الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
القول بأن الزردة معصية:
الدرجة الثانية: أنها معصية لا تنتهي إلى الشرك، وقوفاً عند الظواهر التي تشتمل الزردة عليها؛ من إسراف، واستدانة، وشهود مناكر من تطبيل وتزمير ورقص وصياح وتخبط كالذي يتخبطه الشيطان من المس، إلى موبقات أخر من خمر واختلاء بالأجنبيات واختلاط بهن، وإن لم تشتمل زردة ضعيفة الشهرة على كل هذه المخازي والنقائص؛ لم تخل من بعضها، وقد بنى هذا الفريق نظره على حكم الفروع فأصاب، وأغفل جهات الأصول فأخطأ.
•
القول باستحسان الزردة وما يرد عليه:
الدرجة الثالثة: استحسانها؛ نظراً إلى ما يقع من التزاور ومواساة الفقراء، ثم هي داخلة في النذر وإهداء الثواب للميت!!
أما ما فيها من التزاور والمواساة؛ فالجواب عنه:
أولاً: إن أغلب المجتمعين يضيعون الصلوات يوم الزردة، ولا يشهد كثير منهم الجمع والأعياد، ولا يصلون الأرحام، وكثير من الفقراء والأيتام مقهورون عن الزردة منهورون.
وثانياً: إن المقصود بالذات هو التقرب من صاحب الضريح.
وثالثاً: إن ما في الزردة من مفاسد أطم من ذلك الطفيف من المحاسن لو قصد بالذات، وغلبة مفسدة الشيء على مصلحته دليل الحظر منه- كما قال العلماء- أخذاً من قوله تعالى في الخمر والميسر:{وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219].
ثم لو كانت الزردات خيراً- وهي كثيرة عندنا-؛ لظهر خيرها، أو لقلت كما قل كل خير، ولكان السلف أولى بها كما هم أولى منا بكل خير.
فهل فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على قبر سيد الشهداء عمه حمزة؟!
أم صنعها الصحابة على القبر الشريف؟!
أم اتخذها التابعون على قبور الخلفاء أو الشهداء أو غيرهم ممن كل واحد منهم خير من ألف ممن يزردون لهم اليوم؟!
كلا؛ لم يكن شيء من ذلك.
لو ضبطنا ما ينفق بوطننا الجزائري على الزردات؛ لهالنا الأمر واستهوتنا الأحزان، إذ نرى التبذير الذي لا يحتمل، في حين حاجتنا الشديدة إلى التعليم الحر، وعجزنا ماليّاً عن سدها.
وقد سألت ذات عام تجار الجلفة عما خرج في زردة سيدي عبد العزيز الحاج، وهي على أميال منهم؛ فذكروا لي في خصوص ما باعوه من زيت السيارات المعبر عنه بالليصانص مبلغاً عظيماً نسيته الآن، ولكنه نحو المئة ألف فرنك، هذا في خصوص الزيت، وفي تلك المسافة القليلة، فانظر مبلغ ما اشتري من الزيت من غير الجلفة، وما خرج في غيره من خمر ولهو ثم من لحم ودقيق وغير ذلك، على أن هذه الزردة من متوسط الزردات، وأعلى منها زردة سيدي عابد من نواحي تيهرت (تيارات).
إن ما يخرج في الزردات يعد بعشرات الملايين، وتصور ذلك يقف بك على الخسارة الفادحة التي لم تقف على الوجه المادي، بل تناولت ناحية الأخلاق والدين، فاستفرغت الأيدي من المال، والأدمغة من العقول، والأفئدة من الدين، وقضت على الذرية بالإِهمال؛ فكانت خسارة إيجابية في الجهل والجمود والفقر والعصيان، وسلبية في العلم والتفكير والثروة والطاعة؛ فيا ليتها أبقت علينا ديننا، فتمثلنا بقول من مضى: