الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤمنين ثم الكافرين.
وعلى كل حال هي حياة غيبية لا تشبه حياتنا الدنيا، فلا معاملة بيننا وبينها بالبيع والإِجارة والنكاح، ولا تكلف مثلنا بالعبادات، وصلاة الأنبياء في قبورهم هي لذة روحانية.
وفي " شرح الطحاوية ": أن الأرواح في البرزخ متفاوتة أعظم تفاوت، وأن الله ركب هذا الإِنسان من بدن ونفس، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان والأرواح تبعاً لها، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبعاً لها، فإذا كان البعث، كان النعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعاً، وأن للروح بالبدن خمس حالات: تعلقها بالجنين، ثم بالمولود، ثم بالنائم، ثم بالميت في البرزخ، ثم بالمبعوث من القبر. هذا خلاصة كلامه (ص 329 - 333).
•
عطايا الزوار:
وأما عطايا الزوار؛ فما يعطى منها على استكشاف الغيب هو من حلوان الكاهن حرام؛ كما تقدم في فصل الكهانة، وما يعطى منها قصد استجلاب النفع من المزور واستدفاع الضر به في الدين أو في الدنيا هو رشق في الدين، وسحت في لغة القرآن.
قال الراغب: " السحت: المحظور الذي يلزم صاحبه العار؛ كأنه يُسحت دينه ومروءته ".
قال تعالى: {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42]، وأصل السحت: القشر الذي يستأصل.
ثم لا نعلم من هؤلاء المزورين إلا من يستشرف لما في أيدي الزائرين.
وقد ورد المنع من سؤال ما في أيدي الناس تصريحاً أو تلويحاً إلا لضرورة، وجاء الحث على العمل والاكتساب.
أما التهادي للمحبة وإصلاح ذات البين؛ فمشروع.
1 -
عن عمر رضي الله عنه؛ أنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْطِيهِ الْعَطَاءَ، فَيَقُولُ لَهُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي. فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: «خُذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هذَا الْمَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لَا، فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» (182). رواه الشيخان.
والإِشراف على الشيء الرغبة فيه والحرص عليه.
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا؛ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا؛ فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» (183). أخرجه أحمد ومسلم وابن ماجه.
3 -
وعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ؛ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَالَ: «مَا يُغَدِّيهِ أَوْ يُعَشِّيهِ» (184). أخرجه أحمد وأبو داود وابن حبان.
4 -
وعن أنس؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال: «الْمَسْأَلَةُ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ
(182) أخرجه البخاري (3/ 337/ 1473)، ومسلم (2/ 723/ 1045) من حديث عمر.
(183)
أخرجه أحمد (2/ 231)، ومسلم (2/ 720/ 1041)، وابن ماجه (1838) من حديث أبي هريرة.
(184)
صحيح: أخرجه أحمد (4/ 180 - 181)، وأبو داود (1/ 258)، وابن حبان (2/ 302 - 304 / رقم: 545 و8/ 187 - 188/ رقم: 3394) من طرق عن ربيعة بن يزيد عن أبي كبشة السلولي عن سهل بن الحنظلية مرفوعاً به.
وهذا سند صحيح، رجاله ثقات مترجم له في " التقريب "، وقد صححه ابن حبان وأورده الألباني في " صحيح [أبي داود "(1425)، و " الجامع الصغير "(6156)].
مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ» (185). أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
و (المدقع): الشديد من الإِدقاع، وهو اللصوق بالدقعاء؛ أي: الأرض الجرداء. و (الغرم المفظع): المال الكثير يلزمه الرجل في سبيل إصلاح بين الناس. و (الدم الموجع): الدية يتحملها المرء عن قريبه كي لا يقتل.
5 -
وفي " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ: خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ» (186).
(185) ضعيف: أخرجه أحمد (3/ 114)، وأبو داود (1/ 260 - 261)، وابن ماجه (2198) من طريق الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك مرفوعاً به.
وهذا سند ضعيف، أبو بكر الحنفي " لا يعرف حاله "، كما في " التقريب "(1/ 463)، وبه أعله ابن القطان ونقل عن البخاري؛ أنه قال:"لا يصح حديثه " كما في " التلخيص الحبير "(3/ 15/ 1165)، والله أعلم.
" تنبيه ": وأمّا عزو المؤلف- عفا الله عنا وعنه- حديث أنس هذا للترمذي فهو وهم منه، وانظر:" الترغيب "(2/ 143/ 1199) للمنذري. نعم، أخرج الترمذي (3/ 318 - 319/ 648 و649) من طريق مجالد عن عامر عن حُبشي بن جُنادة السلولي مرفوعاً:«إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ بِهِ مَالَهُ كَانَ خُمُوشاً فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الِقِيَامَةِ وَرَضْفاً يَأْكُلُهُ مِنْ جَهَنَّمَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُقِلَّ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ» .
وقال: " هذا حديث غريب من هذا الوجه ".
قلت: لأن في سنده مجالداً وهو ضعيف.
(186)
رواه البخاري (3/ 335/ 1470)، ومسلم (2/ 721/ 1042) من حديث أبي هريرة.
6 -
وعن عائشة عنه صلى الله عليه وسلم: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» (187). أخرجه الطبراني في " الأوسط "، والحربي في " الهدايا "، والعسكري في " الأمثال "، ووردت في معناه
(187) حسن: روي عن جماعة من الصحابة؛ منهم:
1 -
أبو هريرة: أخرج حديثه البخاري في " الأدب المفرد "(594)" بسند جيّد "؛ كما قال العراقي في " تخريج الإِحياء "(2/ 40)، وقال الحافظ في " التلخيص " (3/ 70):" إسناده حسن ".
2 -
عائشة: أخرجه الطبراني في " الأوسط " - كما في " الكشف " تبعاً لـ " المقاصد " - وإسناده ضعيف جداً، فيه المثنى أبو حاتم- وهو ابن بكر العبدي العطار البصري- متروك كما قال الدارقطني.
وقال الهيثمي في " المجمع "(4/ 146): " وفيه المثنى أبو حاتم ولم أجد من ترجمه! وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم كلام ". وأورده عنها بلفظ: «تَهَادَوْا تَزْدَادُوا حُبًّا» ، وقال:" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه المثنى أبو حاتم ولم أجد من ترجمه وكذلك عبيد الله بن العيزار ". وانظر: " التلخيص " للحافظ، و " الإِرواء "(6/ 45) للألباني.
3 -
ابن عمرو: أخرجه الحاكم في " علوم الحديث "[ص:80] عنه.
4 -
ابن عمر: رواه أبو القاسم الأصبهاني في كتابا الترغيب والترهيب " - كما في " نصب الراية " (4/ 121) - من حديث إسماعيل بن إسحاق الراشدي ثنا محمد بن داود بن عبد الجبار عن أبيه عن العوام بن حوشب عن شهر بن حوشب عنه مرفوعاً.
وهذا إسناد ضعيف- كما قال ابن طاهر في كلامه على أحاديث " الشهاب "، كما في " نصب الراية " (4/ 120) - بل ضعيف جداً: داود بن عبد الجبار- لعله الكوفي المؤذن- تركوه كما في " ديوان الضعفاء " للذهبي، وشهر ضعيف، والله أعلم.
5 -
عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني (التابعي الصغير): أخرجه مالك في " الموطأ "(4/ 364 - 365/ 1750) عنه مرسلاً، ثم هو " صدوق يهم كثيراً "؛ كما في " التقريب ".
وفي الباب أحاديث أخر وآثار بمعناه تنظر في " مجمع الزوائد "(4/ 146 - 147)، و " المقاصد الحسنة "(352)، و " إرواء الغليل "(6/ 44 - 47/ 1601)، و " كشف الخفاء "(1/ 381 - 382).