المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامسذم التعالم والتحذير من القول على الله بغير علم - الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول

- ‌الفصل الأولمن أعظم حقوق المسلم صِيانة عرضه، ورعايه حرمته

- ‌أدلة تحريم الغيبة

- ‌تعريف الغيبة:

- ‌حكم الغيبة، والتحذير منها:

- ‌مَا تكون بِهِ الغَيبَة

- ‌أثر الغيبة في الطهارة والصوم

- ‌مستمع الغَيبَة وَالمغتَاب شريكان في الإثم

- ‌الفصل الثانىأولويه الاشتغال بعيوب النفس

- ‌الفصل الثالثوجوب حفظ اللسَانِ

- ‌الكلمة مسئولية:

- ‌فضيلة الصمت:

- ‌الصمت سترٌ للعيوب:

- ‌الموازنة بين الصمت والكلام:

- ‌نصُوصُ السِّنة الشريفة وَآثَارُ السَّلَفِ فَي وُجُوب حفظ اللسان والكف عن أذية الخلق

- ‌الفصل الرابعمجاهدة النفس في ترك الغيبه وحفظ اللسان

- ‌قلة المخالطة وقاية من الغيبة

- ‌الفصل الخامسما يجب على من حضر مجلس غيبة

- ‌المتنزهون عن الغيبة

- ‌الفصل السادس

- ‌كيف التوبة من الغيبة

- ‌استحباب الإبراء من الغيبة

- ‌لطيفة

- ‌كيف التخلص من داء الغيبة

- ‌الأول: علاج الأسباب التي تفضي إِلى الغيبة:

- ‌الثاني: الاشتغال بعيوب نفسه عن عيوب الناس:

- ‌الثالث: مجاهدة النفس على لزوم الصمت:

- ‌الرابع: الفرار من مجالس الغيبة:

- ‌الخامس: استحضار حال المغتاب يوم القيامة:

- ‌السادس: شكر نعمة اللسان:

- ‌السابع: التفكر في أسماء الله الحسنى:

- ‌الثامن: المحافظة على الصلوات، والتشبث بالصدق:

- ‌التاسع: كثرة ذكر الموت:

- ‌الباب الثاني

- ‌الفصل الأولأهمية الأدب وشدة الحاجة إليه

- ‌اهتمام السلف الصالح بالأدب

- ‌من آثار السلف في الحث على التأدب

- ‌ترجيح السلف الأدب على العلم

- ‌حرصهم على ملازمة الشيوخ وَالمؤَدِّبِينَ

- ‌فوائد

- ‌الأولى:

- ‌الثانية:

- ‌الثالثة:

- ‌الفصل الثانيمن أدب الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام

- ‌فأحدها:

- ‌ثانيها:

- ‌ثالثها:

- ‌رابعها:

- ‌خامسها:

- ‌سادسها:

- ‌سابعها:

- ‌ثامنها:

- ‌تاسعها:

- ‌عاشرها:

- ‌الحادي عشر:

- ‌الثاني عشر:

- ‌أدب الصحابة رضى الله عنهم مع النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌مِن أدبِ العلماءِ مع النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌فائدة:

- ‌الفصل الثالثفضل العلماء

- ‌أدب الأئمة مع شيوخهم ومع بعضهم البعض

- ‌النصرة والولاء بين العلماء

- ‌وتجلى هذا الولاء في ثناء بعضهم على بعض:

- ‌ وتجلى هذا الولاء في دفاع بعضهم عن بعض:

- ‌وتجلى هذا الولاء في حزنهم لموت الواحد منهم:

- ‌الفصل الرابعالأدب مع العلماء

- ‌فائدتان:

- ‌الأولى: العلم رَحِمٌ بين أهله:

- ‌الثانية: الأدب مع الأكابر خلق مغروز في نفوس البهائم:

- ‌من آداب طالب العلم

- ‌وقال ابن جماعة في آداب المتعلم مع زملائه

- ‌توقير العالم وهيبته

- ‌تواضع الطالب لشيخه

- ‌أدب الطالب عند مخاطبة شيخه

- ‌زجر الطالب الذى حاد عن الأدب

- ‌الفصل الخامسآداب السؤال

- ‌ والأدب خير وسيلة لاستدرار علم الأستاذ:

- ‌مداراة العالم والصبر على جفوته

- ‌تنبيه:

- ‌الأصل في النصيحة الإِسرار بها:

- ‌مراحل تنبيه العالم على خطئه

- ‌الطريقة الأولى:

- ‌الطريقة الثانية:

- ‌الطريقة الثالثة:

- ‌الطريقة الرابعة:

- ‌ذم كثرة السؤال

- ‌آثار السلفية في ذم كثرة السؤال

- ‌بيان ما يُحْمَدُ من الأسئلة وما يُذَمُّ

- ‌أحدهما:

- ‌ثانيهما:

- ‌المواضع التى يكره فيها السؤال

- ‌أحدها:

- ‌وثانيها:

- ‌وثالثها:

- ‌ورابعها:

- ‌وخامسها:

- ‌وسادسها:

- ‌وسابعها:

- ‌وثامنها:

- ‌وتاسعها:

- ‌عاشرها:

- ‌بيان أن النهي في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} مقيد بما لا تدعو إليه حاجة

- ‌الحذر من إبرام الشيخ وإضجاره

- ‌النصوص والآثار في ذم الجدل والمراء

- ‌بيان انقسام الجدال إلى محمود ومذموم

- ‌فالجدال المذموم وجهان:

- ‌أحدهما:

- ‌والثاني:

- ‌فائدة:

- ‌النهي عن الأغلوطات

- ‌الفصل السادسالأدب مع حامل القرآن الكريم

- ‌الفصل السابعالأدب مع الأكابر

- ‌الباب الثالث

- ‌الفصل الأولحرمة العلماء بين أخلاق السلف، وواقع الخلف

- ‌وهاك صورًا من عدوانهم وتطاولهم:

- ‌إِنما نحترمك ما احترمت الأئمة

- ‌الفصل الثانيخطر الطعن علي العلماء وشؤم الحط من أقدارهم

- ‌ ومن مخاطر الطعن في العلماء:

- ‌ ومن شؤم الطعن في العلماء:

- ‌ومن الوقيعة ما قتل

- ‌هدمُ القِمَم طريق مختصر لهدم الإسلام

- ‌الفصل الثالثأسباب ظاهرة التطاول على العلماء

- ‌السبب الأول: تشييخ الصحف، وافتقاد القدوة:

- ‌ التلقي عن المشايخ قارب رئيس من قوارب النجاة *

- ‌أحدهما:

- ‌الطريق الثاني:

- ‌السبب الثاني: استعجال التصدر قبل تحصيل الحد الأدنى من العلم الشرعي بحجة الدعوة:

- ‌السبب الثالث: التعالم وتصدر الأحداث:

- ‌السبب الرابع: الاغترار بكلام العلماء بعضهم في بعض:

- ‌فائدة: من يقضي بين العلماء

- ‌السبب الخامس: الاغترار بمسلك الإِمام ابن حزم رحمه الله في شدته على الأئمة:

- ‌السبب السادس: جهل المنتقدين بأقدار من ينتقدونهم من العلماء:

- ‌السبب السابع: التأثر بفوضوية الغربيين ونعراتهم:

- ‌السبب الثامن: التعصب الحزبي، والبغي، وعقد الولاء على غير الكتاب والسنة:

- ‌السبب التاسع: التحاسد والتنافس على العلو والرياسة:

- ‌لطيفة: إِذا كنت خاملاً، فتعلق بعظيم

- ‌السبب العاشر: عدم التثبت في النقل:

- ‌السبب الحادي عشر: الفراغ:

- ‌السبب الثاني عشر: الجحود وعدم الإِنصاف:

- ‌السبب الثالث عشر: استثمار المغرضين لزلات العلماء:

- ‌الفصل الرابعذلة العالم

- ‌التحذير من زلات العلماء وبيان آثارها

- ‌الموقف المذموم من زلة العالم

- ‌الأولى:

- ‌الصورة الثانية:

- ‌ضوابط الموقف الصحيح من زلة العالم

- ‌أولاً:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌كل مجتهد استفرغ وسعه للوصول إِلى الحق استحق الثواب وإِن أخطأ سواء في ذلك المسائل العلمية والعملية

- ‌بين الرجل والمنهج

- ‌الفصل الخامسذم التعالم والتحذير من القول على الله بغير علم

- ‌من العالم

- ‌ويُعرف العالم:

- ‌حتى لا يشتبه العلماء بغيرهم

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌الفصل الخامسذم التعالم والتحذير من القول على الله بغير علم

‌الفصل الخامس

ذم التعالم والتحذير من القول على الله بغير علم

قال الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إِن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإِذا لم يُبِق عالمًا اتخذ الناس رؤساء جُهَّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "(1).

إن التعالم الكاذب هو عتبة الدخول على جريمة القول على الله بغير علم، المحرمة لذاتها تحريمًا أبديًّا في جميع الشرائع، وهذا مما علم من الدين بالضرورة، وهو مما حَذَّرَناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التحذير.

فعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يظهر الإِسلام حتى تختلف التجار في البحر، وحتى تخوض الخيل في سبيل الله، ثم يظهر قوم يقرأون القرآن، يقولون: " من أقرأ منا؟ من أعلم منا؟ من أفقه منا؟ " ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " هل في أولئك من خير؟ " قالوا: " الله ورسوله أعلم " ، قال: " أولئك منكم من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار " (2).

(1) تقدم تخريجه ص (341).

(2)

قال المنذري: (رواه الطبراني في " الأوسط "، والبزار بإسناد لا بأس به) كما في " الترغيب " =

ص: 391

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه قام ليلة بمكة من الليل، فقال: " اللهم هل بَلَّغت؟ " ثلاث مرات، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان أوَّاهًا (1) - فقال: " اللهم نعم، وحَرَّضتَ، وجَهَدْتَ، ونصحتَ "، فقال صلى الله عليه وسلم:

" ليَظهرنَّ الإِيمان حتى يُرَدَّ الكفر إِلى مواطنه، ولَتُخَاضَنَّ البحار بالإِسلام، ولَيأتين على الناس زمان يتعلمون فيه القرآن، يتعلمونه ويقرءونه، ثم يقولون: قد قرأنا وعلمنا، فمن ذا الذي هو خير منا؟ فهل في أولئك من خير؟ " قالوا: " يا رسول الله ، من أولئك؟ " قال: " أولئك منكم، وأولئك هم وقود النار ") (2).

وعن عبد الله وأبي موسى رضي الله عنهما قالا: قال صلى الله عليه وسلم:

" إِن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل، ويُرْفَع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج "(3) الحديث.

وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل "(4).

قال بعض الفضلاء: " وجدت جميع العلوم في ازدياد إلا علم الدين،

= (1/ 129 - 130)، وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب "(1/ 58).

(1)

الأواه: المتأوه المتضرع، وقيل: الكثير البكاء، وقيل: الكثير الدعاء.

(2)

قال المنذري: (رواه الطبراني في " الكبير " وإسناده حسن إن شاء الله تعالى) اهـ (1/ 130)، وحسن الألباني في " صحيح الترغيب "(1/ 58).

(3)

رواه البخاري (13/ 13 - سلفية).

(4)

رواه البخاري (1/ 178 - سلفية).

ص: 392

فعلمت أنه المقصود في الحديث ".

وصدق رحمه الله:

فها هو العلم في زماننا قد استدبر.

وها هو البغاث بأرضنا قد استنسر (1).

قد أعْوَزَ الماءُ الطهُور وما بقي

غيرُ التيممِ لو يَطيب صعيدُ

ذكر أبو عمر عن مالك قال:

(أخبرني رجل أنه دخل على ربيعة فوجده يبكي، فقال: " ما يبكيك؟ أمصيبة دخلت عليك؟ "، وارتاع لبكائه، فقال: " لا، ولكن اسُتفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم "، قال ربيعة: " ولَبعض من يفتي ها هنا أحق بالحبس من السُرَّاق ")(2).

وأفضح ما يكون للمرء: دعواه بما لا يقوم به، وقد عاب العلماء ذلك قديمًا وحديثًا:

قال الإمام ابن حزم رحمه الله: " لا آفة على العلوم وأهلها أضرّ من الدُخَلاء فيها، وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويُفسدون، ويقدرون أنهم يُصلحون ".

وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: (" يلزم ولي الأمر منعهم -أي من الفتيا- كما فعل بنو أمية " إلى أن قال: " وإذا تعيَّن على ولي الأمر منعُ من لم يُحسن التطبيب ومداواة المرضى، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة، ولم يتفقه في

(1) البُغاث: طائر أغبر، واستنسر: صار عزيزًا كالنسر بعد أن كان من ضعاف الطير.

(2)

تقدم ص (347).

ص: 393

الدين؟! ") (1).

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله: " ينبغي للإمام أن يتصفح أحوال المفتين، فمن صلح للفتيا أقرَّه، ومن لا يصلح منعه، ونهاه أن يعود، وتواعده بالعقوبة إن عاد "(2).

وقال الإمام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله: " من أقرهم من ولاة الأمور؛ فهو آثم "(3).

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أنه ينبغي أن يكون على المفتين محتسب، وقال:" يكون على الخبازين والطباخين محتسب، ولا يكون على الفتوى محتسب؟! "(4).

وقال الإمام الماوردي رحمه الله: " وإذا وجد -المحتسب- من يتصدى لعلم الشرع وليس من أهله من فقيه أو واعظ، ولم يأمن اغترار الناس به في سوء تأويل أو تحريف أنكر عليه التصدي لما هو ليس من أهله، وأظهر أمره لئلا يُغترَّ به "(5) اهـ.

فينبغي لمن تصدى للتعليم والإفتاء أن يكون أهلاً لذلك، وإلا فهو خائن للأمانة، ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إِذا ضيِّعت الأمانة، فانتظر الساعة "، قيل:" كيف إضاعتها؟ " قال: " إِذا أُسند الأمر إِلى غير أهله فانتظر الساعة "(6).

(1)" إعلام الموقعين "(4/ 276).

(2)

" المجموع شرح المهذب "(1/ 73).

(3)

" إعلام الموقعين "(4/ 276).

(4)

" السابق "(4/ 277).

(5)

" الأحكام السلطانية " ص (248).

(6)

رواه -من حديث أبي هريرة رضي الله عنه البخاري رقم (6496)(11/ 333 - فتح)، وغيره.

ص: 394

قال ابن الحاج رحمه الله في كتابه " المدخل " بعد أن حكى من حال بعض المنتسبين إلى العلم ما لا يليق بهم: (ولهذا المعنى كان سيدي أبو محمد -ابنُ أبي جمرة رحمه الله إذا ذُكِر له واحد من علماء وقته ممن يُنسَب إلى طَرَف مما ذُكِر، ويُثْنَى عليه إذ ذاك بفضيلة العلم، يقول:" ناقل، ناقل " خوفا منه رحمه الله على منصب العلم أن يُنسب إلى غير أهله، وخوفًا من أن يكون ذلك كذبا أيضًا، لأن الناقل ليس بعالم في الحقيقة، وإنما هو صانع من الصناع، كالخياط والحداد والقصار

) (1) اهـ. وعن معاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي قال: (كان زائدة لا يحدِّث أحدًا حتى يمتحنه، فإن كان غريبًا قال له:

" من أين أنت؟ "، فإن كان من أهل البلد، قال:" أين مصلاك؟ "، ويسأل كما يسألُ القاضي عن البينة.

فإذا قال له، سأل عنه، فإن كان صاحب بدعة، قال:" لا تعودنَّ إلى هذا المجلس "، فإن بلغه عنه خير أدناه وحدثه، فقيل له:" يا أبا الصلت، لم تفعل هذا؟ " قال: " أكره أن يكون العلم عنده، فيصيروا أئمة يُحتاج إليهم، فيبدِّلوا كيف شاءوا ") (2).

وقال مغيرة: " إني لأحتسب في منعي الحديث، كما يحتسبون في بذله ".

* * *

(1)" المدخل "(1/ 17).

(2)

" المحدث الفاصل " للرامهرمزي ص (803).

ص: 395