الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متعالية ولآلئ متغالية (نظمن) بصيغة المجهول أي سلكن في سلك كلماته وضمن عباراته متتابعة متناسقة متناسبة متوافقة والحاصل أنه تشبيه بليغ لارادة زيادة المبالغة على ما صرح به الدلجي إلا أنه مبني على أن كان منطقه من الأفعال الناقصة وفي بعض النسخ المصححة بتشديد النون على أنها من الحروف المشبهة فحينئذ لا يكون تشبيها بليغا كما لا يخفى على البلغاء (وكان جهير الصّوت) أي عاليه وهو مما يمدح في أحوال الرجال ولذا مدح أيضا بسعة الفم والله تعالى أعلم (حسن النّغمة) بفتح النون وسكون العين المعجمة أي حسن الصوت حيث تقبله الاسماع وتألفه الطباع كما روي أن الله لم يبعث نبيا إلا حسن الصورة وحسن الصوت (صلى الله تعالى عليه وسلم) أي أولا وآخرا والله تعالى أعلم.
فصل [وأما شرف نسبه وكرم بلده ومنشأه]
(وأمّا شرف نسبه) أي المنسوب إلى قومه (وكرم بلده ومنشأه) أي الذي ولد وتربى فيه وقيل المراد من منشأة محل مرضعته حليمة من بني سعد (فما لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ وَلَا بيان مشكل ولا خفي منه) أي مما ينسب إليه (فإنّه) أي باعتبار نسبه (نخبة بني هاشم) أي خيارهم (وسلالة قريش) أي خلاصتهم وصفوتهم سلت من خالصيهم والظاهر أنه مرفوع وجعله التلمساني مجرورا على أنه بدل من بني هاشم (وصميمها) بالرفع أي قوامهم ومدارهم محضهم وخالصهم من غير خلطة غيرهم وأصل الصميم العظم الذي به قوام العضو وظاهر كلام الدلجي أن صميمها مجرور عطفا على قريش (وأشرف العرب) لأنه من بني هاشم وبنو هاشم من قريش وهم أشرف العرب في النسب وفي شرح الدلجي أفضل العرب من غير عاطفة بالجر صفة لقريش (وأعزّهم) أي وهو أقواهم واشجعهم وأسخاهم (نفرا) أي جماعة وقرابة (من قبل أبيه وأمّه) أي من قبل قبيلة أبويه (ومن أهل مكّة) أي وهو من أهل مكة (أَكْرَمِ بِلَادِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى عِبَادِهِ) وفي هذا حجة على بعض المالكية في تفضيلهم المدينة السكينة على مكة المكينة وفي بعض النسخ من أكرم ولعله تصرف من بعضهم والله تعالى أعلم نعم يستثنى ما حوى بدنه الكريم فإنه أفضل حتى من الكعبة بل من العرش العظيم وعن المحب الطبري أن بيت خديجة يلي المسجد الحرام في الفضيلة ولم يذكر المصنف في هذا الفصل شيئا مما جاء في فضل مكة لظهوره وكمال وضوح نوره. (حدّثنا قاضي القضاة) اللام للعهد إذ لا يجوز هذا الإطلاق على سبيل الاستغراق إلا على الملك الخلاق نحو ملك الملوك وسلطان السلاطين وأمثال ذلك (حسين بن محمّد الصّدفيّ) بفتحتين ففاء فياء نسبة رحمه الله تعالى وقد سبق ترجمته (حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفٍ) وهو الباجي.
(حدّثنا أبو ذر عبد بن أحمد) أي الهروي وهو عبد من غير إضافة فلا يكتب همزة ابن البتة ولو وقع أول الصفحة (حدّثنا أبو محمّد السّرخسيّ) هو الحموي وقد سبق ضبطه (وأبو إسحاق) أي المستملي وكان من الثقات (وأبو الهيثم) وهو محمد بن المكي بن الزراع
الكشميهني بضم الكاف وسكون الشين المعجمة وفتح الميم وسكون التحتية وفتح الهاء بعدها النون وياء النسبة نسبة إلى قرية قديمة من قرى مرو (حدّثنا) أي قالوا حدثنا كما في نسخة (محمّد بن يوسف) وهو الفربري، (قال حدّثنا محمّد بن إسماعيل) أي الإمام البخاري، (حدّثنا قتيبة بن سعيد) تقدم ذكره. (حدّثنا يعقوب بن عبد الرّحمن) أي ابن محمد بن عبد الله ابن القاري بالتشديد نسبة إلى القارة (عن عمرو) بالواو وهو مولى المطلب أخرج له الأئمة الستة واختلف في كونه ثقة (عن سعيد المقبريّ) بفتح الميم وضم الموحدة ويجوز فتحها وقال التلمساني بتثليث الموحدة وقيل له ذلك لأنه كان يسكن قرب المقابر وهو سعيد بن أبي سعيد المقبري وأما ما في بعض النسخ عن أبي سعيد فخطأ على ما ذكره الحلبي وفيه بحث لأن الحجازي صرح بأن كنيته أبو سعيد وأبوه كيسان وكنيته أبو سعيد أيضا (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بني آدم قرنا فقرنا) أي خلقت وجعلت من خير طبقاتهم كائنين طبقة بعد طبقة (حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ مِنْهُ) أي حتى وجدت من بين الجمع الذي ظهرت منهم والقرن من الاقتران يطلق على أهل كل زمان يقترنون في أعمارهم وأحوالهم في مقداره أقوال عشرة عشرون ثلاثون أربعون خمسون ستون سبعون ثمانون مائة سنة مائة وعشرون مطلق من الزمان فتلك عشرة كاملة والأظهر أنه من الزمان ما غلب فيه وجود الأقران ولذا قيل:
إذا ذهب القرن الذي أنت منهمو
…
وخلقت في قرن فأنت غريب
والمراد بالبعث تقلبه في أصلاب آبائه أبا فأبا كانتقاله من نابت بالنون ابن إسماعيل ثم من النضر بن كنانة ثم من قريش بن النضر ثم من عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ولله در القائل:
كم من أب قد علا بابن ذوي شرف
…
كما علا برسول الله عدنان
(وعن العبّاس) كما رواه البيهقي في دلائل النبوة والترمذي وحسنه (قال: قال النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم إنّ الله خلق الخلق) أي إنسا وملائكة وجنا ويحتمل تخصيصه بالثقلين (فجعلني من خيرهم) أي فتخيرهم وجعلني من خيرهم وهم الإنس (من خير قرنهم) بصيغة الإفراد وهو بدل مما قبله (ثمّ تخيّر القبائل) أي اختارهم (فجعلني من خير قبيلة) أي من العرب وهم قريش (ثمّ تخيّر البيوت) أي البطون (فجعلني من خير بيوتهم فأنا) أي بفضل الله علي ونظر لطفه في سابق علمه إلى (خيرهم نفسا) أي ذاتا إذ خلقني خاتم النبوة وتمم بي دائرة الرسالة وجعلني مدار الوجود ومظهر الكرم والجود (وخيرهم بيتا) أي مكانا في النسب والحسب من جهة الأم والأب. (وعن واثلة) بمثلثة مكسرة (ابن الأسقع) وهو من أرباب الصفة وضبط بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وفتح قاف فعين مهملة وقال التلمساني بالسين والصاد ويجوز الزاء كما رواه مسلم والترمذي واللفظ له (قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إبراهيم) قيل هو معرب أب رحيم والولد
بفتحتين أو بضم فسكون أي اختار من أولاده وكانوا ثلاثة عشر (إسماعيل) إذ كان نبيا رسولا إلى جرهم وعماليق الحجاز وأغرب التلمساني حيث قال إسماعيل باللام والنون (واصطفى من ولد إسماعيل) وكانوا اثني عشر ولدا على ما ذكره ابن إسحاق (بني كنانة) وهو بكسر الكاف ابن نابت وبين كنانة ونابت فيما ذكر ابن إسحاق ثلاثة عشر أبا (واصطفى من بني كنانة) وكانوا أربعة منهم النضر (قريشا) وهم أولاد النضر روي أن في الرجل من قريش قوة رجلين من غيرهم (واصطفى من قريش بني هاشم) اسمه عمرو وسمي بذلك لأنه أول من هشم الثريد لقومه وأضيافه من الحجاج وغيرهم في سنة القحط (واصطفاني من بني هاشم) أي بني عبد المطلب بن هاشم (قال الترمذي وهذا حديث صحيح) أي إسناده قال المنجاني وقد خرجه مسلم في صحيحه؛ (وَفِي حَدِيثٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما رواه الطّبري) أي محمد بن جرير أحد الأعلام وصاحب التصانيف من أهل طبرستان وسمع خلائق وأخذ القراءة عن جماعة توفي سنة عشر وثلاثمائة وكذا الطبراني في معجميه الكبير والأوسط (أنّه صلى الله تعالى عليه وسلم قال إنّ الله عز وجل اختار خلقه) أي تخيرهم وقيل أوجدهم لأن المختار عند المتكلمين هو الفاعل لا على سبيل الإكراه (فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَنِي آدَمَ ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي آدم) أي تنقاهم (فاختار منهم العرب ثمّ اختار العرب) أي انتقدهم (فاختار منهم قريشا) وهم أولاد النضر بن كنانة وسموا قريشا لأن قصيا قرشهم أي جمعهم في الحرم بعد ما كانوا متفرقين (ثُمَّ اخْتَارَ قُرَيْشًا فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ ثمّ اختار بني هاشم فاختارني) أي منهم (مِنْهُمْ فَلَمْ أَزَلْ خِيَارًا مِنْ خِيَارٍ أَلَا) للتنبيه على تحقيق ما بعده من الأمر النبيه (من أحبّ العرب فبحبّي) أي فبسبب حبه إياي (أحبّهم ومن أبغض العرب فببغضي) أي فبسبب بغضه إياي (أبغضهم) أي والمعنى إنما أحبهم لأنه أحبني وإنما أبغضهم لأنه أبغضني فثبت بذلك قول بعض المالكية من سبهم وجب قتله لكن قد يقال المعنى فبسبب حبي وبغضي إياهم أحبهم وأبغضهم لا بسبب آخر فمن أحبهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من أهل الإيمان يجب محبتهم ومن أبغضهم من أهل العدوان يجب عداوتهم وأما الطعن في جنس العرب فهذا محل بحث وسيأتي تحقيقه (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَلَى ما رواه ابن أبي عمر والعدني في مسنده (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم كانت روحه) وفي أكثر النسخ أن قريشا أي من حيث هو فيهم كانت (نورا بين يدي الله تعالى) أي مقربا عنده سبحانه وتعالى (قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ يُسَبِّحُ ذلك النّور) أي قبل عالم الظهور (وتسبّح الملائكة بتسبيحه) أي بسببه أو بما يقول من تسبيحه على طبقه ووفقه (فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ أَلْقَى ذَلِكَ النُّورَ في صلبه) بضم فسكون وفي القاموس بالضم وبالتحريك هو عظم من لدن الكاهل إلى العجب وقال التلمساني هو عمود الظهر ويقال بضم الصاد وفتحها (فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: فأهبطني الله عز وجل إِلَى الْأَرْضِ فِي صُلْبِ آدَمَ وَجَعَلَنِي فِي صلب نوح) أي بعد ما كان في صلب شيث وإدريس (وقذف بي) أي بعد ذلك (في صلب إبراهيم) أي من صلب سام بن