الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله " (5). أخرجه: أحمد، والحكيم الترمذي في " نوادر الأصول "، وأبو يعلى، والبيهقي في " الشعب "، كما في " الدر المنثور " للسيوطي (6/ 178).
واكتفاء المرء بمراغب جسمه يذهب ميزة إنسانيته عن بقية الحيوانات، ويلحقها بالبهائم والعجماوات، بل يضعها دون مرتبة الأنعام؛ كما قال تعالى:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 43 - 44].
•
ميل الإِنسان إلى المادة والشرك:
على أن الانقطاع لخدمة الروح والإِفراط في التعبد مما يقلّ عروضه للإِنسان، والذي يغلب عليه هو ما يتفق وجسمانيته، مما يناله الحس، ويحويه
(5) ضعيف الإِسناد: أخرجه أبو يعلى (4/ 184/ 4189)، وأحمد (3/ 266)؛ إلَّا أنه قال:" لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل ". قال الهيثمي في " المجمع "(5/ 278): " وفيه زيد العمي، وثقه أحمد وغيره، وضعفه أبو زرعة وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح ". وفي الباب عن أبي أمامة مرفوعاً: " إن لكل أمة سياحة، وإن سياحة أمتي الجهاد في سبي ْالله، وإن لكل أمة رهبانية، ورهبانية أمتي الرباط في نحر العدوّ ". أخرجه الطبراني في " الكبير "(8/ 198/ 7708).
قال في " مجمع الزوائد "(5/ 278): " رواه الطبراني، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف ".
وقال الحافظ العراقي: " سنده ضعيف "؛ كما في " تخريج الإِحياء "(1/ 266)، لكن جملة السياحة عند أبي داود (1/ 389) بسند حسن.
نعم، يغني عن هذا وذاك حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (3/ 82) بسند رجاله ثقات؛ كما قال الهيثمي (4/ 215)، ولفظه:" وعليك بالجهاد، فإنه رهبانية الإِسلام .. ". وانظر: " الصحيحة "(555).
عالم الشهادة؛ فتجد أكثر الناس فاقداً للعلم الذي يصل روحه بعالم الغيب، ومن فاته ذلك العلم؛ فإما أن ينكر الدين والعبادة فيكون دهريّاً، وإما أن يمثل معبوده في صور مادية حسية يخضع لها روحه فيكون مشركاً:
كما قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 156].
وروى أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم ذات يوم، فقال:«يا أيها الناس! اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل» . فقال له من شاء [اللهُ] أن يقول: كيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؛ قال: «قولوا: اللهم! إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه» (6). نقله ابن كثير في " تفسيره "، وذكر معه روايات أخر
(6) قويٌّ بطرقه وشواهده: روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم؛ منهم:
• أبو موسى الأشعري:
أخرج حديثه الإِمام أحمد في " المسند "(4/ 403)، وابن أبي شيبة في " المصنف " (7/ 88) عن أبي علي- رجل من بني كاهل-؛ قال: خطبنا أبو موسى الأشعري؛ فقال: يا أيها الناس! اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل؛ فقام إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب؛ فقالا: والله! لتخرجن مما قُلْتَ أو لنأتين عمر، مأذوناً لنا أو غير مأذون! قال: بل أخرج مما قلتُ، خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم؛ فقال:" .. فذكره بلفظ المؤلف ".
قال الهيثمي في " المجمع ": (10/ 223 - 224): " رواه أحمد والطبراني في " الكبير " و " الأوسط "، ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عليّ، ووثقه ابن حبان ".
• أبو بكر الصديق:
ولحديثه طريقان:
1 -
طريق يحى بن كثير، عن سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم عنه. =
في معناه (4/ 486).
وسترى إن شاء الله مصداق ميل الإِنسان إلى المادة والشرك في الفصول
=
أخرجه بنحو حديث أبي موسى أبو القاسم البغوي- كما في " تفسير ابن كثير "(4/ 57) -، وأبو نعيم في " الحلية "(7/ 112)، ويحى بن كثير ضعيف كما في " تقريب ابن حجر "، بل قال الدارقطني: متروك كما في " ديوان الذهبي ".
2 -
طريق ليث بن أبي سُليم- وهو ضعيف اختلط- تارة يرويه عن أبي محمد، عن حذيفة، عن أبي بكر رضي الله عنه؛ إمّا حضر حذيفة ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وإمّا أخبره أبو بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (فذكره).
أخرجه أبو يعلى في " مسنده "(1/ 60/ 54)، وعنه ابن السني في " عمل اليوم والليلة "(287)، وقال الهيثمي:" وأبو محمد إن كان هو الذي روى عن ابن مسعود، أو الذي روى عن عثمان بن عفان؛ فقد وثقه ابن حبان، وإن كان غيرهما؛ فلم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ". وتارة يرويه عن أبي محمد عن معقل بن يسار، قال: شهدت النبيّ صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر، أو حدثني أبو بكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: " الشرك فيكم أخفى
…
" الحديث.
أخرجه أبو يعلى (1/ 61/ 55): ثنا عمرو بن الحصين، ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن ليث به، وعمرو متروك كما قال الهيثمي. ومرة قال: أخبرني رجل من أهل البصرة؛ قال: سمعت معقل بن يسار به نحوه، أخرجه البخاري في " الأدب المفرد "(717).
• عائشة:
وستأتي روايتها إن شاء الله تعالى مخرجة برقم (104).
• ابن عباس (مختصراً بالشطر الأول فقط):
روي عنه مرفوعاً وموقوفاً؛ أمّا المرفوع، فقد أخرجه الحكيم الترمذي كما في " الجامع الصغير " للسيوطي، وأمّا الموقوف فسيأتي تخريجه برقم (34) إن شاء الله.
وخلاصة القول: أن الحديث بمجموع طرقه وشواهده- عدا التي اشتد ضعفه منها- قويّ إن شاء الله تعالى، يرتقي إلى مرتبة الحسن لغيره على الأقل كما هو مقرر في " المصطلح "؛ فلا غرو أن صححه شيخنا وجعله من نصيب كتابه:" صحيح الجامع الصغير وزيادته "(3624 و3625)، والله تعالى أعلم.