الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذَا أَبْقَتِ الدُّنْيَا عَلَى الْمَرْءِ دِينَهُ
…
فَمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِضَائِرِ
•
الحكم للزردة بحكم النذر:
وأما إدخال الزردات في النذر وإهداء الثواب؛ فقد صوره أحدهم بقوله:
" لله علي شاة أو بدنة أو بقرة لسيدي فلان صدقة عليه، أو إن شفى الله مريضي أو ولد لي ولد؛ فعليّ إطعام كذا بمحل كذا ".
وهذه الصيغة لا تعرف العامة لفظها ولا معناها؛ فليست تصويراً لما في نفوسهم، إنما هي تأويل فيه تضليل، ثم لا يتأيد من الدين بدليل.
•
ما جاء في النذر للأوثان وعلى أعياد الجاهلية:
عن ميمونة ابنة كردم رضي الله عنهما عن أبيها، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ ثَلَاثَةً مِنْ إِبِلِي، فَقَالَ: صلى الله عليه وسلم: «إِنْ كَانَ عَلَى جَمْعٍ مِنْ إِجْمَاعِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ عَلَى عِيدٍ مِنْ أَعْيَادِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ عَلَى وَثَنٍ فَلَا. وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَاقْضِ نَذْرَكَ» (210). رواه أحمد، وفيه من لم أعرفه، قاله في
(210) صحيح: أخرجه أحمد (4/ 64 و5/ 376): ثنا أبو بكر الحنفي أنا عبد الحميد بن جعفر عن عمرو ابن شعيب عن ابنة كردمة عن أبيها أنه سأل
…
" فذكره، وزاد في آخره: " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ عَلَى أُمِّ هَذِهِ مَشْيًا، أَفَأَمْشِي عَنْهَا؟ قَالَ:«نَعَمْ» .
وأخرجه أبو داود (3315 - طبعة محيي الدين عبد الحميد): حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي به بنحوه مختصراً.
وهذا سند رجاله ثقات معروفون، وبالصدق موصوفون، فالإِسناد جيّد لولا أن فيه انقطاعاً بين عمرو بن شعيب وميمونة، وهي من صغار الصحابة رضي الله عنهم، وعمرو لم يسمع منهم سوى من الرّبيع بنت معوّذ وزينب بنت أبي سلمة رضي الله عنهما كما في " سير النبلاء "(5/ 165 و177)، و " جامع التحصيل " [ص:244]؛ فلا أدري وجه قول الهيثمي في " المجمع "(4/ 191) - كما نقله عنه المؤلف-: " وفيه من لم أعرفه "! والله أعلم. =
" مجمع الزوائد "(4/ 191).
وأخرجه أبو داود من طريقها بلفظ: إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ وُلِدَ لِي ذَكَرٌ أَنْ أَنْحَرَ عَلَى رَأْسِ بُوَانَةَ فِي عَقَبَةٍ مِنَ الثَّنَايَا عِدَّةً مِنَ الْغَنَمِ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ بِهَا مِنْ هَذِهِ الأوْثَانِ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَ بِهِ لِلَّهِ» (211).
=
وللحديث طرق وشواهد يتقوى بها ويصح؛ فانظر التخريجين التاليين برقم (211) و (212).
(211)
صحيح: أخرجه أحمد (6/ 366)، وأبو داود (3314)، وابن ماجه (2131) مختصراً بنحوه، عن ميمونة بنت كردم؛ قَالَتْ:- والسياق لأبي داود- خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فِي حِجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْتُ أُبِدُّهُ بَصَرِي، فَدَنَا إِلَيْهِ أَبِي، وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ مَعَهُ دِرَّةٌ كَدِرَّةِ الْكُتَّابِ، فَسَمِعْتُ الْأَعْرَابَ وَالنَّاسَ يَقُولُونَ: الطَّبْطَبِيَّةَ الطَّبْطَبِيَّةَ، فَدَنَا إِلَيْهِ أَبِي، فَأَخَذَ بِقَدَمِهِ، قَالَتْ: فَأَقَرَّ لَهُ، وَوَقَفَ فَاسْتَمَعَ مِنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ وُلِدَ لِي وَلَدٌ ذَكَرٌ أَنْ أَنْحَرَ عَلَى رَأْسِ بُوَانَةَ، فِي عَقَبَةٍ مِنَ الثَّنَايَا، عِدَّةً مِنَ الْغَنَمِ- قَالَ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهَا قَالَتْ: خَمْسِينَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ بِهَا مِنَ الأَوْثَانِ شَيْءٌ؟» . قَالَ: لَا، قَالَ:«فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَ بِهِ لِلَّهِ» قَالَتْ: فَجَمَعَهَا فَجَعَلَ يَذْبَحُهَا، فَانْفَلَتَتْ مِنْهَا شَاةٌ، فَطَلَبَهَا وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَوْفِ عَنِّي نَذْرِي؛ فَظَفِرَهَا فَذَبَحَهَا.
قال المنذري في " مختصر السنن "(3/ 45): " اختلف في إسناد هذا الحديث، وفي إسناده من لا يعرف ".
وأخرج أحمد (3/ 419) عن ميمونة بنت كردم عن أبيها كردم بن سفيان، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَذْرٍ نُذِرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَلِوَثَنٍ أَوْ لِنُصُبٍ؟» . قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لِلَّهِ تبارك وتعالى. قَالَ:«فَأَوْفِ لِلَّهِ تبارك وتعالى مَا جَعَلْتَ لَهُ، انْحَرْ عَلَى بُوَانَةَ، وَأَوْفِ بِنَذْرِكَ» .
قال الهيثمي (4/ 191): " وفيه من لا يعرف ".
وأخرجه أيضاً ابن ماجه (2131) بنحوه مختصراً، وقال البوصيري في " الزوائد ":" إسناده صحيح "! وقال الشوكاني في " السيل الجرار "(4/ 35) و " نيل الأوطار "(8/ 249): " رجاله رجال الصحيح! ". =
قال الخطابي في " شرحه ": " وفيه دليل على أن من نذر طعاماً أو ذبحاً بمكة أو [في] غيره من البلدان؛ لم يجز أن يجعله لفقراء غير أهل هذا المكان، وعلى هذا مذهب الشافعي، وأجازه غيره لغير أهل المكان "(4/ 60).
و (بوانة) - بضم الباء وتخفيف الواو-: هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، قاله ياقوت في " معجم البلدان ".
وأخرجه أبو داود أيضاً عن ثابت بن الضحاك بلفظ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إبِلًا بِبُوَانَةَ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَكَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟» . قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟» . قَالُوا: لَا. قَالَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» (212).
=
وللحديث شواهد تقويه، منها حديث ثابت بن الضحاك المخرّج بعده برقم (212)، وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أبو داود (3/ 81)، وحديث ابن عباس أخرجه ابن ماجه (2130)، والله أعلم.
(212)
صحيح: أخرجه أبو داود (2/ 80 - 81) حدثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي حدثني يحمس بن أبي كثير حدثني أبو قلابة حدثني ثابت بن الضحاك؛ قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلًا بِبُوانة، فأتى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرتُ
…
الحديث. وأخرجه الطبراني في " الكبير "(2/ 75 - 76/ 1341) من طريق شعيب به.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في " الاقتضاء "[ص:186]: " أصل هذا الحديث في " الصحيحين "، وهذا الإِسناد على شرط " الصحيحين "، وإسناده كلهم ثقات مشاهير، وهو متصل بلا عنعنة ".
وقال الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام "(4/ 114 - بشرح سبل السلام) بعدما عزاه لأبي داود والطبراني: " وهو صحيح الإِسناد، وله شاهد من حديث كردم عند أحمد ". وصححه في " التلخيص الحبير "(4/ 180/ حديث رقم: 2070) أيضاً.