الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما كان إبليس عدوّاً لنا لهذا، وكانت الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها ".
•
عناية السلف بالأمر والنهي:
وقد مرَّ في كلام النووي التنبيه على عناية السلف بهذا الواجب الديني الاجتماعي، وعدم مبالاتهم في تنفيذه بالأمراء، ومواقفهم في هذا الباب لا يتسع لها كتاب، ولكني أقتصر منها على قصتين:
•
سعيد بن المسيب والدولة الأموية:
إحداهما: عن المطلب بن السائب، قال:" كنت جالساً مع سعيد بن المسيب في السوق، فمر بريد لبني مروان، فقال له سعيد: من رسل بني مروان أنت؟ قال: نعم. قال: كيف تركت بني مروان؟ قال: بخير. قال: تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب؟ فاشرأب الرسول، فقمت إليه، فلم أزل أرجيه حتى انطلق. فقلت لسعيد: يغفر الله لك! تشيط بدمك؟ فقال: اسكت يا أحيمق، فوالله، لا يسلمني الله ما أخذت بحقوقه ". ذكرها الذهبي في " تذكرة الحفاظ "(1/ 52).
•
الأوزاعي والأمير العباسي:
ثانيتهما: عن الفريابي؛ قال: " اجتمع سفيان والأوزاعي وعباد بن كثير بمكة، فقال سفيان: يا أبا عمرو! حدثنا حديثك مع عبد الله بن علي عم السفاح. فقال: لما قدم الشام، وقتل بني أمية، جلس يوماً على سريره وعبى أصحابه أربعة أصناف: صنف بالسيوف المسللة، وصنف معهم الجزرة، وصنف معهم الأعمدة، وصنف معهم الكافركوب، ثم بعث إلي، فلما صرت إلى الباب، أنزلوني عن دابتي، وأخذ اثنان بعضدي، وأدخلوني بين الصفوف،
حتى أقاموني بحيث يسمع كلامي، فقال لي: أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي؛ قلت: نعم؛ أصلح الله الأمير. قال: ما تقول في دماء بني أمية؛ قلت: قد كان بينك وبينهم عهود، وكان ينبغي أن يفوا بها. قال: ويحك! اجعلني وإياهم لا عهد بيننا. فأجهشت نفسي، وكرهت القتل، فذكرت مقامي بين يدي الله، فلفظتها، فقلت: دماؤهم عليك حرام. فغضب، وانتفخت أوداجه، واحمرت عيناه، فقال لي: ويحك! ولم؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: ثَيِّبٌ زَانٍ، وَنَفْسٌ بِنَفْسٍ، وَتَارِكٌ لِدِينِهِ» (246). قال: ويحك! أوليس الأمر لنا ديانة؟ قلت: كيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي؟ قلت: لو أوصى إليه، لما حكم الحكمين. فسكت وقد اجتمع غضباً، فجعلت أتوقع رأسي يسقط بين يدي، فقال بيده هكذا (أومى أن أخرجوه). فخرجت، فما أبعدت؛ حتى لحقني فارس، فنزلت، وقلت وقد بعث ليأخذ رأسي: أصلي ركعتين. فكبرت، فجاء وأنا أصلي، فسلم وقال: إن الأمير بعث إليك هذه الدنانير. قال: ففرقتها قبل أن أدخل بيتي ". عن " تذكرة الحفاظ " (1/ 171).
(246) صحيح: روي من حديث ابن مسعود وعائشة وعثمان رضي الله عنهم.
1 -
أما حديث ابن مسعود، فأخرجه البخاري (12/ 201/ 6878)، ومسلم (3/ 1302 - 1303/ 1676) وغيرهما.
2 -
وأمّا حديث عائشة، فأخرجه مسلم (1676)، وأبو داود (2/ 219)، والنسائي (7/ 91 و 101 - 102).
3 -
وأمّا حديث عثمان؛ فأخرجه أبو داود (4502)، والترمذي (6/ 372 - 373/ 2247)، وقال:" حديث حسن "، والنسائي (7/ 91 - 92 و103 و104)، وابن ماجه (2533) وغيرهم.