الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
آداب السؤال
* ينبغي لطالب العلم أن يلاطفَ شيخه في المسألة، ويرفق به، ويخاطبَه بالسؤدَد والتفدية، ويديمَ الدعاء له، والتأدبَ معه، فإن ذلك خير سبيل إلى بلوغ أغراضه منه، قال المستظهر:" أدب السائل أنفع من الوسائل "(1).
وعن وهب بن منبه وسليمان بن يسار أنهما قالا: " حُسن المسألة نصف العلم، والرفق نصف العيش "(2).
*
والأدب خير وسيلة لاستدرار علم الأستاذ:
قال ابن جُرَيج: " لم أستخرج الذي استخرجت من عطاء إلا برفقي به "(3).
وقال الأصمعي (4):
لم أرَ مثلَ الرفقِ في أمره
…
أخرجَ للعذراءِمن خِدْرها
من يستعن بالرفق في أمره
…
قد يُخرجُ الحيةَ من جُحْرِها
وقد قيل: " ليس من أخلاق المؤمن التملُّق ولا الحسد، إلا في طلب العلم "(5).
(1)" سير أعلام النبلاء "(19/ 398).
(2)
" جامع بيان العلم "(1/ 382).
(3)
" السابق "(1/ 519).
(4)
" الجامع " لابن الخطيب (1/ 209).
(5)
" السابق "(1/ 211)، والمقصود بالحسد هنا: المشروع منه، وهو الغبطة، لا المذموم الذي هو تمني زوال النعمة عن الغير.
وعن محمد بن عبده الرحمن الطرائفي قال: (حضرتُ بدمشق عند ابن جَوصا، فجعلت أتملَّقه، دقلت: أيها الشيخ، مثلك مثل ما قال كثيِّرُ عَزة:
وإذا الدُّرُّ زان حُسْن وجوهٍ
…
كان للدرِّ حُسْنُ وجهكِ زَيْنا
وتَزيدينَ أطيبَ الطيبِ طِيبًا
…
إن لَمَسْتِيهِ أينَ مِثْلُكِ أينا
فقال: " هَوِّن عليك، نا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: " لا يغُر المدحُ من عرف نفسه ") (1).
وعن علي بن حرب قال: حدثني أبي قال: (كنا في مجلس سفيان بن عيينة، فضَجِرَ، فقام من مجلسه، فقام إليه رجل من أقصى المجلس، فقال: " يا أبا محمد، أنت غاية الناس وطِلْبتهُمْ، وإن الرجل ليريد الحج، وما ينشط إلا إلى لقائك، فجلس وأنشأ يقول:
خَلَتِ الدِّيارُ فَسُدْتُ غَيْرَ مُسَؤَدِ
…
ومِن الشقاءِ تفردي بالسّؤْدَدِ (2)).
* فإذا حُرِم الرفق، فاته من العلم ما يتحسر عليه:
قال الزهري رحمه الله: (كان أبو سلمة يسأل ابن عباس، قال: فكان يخزن (3) عنه، قال: وكان عبيد الله بن عبد الله يلاطفه (4)، فكان يَغِرّه غَراً) (5).
(1)" السابق "(1/ 210).
(2)
" السابق "(1/ 210).
(3)
أي: يحبس عنه بعض الأحاديث، من خَزَنَ المال: إذا أحرزه وحبسه.
(4)
أي: يبره.
(5)
" الجامع " للخطيب (1/ 209)، ويقال: غَرّ! الطائرُ فَرْخَهُ غَرًّا، وغِرارا: أطعمه بمنقاره، وفي " طبقات الشافعية " أن الإمام الشافعي قال لتلميذه الربيع بن سليمان المرادي:" لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك "(2/ 134).
وقال الشعبي: " كان أبو سلمة يماري ابن عباس، فحرم بذلك علمًا كثيرًا "(1)
وعن أبي سلمة قال: " لو رفقت بابن عباس لاستخرجت منه علمًا كثيرًا "(2)
* * *
(1)" جامع بيان العلم "(1/ 521).
(2)
" السابق "(1/ 520).