الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من العلم الشرعي
…
إلخ
…
وليس هناك حاجة لأن أتكبد المشاق، وأجلس على ركب العلماء.
وهذا قول خطير، بل إذا استمر الناس على هذا فسيخرج جيل، عنده علم ولا عنده فقه، بل لا يفقه من الدين إلا ما تهواه نفسه، وقد استغنى كثير من المثقفين والشباب بهذه الوسائل عن المشايخ، فصارت نظرتهم للمشايخ قاصرة، يتهمون المشايخ بالقصور والتقصير ويتهمونهم بعدم إدراك الواقع، ويتهمون المشايخ بأنهم يجاملون إلخ
…
من الأمور التي هي من سمات أهل الأهواء " (1) اهـ.
السبب الثاني: استعجال التصدر قبل تحصيل الحد الأدنى من العلم الشرعي بحجة الدعوة:
يقول: الدكتور ناصر العقل حفظه الله:
(ومن الأخطاء التي ينبغي التنبيه عليها في مسألة الفقه، فصل الدعوة عن العلم، وهذه توجد في الشباب أكثر من غيرهم، يقولون (مثلاً): الدعوة شيء، والفقه في الدِّين شيءآخر؛ فلذلك نجد أن بعض الشباب يهتم بالدعوة عمليًّا، ويبذل فيها جهده ووقته، لكن تحصيله للفقه والعلم الشرعي قليل جدًّا، مع أن العكس هو الصحيح ينبغي أن يتعلم، وأن يتفقه، وأن يأخذ العلوم الشرعية ثم يدعو، ولا مانع أن يؤجل الدعوة سنة، أو سنتين، أو خمسًا حتى يشتد عوده، ويكون عنده من العلم الشرعي ما يدعو به، أما أن يبدأ بعض الشباب بالدعوة لله سبحانه وتعالى بمجرد العاطفة وعلم قليل، ثم ينقطع عن العلم وعن المشايخ، فهذه على المدى البعيد سيكون لها أثرها الخطير في الأمة، سيخرج دعاة بلا علماء، كما حصل في البلاد الإسلامية الأخرى) (2) اهـ.
(1)" الفقه في الدين " ص (57).
(2)
" السابق " ص (58)، وانظر:" العلاقة بين الفقه والدعوة " للشيخ مفيد خالد عيد، نشر مكتبة " دار البيان " و " دار ابن حزم " ط. أولى 1416 هـ.
ولقد صدق ونصح حفظه الله؛ إذ إن تصدر هؤلاء للدعوة على جهل سيعرضهم حتمًا للكلام باسم الإسلام، والإفتاء باسم شريعته، والقول على الله تعالى بغير علم، والاحتجاج " بالمصلحة " في غير موضعها، وتقديم الأهواء على الوحيين الشريفين.
قال عمر رضي الله عنه: " تفقهوا قبل أن تُسَوَّدوا "(1).
وقال الشافعي رحمه الله: " إذا تصدر الحَدَثُ؛ فاته علم كثير "(2).
وهذا من توسيد الأمر لغير أهله، ومن منازعة الأمر أهله، قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قتلوه قتلهم الله؛ إِن شفاء العي السؤال "(3).
وعن مالك قال: (أخبرني رجل دخل على رييعة بن أبي عبد الرحمن، فوجده يبكي، فقال له: ما يُبكيك؟ وارتاع لبكائه -فقال له: أدخلت عليك مصيبة؟ فقال: " لا، ولكن استُفْتِيَ من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم، وَلبعضُ من يُفتي ها هنا أحق بالسَّجن من السُّرَّاق " (4).
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: ( .. السائل لا يصح أن يسأل من لا يُعتبر في الشريعة جوابُه؛ لأنه إسنادُ أمرٍ إلى غيرِ أهله، والإجماع على عدم صحة مثل هذا، بل لا يمكن في الواقع، لأن السائل يقول لمن ليس بأهل لما سئل عنه:" أخبرني عما لا تدري! وأنا أسند أمري لك فيما نحن بالجهل به على سواء "، ومثل هذا لا يدخل في زمرة العقلاء؛ إذ لو قال له: " دُلَّني في هذه المفازة على
(1)" فتح الباري "(1/ 166).
(2)
" فتح الباري "(1/ 166).
(3)
" الفقيه والمتفقه "(2/ 68).
(4)
" جامع بيان العلم " رقم (2410) ص (1225).