الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعاملون بما فيه " (1/ 26).
فمن حمل القرآن هذا الحمل؛ فهو من المنعم عليهم، يحق له الفخر بنعمته على معنى الشكر لها، وإلا؛ فقد قال سهل التستري:" اجتنب محبة ثلاثة أصناف من الناس: الجبابرة الغافلين، والقراء المداهنين، والمتصوفة الجاهلين "، نقله في " الحاوي "(2/ 310).
وأغلب طلبة القرآن اليوم لا يطلبون من قراءته إلا حفظ ألفاظه، ولا يعنيهم من حفظهم إلا الارتزاق بكتابتها للمرضى وسردها على الموتى، وكثيراً ما سمعنا الآباء الذين تكون بأبنائهم علة لا يستطيعون معها إذا كبروا مباشرة الأعمال الشاقة؛ يقول أحدهم: ما بقي لابني إلا قراءة القرآن يكتسب قوته.
•
كتابة القرآن للمرضى وقراءته على الموتى:
فأما كتابة القرآن للمرضى؛ فقد تقدم في فصل التميمة قول أبي بكر بن العربي: " وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق ".
وأما قراءته على الموتى بأجرة، فإن العلماء اختلفوا في هبة المطيع ثواب طاعته لغيره، ولم يختلفوا في منع بيع الثواب لعدم تيقنه، ولا في سقوط الثواب عند قصد العامل إلى الأجرة.
ففي " إعلام الموقعين " عند الكلام على القراءة: " والناس لهم قولان: أحدهما: أن القراءة لا تصل إلى الميت، فلا فرق بين أن يقرأ عند القبر أو بعيداً منه عند هؤلاء. والثاني: أنها تصل، ووصولها فرع حصول الثواب للقارئ، ثم
=
في " فضائل القرآن "(ق 11/ 2) - كما في " الصحيحة "(4/ 169) و " صحيح الجامع الصغير "(2195) - بإسناد ضعيف.
وله شواهد أخر أوردها السيوطي في " اللآلئ "(1/ 150 - 153)، وبالله التوفيق.
ينتقل منه إلى الميت؛ فإذا كانت قراءة القارئ ومجيئه إلى القبر إنما هو لأجل الجعل لم يقصد به التقرب إلى الله؛ لم يحصل له الثواب، فكيف ينتقل عنه إلى الميت وهو فرعه؛ وانتفاعه بسماع القرآن مشروط بحياته، فلما مات، انقطع عمله كله، واستماع القرآن من أفضل الأعمال الصالحة، وقد انقطع بموته، ولو كان ذلك ممكناً، لكان السلف الطيب من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أولى بهذا الحظ العظيم لمسارعتهم إلى الخير وحرصهم عليه، ولو كان خيراً؛ لسبقونا إليه " (3/ 422).
وفي " شرح الطحاوية ": " وأما استئجار قوم يقرؤون القرآن ويهدونه للميت، فهذا لم يفعله أحد من السلف، ولا أمر به أحد من أئمة الدين، ولا رخص فيه، والاستئجار عن نفس التلاوة غير جائز بلا خلاف، وإنما اختلفوا في جواز الاستئجار عن التعليم ونحوه مما فيه منفعة تصل إلى الغير، والثواب لا يصل إلى الميت إلا إذا كان العمل لله، وهذا لم يقع عبادة خالصة؛ فلا يكون ثوابه ما يهدى إلى الموتى، ولهذا لم يقل أحد: إنه يكتري من يصوم ويصلي ويهدي ثواب ذلك إلى الميت
…
ومن قال: إن الميت ينتفع بقراءة القرآن عنه باعتبار سماعه كلام الله؛ فهذا لم يصح عن أحد من الأئمة المشهورين، ولا شك في سماعه، ولكن انتفاعه بالسماع لا يصح، فإن ثواب الاستماع مشروط بالحياة، فإنه عمل اختياري، وقد انقطع بموته، بل ربما يتضرر ويتألم لكونه لم يمتثل أوامر الله ونواهيه، أو لكونه لم يزدد من الخير " (ص 386 - 387).
وقد كانت مسألة القراءة على الموتى حديث المجالس في السنة الماضية؛ لإثارة الصحف (*) الدورية لها، حتى إنه ليتكرر عليك السؤال عنها في مجلس واحد، وكان ملخص جوابي فيها:
إن كلام الله أرفع الكلام، وإن تلاوته أفضل الأذكار، وإن الأذكار من
(*) انظر: جريدة " البصائر ": الأعداد: (16 و 17 و 18 و 19 و20 و 22 و 23 و 24 و
…
).