الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه حتى بسببه (لم تكن امرأة بالمدينة) أي فضلا عن غيرها (أشدّ حياء منها) أي ببركته ويمن همته.
فصل [في إجابة دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم]
(في إجابة دعائه عليه الصلاة والسلام أي لقوم وعلى بعض (وهذا باب واسع) أي متسع ذيله وما يتعلق به (جدّا) بكسر الجيم وتشديد الدال منصوب على المصدر أي وسعا كثيرا (وإجابة دعوة النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لجماعة بما دعا لهم) أي بالخير تارة (وعليهم) أي بالشر تارة وهذا مفهوم كلام المصنف بحسب الظاهر ولكن الأظهر أن المراد به أنه دعا لبعض منهم بالمنفعة ولآخرين منهم بالمضرة ولذا قال التلمساني فكأنه أوصله نفعا وصب عليه شرا (وهذا أمر متواتر في الجملة) وفي نسخة على الجملة أي لا على التفصيل (معلوم ضرورة) أي عند أهل السيرة. (وقد جاء في حديث حذيفة) أي من رواية أحمد بن محمد بن حنبل في مسنده (كان رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا لِرَجُلٍ أَدْرَكَتِ الدَّعْوَةُ) أي أثرها (ولده وولد ولده) وفيه تنبيه على صحة معنى ما يقال الولد سر أبيه ويؤيده قوله تعالى وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً قيل كان بينهما سبعة آباء قال أي المصنف. (حدّثنا أبو محمد العتابيّ) بتشديد الفوقية (بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ محمد) بكسر التاء (حدّثنا أبو الحسن) وفي نسخة بالتصغير والأول هو الصحيح (القابسيّ) بكسر الموحدة (حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف) أي الفربري (حدّثنا محمّد بن إسماعيل) أي البخاري صاحب الجامع وقد أخرجه مسلم أيضا (حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود) أي البصري من رواية مالك (حدّثنا حرمي) بفتح الحاء والراء وهو ثابت بن روح وكنيته أبو عمارة ابن أبي حفصة (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قال قالت أمّي) وهي أم سليم بنت ملحان (يَا رَسُولَ اللَّهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ ادْعُ اللَّهَ له قال اللهمّ أكثر ماله) أي حلالا (وولده) أي صالحا (وبارك له فيما آتيته) أي أعطيته من المال والولد فأوتي مالا كثيرا وأولادا مات له في الطاعون الجارف سبعون ولدا من صلبه غير أولاد أولاده. (ومن رواية عكرمة) أي على ما انفرد بها مسلم وهو ابن عمار الحنفي اليمامي وكان مجاب الدعوة (قال أنس فو الله إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي ليعادّون) بضم الياء وتشديد الدال أي يعد بعضهم بعضا وليزيدون (اليوم على نحو المائة) قال التلمساني وفي رواية الصحيحين والمصابيح ليتعادون بزيادة التاء (وفي رواية) وهي غير معروفة (وما أعلم أحدا أصاب) اليوم (من رخاء العيش) أي سعة المعيشة وكثرة النعمة (ما أصبت) أي ببركة دعوة صاحب النبوة وأثر كثرة الملازمة والخدمة هذا واستدل بعضهم بدعائهم عليه السلام لأنس على تفضيل الغنى على الفقر وأجيب بأنه مختص بدعاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأنه قد بارك فيه ومتى بورك فيه لم يكن فيه فتنة فلم يحصل بسببه مضرة (ولقد دفنت بيديّ) بتشديد الياء (هَاتَيْنِ مِائَةً مِنْ
ولدي لا أقول سقطا) بكسر السين ويجوز ضمها وفتحها وهو الجنين الذي يسقط قبل تمامه (ولا ولد ولده) أي لا أحسبها في العدد قال الحلبي واعلم أن في البخاري في الصوم من رواية حميد عن أنس قال حدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي مقدم الحجاج البصري عشرون ومائة قيل وكان مقدمه سنة خمس وسبعين وقد ولد لأنس بعد ذلك أولاد كثيرة وتوفي سنة ثلاث وتسعين ونقل عن أبي قتيبة أنه وقع على الأرض من صلب المهلب ابن أبي صفرة البصري ثلاثمائة ولد. (ومثله) وفي نسخة صحيحه ومنه أي ومن دعائه المجاب (دعاؤه لعبد الرّحمن بن عوف بالبركة) على ما رواه البيهقي (قال) أي عبد الرحمن كما في نسخة صحيحه (فَلَوْ رَفَعْتُ حَجَرًا لَرَجَوْتُ أَنْ أُصِيبَ تَحْتَهُ ذهبا وفتح الله عليه) أي فتوحات كثيرة وأموالا غزيرة (ومات فحفر الذّهب) بصيغة المجهول أي استخرج مما كان مدفونا (من تركته) بفتح فكسر أي متروكاته بعد خيراته ومبراته (بالفؤوس) بضم الفاء والهمزة وسكون الواو جمع فأس بالهمزة ويبدل كراس ورؤوس وكأس وكؤوس (حتّى مجلت) بفتح الجيم ويكسر أي تنفطت من كثرة العمل (فيه الأيدي وأخذت كلّ زوجة) أي من زوجاته (ثمانين ألفا وكنّ أربعا) فجملته ثلاثمائة وعشرون ألفا (وقيل مائة ألف) بالنصب أي أخذت كل واحدة منهن مائة ألف فجملته أربعمائة أَلْفٍ (وَقِيلَ بَلْ صُولِحَتْ إِحْدَاهُنَّ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا في مرضه) أي الذي مات فيه (على نيّف) بتشديد التحتية المكسورة وتسكينها أي زيادة بمعنى كسر (وثمانين ألفا وأوصى بخمسين ألفا) أي ألف دينار في سبيل الله كما صرح به عروة بن الزبير وكذا أوصى بألف فرس في سبيل الله كما ذكر الحجازي وغيره (بعد صدقاته الفاشية) أي الكثيرة الشائعة (في حياته وعوارفه العظيمة) أي معروفاته الجزيلة قبل مماته (أَعْتَقَ يَوْمًا ثَلَاثِينَ عَبْدًا وَتَصَدَّقَ مَرَّةً بِعِيرٍ) بكسر العين أي بقافلة (فيها سبعمائة بعير وردت عليه) أي جاءت من سفر تجارة (تحمل من كلّ شيء) أي من أجناس الأموال وأنواعها (فتصدّق بها) أي بالأبعرة السبعمائة (وبما عليها) أي من أنواع البضائع المختلفة (وبأقتابها) جمع قتب بالتحريك وهو للبعير كالأكاف لغيره (وأحلاسها) جمع حلس بالكسر وهو كساء يلي ظهر البعير تحت القتب وفي ذكرهما مبالغة في الاستيفاء وتأكيد للاستقصاء هذا وقد قال الحلبي الذي استحضره من صدقات عبد الرحمن بن عوف أنه تصدق بشطر ماله أربعة آلاف ثم بأربعين ألفا ثم بأربعين ألف دينار ثم تصدق بخمسمائة فرس في سبيل الله ثم بخمسمائة راحلة وفي الترمذي أنه أوصى لأمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعمائة ألف قال الترمذي حديث حسن وقال الزهري أوصى لمن بقي من أهل بدر لكل رجل بأربعمائة دينار وكانوا مائة فأخذوها وأخذ عثمان فيمن أخذ وأوصى بألف فرس في سبيل الله انتهى وروي أنه رضي الله تعالى عنه لما حث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الصدقة جاءه بأربعة آلاف درهم وقال يا رسول الله كان لي ثمانية آلاف درهم فأقرضت ربي أربعة وأمسكت لعيالي أربعة فقال صلى الله تعالى عليه وسلم بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت فبارك الله في ماله (ودعا لمعاوية) أي ابن
أبي سفيان رضي الله عنهما (بالتّمكين في البلاد فنال الخلافة) أي أصابها في الجملة أو على وفق ما أراد إذ الصحيح أنه لا يسمى خليفة على خلاف بعد نزول الحسن والمعتمد أن الخلافة تمت بخلافة الحسن بعد أبيه بستة أشهر لقوله عليه الصلاة والسلام الخلافة بعدي في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك رواه أحمد والترمذي بسند صحيح وكذا ابن حبان عن سفينة ثم رأيت أنه قيل صوابه الإمارة وقد روى ابن سعد دعاءه عليه الصلاة والسلام اللهم علمه الكتاب ومكنه في البلاد وقه العذاب وروي أنه عليه الصلاة والسلام قال لن يغلب معاوية وقد بلغ عليا هذه الرواية فقال لو علمت لما حاربته، (ولسعد بن أبي وقّاص) أي دعا له رضي الله عنه أَنْ يُجِيبَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ فما دعا) أي سعد (على أحد إلّا استجيب له) رواه الترمذي موصولا ورواه البيهقي عن قيس بن أبي حازم مرسلا بلفظ اللهم استجب له إذا دعا وحسنه قد استجيب له دعوات مروية في الصحيح وغيره منها أن رجلا نال من علي كرم الله وجهه بحضرته فقال اللهم إن كان كاذبا فأرني فيه آية فجاء جمل فتخبطه حتى قتله ومنها ما رواه البخاري أنه دعا على أبي سعدة اللهم أطل عمره وأطل فقره وعرضه للفتن قال الراوي فلقد رأيته شيخا كبيرا سقط حاجباه على عينيه يتعرض للجواري يغمزهن فيقال له فيقول شيخ مفتون اصابته دعوة سعد؛ (ودعا) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (بِعِزِّ الْإِسْلَامِ بِعُمَرَ رضي الله عنه أَوْ بأبي جهل فاستجيب له في عمر) رواه الإمام أحمد والترمذي في جامعه وغيرهما عن ابن عمر به مرفوعا ولفظه اللهم أيد الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب وصححه ابن حبان والحاكم في مستدركه عن ابن عباس اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب وفي لفظ أعز الإسلام بعمر وقال إنه صحيح الإسناد وفيه عن عائشة اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة وقال ينه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأما ما يدور على الألسنة من قولهم اللهم أيد الإسلام بأحد العمرين فلا يعلم له أصل في المبنى وإن كان يصح نقله بالمعنى بناء على تغليب عمر على عمرو بن هشام وهو اسم أبي جهل وكان يكنى أولا أبا الحكم فكناه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أبا جهل فغلبت عليه هذه الكنية، (وعن ابن مسعود) وفي نسخة وقال ابن مسعود (ما زلنا أعزّة) جمع عزيز أي أقوياء وعظماء أو ظاهرين قاهرين (منذ أسلم عمر) قلت وفي الآية إشارة إلى هذه العزة حيث نزل عند إيمانه قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فإنه رضي الله تعالى عنه كان تمام الأربعين؛ (وأصاب النّاس في بعض مغازيه) أي مسير غزواته صلى الله تعالى عليه وسلم (عطش) أي شديد (فسأله عمر الدّعاء) أي الاستسقاء (فدعا فجاءت سحابة فسقتهم حاجتهم) بالنصب أي قدر كفايتهم (ثمّ أقلعت) بفتح الهمزة واللام أي أقشعت السحابة وانجلت (ودعا في الاستسقاء) أي يوم جمعة على المنبر في المدينة كما رواه الشيخان عن أنس (فسقوا) بصيغة المفعول (ثمّ شكوا إليه المطر) أي كثرته حيث خيف ضرره في الجمعة الثانية وهو على منبره (فدعا) أي بكشفه (فصحوا) بفتح الصاد وضم الحاء وفتحها
أي فانكشف ما بهم من السحابة (وقال لأبي قتادة أفلح وجهك) جملة خبرية في المبنى دعائية في المعنى أي بقي وفاز وظفر (اللهمّ بارك له) أي لأبي قتادة (في شعره) بفتح العين ويسكن (وبشره) بفتحتين أي ظاهر جلده حتى يستمر أحسنين (فمات) أي أبو قتادة (وهو ابن سبعين سنة) جملة حالية وكذا قوله (وكأنّه ابن خمس عشرة سنة) بسكون الشين المعجمة وتكسر رواه البيهقي، (وقال) أي النبي عليه الصلاة والسلام (للنّابغة) أي الجعدي واسمه قيس بن عبد الله وقيل عكسه حين أنشده قصيدته الرائية (لا يفضض الله) بضم الضاد المعجمة الأولى وكسر الثانية على أن لا ناهية وضمها على أن لا نافية وهي أبلغ أي لا يسقط وقيل لا يكسر من فض كسر وفرق وروي لا يفض الله فاك من الفضاء وهو الخلاء أي يجعل الله فاك فضاء لا اسنان فيه (فاك) أي أسنانك أو أسنان فيك باعتبار أحد المجازين كقوله تعالى وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (فما سقطت له سنّ) رواه البيهقي وابن أبي أسامة وروي مثله عن عمه العباس قال يا رسول الله إني مدحتك فقال لا يفضض الله فاك فأنشد الأبيات السابقة (وفي رواية فكان) أي النابغة (أحسن النّاس ثغرا) بفتح المثلثة وسكون الغين المعجمة أي سنا وقيل هو ما تقدم من الإنسان ويؤيد الأول عموم قوله (إِذَا سَقَطَتْ لَهُ سِنٌّ نَبَتَتْ لَهُ أُخْرَى وعاش عشرين ومائة) هو لغة في مائة وعشرين (وقيل أكثر من هذا) فقيل عاش مائة وثمانين سنة وقيل مائتين وأربعين سنة وكان في الجاهلية يصوم ويستغفر وبقي إلى أيام ابن الزبير وأخرج له بقي مخلد حديثا واحدا وفي الشعراء جماعة غيره يقال لكل منهم النابغة وإذا أطلق فهو المراد واختلف في سبب الدعاء له فقيل قوله:
بلغنا السماء مجدنا وسناءنا
…
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال إلى أين يا أبا ليلى قال فقلت إلى الجنة فقال نعم إن شاء الله وقال الحديث وقيل قوله:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له
…
بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له
…
تأن إذا ما أورد الأمر أصدرا
وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أجدت فلا سقط له سن، (ودعا لابن عبّاس) كما رواه الشيخان (اللهمّ فقّهه في الدّين) أي علمه ما يحتاج إليه في أمر الدين من الأمور الواضحة للمجتهدين (وعلّمه التّأويل) أي تأويل الكتاب والسنة من آل يؤول إلى كذا إذا رجع إليه وأريد به صرف اللفظ عن ظاهره لدليل لولاه ما صرف عن حاله (فسمّي) أي ابن عباس (بعد) بضم الدال أي بعد دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم له (الحبر) بفتح الحاء وتكسر أي حبر الأمة وهو عالمها سمي به وهو المداد لمزاولته له غالبا في أداء المراد وفي نسخة البحر بدل الحبر أي بحر العلم، (وترجمان القرآن) بفتح التاء وضم الجيم وضمهما وحكي فتحهما أي مفسره ومعبره والترجمان في الأصل من يترجم الكلام أي ينقله من لغة
إلى لغة أخرى وفي القاموس الترجمان كعنفوان وزعفران وريهقان المفسر للسان. (ودعا لعبد الله بن جعفر) أي ابن أبي طالب (بالبركة في صفقة يمينه) أي تبايعه وسمى صفته لوضع كل من البائعين يده في يد الآخر عرفا وعادة (فما اشترى شيئا إلّا ربح فيه) رواه البيهقي عن عمرو بن حريث؛ (ودعا للمقداد) أي ابن الأسود (بالبركة فكان له) وفي نسخة صحيحة عنده (غرائر) بفتح الغين جمع غرارة بالكسر وهي جوالق (من المال) رواه البيهقي في الدلائل عن بضاعة بنت الزبير (ودعا بمثله) أي بمثل ما دعا للمقداد من البركة (لعروة بن أبي الجعد) قال ابن المديني أخطأ من قال فيه عروة بن الجعد وإنما هو ابن أبي الجعد انتهى وهو صحابي مشهور وحديثه هذا رواه البخاري (وقال) أي عروة كما رواه أحمد (فلقد كنت أقوم) أي أقف كما في نسخة (بالكناسة) بضم الكاف موضع أو سوق بالكوفة وكانوا يرمون فيه كناسات دورهم (فما أرجع) أي عنها (حتّى أربح) بفتح الموحدة أي استفيد (أربعين ألفا) يحتمل الدينار والدرهم، (وقال البخاريّ في حديثه. فكان) أي عروة (لو اشترى التّراب) أي مثلا (ربح فيه، وروي مثل هذا) أي الدعاء بالبركة (لغرقدة) بغين معجمة فراء ساكنة (أيضا) قال الدلجي لا أدري من رواه (وندّت) بنون وتشديد أي نفرت وذهبت على وجهها شاردة (له) أي لغرقد (ناقة فدعا) أي النبي عليه الصلاة والسلام على ما هو ظاهر الكلام (فجاءه بها) وفي نسخة صحيحة فجاءه بها (إعصار ريح) بالإضافة والإعصار بالكسر ريح عاصف يستدير في الأرض ثم يسطع إلى السماء مستديرا كالعمود (حتّى ردّها) أي الأعصار الناقة (عليه) أي على غرقد، (ودعا لأمّ أبي هريرة) أي بالهداية كما رواه مسلم وغيره (فأسلمت) فعن أبي هريرة قال دعوت أمي يوما إلى الإسلام وهي مشركة فأسمعتني فى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما أكره فأتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا أبكي فقلت يا رسول الله ادع الله يهدي أم أبي هريرة فقال اللهم اهد ام أبي هريرة فخرجت مستبشرا بدعوته عليه السلام فلما صرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسعمت أمي خشف قدمي فقلت مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فرجعت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا أبكي من الفرح فحمد الله وقال خيرا، (ودعا لعليّ أن يكفى) بصيغة المفعول أي يحفظ (الحرّ والقرّ) بضم القاف وفتحها وتكسر البرد أو شديده أي شرهما، (فكان) أي علي (يَلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ ثِيَابَ الصَّيْفِ، وَفِي الصَّيْفِ، ثياب الشّتاء، ولا يصيبه) ويروى ولا يسيئه ويروى ولا يسوؤه (حرّ ولا برد) أي مع اختلاف الأحوال والحديث رواه ابن ماجة والبيهقي، (ودعا الله لفاطمة ابنته أن لا يجيعها) أي جوعا شديدا (قالت فما جعت. بعد) أي بعد ذلك الدعاء ابدا رواه البيهقي عن عمران بن حصين، (وسأله) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما في نسخة (الطّفيل) بالتصغير أي ابن عمرو كما في نسخة وهو ابن طريف الأزدي الدوسي قتل يوم اليمامة وكان شريفا مطاعا في قومه روى أبو الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة أنه قال لما قال الطفيل بن عمرو للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن دوسا قد غلب عليهم الزنا والربا فادع الله عليهم قلنا هلكت دوس حتى قال عليه السلام اللهم أهد دوسا (آية) أي علامة تكون كرامة (لقومه) أي عندهم (فقال اللهمّ نوّر له فسطع) أي ظهر ولمع (له نور بين عينيه فقال يا ربّ أخاف أن يقولوا مثلة) بضم الميم ويفتح ويكسر وسكون المثلثة أي تنكيل وعقوبة وهي مرفوعة وقيل منصوبة (فتحوّل) أي فاستجيب دعاؤه وانتقل ذلك النور (إِلَى طَرَفِ سَوْطِهِ فَكَانَ يُضِيءُ فِي اللَّيْلَةِ المظلمة) وروي الظلماء (فسمّي ذا النّور) كالحسنين ابني علي وأسيد بن حضير وعباد بن بشر وحمزة بن عمرو الأسلمي وقتادة بن النعمان كل سمي بذلك وأما ذو النورين فهو لقب عثمان لأنه تزوج بنتين لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والحديث هذا وراه ابن إسحاق بلا سند والبيهقي عنه وابن جرير من طريق الكلبي. (ودعا على مضر) على وزن عمر وهم قبيلة (فأقحطوا) بصيغة المجهول أي فدخلوا في القحط باحتباس المطر عنهم وانقطاع الخير منهم (حتّى استعطفته قريش) أي طلبوا منه أن يعطف عليهم ويرحمهم، (فدعا لهم) أي بالمطر (فسقوا) بصيغة المجهول أي فأعطوا مطرا فأخصبوا رواه النسائي عن ابن عباس والبيهقي عن ابن مسعود وأصله في الصحيحين، (ودعا على كسرى) بكسر الكاف وتفتح لقب لكل ملك الفرس وهو هنا أبرويز بن هرمز قال الطبري وتفسيره المظفر بن هرمز بن أنوشروان وتفسيره بالعربية مجدد الملك (حين مزّق كتابه) بتشديد الزاء أي شقق مكتوبه عليه السلام (أن يمزّق الله ملكه) أي بتمزيق الله ملكه فمزقه كل ممزق، (فلم تبق له باقية) أي نفس باقية أو أثر وبقية قال السهيلي ولما دعا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عليه وقع أمره في الانحطاط إلى أن قتله ابن له يقال له شيرويه ومات ابنه الذي قتله بعد أبيه بزمن يسير وسببه أن أبرويز قيل له أن ابنك شيرويه يريد قتلك قال إذا قتلني فأنا أقتله ففتح خزانة الأدوية وكتب على حقة السم الدواء النافع للجامع وكان ابنه مولعا بالجماع فلما قتل أباه وفتح الخزانة ورأى تلك الحقة تناول منها فمات من ذلك ومات سائر أولاده وأكثر أقاربه بعد دعائه عليه الصلاة والسلام لستة أشهر ومالت عنهم الدولة حتى انقرضوا عن آخرهم في خلافة عثمان، (ولا بقيت لفارس) بكسر الراء مصروفا وممنوعا أي لأهل فارس (رياسة في أقطار الدّنيا) أي نواحيها رواه البخاري من طريق ابن عباس (ودعا على صبيّ قطع عليه) أي بمروره بين يديه (الصّلاة) أي صلاته كما في نسخة (أن يقطع الله أثره) ومن جملته مشي قدميه كما قال وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ، (فأقعد) بصيغة المجهول أي صار مقعدا لا يستطيع النهوض وفي رواية قطع صلاتنا قطع الله أثره وفي أصل الدلجي دابره بدل أثره فتكلف في وجهه بأن الدابر في الأصل الآخر ومنه قوله تعالى فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي آخرهم فلم يبق أحد منهم ثم استعير للزمانة كما هنا بسلب قوة مشيه هذا والحديث رواه أبو داود والبيهقي ورواه ابن حبان عن سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن مهران يقول مررت بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يصلي فقال اللهم
اقطع أثره فما مشيت وقد ضعف عبد الحق وابن القطان إسناده وكذا ابن القيم وقال الذهبي أظن أنه موضوع ثم على تقدير ثبوته فيه إشكال وهو أنه عليه الصلاة والسلام كيف يدعو على الصبي وهو غير مكلف بالأحكام مع أن القاضي جزم بذلك في مقام المرام وجوابه نقل عن البيهقي في المعرفة أن الأحكام إنما صارت متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة قال الحلبي وفي كلام السبكي أنها إنما سارت متعلقة بالبلوغ بعد أحد ثم قال الحلبي أو يقال إن هذا من باب خطاب الوضع لأنه اتلاف لا يشترط فيه التكليف انتهى وتبعه الأنطاكي وقرره التلمساني وفيه أن الصلاة صحيحة بالإجماع فليس من الاتلاف بلا نزاع نعم اتلاف لكمال الحال في حضور البال وهو غير مقتض لهذا النكال ولذا قال الدلجي وأجيب هنا بما لا يشفى ثم أقول ولعل الصبي كان من أولاد الكفار وقد أمره أهله بأن يقطع الصلاة على سيد الابرار فأراهم صلى الله تعالى عليه وسلم معجزة إظهارا للمعزة ودفعا للمذلة أو كان الصبي مراهقا فظنه عليه الصلاة والسلام بالغا وفي قطعه قاصدا فتبين أنه كان صبيا قاصرا أو يكون من باب قضية الخضر مع الصغير مكاشفا، (وقال لرجل) هو بسر بضم الموحدة وسكون المهملة ابن راعي العير الأشجعي قيل كان منافقا (رآه يأكل بشماله) فقال له (كل بيمينك، فقال لا أستطيع) أي أن آكل بيميني لعذر بي، (فقال لا استطعت) أن تأكل بيمينك دعاء عليه لكونه كاذبا فيما ادعاه (فلم يرفعها) أي يمينه بعد ذلك (إليّ فيه) أي فمه لا عند أكله ولا في حال غيره والحديث رواه مسلم عن سلمة بن الأكوع واستدل به على وجوب الأكل باليمين ولا دلالة فيه عند المحققين، (وقال لعتبة) بضم أوله وفي نسخة بالتصغير (ابن أبي لهب) أي ابن عبد المطلب ابن هاشم (اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَأَكَلَهُ الأسد) أي ليلا وهو مسافر وقد جعله أصحابه بينهم محيطين فتخطاهم نائمين فافترسه رواه ابن إسحاق عن عروة بن الزبير عن هبار ابن الأسود والحاكم من حديث أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه والبيهقي من طرق عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله تعالى عنهم قال الحلبي واعلم أن عتبة اسلم يوم الفتح وكذا أخوه معتب ولم يهاجرا من مكة وهذا هو المشهور وبعضهم جعل هذا عقير الأسد وجعل عتيبة المصغر هو الذي أسلم وصحب والمشهور أن المصغر عقير الأسد والمكبر هو الصحابي والله تعالى أعلم وسبب دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم ما روى عروة بن الزبير أن عتيبة بن أبي لهب وكان تحته بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أراد الخروج إلى الشام فقال لآتين محمدا فلأوذينه فأتاه فقال يا محمد هو كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنى فتدلى ثم تفل في وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ورد عليه ابنته وطلقها فقال عليه الصلاة والسلام اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فرجع عتيبة إلى أبيه فأخبره ثم خرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم إن هذه أرض مسبعة فقال أبو لهب لأصحابه أغيثونا يا معشر قريش فإني أخاف على ابني دعوة محمد فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتيبة فجاء الأسد يتشمم وجوههم حتى ضرب عتيبة فقتله هذا
نسخة زيد هنا وقال لامرأة أكلك الأسد فأكلها قيل هذا بخطه ليس من الرواية، (وحديثه المشهور) أي كما رواه الشيخان (من رواية عبد الله بن مسعود فِي دُعَائِهِ عَلَى قُرَيْشٍ حِينَ وَضَعُوا السَّلَا) بفتح المهملة مقصورا هو للبهيمة كالمشيمة لبني آدم وهي جلد رقيق يخرج مع الولد من بطن أمه ملفوفا فيه قال الشمني أن شقت عن وجه الفصيل ساعة ينتج والإقتلته وكذا إذا انقطع السلا في البطن فإذا خرج السلا سلمت الناقة وسلم الولد وإن انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد وقيل يخرج بعد الولد (عَلَى رَقَبَتِهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ مَعَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ وسمّاهم) أي قريشا مجملا ومفصلا حيث قال اللهم عليك الملأ من قريش اللهم عليك بأبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمثالهم، (فقال) وفي نسخة وقال أي ابن مسعود (فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر) أي معظمهم فإن اشقاهم عقبة بن أبي معيط الذي وضع على رقبته الشريفة السلا حمل من بدر أسيرا فقتله علي بعرق الظبية بأمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مقفلهم من بدر إلى المدينة ولعل الحكمة في تأخير الأشقى ليشاهد العقوبة في أصحابه في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأبقى قال الحلبي وعمار بن الوليد لم يقتل ببدر أيضا وإنما جرى له قصة مع النجاشي مشهورة وقد سحر فصار متوحشا وهلك على كفره بأرض الحبشة في زمن عمر رضي الله تعالى عنه، (ودعا على الحكم بن أبي العاص) أي ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهو أبو مروان عم عثمان أسلم يوم الفتح وتوفي في خلافة عثمان (وكان يختلج بوجهه ويغمز) بكسر الميم (عند النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي يجلس خلفه صلى الله تعالى عليه وسلم فإذا تكلم يحرك شفتيه وذقنه حكاية لفعله ويرمز مشيرا بعينه أو حاجبه (أي لا) أي أراد به ردا لكلامه استهزاء وسخرية، (فرآه) أي النبي عليه الصلاة والسلام مرة وهو يختلج (فقال كذلك) وفي نسخة صحيحة كذلك كن (كن فلم يزل يختلج) أي يرتعد ويضطرب (إلى أن مات) رواه البيهقي من طرق عن عبد الرحمن بن أبي بكر وعن ابن عمر وعن هند ابن خديجة وفي رواية فضربه فصرع شهرين ثم أفاق مختلجا قد أخذ لحمه وقوته وقيل مرتعشا وقال التلمساني قوله يغمز إما يعيب لأنه كان يخبر المنافقين بسر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أو لأنه كان يحكي فعله صلى الله تعالى عليه وسلم في مشيه وأمره ونحوه أولا بالفتح وتشديد الواو خلاف الأخير وروي أي لا بأي التفسيرية ولا النافية فعلى الأول معناه كان يختلج أولا قبل الدعوة ثم اختلج ثانيا بها ومعناه أنه كان صحيحا ثم هلك بالدعوة فهو مفعول أي يختلج أولا أي قبل الدعوة ويجوز أن يريد بالأول زمن الصحة وبالثاني زمن السقم فيكون خبرا لكان أو مفعول أي يختلج أولا يشير إلى ما كان عليه من الاستهزاء فمنى باولا عنه لأن فعله إنما كان عن جهالة ولا يخرجه ذلك عن عداد الصحابة فقد ذكر فيهم وعلى الثاني تفسير لفعله وحذف ما بعدها تشنيعا لذكره لأن ذكر مثل هذا لا يليق لأن فيه تنقيص النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومعناه لا يكون كذلك الأولى أو الأحق ما شاكل هذا بموطن أو موطنين في غيبته أو حضوره والله تعالى أعلم (ودعا على