الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
تبليه الطرقيين للناس:
النقطة السابعة: بث الجمود في الناس، وتلقيح غفلتهم، ثم حثهم على زيارتهم والرحلة إليهم لاستدرار أموالهم ولاستغلال جمودهم وغفلتهم.
فمن أقوالهم الجارية: سلم تسلم، سلم للرجال في كل حال، اعتقد ولا تنتقد، زوروا تنوروا!!
ومرادهم من الرجال الذين يسلم لهم ويعتقد فيهم من كان على مثل حالهم- لا علماء الدين ومن كان من أهل الغيرة الناصحين-.
والمقصود بالزيارة الجدود والمشاهد لا حلق العلم والمساجد.
ويذكرون عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: " لو اعتقد أحدكم في حجر لنفعه "(241).
ولهذا الحديث صيغ وألفاظ، كلها كذب ولا أصل لها، إنما هي من آثار عبدة الأحجار كما في " كشف الخفاء "(2/ 52).
•
استلاب الطرقيين للأموال:
وقد مر في فصل الزيارة ذكر الوعيد الشديد على سؤال ما في أيدي الناس تكثراً من الدنيا.
وشأن شيوخ الطرق في استلاب ما في أيدي الناس عجاب.
(241) موضوع: انظر: " مجموع الفتاوى "(24/ 335) لابن تيمية، و " المنار المنيف "(319) لابن القيم، و " المقاصد الحسنة "(883) للسخاوي، و " تمييز الطيب "(1099) لابن الدِّيبع، و " كشف الخفاء "(2/ 198 - 199/ 2087) للعجلوني.
ومما وقع وأنا بالأغواط أرشد الناس إلى ضلال هاته الطرق: أن أحد شيوخها ممن كان يتبرك بغبار سيارته اشترى داراً بسبعين ألفاً، وليس تحته فرنك منها، فخرج إلى من ألِفَ منهم الاعتقاد فيه، وقال لهم: الزاوية مدينة؛ فاجمعوا لها ما تؤدي به الدين. فأجابوه أن لك أربع ديار؛ فإذا بعتها وبقيت الزاوية مدينة؛ فنحن مستعدون لخلاصها من الدين. فكان هذا الجواب أول ما طرق سمعه على خلاف هواه!! مرابط عرفناه فقيراً، فلما أقبل الناس على زيارته، أصبح غنيّاً يتودد بغناه إلى الحكام.
ولم تكن الصوفية زمن القشيري على هذا الوصف في ابتزاز الأموال من النساء والرجال، ولو كانوا وكن في الفقر أحط مثال، ومع ذلك حذر منه، فقال آخر رسالته:" ومن شأن المريدين، بل من طريقة سالكي هذا المذهب، ترك قبول رفق النسوان؛ فكيف التعرض لاستجلاب ذلك؟! وعلى هذا درج شيوخهم، وبذلك نفذت وصاياهم، ومن استصغر هذا؛ فعن قريب يلقى ما يفتضح به ".
ومن نظم الزمخشري:
إِنِّي عَلَى مَا أَرَاكُمْ لَا أُحَذِّرُكُمْ
…
مَعَرَّةَ اللِّصِّ وَالْأكْرَادِ وَالْفَسَقَهْ
لَكِنْ أُحَذِّرُكُمْ مَنْ يَنْبَرِي لَكُمُ
…
فِي هَيْئَةِ الزُّهْدِ لَكِنْ هَمُّهُ السَّرِقَهْ
صَلَاتُهُ الرُّمْحُ وَالتَّسْبِيحُ أَسْهُمُهُ
…
وَصَوْمُهُ سَيْفُهُ وَالْمُصْحَفُ الدَّرَقَهْ
هذا حديثنا عن صوفية الزمان هداة الشرك وحماته، وقد دعوناهم بالكتاب والسنة إلى الوفاق؛ فأخذتهم العزة بالإِثم، ولجوا في الشقاق، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} النساء: 115].