الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هدمُ القِمَم طريق مختصر لهدم الإسلام
احذر أخي المسلم الوقيعة في أهل العلم، وإلا حشرت نفسك في خندق واحد تُظاهر أعداء الإسلام الذين يحاولون تحطيم قمم الإسلام باعتبار ذلك أقصر طريق لطعن الإسلام نفسه، فلا تكونن ظهيرًا للمجرمين، واستحضر قول موسى الكليم عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم:{قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17].
إن محاولة " هدم القمم " للتوصل بذلك إلى هدم الدين وإطفاء نوره هي سياسة قديمة قِدَم الكائدين لهذا الدين:
- فمن محاولاتها الأولى: ما جرى من حديث الإفك في حق الصِّديقة بنت الصِّديق، الطاهرة البتول، المبرأة من فوق سبع سموات أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقد كان الإفك طعنة موجهة في المقام الأول إلى صاحب صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، ثم للرجل الثاني في الإسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثم لعائشة الصديقة التي حُمل عنها ربع الشريعة.
- ومن هذه المحاولات: اجتهاد أعداء السنة والتوحيد من المستشرقين وأذنابهم من الذين نافقوا في الطعن في راوية الإسلام أبي هريرة رضي الله عنه، وهو أكثر الصحابة رواية عن رسول الله، فإذا هُدم أبو هريرة رضي الله عنه؛ انهدم قسم عظيم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وهذا عين ما يقال في المحاولات الخائبة للطعن في صحيح البخاري باعتباره أصح كتاب بعد القرآن الكريم، وقد صرح بعض الدجاجلة الطاعنين في البخاري بهذا الهدف جهارًا نهارًا، فقال في جرأة يحسد عليها في سياق التعليل لاختياره " صحيح البخاري " بالذات للتشكيك في أحاديثه:(هي أن يكون الرجوع بأحاديث غيره إلى القرآن أولى وأهم باعتبار أنه عمدة المراجع لأصح الأحاديث)(1).
- ومن ذلك ما يدأب فيه الرافضة -قَبَّحهم الله، ونكَّس راياتهم- من الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتصويرهم -إلا خمسة منهم- في أشنع صورة وأقبحها، وكلما عظم بلاء الصحابي في رفع راية الإسلام ونصرته بالعلم والعمل والجهاد، عظم حظه من تطاولهم وأحقادهم، كالخلفاء الثلاثة الراشدين، والمجاهدين الفاتحين الذين أطفأوا نار المجوسية، وكسروا ظهر الكسروية، ليتوسلوا بذلك الى الطعن في هاديهم ومعلمهم ومربيهم صلى الله عليه وسلم.
ولقد فقه السلف هذه الحقيقة، وتنبهوا لمراميها البعيدة، فكشفوا عوارها، وهتكوا سترها:
فعن مصعب بن عبد الله قال:
(حدثني أبي عبدُ الله بن مصعب الزبيري قال: قال لي أمير المؤمنين المهدي: " يا أبا بكر، ما تقول فيمن تنقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ".
قال: قلت: " زنادقة "، قال:" ما سمعت أحدًا قال هذا قبلك! "، قال: قلت: " هم قوم أرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقص، فلم يجدوا أحدًا من الأمة يتابعهم
(1)" الأضواء القرآنية لاكتساح الأحاديث الإسرائيلية وتطهير البخاري منها " لسيد صالح أبو بكر ص (1).
على ذلك، فتنقصوا هؤلاء عند أبناء هؤلاء، وهؤلاء عند أبناء هؤلاء، فكأنهم قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحبه صحابة السوء، وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء! "، فقال: " ما أراه إلا كما قلت " (1).
وقال الإمام أحمد رحمه الله: " إذا رأيت أحدًا يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء؛ فاتهمه على الإسلام ".
وقال الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله تعالى:
(إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدَّى إلينا ذلك كله الصحابةُ، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرحُ بهم أولى، وهم زنادقة)(2).
فكل من أراد طعن الإسلام طعن في رموزه وحَمَلة شريعته، والذابين عن حوزته:
قال الإمام يحيى بن معين رحمه الله: " إذا رأيت الرجل يتكلم في حماد بن سلمة، وعكرمة مولى ابن عباس؛ فاتهمه على الإسلام ".
وقال الإمام أحمد رحمه الله: " إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام؛ فإنه كان شديدًا على المبتدعة ".
وقال أسود بن سالم: " كان ابن المبارك إمامًا يقتدى به، كان من أثبت الناس في السنة؛ إذا رأيت رجلاً يغمز ابن المبارك؛ فاتهمه على الإسلام ".
(1)" تاريخ بغداد "(10/ 174).
(2)
" فتح المغيث "(3/ 101).
وقال سفيان بن وكيع: " أحمد عندنا محنة، من عاب أحمد فهو عندنا فاسق "، وقيل:" أحمد محنة به يُعرف المسلم من الزنديق ".
وقال الدورقي: " من سمعته يذكر أحمد بن حنبل بسوء؛ فاتهمه على الإسلام ".
أضحى ابن حنبل محنة مأمونة
…
وبحب أحمد يُعرف المتنسكُ
وإذا رأيت لأحمد متنقصًا
…
فاعلم بأن ستوره ستُهتكُ
- ومن ذلك: حرص الأبواق المنافقة على الطعن في المجددين الذين بعثوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذبوا عن دعوة التوحيد كشيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وغيرهم من المجددين إلى يومنا هذا.
فمن وافق القوم في تطاولهم على رموز الإسلام، فقد أعانهم من حيث يدري أو من حيث لا يدري على تحقيق غاياتهم الخبيثة، وشمَّت بنا أعداء الدين، و:
كل المصائب قد تمر على الفتى
…
وتهون غير شماتة الأعداء
وقال هارون لأخيه موسى عليه السلام: {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ} [الأعراف: 150]، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ باللهِ تعالى من " شماتة الأعداء "(1).
وعن أيوب قال: مرض أبو قلابة بالشام، فعاده عمر بن عبد العزيز، وقال:" يا أبا قلابة! تشدَّد لا يشمت بنا المنافقون "(2).
* * *
(1) رواه البخاري رقم (6616)(11/ 513).
(2)
" تذكرة الحفاظ "(1/ 94).