الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من الغيبة، والترغيب في حفظ اللسان، قال تعالى:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45] وقال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
الخامس: استحضار حال المغتاب يوم القيامة:
وكيف تُحبطُ الغيبة حسناتِهِ، وتُذْهبها أحوجَ ما يكون إليها، حيث تنقل حسناته يوم القيامة إلى من اغتابه بدلاً عما استباحه من عرضه، فإن لم تكن له حسنات؛ نُقل إليه من سيئات خصمه، فأدنى عواقب الغيبة أن تنقص من ثواب أعماله، وذلك بعد المخاصمة، والمطالبة، والسؤال والجواب، والحساب.
قال الشاعر:
وأعقلُ الناسِ من لم يرتكب سببًا
…
حتى يُفَكِّرَ ما تجني عواقبه
آخر:
وأحزم الناسِ من لو مات من ظمإ
…
لا يقرب الوِرْدَ حتى يعرفَ الصَّدَرا
قال رجل للحسن: " بلغني أنك تغتابني "، فقال:" لم يبلغ قدرك عندي أن أحكِّمك في حسناتي "(1).
وقال رجل للفضيل بن عياض: " إن فلانًا يغتابني "، فقال:" قد جلب لك الخير جلبًا "(2).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: " لولا أني أكره أن يُعْصى الله، لتمنيت أن لا يبقى أحد في المِصْر إلا اغتابني، أي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في
(1)" الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي (16/ 336).
(2)
" حلية الأولياء "(8/ 108).
صحيفته لم يعمل بها؟! " (1).
وروي عن الحسن أن رجلاً قال: " إن فلانًا قد اغتابك "، فبعث إليه طبقًا من الرطب، وقال:" بلغني أنك أهديت إليَّ حسناتك، فأردت أن أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام "(2).
وكتب أشهب بن عبد العزيز إلى رجل كان يقع فيه: " أما بعد: فإنه لم يمنعني أن أكتب إليك أن تتزايد مما أنت فيه إلا كراهية أن أعينك على معصية الله، واعلم أني أرتع في حسناتك ما ترعى الشاة الخضر، والسلام "(3).
وذكر عن إبراهيم بن أدهم أنه قال: " يا مكذب! بخلت بدنياك على أصدقائك، وسخوت بآخرتك على أعدائك، فلا أنت فيما بخلت به معذور، ولا أنت فيما سخوت به محمود "(4).
عن جعفر بن محمد قال: " إذا بلغك عن أخيك ما يسوؤك، فلا تغتم، فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عُجِّلت، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها "(5).
وقيل لعمرو بن عبيد: " لقد وقع فيك فلان حتى رحمناك "، قال:" إياه فارحموا "(6).
(1) رواه البيهقي في " الشعب "(5/ 305).
(2)
" تنبيه الغافلين "(1/ 176).
(3)
" ترتيب المدارك "(1/ 450).
(4)
" تنبيه الغافلين "(1/ 177).
(5)
" سير أعلام النبلاء "(6/ 264).
(6)
" الجامع لأحكام القرآن "(16/ 336).