الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفضل العبادات، وإن العبادات لا تكون إلا لله، وإن الله لا يقبل منها إلا ما وافق شرعه، وإن قبولها من المغيبات التي لا نجزم بحصولها، فمن أصر على التلاوة لمعنى حسن كمجاملة ولي الميت؛ فلا تجوز له الأجرة عليها، ولا الأكل من طعام فيه حق القاصرين، ولا أخذ شيء على وجه الصدقة من غير اعتبار معاوضة على القراءة، لأن الواقع أن القارئ لولا الأجرة، ما قرأ، وأن ولي الميت لولا القراءة؛ ما أعطى ذلك القارئ شيئاً، وهذا الواقع هو ما نعلمه في أهل زماننا، ولا نسد باب الإِخلاص على من وفق إليه.
•
هداة الشرك وحماته:
هذا حديثنا مع رؤساء تلك الفتنة، نرجو به نصيحتهم ببيان الحق لهم، ولكنا نخص منهم شيوخ الطرق الصوفية بحديث آخر؛ إذ كانوا هم المشجعين لمن اتحد معهم في الغرض، والمضللين لبعض من وقع معهم في هذا المرض، وقد بلغنا لما أعلنا نشر رسالة ـ[الشرك ومظاهره]ـ أنهم قالوا في مجتمع لهم: لا بد لنا من الدفاع عن الشرك!! فكانوا أحق أن يسموا: هداة الشرك وحماته!!
وحديثنا الخاص بهم نجمله في أنهم جمعوا بين عز الألوهية وذل السؤال، وبين غيوب الملائكة وعيوب الأبالسة، وبين تشريع النبوة وإباحية البهيمية، فإذا تشوفت إلى بعض التفصيل؛ فإنا نوجزه في نقط هي أهم ما حضرنا في الموضوع الآن:
•
البيعة والعهد والميثاق:
النقطة الأولى: انتصابهم للتوسط بين الله وعباده في قبول التوبة، وأخذهم عليهم البيعة والعهد والميثاق بالطاعة لهم ولزوم الطريقة وخدمة الزاوية، ويفرضون مشيختهم على غيرهم بقولهم: من لم يكن له شيخ،
فالشيطان شيخه!! يريدون شيخ الطريقة الذي يزار بالكراع والدينار، ويتشددون في التزام ميثاقهم، ويبالغون في الإِنكار على من فارق طريقة إلى أخرى، ولكن شيخ الطريقة الأخرى يقبل المنتقل إليه بسرور، وقد كنت رأيت كتاباً للتيجانية يحكم مؤلفه بردّة من فارق طريقتهم، وسمى كتابه:" تنبيه الناس على شقاوة ناقضي بيعة أبي العباس ".
ونحن نشرح كلمات البيعة والعهد والميثاق بالمعنى الديني كما بينه الراغب في " مفرداته "، ثم نقفي عليها ببيان الحق فيما أناطوه بها من أحكام:
- فبيعة السلطان ومبايعته: التزام الطاعة له، وعدم الخروج عنه؛ قال تعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18].
- والعهد: حفظ الشيء ومراعاته حالًا بعد حال؛ قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإِسراء: 34]، وعهد الله: إما طبيعي، وهو ما ركزه في العقول، وإما شرعي، وهو ما أمر به في الكتاب والسنة، وإما وضعي، وهو ما يلتزمه المكلف وليس بلازم له في أصل الشرع؛ كالنذور.
- والميثاق: عقد مؤكد بيمين وعهد، قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81].
والتوسط بين العبد وربه لقبول توبته والعفو عنه أصل من أصول كفر اليهود والنصارى جاء الإِسلام برفعه ونفيه كما سبق في الفصل العاشر، وليس لأحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأخذ البيعة على أحد بطاعته والتوبة إلى الله؛ إلا أن يكون سلطاناً يقوم على جمع كلمة المسلمين وحفظ وحدتهم لإِظهار قوتهم.
وفي " الحاوي " للسيوطي: " مسألة: رجل من الصوفية أخذ العهد على رجل، ثم اختار الرجل شيخاً آخر، وأخذ عليه العهد؛ فهل العهد الأول لازم أم