الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدب الطالب عند مخاطبة شيخه
ينبغي لطالب العلم أن يراعي الأدب في مخاطبة شيخه (فلا يناديه باسمه مجردًا، أو مع لقبه كقوله: " يا شيخ فلان "، بل يقول: " يا شيخي " أو: " يا شيخنا "، فلا يسميه لأنه أرفع في الأدب، ولا يخاطبه بتاء الخطاب، ولا يناديه من بُعْدٍ من غير اضطرار، وانظر ما يذكره الله تعالى من الدلالة على الأدب مع معلمٍ الناس الخير صلى الله عليه وسلم في قوله: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] ، الآية، وكما لا يليق أن تقول لوالدك ذي الأبوة الطينية: " يا فلان " أو: " يا والدي فلان "، فلا يجمل بك مع شيخك)(1).
وذكر الخطيب البغدادي رحمه الله أن من أدب الطالب مع شيخه أن (ينبله في الخطاب، ويبجله في الألفاظ، ولا تكون مخاطبته له كمخاطبته أهل السوق، وأفناء (2) العوام، فقد قال الله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} وهذا أصل في أن يُميز ذو المنزلة بمنزلته، ويُفرق بينه وبين من لم يلحق بطبقته) (3) اهـ.
وقال أيضًا: (إذا خاطب الطالبُ المحدثَ عظَّمه في خطابه، بنسبته إياه إلى العلم، مثل أن يقول له: " أيها العالم "، أو " أيها الحافظ "، ونحو ذلك)(4) اهـ.
قال المروذي: دخلتُ على ذي النون السجن، ونحن بالعسكر، فقال:" أيُّ شيء حال سيدنا؟ "؛ يعني: أحمد بن حنبل (5).
(1)" حلية طالب العلم " ص (25) بتصرف.
(2)
الأفناء: الأخلاط، مفردها: فِنو.
(3)
" الفقيه والمتفقه "(2/ 179).
(4)
" الجامع " للخطيب (1/ 183).
(5)
" نزهة الفضلاء "(2/ 813).
وقال ابن المديني: " أمرني سيدي أحمد بن حنبل ألا أحَدِّث إلا من كتاب "(1).
وعن جعفر الطَّستي: أنه سمع أبا مسلم الكَجِّي يقول: -وذُكِر عنده صالح جَزَرهْ- فقال. " ما أهونه عليكم! ألا تقولون: سيد المسلمين؟! "(2).
وقال أبو محمد التميمي: " يقبح بكم أن تستفيدوا منا، ثم تذكرونا ولا تترحموا علينا "(3).
وحكي أن فتوى وردت من السلطان إلى أبي جعفر محمد بن جرير الطبري لم يكتب له الدعاء فيها (4)، فكتب الجواب في أسفلها:" لا يجوز "، أو كتب:" يجوز "، ولم يزد على ذلك، فلما عادت الرقعة إلى السلطان، ووقف عليها؛ علم أن ذلك كان من أبي جعفر الطبري للتقصير في الخطاب الذي خوطب به، فاعتذر إليه (5).
ولما دخل ربيعة على الوليد بن يزيد -وهو خليفة- قال: " يا ربيعة! حدِّثنا "، قال:" ما أحدِّث شيئًا "، قال: فلما خرج من عنده قال: " ألا تعجبون من هذا الذي يقترح عليَّ كلما يقترح على المُغَنِّية: حدثنا يا ربيعة "(6).
وقال جعفر بن أبي عثمان: كنا عند يحيى بن معين، فجاءه رجل مُستعجل فقال:" يا أبا زكريا، حدثني بشيء أذكُرْكَ به "، فقال يحيى:" اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل "(7).
(1)" السابق "(11/ 200).
(2)
" السابق "(14/ 27).
(3)
" رساله المسترشدين " ص (4).
(4)
فإن من أدب المستفتي أن يدعو بقوله: " ما تقول رضي الله عنك؟ "، أو:" رحمك الله "، أو:" وفقك الله " أو: " رحمك الله، ورحم والديك؟ ".
(5)
" الفقيه والمتفقه "(2/ 181).
(6)
" الجامع " للخطيب البغدادي (1/ 336).
(7)
" سير أعلام النبلاء "(11/ 87).
وجاء فتى إلى سفيان بن عيينة من خلفه فجذبه، وقال:" يا سفيان! حَدّثني! "، فالتفت سفيانُ إليه، وقال:" يا بُنيَّ! من جهل أقدار الرجال، فهو بنفسه أجهل "(1).
(1)" آداب العشرة " لأبي البركات الغزي ص (55).