الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
استسقاء عمر بالعباس:
ونظير حديث الأعمى ما رواه البخاري في " صحيحه " من استسقاء عمر بالعباس (128) وقوله: " اللَّهُمَّ! إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بَنَبِيِّنَا، فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا؛ فَاسْقِنَا "؛ ففيه إِثبات التوسل بالرسول في حياته، وبأهل الفضل- ولا سيما ذوو قرابته- بعد موته، والمقصود التوسل بدعائهم إذا كانوا معنا في عالمنا، أما من كان في العالم الغيبي؛ فكل شيء منه غائب علينا؛ فلا نعلم هل دعا لنا ولم يرد الشرع بدعائهم لنا، والعباس حاضر وقع منه الدعاء، وأنه قال - كما في " الفتح " -:" اللَّهُمَّ! إِنِّهُ لَمْ يَنْزِلْ بَلاءٌ إِلا بِذَنْبٍ، وَلَمْ يُكْشَفْ إِلا بِتَوْبَةٍ، وَقَدْ تَوَجَّهَ الْقَوْمُ بِي إِلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبِيِّكَ، وَهَذِهِ أَيْدِينَا إِلَيْكَ بِالذُّنُوبِ، وَنَوَاصِينَا إِلَيْكَ بِالتَّوْبَةِ، فَاسْقِنَا الْغَيْثَ"(129)(2/ 398).
•
التوسل بالطاعة المطلقة:
النوع الخامس: التوسل بطاعة تعم المتوسل وغيره.
ومن أمثلته: ما في " كبير الطبراني " من طريق فضال بن جبير المجمع على ضعفه عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً: " أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَبِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَكَ، وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ؛ أَنْ تَقْبَلَنِي فِي هَذِهِ الْغَدَاةِ وَفِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ، وَأَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ بِقُدْرَتِكَ"(130).
(128) رواه البخاري (2/ 494/ 1010) عن أنس.
(129)
صحيح: أخرجه الزبير بن بكار في " الأنساب "؛ كما قال الحافظ في " الفتح "(2/ 497)، وسكت عليه، وأشار إلى ثبوته الألباني في " التوسل: أنواعه وأحكامه " [ص:62]، والله أعلم.
(130)
ضعيف جداً: أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير "(8/ 316 - 317/ رقم: 8027) من طريق هشام =
ومنها: ما رواه أحمد وابن ماجه عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه علم الخارج إلى الصلاة أن يقول في دعائه:«وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا، وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، وَلَكِنْ خَرَجْت اتِّقَاءَ سَخَطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ» (131).
=
ابن هشام الكوفي ثنا فضال بن جبير عن أبي أمامة الباهلي؛ قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح وأمسى دعا بهذه الدعوات: «اللَّهُمَّ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ ذُكِرَ، وَأَحَقُّ مَنْ عُبِدَ، وَأنْصَرُ مَنْ ابْتُغِي، وَأَرْأَفُ مَنْ مَلَكَ، وَأجْوَدُ مَن سُئِلَ، وَأوسعُ من أعطى، أَنْتَ الْمَلِكُ لَا شَريكَ لَكَ، وَالفَرْدُ لَا تَهْلَكُ، كُلّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهُك، لَنْ تُطَاعَ إِلَّا بِإذْنِكَ، وَلَنْ تُعْصَى إِلَّا بِعِلْمِكَ، تُطَاعُ فَتَشْكُرُ، وَتُعْصَى فَتَغْفِرُ، أَقْرَبُ شَهيدٍ، وَأدْنَى حَفِيظ، حِلْتَ دُونَ الثُّغُورِ، وَأَخَذْتَ بِالنَّواصِي، وَكَتَبْتَ الآثَارَ، وَنَسَخْتَ الآجَالَ، القُلُوبُ لَكَ مُفْضِيَّةٌ، وَالسِّرُّ عِنْدَكَ عَلَانِيَّةٌ، الْحَلالُ مَا أَحْلَلَتَ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمْتَ، والدِّينُ مَا شَرَّعْتَ، وَالأمْرُ مَا قَضَيْتَ، وَالْخَلْقُ خَلْقُكَ، وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ، وَأَنْتَ اللهُ الرءوفُ الرَّحيم، أَسأَلُكَ
…
» فذكره.
قال الهيثمي (15/ 117): " وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف مجمع على ضعفه ".
وقال الألباني في " المصدر السابق "(ص 101 - 102): " بل هو ضعيف جداً، اتهمه ابن حبان؛ فقال- في " المجروحين " (2/ 204) -: " شيخ يزعم أنه سمع أبا أُمامة يروي عنه ما ليس من حديثه، لا يحل الاحتجاج به بحال، يروي أحاديث لا أصل لها ".
قلتُ: وهشام بن هشام الكوفي لم أجد ترجمته فيما تيسر لي من المصادر؛ فالله أعلم.
(131)
ضعيف: أخرجه أحمد (3/ 21 - مصورة المكتب)، وابن ماجه (778)، وابن السني (85) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي به. وسنده ضعيف، وفيه علتان:
الأولى: فضيل بن مرزوق ضعفه جماعة كما في " المجروحين "، و " الميزان "، و " ديوان الضعفاء "، و " التقريب " وغيرها.
والأخرى: عطية العوفي، وقد سبق تضعيفه في الحديث المخرج برقم (65).
وللحديث شاهد أخرجه ابن السني (84) عن بلال رضي الله عنه، وفيه الوازع بن نافع =
ومنها: ما رواه محمد بن عوف عن جابر في دعاء الأذان مرفوعاً: «اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ» (132)، وعطية العوفي ضعفوه، وأطال
=
العقيلي " متفق على ضعفه وأنه منكر الحديث "، كما قال النووي في " الأذكار " [ص:25]، فلا يصلح جابراً له ولا يصح الاستشهاد به، كما لا يخفى على طلاب هذا العلم وأهله.
انظر: " ترغيب المنذري "(3/ 272)، و " أذكار النووي "، و " مجموع فتاوى ابن تيمية "(1/ 288 و240)، و " اقتضاء الصراط المستقيم " [ص:418] أيضاً، و " ضعيفة الألباني "(24)، و " التوسل "(ص 94 - 101) له أيضاً، والله الموفق.
(132)
شاذ بهذا اللفظ: أخرجه البيهقي في " سننه الكبرى "(1/ 410)، و " السنن الصغير "(1/ 124/ 296) من طريق محمد بن عوف حدثنا عليّ بن عياش عن شُعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدرعن جابر مرفوعاً.
قلتُ: ومحمد بن عوف- وهو ابن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي- وإنْ " وثقه غير واحد وأثنوا على معرفته ونبله " كما في " تذكرة الذهبي "(2/ 583)، بل هو " ثقة حافظ " كما في " تقريب ابن حجر "(3/ 197)، فلفظ حديثه شاذ مخالف للفظ المحفوظ «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ» الذي تتابع عليه جماعة من الحفاظ الثقات الأثبات في روايته عن علي بن عياش، منهم:
1 -
الإِمام أحمد: في " المسند " و " سنن أبي داود ".
2 -
البخاري: في " صحيحه "، وفي " شرح السنة " للبغوي.
3 -
عمرو بن منصور: في " سنن النسائي "، و " عمل اليوم والليلة " لابن السني.
4 -
محمد بن يحى: عند " ابن ماجه " وابن حبان في " صحيحه ".
5 و 6 - العباس بن الوليد الدمشقي، ومحمد بن أبي الحسين، عند ابن ماجه في " سننه " أيضاً.
7 -
موسى بن سهل الرملي: عند ابن خزيمة في " صحيحه ".
8 و 9 - محمد بن سهل بن عسكر البغدادي وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: عند الترمذي.
10 -
محمد بن مسلم بن وارة: عند ابن أبي عاصم في " السنة "(826).
وانظر: " إرواء الغليل "(1/ 261) للألباني. 302
السهسواني في " صيانة الإِنسان " القول في تعليل حديثه هذا، ومحمد بن عوف فيه مقال.
فلم تسلم الأحاديث الثلاثة من الطعن.
وتأول التقي ابن تيمية حديث عطية- على فرض صحته- بأن حق السائلين لله الإِجابة، وحق العابدين له الإِثابة، فسؤاله بهذا الحق سؤال له بأفعاله، كالاستعاذة بمعافاته في حديث:«اللَّهُمَّ! إنِّي أعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وبِمُعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ أَنْت كَمَا أثْنَيْتَ على نَفْسِكَ» . أخرجه مسلم عن عائشة (133) رضي الله عنها، وهذا الحق أوجبه على نفسه تفضلًا منه ورحمة، فقال:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ] [الروم: 47]، {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 103]، {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} [التوبة: 111]، بسط هذا التأويل في " رده على البكري " [ص:43]، وعرج عليه في " رسالة التوسل والوسيلة " [ص:49].
وتأول السهسواني حديث محمد بن عوف في " صيانة الإِنسان " بقوله: " إن
=
(تنبيه):
تصحّف " محمد بن عوف " في مطبوعة " الفتح "(2/ 95) إلى " محمد بن عون "! فظن السهسواني في " صيانة الإنسان "(ص 202 - ط 5) أنه الخراساني، فنقل من " ميزان الذهبي " قول الشائي فيه:" متروك "، وقول البخاري:" منكر الحديث "، وقول ابن معين:" ليس بشيء "!
وقد تابعه المؤلف- عفا الله عنا وعنهما- على هذا الوهم كما ترى، والله الموفق الهادي إلى الصواب.
(133)
أخرجه مسلم (1/ 352/ رقم: 486) عن عائشة؛ قالت: فقدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً من الفِراش، فالتمسته، فوقعتْ يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ
…
» الحديث.