الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأورده في الموضوعات ولكن قد صححه الطحاوي والقاضي عياض وأخرجه ابن منده وابن شاهين من حديث اسماء بنت عميس وابن مردويه من حديث أبي هريرة انتهى قال القسطلاني وروى الطبراني أيضا في معجمه الكبير بإسناد حسن كما حكاه ابن العراقي في شرح التقريب عن اسماء بنت عميس ولفظه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صلى الظهر بالصهباء ثم أرسل عليا في حاجة فرجع وقد صلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم العصر فوضع عليه الصلاة والسلام رأسه في حجر علي فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صليت العصر قال لا يا رسول الله فدعا الله تعالى فرد عليه الشمس حتى صلى العصر قالت فرأيت الشمس طلعت بعد ما غابت حين ردت حتى صلى العصر قال وروى الطبراني أيضا في معجمه الأوسط بسند حسن عن جابر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمر الشمس فتأخرت ساعة من النهار انتهى وقال الخطابي انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء وذلك أنه ظهر في ملكوت السموات خارجا عن جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة فلذلك صار البرهان به أظهر قلت وفي معناه الشمس بل سلطانها أكبر وأبهر وأنور إلا أنها لكمال قرب غروبها لم تظهر للأكثر فتدبر وأما ما قال الجوزجاني بعد أن نقل عن ابن الملقن في شرح العمدة أنه روى الحسن وغيره عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا لم تحبس الشمس إلا ليوشع حيث سار إلى بيت المقدس هذا الحديث فيه رد لحديث اسماء فقد قدمت الجواب عنه وأما قوله وهذا حديث منكر مضطرب لأنه عليه الصلاة والسلام أفضل من علي ولم ترد الشمس له بل صلى العصر بعد ما غربت فمردود عليه لأنها إنما ردت على علي ببركة داعائه صلى الله تعالى عليه وسلم مع أن كرامات الأولياء في معنى معجزات الأنبياء وقد سبق عن البغوي أنها ردت عليه أيضا فما صلى العصر إلا في وقتها مع أن المفضول قد يوجد فيه ما لا يوجد في الفاضل كما يلزم من القول بعدم حبسها إلا ليوشع فتأمل وتوسع.
فصل [في نبع الماء من بين أصابعه الشريفة وتكثيره ببركته صلى الله تعالى عليه وسلم]
(فِي نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَتَكْثِيرِهِ ببركته صلى الله تعالى عليه وسلم) وفي نسخة وتكثيره ببركته (أمّا الأحاديث في هذا) أي في هذا النوع من جنس المعجزة (فكثيرة جدّا) منصوب على المصدر وأريد به المبالغة في الكثرة فإن ذلك في مواطن متعددة وأعداد مختلفة كما ذكره ابن حبان في صحيحه ففي بعضها أتى بقدح وفي بعضها زجاج وفي بعضها جفنة وفي بعضها ميضأة وفي بعضها مزادة وفي بعضها كانوا خمس عشرة مائة وفي بعضها ثمانمائة وفي بعضها زهاء ثلاثمائة وفي بعضها ثمانين وفي بعضها سبعين انتهى وفي صحيح البخاري في حديث جابر في قصة نبع الماء من بين أصابعه أنهم كانوا ألفا وأربعمائة وفي رواية عنهم أنهم كانوا خمس عشرة مائة وهذه القصة كانت بالحديبية وفي عددهم أقوال مختلفة ثم هذه
المعجزة أعظم من تفجر الماء من الحجر كما وقع لموسى عليه السلام فإن ذلك من عادة الحجر في الجملة قال الله تعالى وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وأما من لحم ودم فلم يعهد من غيره صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم (رَوَى حَدِيثَ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ أَصَابِعِهِ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَنَسٌ وجابر وابن مسعود) أما حديث أنس فرواه الشيخان عنه أيضا إلا أن المصنف ساقه شاهدا بسنده إلى الإمام مالك عنه فقال (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَقِيهُ رحمه الله بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي عِيسَى بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ محمّد) وقد تقدم ذكرهم (حدّثنا أبو عمر بن الفخّار) بفتح الفاء وتشديد الخاء المعجمة، (حدّثنا أبو عيسى) هو يحيى بن عبد الله بن يحيى ابن كثير الليثي وقد سبق ذكره (حدّثنا يحيى) وفي نسخة عن يحيى وهو يحيى بن يحيى الليثي وفي نسخة صحيحة قبل قوله ثنا يحيى ثنا عبد الله بن يحيى عن أبيه يحيى ويؤيده ما قاله الحلبي أنه سقط رجل بين أبي عيسى وبين يحيى وهو عبد الله أبو مروان ولا بد منه وقد تقدم على الصواب وكذا يأتي على الصواب أيضا وحاصله أن عبد الله يروي عن يحيى عن أبيه ويحيى عن مالك (قال حدّثنا مالك) وهو إمام المذهب (عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طلحة عن أنس بن مالك) وهو عمه لأمه (رأيت) وفي نسخة قال أي أنس رأيت (رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحانت صلاة العصر) أي وقد قرب وقتها أو دخل فإن الحين الوقت (فالتمس النّاس الوضوء) بفتح الواو أي ماء الوضوء بضمها وفي نسخة بضمها والمعنى ماءه بتقدير مضاف والمؤدي واحد وقيل يطلق على كل لكن الظاهر أن أحدهما مجاز (فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي جيء (بوضوء) أي في إناء (فوضع رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَدَهُ وَأَمَرَ النّاس أن يتوضّؤوا منه) أي من الماء ومن الإناء أو من ماء ذلك الإناء (قال) أي أنس (فرأيت الماء ينبع) بتثليث الموحدة والضم أشهر أي يفور (من بين أصابعه صلى الله تعالى عليه وسلم) قال النووي في كيفية النبع قولان أحدهما الماء كان يخرج من نفس أصابعه وينبع من ذاتها وهو قول أكثر العلماء وثانيهما أنه تعالى أكثر الماء في ذاته فصار يفور من بين أصابعه (فتوضّأ النّاس) أي منه (حتّى توضّؤوا من عند آخرهم) أي إلى انتهاء أولهم فالقضية معكوسة للمبالغة والمراد جميعهم وقال النووي من هنا بمعنى إلى وهي لغة (ورواه أيضا عن أنس قتادة) كما في صحيح مسلم (وقال) أي أنس أو قتادة عنه (بإناء) أي فأتى بإناء (فيه ماء يغمر أصابعه) بسكون الغين المعجمة وضم الميم أي يغطيها ويسترها (أو لا يكاد يغمر) شك من الراوي (قال) أي قتادة لأنس كما صرح به الترمذي (كم كنتم) أي حينئذ وكم اسم استفهام وسؤال عن العدد (قال زهاء ثلاثمائة) بضم زاء وهاء ممدودة أي كنا قدر ثلثمائة، (وفي رواية عنه) أي عن أنس (وهم بالزّوراء) بفتح الزاء وسكون الواو فراء ممدودة مكان يعرف بالمدينة قرب المسجد (عند السّوق) وفي البخاري بالسوق أي سوق المدينة قال الداودي وهو مرتفع كالمنار (ورواه أيضا
حميد) بالتصغير وهو الطويل وكان طوله في يديه مات وهو قائم يصلي ثقة لكنه يدلس أخرج له الأئمة الستة (وثابت) تقدم ذكره (والحسن) بن أبي الحسن البصري (عن أنس) أي كلهم عنه إلا أن البخاري انفرد بالأولى والثالثة واتفقا على الثانية (وَفِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ قُلْتُ كَمْ كَانُوا قَالَ ثمانين) أي كانوا ثمانين أي رجلا كما في نسخة، (ونحوه عن ثابت عنه) أي نحو مروي حميد عن أنس في العدد ورد عن ثابت عن أنس (وعنه) أي وعن أنس (أيضا) أي برواية ثابت أو غيره (وهم نحو من سبعين رجلا) لعل رواية السبعين والثمانين في غير قصة الحديبية لما سبق من تعدد القضية ثم رأيت النووي قال إنهما قضيتان جرتا في وقتين فحدث بهما جميعا أنس. (وأمّا ابن مسعود ففي الصّحيح) أي للبخاري وغيره (من رواية علقمة عنه) كما في نسخة أي عن عبد الله بن مسعود (بينما) أي بين ساعات أو أوقات (نحن مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي حاضرون (وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطْلُبُوا مَنْ مَعَهُ فَضْلُ مَاءٍ) قيل إنما أطلب الماء كيلا يظن أنه موجد للماء فإن ذلك لله سبحانه وتعالى وفيه أن الكل من عنده تعالى (فأتي) أي جيء (بماء) أي في نحوه سقاء (فصبّه في إناء ثمّ وضع كفّه) أي مع أصابعه (فيه فجعل الماء ينبع) أي فشرع يخرج (مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي كما ينبع من الأرض وفي نبعه احتمالان من زيادة الكمية او الكيفية وهو أظهر كما يدل عليه طلبه فضل الماء ويشير إليه ما سبق من الترجمة في قوله تعالى وتكثيره ببركته. (وفي الصّحيح) أي للبخاري وغيره (عن سالم) أي الأشجعي (بن أبي الجعد) وهو من ثقات التابعين روي عنه أنه قال اشتراني مولاي بثلاثة دراهم وأعتقني فقلت بأي حرفة احترف فاحترفت بالعلم فما تمت لي سنة حتى أتاني أمير البلد زائرا فلم آذن له (عن جابر عطش النّاس) بكسر الطاء (يوم الحديبية) بالتخفيف وتشدد بئر بين مكة وجدة قبيل جدة وأما قول الدلجي بين مكة والطائف فوهم (ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بين يديه ركوة) جملة حالية والركوة بفتح الراء وتضم إناء من جلد نحو الإبريق ذكره الدلجي وهو غير ملائم لوضع اليد فيه اللهم إلا أن يقال المراد به وضع اليد على فيه عند خروج الماء منه ثم رأيت في القاموس أن الركوة مثلثة زورق صغير انتهى وهو يحتمل أن فمه كبير ثم رأيت التلمساني ذكر أنها للماء من الأدم كالتور يتوضأ منه (فتوضّأ منها وأقبل النّاس نحوه) أي متعطشين إليه (وقالوا) عطف على وأقبل الناس وجعل الدلجي الواو للحال أي قائلين (لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ إِلَّا مَا فِي رَكْوَتِكَ) أي التي هي موجودة في حضرتك (فوضع النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يده في الرّكوة) أي ثانيا (فجعل الماء يفور) أي يرتفع متدفقا (من بين أصابعه كأمثال العيون) أي كأمثال مياهها أو شبه أصابعه بمنابع عيون الماء أي بين كل أصبعين يفور الماء كالعين (وفيه) أي في حديث سالم (فقلت) أي لجابر (كم كنتم) أي يومئذ (قال لو كنّا مائة ألف) أي مثلا (لكفانا) أي لكونه معجزة (كنّا) أي لكنا كنا (خمس عشرة مائة) يعني الفا وخمسمائة وقيل ثمانين ألفا رجلا أو أربعين أو خمسة
وعشرين رجلا أو ألفا وستمائة بناء على الاختلاف في عدد من بايع تحت الشجرة قال الحلبي فيقال أربع عشرة مائة وكذا هو في الصحيح وأكثر الروايات كما قال البيهقي أنه ألف وأربعمائة هذا وقال اليمني قوله كذا خمس عشرة مائة هذه اللغة إلى الآن بنجد سمعتها منهم لا تألف ألسنتهم الآلاف بل يقولون عشر مائة وإحدى عشرة مائة وعشرون مائة وهلم جرا (وروي مثله) أي مثل حديث سالم كما في مسند الدارمي (عن أنس عن جابر) وهو من رواية الأصاغر عن الأكابر فإنهما صحابيان قال الحلبي كذا في النسخة التي وقفت عليها الآن بالشفاء وعلى عن التي بين أنس وجابر صح يعني أن أنسا رواه عن جابر فإن صح ذلك فرواية أنس عن جابر ليست في الكتب الستة (وفيه) أي وفي هذا الحديث (أنّه كان بالحديبية) يعني فالاختلاف مبني على اختلاف عدد من حضر في تلك القضية. (وَفِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) الوليد هذا ولد في حياته عليه الصلاة والسلام روى عن أبيه وعنه ابنه عبادة (عنه) أي عن جابر (في حديث مسلم الطّويل) صفة للحديث (في ذكر غزوة بواط) بضم الموحدة وتخفيف الواو في آخره طاء مهملة (قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم يا جابر ناد الوضوء) بفتح الواو وتضم وفي نسخة صحيحة الوضوء من غير الباء أي ناد الناس له أو به أو نصبه على الاغراء أي أعطوا أو ناولوا الماء وهو بيان النداء (وذكر الحديث بطوله وأنّه) أي الشأن (لم نجد) بالنون وفي نسخة بالياء وفي أصل الدلجي لم يجدوا (إلّا قطرة) أي شيئا قليلا من الماء (في عزلاء شجب) بالإضافة وهو بفتح العين المهملة فسكون الزاء فلام ممدودة فم المزادة الأسفل والشجب بمعجمة مفتوحة فجيم ساكنة فموحدة ما بلي من القربة وعتق من السقاية (فأتي) أي فجيء (به النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فغمزه) بالراء أي فغطاه وستره وفي اصل الدلجي بالزاء أي فكبسه بيده وعصره (وتكلّم بشيء) أي من الاسماء أو الدعاء والثناء (لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَقَالَ نَادِ بِجَفْنَةِ الرّكب) بفتح الجيم وسكون الفاء وهي أكبر قصاع الأطعمة والركب اسم جمع أو جمع للراكب كالصحب وهم العشرة فصاعدا والباء مزيدة ولما كانت الجفنة محل الآية نوديت فكأنها تعقل أو على حذف أي يا قوم هاتوها أو عدي النداء بالباء لتضمنه معنى الإتيان أي ائت بها واحضرها (فأتيت بها) أي فجئت بها إليه صلى الله تعالى عليه وسلم وقال الحلبي هو مبني لما لم يسم فاعله أي فأتوني بها وفي نسخة فأتيها بضم همزه وكسر ثانيه (فوضعتها بين يديه وذكر) أي جابر (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَسَطَ يَدَهُ فِي الْجَفْنَةِ وَفَرَّقَ) بتشديد الراء ونشر (أصابعه وصبّ جابر عليه) أي الماء، (وقال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (بسم الله) أي وعلى بركة رسول الله وروي بسم الله كما أمره على ما في أصل المؤلف (قال) أي جابر (فرأيت الماء يفور) أي يظهر مرتفعا (مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ وَاسْتَدَارَتْ) أي ارتفع ماؤها ودار (حتّى امتلأت) ورواية مسلم ثم فارت الجفنة فدارت كذا ذكره الدلجي تبعا للحلبي قيل لأن المقام مقام آية فكلما نبع الماء استدارت الجفنة وحديث جابر هذا ليس في شيء من الكتب
الستة إلا في مسلم على ما صرح به الحلبي وغيره (وأمر النّاس بالاستقاء) أي بأخذ الماء (فاستقوا حتّى رووا) أي بأجمعهم وهو بضم الواو الأولى وأصله رويوا كرضوا ولقوا (فقلت هل بقي أحد له حاجة) يجوز أن تكون هل نافية كما في قوله تعالى فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ وفي حديث وهل ترك لنا عقيل من دار أي ما بقي من محتاج إلى الماء (فرفع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي يده كما في أصل الدلجي وغيره (من الجفنة وهي ملأى) فعلى من الملئ ويجوز أن يكون هل استفهامية ورفعه يده بعد جوابهم ما بقي لأحد حاجة ولا يبعد أن يكون المراد بقوله فقلت تردده في نفسه أنه هل بقي لأحد حاجة إليه أم لا فرفع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يده شهادة لنفي البقاء فيكون كرامة اخرى. (وعن الشّعبيّ) بفتح أوله تابعي جليل فحديثه هذا مرسل وهو حجة عند الجمهور خلافا للشافعي (أتي النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي جيء (في أسفاره بإداوة ماء) وهي بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء ويسمى المطهر (وَقِيلَ مَا مَعَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاءٌ غيرها) أي غير ما في الإداوة هذه وهي لم تكف الجماعة شربا ووضوءا (فسكبها) أي صبها (في ركوة) أي إناء صغير من جلد يشرب فيها الماء كانت معه كما في نسخة (ووضع إصبعه) بتثليث الهمزة والباء والأشهر كسر الهمزة وفتح الباء والمراد الجنس أي أصابعه (وسطها) بفتح السين وسكونها أي في وسطها (وغمسها) أي غطس اصابعه وأدخلها (في الماء وجعل النّاس يجيئون) أي يأتون إليه (ويتوضّؤون) أي منه (ويقومون) أي عنه وفي نسخة صحيحة ثم يقدمون؛ (قال التّرمذيّ) أي صاحب الجامع (وفي الباب) أي وفي الأحاديث الواردة في هذا النوع من الكتاب (عن عمران بن حصين) وهو كما سيأتي في الفصل الآتي من هذا الباب (ومثل هذا) أي ما ذكر من خوارق العادة (في هذه المواطن الحفلة) بفتح الحاء المهملة وكسر الفاء أي الممتلئة المجتمعة الغزيرة وفي نسخة الحفيلة بزيادة الياء وهما بمعنى (والجموع الكثيرة لا تتطرّق التّهمة بضم) التاء وسكون الهاء وتفتح أي لا تتوصل تهمة كذبه (إلى المحدّث به) بكسر الدال المشددة أي المخبر به (لأنّهم) أي السلف من الصحابة والتابعين (كانوا أسرع شيء إلى تكذيبه) أي تكذيب من أخبره لو عرفوا أنه كاذب في خبره (لما جبلت) بصيغة المجهول أي خلقت وطبعت (عليه النّفوس) أي النفوس كما في نسخة صحيحة (من ذلك) أي الإسراع إلى التكذيب (وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يَسْكُتُ عَلَى بَاطِلٍ) أي بأجمعهم لإنكارهم على الباطل ولو من بعضهم لكونه فرض كفاية على كلهم، (فهؤلاء) أي المذكورون من الصحابة وغيرهم (قد رووا هذا) أي الحديث الذي سبق من نبع الماء من بين أصابعه (وأشاعوه) أي نقلوه وأفشوا سنده (ونسبوا حضور الجمّاء الغفير له) وفي نسخة الجم الغفير أي الجمع الكثير كما في قضية الحديبية (ولم ينكر أحد من النّاس) أي ممن حضر تلك الوقعة (عَلَيْهِمْ مَا حَدَّثُوا بِهِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ فَعَلُوهُ) أي من شربهم وسقيهم (وشاهدوه) أي بأعينهم في غيرهم (فصار كتصديق جميعهم له) فيكون إجماعا سكوتيا منهم.