الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خيره " (1).
الصورة الثانية:
موقف من يغالون في أئمتهم وعلمائهم ومشائخهم غلوًّا يقطعهم عن رؤية زلتهم، فضلاً عن الحذر منها، وكأنهم اقتبسوا شعلة من نور العصمة التي لا تنبغي إلا لنبي، وقد قيل:" حبك الشيء يعمي ويصم "، وقال ابن مسعود رضي الله عنه:" ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً، إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر "(2).
وقال الإمام أحمد رحمه الله: " لا تقلد دينك الرجال، فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا ".
وهاك صورًا من الغلو في العلماء:
فمن ذلك قول بعضهم: " نظرة عندنا من أحمد -أي: ابن حنبل- تعدل عبادة سنة ".
وقول آخر: " عندنا بخراسان يظنون أن أحمد بن حنبل لا يشبه البشر، يظنون أنه من الملائكة ".
وقال شيخ السلمي له: " من قال لأستاذه: لم؟ لم يفلح أبدًا "(3).
وحكى الشيخ سليمان بن يوسف بن مفلح أحد أعلام الشافعية رحمه الله عن نفسه، فقال:(كنت إذا سمعت شخصًا يقول: " أخطأ النووي "، أعتقد أنه كفر)(4).
(1)" البداية والنهاية "(9/ 275).
(2)
" جامع بيان العلم " رقم (1882) ص (988).
(3)
انظر هامش رقم (3) ص (240).
(4)
" الدر الكامنة "(2/ 261).
فأين هؤلاء من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " لا تعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أهله ".
قال الإمام ابن القيم: " اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يُلتفت الى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله، ولم يظهر في الأمة إلا بعد إنقراض القرون الفاضلة " اهـ (1).
وقال ابن المبارك رحمه الله لمناظريه في الكوفة في النبيذ المختلف فيه لما احتجوا بأسماء بعض أهل العلم: " فقلت لهم: دعُوا عند إلاحتجاج تسمية الرجال؛ فَرُبَّ رجلٍ في الإسلام مناقبُه كذا وكذا، وعسى أن يكون منه زلة، أفلأحدٍ أن يحتج بها؟ "(2).
* * *
(1) انظر: " إعلام الموقعين "(2/ 191، 214، 221).
(2)
" السنن الكبرى " للبيهقي (1/ 298 - 299).