• • • • •