الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمحبة في الله أن تحب من يحبه الله، والله يحب المحسنين والمتقين والتوَّابين والمتطهِّرين، وإذن تكون محبة غير الله من معنى محبة الله مقوية لها غير متنافية معها، والمحبة مع الله أن يتعلق قلبك بسواه، فتغفل عن الله، وتتوجه إلى غيره بالرغبة والرهبة، فتكون محبتك هذه مغنية عن محبة الله منافية لها؛ فالمحبة في الله محمودة متعدية إلى كل داع إلى الله من الأنبياء المرسلين والأولياء الصالحين والعلماء العاملين، وهذه الحالة هي التي في كلام الحافظ، والمحبة مع الله ذميمة حاملة لكل ما في الشرك من مساوئ وأضرار.
•
ما جاء في المحبة:
وقد جاء في الكتاب والسنة عطف الرسول على الله في المحبة؛ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].
وفي " الصحيحين " عن أنس رضي الله عنه؛ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ؛ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمّا سِواهُما، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الْكُفْرِ كَما يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ» (103).
ومعنى محبة المرء لله أو في الله: أن لا تحبه لطمع في الدنيا؛ كما ذكره في " طبقات الحنابلة " عن أحمد [ص:33]، بل تحبه لما عليه من الهدى والاستقامة.
(103) رواه البخاري (1/ 60/ 16)، ومسلم (1/ 66/ 43) عن أنس.
وفي " الدر المنثور " من رواية ابن أبي حاتم، وأبي نعيم في " الحلية "، والحاكم، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ الذَّرِّ عَلَى الصَّفَا فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَأَدْنَاهُ أَنْ يُحِبَّ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْجَوْرِ، وَيُبْغِضَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْعَدْلِ، وَهَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {قلْ إِنْ كنْتمْ تحِبّونَ اللهَ فَاتّبِعونِي يُحْبِبْكمُ اللهُ} [ال عمران: 31]» (104)(2/ 17).
قال الحافظ في " الفتح ": " وقد اختلف في سبب نزول الآية " فأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن البصري، قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله، فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقاً من عمل، فأنزل الله هذه الآية، وذكر الكلبي في " تفسيره " عن ابن عباس أنها نزلت حين قال اليهود:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]، وفي " تفسير " محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير: نزلت في نصارى نجران؛ قالوا: إنما نعبد المسيح حبّاً لله وتعظيماً له، وفي " تفسير " الضحاك عن ابن عباس؛ أنها نزلت في قريش، قالوا: إنما نعبد
(104) ضعيف: أخرجه ابن أبي حاتم- كما في " تفسير ابن كثير "(2/ 29) -، وأبو نعيم في " الحلية "(8/ 368 و9/ 253)، والحاكم في " المستدرك "(2/ 291) من طريق عبد الأعلى بن أعين، عن يحى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة به.
وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرّجاه "! وتعقبه الذهبي في " التلخيص " بقوله:
" قلتُ: عبد الأعلى، قال الدارقطني: ليس بثقة ".
وفي " الميزان "(2/ 529): " قال العقيلي: جاء بأحاديث منكرة ليس منها شيء محفوظ "، ثم ساق هذا الحديث من منكراته، وقال ابن حبان في " المجروحين " (2/ 156):" يروي عن يحى ابن أبي كثير ما ليس من حديثه، لا يجوز الاحتجاج به بحال ".
قلتُ: وله علّة أخرى، وهي عنعنة ابن أبي كثير، فقد كان يدلس كما في " التقريب " وغيره.