الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْكُمُونَ} [الأنعام: 136].
قال البغوي: " كان المشركون يجعلون لله من حروثهم وأنعامهم وثمارهم وسائر أموالهم نصيباً، وللأوثان نصيباً؛ فما جعلوه لله، صرفوه إلى الضيفان والمساكين، وما جعلوه للأصنام، أنفقوه على الأصنام وخدمها؛ فإن سقط شيء مما جعلوه لله في نصيب الأوثان، تركوه، وقالوا: إن الله غني عن هذا، وإن سقط شيء من نصيب الأصنام فيما جعلوه لله؛ ردوه إلى الأوثان، وقالوا: إنها محتاجة، وكان إذا هلك أو انتقص شيء مما جعلوه لله، لم يبالوا به، وإذا هلك أو انتقص شيء مما جعلوا للأصنام، جبروه بما جعلوا لله ".
•
الفرع:
ومن نسائكهم التي كانوا ينسكونها الفرع و
العتيرة:
أما الفرع، فهو بفتحتين، والفرعة مثله، وهو أول نتاج من الإِبل والغنم؛ يقال: أفرع القوم: إذا ذبحوا الفرع، يتقربون بهذا الفرع لآلهتهم، يطلبون البركة [به] في مواشيهم؛ كما نقله الحافظ في " الفتح " عن الشافعي (9/ 491)، ويرون في جلده من البركة نحو ما يراه عوامنا اليوم في جلد الأضحية، كما يؤخذ من أشعارهم.
• العتيرة:
وأما العتيرة، ففعيلة من العتر، تقول: عتر يعتر عتراً؛ وزان ضرب يضرب ضرباً: إذا ذبح العتيرة، وتسمى الرجبية أيضاً، لذبحها في رجب؛ يقولون: هذه أيام ترجيب وتعتار، وهي العشر الأول من رجب كما في " الفتح "، ينذر أحدهم لصنمه هذه العتيرة، فيقول: إن بلغ الله غنمي مئة؛ ذبحت منها واحدة- كما في " الزوزني على المعلقات " -، وإن رزقني الله مئة شاة، ذبحت عن كل عشر
شاة في رجب- كما في " شرح المعلقات " للتبريزي-، وربما ضن الناذر بالشاة المنذورة، فيصطاد مكانها ظبياً.
قال الحارث بن حلزة في " معلقته ":
عَنَنًا بَاطِلًا وَظُلْمًا كَمَا تَعْـ
…
ـتَرُّ عَنْ حُجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّبَاءُ
و (العنن)؛ بنونين: الاعتراض من عن يعن، و (الحجرة): الناحية، وهي هنا موضع الغنم، و (الربيض): جماعة الغنم ومكانها، يقال فيه: ربض، والمعنى: إنكم تطالبوننا بذنوب غيرنا كما ذبح أولئك الظباء عن الشياه.
وكان من أصنامهم نهم- بضم فسكون- يسدنه رجل يسمى خزاعي بن عبد نهم من مزينة، فلما سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثار إلى الصنم، فكسره، وأنشأ يقول:
ذَهَبْتُ إِلَى نُهْمٍ لِأَذْبَحَ عِنْدَهُ
…
عَتِيرَةَ نُسْكٍ كَالَّذِي كُنْتُ أَفْعَلُ
فَقُلْتُ لِنَفْسِي حِينَ رَاجَعْتُ عَقْلَهَا
…
أَهَذَا إِلَهٌ أَبْكَمٌ لَيْسَ يَعْقِلُ
أَبَيْتُ فَدِينِي الْيَوْمَ دِينُ مُحَمَّدٍ
…
إِلَهُ السَّمَاءِ الْماجِدُ الْمُتَفَضِّلُ
وقال أحد الكلبيين وقد مر بصنم يدعى سعيراً بالتصغير:
نَفَرَتْ قَلُوصِي مِنْ عَتَائِرَ صُرِّعَتْ
…
حَوْلَ السُّعَيْرِ تَزُورُهُ ابْنَا يَقْدُمِ
وجُمُوعُ يُذْكَرُ مُهْطِعِينَ جَنَابَهُ
…
مَا إِنْ يَحِيرُ إِلَيْهِمُ بِتَكَلُّمِ
هذه ضروب من عبادة العرب لأصنامهم؛ تجد شواهدها وتفاصيلها في " كتاب الأصنام " لابن الكلبي، و " سيرة ابن هشام "، و " أخبار مكة " للأزرقي، وقد أفاض ابن النديم في " الفهرست " القول في عبادة الكلدانيين، فاستغرقت أكثر من عشر صفحات (442 - 456).