الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف التخلص من داء الغيبة
؟
لو كانت الأخلاقُ صفاتٍ لازمةً، لا يمكن الإنسانَ تغييرُها ولا تبديلها ولا تهذيبها، لما أمر الشرع بالتخلي عن الأخلاق المرذولة، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، قال تعالى:({لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، فلا تكليف إلا بمقدور، ولا تكليف بمستحيل، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} [الشمس 9: 10].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يُعطَه، ومن يتوقَّ الشر يوقَّه "(1)، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل "(2)، ومن هذا الجهاد جهاد " شهوة " الكلام؛ وذلك ببذل أقصى الوسع وغاية الجهد لصيانة اللسان، وكفه عن أذى الخلق.
وقد مر بك في الفصول السابقة كيف يعالج داء الغيبة بوسائل نعيد إجمالها والزيادة عليها، فمن هذه الأسباب:
الأول: علاج الأسباب التي تفضي إِلى الغيبة:
لأن علاج كل علة بمضادة أسبابها، ومن أسباب الغيبة:
1 -
الحسد: الذي يدعو صاحبه إلى التشفي والانتقام بالقدح في الآخرين وانتقاصهم.
(1) أخرجه الخطيب في " تاريخه "(9/ 127)، وحسنَّه الألباني في " الصحيحة " رقم (342).
(2)
تقدم تخريجه ص (67).
وعلاجه: بأن يعلم أن الحسد من أخلاق اللئام، يتنزه عنه الكرام، قال صلى الله عليه وسلم:" لا يجتمعان في قلب عبدٍ: الإِيمان والحسد "(1)، ويعلم أن الحسد سوء أدب مع الله، واعتراض على قضائه، وأنه بالغيبة لا يضر إلا نفسه، أما المحسود فهو مظلوم، ثم يستحضر ثواب الإمساك عن الشر والغيبة، ويستبدل ذلك بالدعاء له بالبركة.
2 -
المجاملة: بأن يوافق جلساءه، ويشاركهم الغيبة كيلا يستثقلوه إذا هو أنكر عليهم، فيحسب ذلك من حسن المعاشرة.
وعلاج هذا السبب بأن يستحضر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أرضى الله بسخط الناس، كفاه الله الناس، ومن أسخط الله برضى الناس؛ وكله الله إِلى الناس "(2).
3 -
إِرادة المغتاب أن يمدح نفسه: عن طريق تنقيص غيره، كأن يقول:" فهمه ركيك .. جاهل .. يعمل للدنيا " .. وعلاج ذلك بأن يتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: " بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم "(3).
ويعلم أنه ما دفعه إلى ذلك إلا العُجب والغرور، عن أنس رضي الله عنه:" لو لم تكونوا تذنبون، لَخِفْتُ عليكم ما هو أكبر من ذلك: العجبَ العجبَ "(4).
(1) عجز حديث رواه النسائي (6/ 12، 13)، وحسنه الألباني في " صحيح النسائي " رقم (2912).
(2)
رواه ابن حبان (1/ 511) رقم (277)، وصححه الألباني في " الصحيحة " رقم (2311)(392/ 5).
(3)
قطعة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رواه مسلم رقم (2564).
(4)
أخرجه العقيلي (171)، وغيره، وقال المنذري:(رواه البزار بإسناد جيد) كما في " فيض القدير "(5/ 331)، وحسنه الألباني في " الصحيحة " رقم (658).