الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الأول [في تعظيم العلي الأعلى جل وعلا]
(في تعظيم العليّ الأعلى) أي رفعة ورتبة (لقدر النّبيّ المصطفى) وفي نسخة بحذف النبي ووجوده أولى كما لا يخفى (قولا) ورد به القرآن الكريم والفرقان القديم (وفعلا) من معجزات باهرة وآيات ظاهرة ونصبهما بنزع الخافض. (قال الفقيه) على ما في نسخة (القاضي الإمام) على ما في أخرى (أبو الفضل رحمه الله تعالى) ففيه إشعار بأنه ملحق من كلام غيره وفي نسخة صحيحة وفقه الله وسدده ففيه تصريح بأنه من كلام نفسه لكن لا يلائمه حينئذ وصف الإمام (لا خفاء) بفتح الخاء أي لا يخفى (على من مارس) أي لازم ودارس (شيئا) أي قليلا (من العلم، أو خصّ) بصيغة المجهول أي خصه الله تعالى من بين العوام (بأدنى لمحة) بفتح اللام وهي النظرة الخفية ويروى لحظة وأما قول التلمساني هي بضم أوله أي شيء قليل من النظر وأصله من لمح البصر وهو نظر لا تردد فيه واللمحة بالفتح المرة وهو الأولى ههنا لأنه إذا كان يفهم ذلك مرة فيظهر فذو المرار أولى وأشهر فهو كلام غير محرر إذ ضم اللام غير مشتهر فتدبر (من الفهم) ويروى من الفهم وهو أظهر، (بتعظيم الله قدر نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم) الباء ظرفية متعلقة بخفاء وقدر منصوب على المفعولية (وخصوصه إيّاه) أي وتخصيص الله تعالى نبينا (بفضائل) أي بزوائد من الكرامات، (ومحاسن) أي ومستحسنات من الاخلاق المكرمات، (ومناقب) أي وبنعوت وصفات كثيرات من الكمالات العلمية والعملية التي أسناها معرفة الله سبحانه وتعالى من حيث الذات والصفات، (لا تنضبط) أي لا تجتمع لكثرتها ولا تنحصر ولا تدخل تحت ضبط (لزمام) بكسر الزاي قال التلمساني يروى بالباء واللام انتهى لكنه في النسخ المصححة باللام فقط أيّ لضابط يرى ضبطها ويقصد ربطها ويجتهد في احصائها ويتوهم إمكان استقصائها وهو مستعار من زمام الناقة وهو ما يجعل في حلقة مسلوكة في انفها لحصول انقيادها، (وتنويهه) أي وبرفع ذكره ومن تبعيضية وأبعد الدلجي في قوله من زائدة (من عظيم قدره) أي من قدره العظيم وفي نسخة صحيحة من عظم قدره وفي أخرى بعظيم قدره (بما تكلّ) بفتح فكسر فتشديد أي بما تعجز وتعي (عنه الألسنة) أي ألسنة الإنسان في البيان، (والأقلام) أي وتبيان البنان، (فَمِنْهَا مَا صَرَّحَ بِهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ونبّه به على جليل نصابه) أي عظيم منصبه، (وأثنى) أي وما أثنى (به عليه) أي في كتابه (من أخلاقه) أي أحواله الباطنة (وآدابه) أي أفعاله الظاهرة كما أخبر به عنه صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله أدبني ربي فأحسن تأديبي،
(وحضّ) بتشديد المعجمة أي ورغب وحث (العباد على التزامه) أي حملهم على قبول تكليفه بوصف دوامه (وتقلّد إيجابه) أي بإطاعة جنابه فيما أوجبه في كتابه: (فكان جل جلاله أي عظمت عظمته وعز جماله (هو الذي تفضّل) أي اعطاه من فضله (وأولى) أي أنعم عليه بما علم المولى بأنه الأولى وهذا قبل ظهور وجوده لما تعلق به من كرمه وجوده (ثمّ طهّر وزكّى) أي طهره بالتخلية وزكاه بالتحلية في عالم دنياه بما ينفعه في عقباه من التحلية وأما قول الدلجي ثم طهره من عبادة الأصنام فلا يناسب لمقامه عليه السلام (ثمّ مدح) أي مدحه (بذلك، وأثنى) أي عليه مع أنه من آثار فعله وأنوار فضله فهو الحامد والمحمود كما أنه هو الشاهد والمشهود في جميع ميادين الوجود فليس في الدار غيره موجود، (ثمّ أثاب) أي جازاه (عليه الجزاء الأوفى) أي بالجزاء الأوفر والحظ الأكبر أو نصبه على المصدر من غير فعله، (فله الفضل بدءا وعودا) أي فله الإحسان على وجه الزيادة في الابتداء والإعادة، (والحمد أولى، وأخرى) ، أي في الدنيا والعقبى وفي نسخة والحمد أولى وأخرى عطفا على الفضل أي وله الحمد كما في قوله تعالى هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ فهذه النسخة أولى من الأولى كما لا يخفى ويجوز أن يكونا اسمي تفضيل أي وله أولي الحمد وأخراه الخ والمراد استيعابه كقوله تعالى وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا وأما قول بعضهم إن اسم التفضيل لا يستعمل إلا مضافا أو موصولا بمن أو معرفا باللام فمنقوض بقوله سبحانه وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى كانوا هم أظلم واطغى المهم إلا أن يعتبر من المقدرة في حكم المذكورة (ومنها ما أبرزه) أي أظهره (للعيان) بكسر العين أي للمعاينة (من خلقه) بفتح الخاء المعجمة خلافا لمن توهم وضبطه بالضم إذ المراد هنا شمائله الظاهرة ومن لبيان ما الموصولة (على أتمّ وجوه الكمال) أي أكمل أنواع وجوه كمال الجمال وهي صفات اللطف والإكرام (والجلال) وهي صفات القهر والانتقام أو المراد بالكمال النعوت الثبوتية وبالجلال الصفات السلبية وهي قولنا في حقه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا في زمان ولا في مكان وسائر الأمور الحدوثية فحينئذ يقال معناه المنزه عن شوائب النقصان في نظر أرباب الحال وفي نسخة بكسر الخاء المعجمة بمعنى الخصال، (وتخصيصه) أي ومن جعله مخصوصا (بالمحاسن الجميلة) أي الحسنة من الأفعال، (والأخلاق الحميدة) أي المحمودة من الأحوال، (والمذامي الكريمة) أي المرضية من الأقوال، (والفضائل العديدة) أي الكثيرة التي عدها من المحال وهو من العد ومعناه الكثير لا من العدد فيتوهم أنها حصرت واحصيت ويروى السديدة أي الفضائل الواقعة على سنن السداد (وتأييده) أي ومن تقويته (بالمعجزات الباهرة) أي البارعة الفائقة الغالبة القاهرة، (والبراهين الواضحة) أي وبالادلة الظاهرة (والكرامات البيّنة) أي الخوارق اللائحة وهي أعم من المعجزات فإنها مقرونة بالتحدي مع عدم المعارضة مما يصدق الله تعالى بهما انبياءه في دعوى النبوة سميت معجزة للاعجاز عن الاتيان بمثلها وسميت آية لكونها علامة دالة على تصدق الله تعالى لهم مع أن المقام مقام يذم
فيه الإيجاز ويمدح الاطناب سيما في خطاب الاحباب (التي شاهدها) أي عاينها وأغرب التلمساني بقوله أي حضر لها ففاعل بمعنى فعل أي شهدها (من عاصره) أي من أدرك عصره وزمانه ويروى من عاصرها أي البراهين والكرامات، (ورآها من أدركه) أي صادف أوانه ويروى من أدركها، (وعلمها علم اليقين) وفي نسخة علم يقين أي من غير شك وتخمين قال بعض العارفين علم اليقين ما كان بشرط البرهان وعينه بحكم البيان وحقه بنعت العيان فعلم اليقين لأصحاب العقول وعينه لأصحاب العلوم وحقه لأصحاب المعارف (من جاء بعده) أي من التابعين واتباعهم، (حتّى انتهى) أي إلى أن وصل (علم حقيقة ذلك) أي بلغ حقيقة ما هنالك (إلينا وفاضت أنواره) أي ظهرت آثاره وكثرت أنواره ويروى أنوارها (عَلَيْنَا:«صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا» . حَدَّثَنَا) وفي بعض النسخ أخبرنا (الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الحافظ) رحمه الله تعالى وهو الأندلسي المعروف بابن سكرة بضم فتشديد ترجمته معروفة استشهد بثغر الأندلس سنة أربع عشرة وخمسمائة وكان من أهل العلم بالحديث (قراءة منّي عليه) نصب قراءة على نزع الخافض أو على أنه تمييز أو حال أي حدثنا بقراءة أو من جهة قراء أو حال قراءة مني عليه لا بقراءته ولا بقراءة غيره وهذا على مذهب من لا يرى بين حدثنا وأخبرنا وأنبأنا فرقا كالبخاري ومن تبعه، (قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الجبّار) أي ابن أحمد الحمامي بفتح مهملة وتخفيف وهو من أهل الخير والصلاح على ما ذكره ابن ماكولا في اكماله، (وأبو الفضل أحمد بن خيرون) بفتح معجمة فسكون تحتية ممنوعا وقد يصرف ثقة عدل متقن له ترجمة في الميزان توفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة قال الحلبي رأيت عن المزني أن الأصل في خيرون الصرف ولكن المحدثون لا يصرفونه لشبهه بالجمع المذكر السالم انتهى والأظهر أنه بناء على اعتبار المزيدتين مطلقا عند بعضهم كالفارسي كما قالوا في سيرين وغلبون، (قالا) أي كلاهما:(حدّثنا أبو يعلى البغداديّ) بالمعجمة في الثانية وهو الأصح وإلا فيجوز بمهملتين ومعجمتين وبإهمال إحديهما وإعجام الأخرى وهو أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر يعرف بابن زوج الحرة، (قال حدّثنا أبو عليّ السّنجيّ) بكسر المهملة وسكون نون فجيم نسبة إلى بلدة تسمى سنج مرو، (قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ) هو أبو العباس المحبوبي المروزي التاجر الأمين راوي جامع الترمذي عنه مشهور، (قال: حدّثنا أبو عيسى بن سورة) بفتح مهملة وسكون واو فراء (الحافظ) أي الترمذي وهو صاحب الجامع الضرير قيل ولد اكمه قال الذهبي ثقة مجمع عليه ولا التفات إلى قول أبي محمد بن حزم أنه مجهول فإنه ما عرفه ولا أدري بوجود الجامع ولا إلى علل الدين انتهى ولا شك أن تجهيل الترمذي يضر ابن حزم بلا عكس كما لا يخفى، (قال: حدّثنا إسحاق بن منصور) هذا هو الكوسج الحافظ روى عن ابن عيينة فمن بعده وعنه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه (حدّثنا عبد الرّزاق) أي ابن همام بن نافع أبو بكر الصغاني الحافظ أحد الأعلام روى عن ابن جريج ومعمر وأبي ثور وعنه أحمد وإسحاق
صنف الكتب أخرج له أصحاب الكتب الستة، (أنبأنا معمر) بفتح الميمين ابن راشد أبو عروة البصري عالم اليمن أخرج له الجماعة قال معمر طلبت العلم سنة مات الحسن ولي أربع عشرة سنة (عن قتادة) هو ابن دعامة أبو الخطاب السدوسي الأعمى الحافظ المفسر روى عن عبد الله بن سرجس وأنس وخلق وعنه أيوب وشعبة وخلق (عن أنس رضي الله تعالى عنه) أي ابن مالك خادم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وترجمته شهيرة ومناقبه كثيرة (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم: أتي) أي جيء (بالبراق) بضم الموحدة وتخفيف الراء سمي به لسرعة سيره كالبرق أو لشدة بريقه وقيل لكونه أبيض وقال المصنف لكونه ذا لونين يقال شاة برقاء إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود وقد وصف في الحديث بأنه أبيض وقد يكون من نوع الشاة البرقاء وهي معدودة في البيض انتهى وهو دابة دون البغل وفوق الحمار ويضع حافره عند منتهى طرفه كما في الصحيح وفي رواية على ما نقله ابن أبي خالد في كتاب الاحتفال في اسماء خيل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن وجهه كوجه الإنسان وجسده كجسد الفرس وقوائمه كقوائم الثور وذنبه كذنب الغزال لا ذكر ولا انثى وفي تفسير الثعلبي جسده كجسد الإنسان وذنبه كذنب البعير وعرفه كعرف الفرس وقوائمه كقوائم الإبل وإظلافه كأظلاف البقر وصدره كأنه ياقوتة وظهره كأنه درة بيضاء وله جناحان في فخذيه يمر كالبرق (ليلة أسري به) ظرف بني على الفتح لإضافته إلى الجملة الفعلية الماضوية المبنية للمجهول (ملجما مسرجا) اسما مفعول من الالجام والإسراج وهما حالان مترادفان أو متداخلان (فاستصعب) أي استعسر البراق (عليه) أي لبعد عهده بالأنبياء من جهة طول الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام على ما ذكره ابن بطال في شرح البخاري وهي ستمائة سنة على ما ذكره التلمساني أو لأنه لم يركبه أحد قبل نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بناء على خلاف سيأتي في ذلك وقيل استصعب تيها وزهوا بركوبه عليه السلام، (فقال له جبريل) وفيه ثلاث عشرة لغة والمتواتر منها أربع معروفة، (أبمحمّد تفعل هذا) أي يا براق كما في رواية وضبط تفعل بخطاب المذكر ولو روي بصيغة المجهول الغائب لكان له وجه والهمزة للإنكار التوبيخي والإشارة إلى الاستصعاب المفهوم من استصعب (فما ركبك) بخطاب المذكر تعظيما له (أحد أكرم) بالرفع والنصب (على الله تعالى منه) وفي رواية فو الله ما ركبك ملك مقرب ولا نبي مرسل أفضل ولا أكرم على الله منه فقال قد علمت أنه كذلك وأنه صاحب الشفاعة وأني أحب أن أكون في شفاعته فقال أنت في شفاعتي (قال) النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو أنس رواية عنه (فارفضّ) بتشديد الضاد المعجمة أي فسال البراق (عرقا) نصب على التمييز المحول من الفاعل أي تبدد عرقه حياء وخجالة مما صدر عنه بمقتضى طبعه فهذا يؤيد القول الأول فتأمل وقد قال الزبيدي في مختصر كتاب العين في اللغة وصاحب التحرير وهي دابة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والثناء قال النووي وهذا الذي قالاه من اشتراك جميع الأنبياء معه يحتاج إلى نقل صحيح انتهى وقد قال ابن بطال ما معناه ركبها
الأنبياء وأقره السهيلي على ذلك وفي سيرة ابن هشام أنه بلغه عن عبد الله يعني ابن الزبير في حج إبراهيم البيت وفي آخره وكان إبراهيم يحجه كل سنة على البراق انتهى ونقل القرطبي في تذكرته قبيل أبواب الجنة بيسير عن ابن عباس ومقاتل والكلبي في قوله تعالى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ أن الموت والحياة جسمان فيجعل الموت في هيئة كبش لا يمر بشيء ولا يجد ريحه شيء إلا مات وخلق الحياة في صورة فرس انثى بلقاء وهي التي كان جبريل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يركبونها خطوها مد البصر فوق الحمار دون البغل لا تمر بشيء يجد ريحها الا حيي إلى أن قال حكاه الثعلبي والقشيري عن ابن عباس والماوردي عن مقاتل والكلبي وفيها أيضا في صفة الجنة ونعيمها أن البراق يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضها وهذا من كلام الترمذي الحكيم وحديث فما ركبك أحد أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم صريح في ذلك وكل هذا يرد على النووي كذا قاله الحلبي لكن فيه بحث إذ ليس فيما ذكر نقل صحيح ولا دليل صريح على أن البراق واحد مشترك فيه فعلى تقدير صحة التعدد ينبغي أن يجعل اللام للجنس جمعا بين الروايات وأن يكون لكل نبي براق لكن أخرج الطبراني عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعا وأبعث على البراق فهذا يشير إلى اختصاصه عليه السلام يومئذ به واشتراكه قبل ذلك اليوم وقد ذكر السيوطي في البدور السافرة قال معاذ وأنت تركب العضباء يا رسول الله قال لا تركبها ابنتي وأنا على البراق اختصصت به دون الأنبياء يومئذ الحديث فهذا ظاهره اتحاد البراق مع احتمال اختصاصه بركوبه صلى الله تعالى عليه وسلم دون الأنبياء حينئذ والله تعالى أعلم وقد جاء في بعض الروايات أن جبريل عليه الصلاة والسلام أيضا ركب معه عليه الصلاة والسلام والظاهر أنه ركب خلفه بل جاء صريحا فيما رواه الطبراني في الأوسط من رواية محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن أبيه أن جبريل أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالبراق فحمله بين يديه الحديث قال الطبراني لا يروى عن ابن أبي ليلى إلا بهذا الإسناد قال الحلبي وهو معضل ويرده قول العسقلاني ليس بمعضل بل سقط عليه قوله عن جده وهو ثابت في أصل الطبراني انتهى وفي مسند أبي يعلى عن علقمة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال أتيت بالبراق فركب خلفي جبريل عليه السلام الحديث قال الحلبي فهذا نقل في المسألة ولكنه مرسل قلت والمرسل حجة عند الجمهور وقد ذكر ابن حبان في صحيحه أن جبريل عليه السلام حمله على البراق رديفا له قال الحلبي هذا وما تقدم يتعارضان لكن حديث أبي يعلى ضعيف ولو صح لجمع بينهما بأنه تارة ركب هذا ذهابا أو إيابا والآخر كذلك إذا قلنا إن الإسراء مرة وهو الصحيح على ما قاله بعضهم قلت الصواب في دفع التعارض والجمع بين التناقض أن يجعل رديفا حالا من الفاعل في حمله على ما هو الظاهر ليكون الضميران المستتران لجبريل عليه السلام والبارزان له صلى الله تعالى عليه وسلم وهو المقتضي للأدب خصوصا في الرسول بالنسبة إلى المطلوب المحبوب ويؤيده أنه صلى الله تعالى عليه وسلم
قال لأبي ذر وقد رآه يمشي أمام أبي بكر أتمشي أمامه وهو خير منك ثم اعلم أنه اختلف في الإسراء والمعراج هل كانا في ليلة واحدة أو لا وأيهما كان قبل الآخر وهل كان ذلك في اليقظة أو المنام أو بعضه كذا وبعضه كذا أو يقال أسري به ولا يتعرض لمنام ولا يقظة على ما في أوائل الهدي لابن القيم فتصير الأقوال خمسة وهل كان المعراج مرة أو مرات واختلفوا في زمانه فقيل للسابع والعشرين من شهر الربيع الأول وقيل من الآخر وقيل لسبع عشرة خلت من شهر رمضان وقيل ليلة سبع وعشرين من رجب وبه جزم النووي في الروضة في السير وخالف في الفتاوى فقال إنهما ليلة السابع والعشرين من شهر الربيع الأول وخالف المكانين المذكورين في شرح مسلم فجزم بأنهما ليلة السابع والعشرين من شهر الربيع الآخر تبعا للقاضي عياض وعن الماوردي أنهما في شوال وسيأتي أقوال سبعة في تعيين السنة.