الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهدى ودين الحق على هؤلاء وأمثالهم، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] " (4/ 254).
•
ما جاء في الكهانة وما في حكمها:
ولنختم هذا الفصل بأخبار وأشعار في الكهانة وما في حكمها:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» (70). أخرجه أحمد ومسلم.
(70) صحيح: أخرجه أحمد (2/ 429 - المكتب الإِسلامي)، والحاكم (1/ 8) وقال:" حديث صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة أخرجه أحمد (2/ 408 و476) أيضاً، وأبو داود (2/ 157)، والترمذي (1/ 418 - 419/ 135)، وابن ماجه (639) بلفظ:" من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ".
وفي " فيض القدير "(6/ 23) للمناوي: " وقال الحافظ العراقي في " أماليه ": حديث صحيح
…
، وقال الذهبي: إسناده قوي ".
قلتُ: وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة- أشار المؤلف إلى بعضها-، منهم:
1 -
جابر رضي الله عنه، ولفظ حديثه:" من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه البزار (3/ 400/ 3045 - كشف الأستار)، وقال:" لا نعلمه يروى عن جابر؛ إلّا من هذا الوجه، ولم نسمع أحداً يحدّث به عن غسان إلَّا عقبة ".
قلتُ: هو الذي ترجمه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(6/ 311/ 1734)؛ فقال: " عقبة بن سنان بن عقبة بن سنان بن سعد بن جابر بن محمد بن محصن الهدادي بصري، روى عن غسان بن مضر وعثمان بن عثمان الغطفاني، سمع منه أبي في الرحلة الثالثة، سئل أبي عنه، فقال: صدوق ".
فالإِسناد جيد كما قال الحافظ في " الفتح "(10/ 217)، ومن قبله الحافظ المنذري في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
" الترغيب "(5/ 246/ 4388).
2 -
حديث أنس، ولفظه:" من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول؛ فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أتاه غير مصدِّقٍ له؛ لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة ".
قال الهيثمي (5/ 118): " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف، وفيه توثيق في أحاديث الرقاق، وبقية رجاله ثقات ".
وقال في " الفتح "(10/ 217): "
…
بسند ليّن .. ".
3 -
حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه مرفوعاً: " من أتى كاهناً فسأله عن شيء؛ حجبت عنه التوبة أربعين ليلة، فإن صدَّقه بما قال، كفر ".
رواه الطبراني في " معجمه الكبير "(22/ 69/ 169) بإسناد ضعيف جداً، فيه سليمان بن أحمد الواسطي " وهو متروك " كما في " المجمع "(5/ 118)، وعيسى بن سنان الشامي الفلسطيني " ضعيف "، وأبو بكر بن بشير، لعلّه الذي في " الجرح والتعديل " (9/ 342/ 1522)؛ قال:" روى عن كعب بن عجرة، روى عنه عبد الملك بن أبي جميلة، سمعت أبي يقول ذلك "، فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً!
4 -
حديث عمران بن حُصين مرفوعاً: " ليس منّا مَنْ تطيّر أو تُطُيِّر له، أو تكهَّن أو تُكُهِّن له، أو سَحَر أو سُحِر له، ومن عقد عُقدة- أو قال:- عُقد عقدة، ومن أتى كاهناً فصدّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه البزار (3/ 399 - 400/ 3044)، وقال:" قد روي بعضه من غير وجه، فأما بتمامه ولفظه؛ فلا نعلمه إلّا عن عمران بهذا الطريق، وأبو حمزة بصري لا بأس به ".
وقال الهيثمي (5/ 117): " ورجاله رجال الصحيح؛ خلا إسحاق بن الربيع وهو ثقة ".
قلتُ: لكنه من رواية الحسن- وهو البصري- عن عمران، وقد اختلفوا في سماعه منه كما في " جامع التحصيل " [ص:163] و " نصب الراية "(1/ 90) وغيرهما، فإن ثبت فعلَّته عنعنة الحسن؛ فإنه مدلس معروف بذلك، ومنه يعلم أن قول المنذري في " الترغيب "(5/ 245)، ثم الحافظ في " الفتح " (10/ 217):" بإسناد جيّد "! غير جيّد، والله أعلم.
نعم، الحديث صحيح، له شاهد رواه البزار (3/ 399/ 3043)، والطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عباس دون قوله:" ومن أتى- إلى آخره "، وفيه زمعة بن صالح وهو ضعيف؛ =
ورواه البزار عن جابر بن عبد الله مرفوعاً وعن ابن مسعود موقوفاً، والطبراني عن أنس وواثلة مرفوعاً، ذكر رواياتهم الهيثمي في " مجمع الزوائد "(5/ 117 - 118)، وأخرجه أبو داود عن أبي هريرة بنحو ما تقدم.
2 -
وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ:«لَيْسُوا بِشَيْءٍ» . فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَنَا أَحْيَانًا بِشَيْءٍ فَيَكُونُ حَقًّا! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: «تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ، يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مئَةَ كَذْبَةٍ» (71). أخرجه الشيخان، وقوله:«يَقُرُّهَا» ؛ بوزن: يردها، من القر، وهو ترديد الكلام في أذن المخاطب حتى يفهم.
3 -
وعن أبي مسعودرضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن (72). أخرجه الشيخان وغيرهما.
=
كما قال الهيثمي في " المجمع "، والجملة الأخيرة ثابتة في غير ما حديث كما سبق قريباً، والله الموفق.
5 -
أثر ابن مسعود الموقوف، وسيأتي إن شاء الله تخريجه برقم:(86).
" تنبيه ": عزو المؤلف رحمه الله تعالى حديث أبي هريرة لمسلم وهم!
نعم، أخرج في " صحيحه "(4/ 1751/ 2230) عن صفية، عن بعض أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:" مَنْ أَتى عرَّافاً فسأله عن شيءٍ، لم تُقبل له صلاة أربعين ليلةً "، والله أعلم.
(71)
أخرجه البخاري في (كتاب الطب، باب الكهانة، 10/ 216/ 5763)، ومسلم في (كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، 4/ 1750/ 2228) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(72)
أخرجه البخاري في (كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، 4/ 426/ 2237)، ومسلم في (كتاب المساقاة، باب تحريم الكلب و
…
، 3/ 1198/ 1567)، وأبو داود (2/ 102)، والترمذي (4/ 495/ 1293) وقال:" حديث حسن صحيح "، والنسائي (7/ 309)، وابن ماجه (2159) من حديث أبي مسعود رضي الله عنه.
4 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال: " الطيرة شرك، وما منا إلّا
…
ولكن الله يذهبه بالتوكل " (73). أخرجه أبو داود والترمذي، وصححه هو وابن حبان، وبين الحافظ في " الفتح " أن قوله: " وما منا " من كلام ابن مسعود (10/ 174).
5 -
وعن رويفع بن ثابت رضي الله عنه؛ أنه صلى الله عليه وسلم قال: " من ردته الطيرة
(73) صحيح: أخرجه أبو داود (2/ 158) بزيادة " ثلاثاً " بعد قوله: " الطيرة شرك "، والترمذي (5/ 238/ 1663)، وابن ماجه (3538)، وابن حبان (13/ 491/ 6122 - الإِحسان)، والحاكم (1/ 17 - 18)، وأحمد (3687 و4171 و4194) وغيرهم عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً، وقال الترمذي: " حسن صحيح
…
سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث: " وما منّا إلّا، ولكن الله يذهبه بالتوكل ". قال سليمان: هذا عندي قول عبد الله بن مسعود ". وقال الحاكم: " حديث صحيح سنده، ثقات رواته "، وأقره الذهبي، وصححه الشيخ أحمد شاكر والألباني وغيرهم.
وانظر: " الصحيحة "(430)، و " غاية المرام "(303)، و " صحيح [الجامع الصغير "(3855)، و " سنن أبي داود "(3309)، و " سنن الترمذي "(1314)، و " سنن ابن ماجه "(285)] للألباني.
" تنبيه ": قال المؤلف رحمه الله تعالى: " وبيّن الحافظ في " الفتح " (10/ 213 - طبعة دار المعرفة) أن قوله: (وما منّا
…
) من كلام ابن مسعود ".
قلتُ: يعني أنه مدرج ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم، اعتماداً على كلام سليمان بن حرب المتقدم قريباً في كلام الترمذي، وإليه مال جمع من الحفاظ كالبخاري والترمذي والمنذري وغيرهم، وذهب الحافظ ابن القطان الفاسي وغيرهُ- واختاره الألباني- أن الإِدراج دعوى لا تقبل إلّا بحجة؛ فالحديث صحيح بكامله، مرفوع بتمامه.
والمسألة تحتاج إلى مزيد بيان وتحرير وبحث؛ فلعل الله ييسر ذلك قريباً إن شاء الله تعالى، والله ولي التوفيق.