الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضهم بتوفيق إيمانهم أو يخرج مؤمنا من أصلابهم؛ (قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «مَا خُيِّرَ رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا) أي أهونهما كما اختار تأخير العذاب عن أمته كما صرح به صلى الله تعالى عليه وسلم في الحديث الأول بقوله بل للاضراب عما خير فيه من الاطباق وعدمه وحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما سبق الكلام عليه وذكر السيوطي في جامعه الصغير برواية الترمذي والحاكم في مستدركه عن عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ ما خير بين أمرين إلا اختيار ارشدهما هذا وما أحسن ما قيل في المداراة:
ودارهم ما دمت في دارهم
…
وأرضهم ما دمت في أرضهم
وقوله:
ما دمت حيا فدار الناس كلهم
…
فإنما أنت في دار المداراة
من يدر داري ومن لم يدر سوف يرى
…
عما قليل نديما للندامات
(وقال ابن مسعود) أي فيما رواه الشيخان (كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يتخوّلنا) بالخاء المعجمة أي يتعهدنا (بالموعظة) أي بالنصائح المفيدة وقيل هو تخويف بسوء العاقبة وقال أبو عمرو بن الصلاح والصواب بالمهملة أي يتحرى الحال التي ينشطون فيها للموعظة فيعظم فيها ولا يكثر عليهم فيملوا منها ورواه الأصمعي يتخوننا بالنون بدل اللام مع الخاء المعجمة بمعنى يتعهدنا (مخافة السّامة) بهمزة ممدودة أي الملالة (علينا؛ وعن عائشة:
أنّها ركبت بعيرا) بفتح أوله ويكسر أي جملا (وفيه صعوبة فجعلت تردّده) أي من الترديد وهو الرد بالتشديد (فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عليك بالرّفق) أي الزمي اللطف مع كل شيء في كل حال والباء زائدة والمعنى استعملي الرفق وقد ورد مرفوعا ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه كما رواه عبد بن حميد والضياء عن أنس رضي الله تعالى عنه وفي صحيح مسلم بروايته عن عائشة رضي الله تعالى عنها أيضا مرفوعا ولفظه عليه بالرفق أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه وروى البخاري في تاريخه عنها أيضا عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش.
فصل [وأما خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم في الوفاء]
(وأمّا خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم في الوفاء) أي القيام بمقتضى الوعد (وحسن العهد) أي وفي تهد العقد ومراعاة الوجد (وصلة الرّحم) بالإحسان إلى ذوي القرابة خصوصا (فَحَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بقراءتي عليه) والقراءة أحد وجوه الرواية على اختلاف في أنها الأفضل أو السماع من الشيخ هو الأكمل وتحقيق الفصول في الأصول (قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ) وفي نسخة ابن أحمد (حدّثنا أبو إسحاق الحبّال) بفتح مهملة فتشديد موحدة (حدّثنا أبو محمّد بن النّحّاس) بفتح نون وتشديد مهملة (حدّثنا ابن الأعرابي
حدّثنا أبو داود) أي صاحب السنن (حدّثنا محمّد بن يحيى) إمام جليل نيسابوري روى عن ابن مهدي وعبد الرزاق وعنه البخاري والأربعة وغيرهم ولا يكاد يفصح البخاري باسمه لما جرى بينهما قال أبو حاتم هو إمام أهل زمانه (حدّثنا محمّد بن سنان) بكسر أوله مصروف روى عنه البخاري وغيره (حدّثنا إبراهيم بن طهمان) بفتح مهملة وسكون هاء وهو أبو سعيد الخراساني يروي عن سماك بن حرب وثابت البناني وعنه ابن معين وخلق وثقه أحمد وأبو حاتم وكان من أئمة الإسلام فيه إرجاء أخرج له اصحاب الكتب الستة (عن بديل) بضم موحدة وفتح دال مهملة وسكون تحتية فلام وهو ابن ميسرة العقيلي يروي عن أنس وجماعة وعنه شعبة وحماد بن زيد (عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق) وفي نسخة أبي شقيق (عن أبيه) أبوه هو عبد الله بن شقيق وهو عقيلي بصري يروي عن عمر وأبي ذر وعنه قتادة وأيوب وثقه أحمد وغيره (عن عبد الله عن أبي الحمساء) بمهملتين بينهما ميم ساكنة فألف ممدودة وفي نسخة بخاء معجمة فنون وهو تصحيف كما قال الحلبي وقال التلمساني وهو الأكثر في الرواية والصواب بالميم وفي نسخة عن أبي الحمساء وأبو الحمساء لا إسلام له ولا رواية (قال بايعت النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم ببيع) أي بعقد بيع لا بعهد بيعة (قبل أن يبعث) أي بالرسالة (وبقيت له بقيّة) إما من الثمن أو المثمن فإن البيع من الأضداد (فوعدته) وفي نسخة وهي الأظهر فواعدته (أن آتيه بها) أي أجيئه بالبقية (في مكانه) أي الذي صدر فيه البيع أو غيره (فنسيت) أي أن آتيه بها (ثمّ ذكرت بعد ثلاث) أي ثلاث ليال أو ثلاثة أيام ولم يلحق التاء به لحذف مميزه وقيل المراد الليالي بأيامها والليل سابق والحكم للسابق وأبعد من قال ويحتمل ثلاث ساعات وأغرب التلمساني بقوله وهو الأقرب ووجه الغرابة أن الانتظار ثلاث ساعات مما لا يستغرب (فجئت) وفي نسخة فجئته بإبراز ضميره (فإذا هو في مكانه) أي مكان وعده (فقال يا فتى لقد شققت علّي) أي أوقعت المشقة علي وثقلت علي (أنا ههنا منذ ثلاث) يفيد أنه ما تحول من مكانه ذلك (أنتظرك) أي لتأتيني هنالك وهذا من جملة أخلاق جده إسماعيل عليه السلام حيث قال تعالى وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ قال مجاهد لم يعد شيئا إلا وفى به وقال مقاتل وعد رجلا أن يقيم مكانه عليه السلام حتى يرجع إليه الرجل فأقام إسماعيل مكانه ثلاثة أيام للميعاد حتى رجع إليه الرجل وقال الكلبي انتظره إسماعيل حتى حال عليه الحول. (وعن أنس رضي الله تعالى عنه) كما رواه البخاري في الأدب المفرد (كان النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) الظاهر إن كان للاستمرار الغالبي أو لمجرد الربط التركيبي (إذا أتى) أي جيء (بِهَدِيَّةٍ قَالَ اذْهَبُوا بِهَا إِلَى بَيْتِ فُلَانَةَ) كناية عن علم امرأة وهي هنا لا تعرف من هي (فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَةً لِخَدِيجَةَ إِنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ خديجة) وهو للتأكيد إذ تفيد الجملة الأولى أن خديجة كانت تحبها أيضا او فيه الحث على البر والصلة وحسن العهد؛ (وعن عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين (قالت ما غرت) بكسر غين معجمة وسكون راء وفي نسخة صحيحة قالت ما غرت (على امرأة) أي من نساء النبي
صلى الله تعالى عليه وسلم (ما غرت) أي كغيرتي (على خديجة لما كنت) علة لغيرتها أي لأجل كوني دائما (أسمعه) أي اسمع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (يذكرها) أي ذكرا جميلا وثناء جزيلا قال الطبري وغيره الغيرة من النساء مسموح لهن ومفسوح في أخلاقهن لما جبلن عليه وأنهن لا يملكن عندها أنفسهن ولهذا لم يزجر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عائشة عليها ولا رد عليها عذرها لما علم من فطرتها وشدة غيرتها قال الزبيدي والعامة تكسرها والصواب فتحها، (وإن كان) بكسر الهمزة على أن أن مخففة من المثقلة أي وأنه عليه الصلاة والسلام كان (ليذبح الشّاة) بفتح اللام وهي المسماة بالفارقة نحو قوله تعالى وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً (فيهديها) بضم الباء أي فيرسلها هدية (إلى خلائلها) جمع خليلة أي صدائقها لكل واحدة منها قطعة (واستأذنت عليه أختها) أي طلبت الإذن في الاتيان إليه صلى الله تعالى عليه وسلم أخت خديجة وهي هالة بنت خويلد بن أسد أم أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنته صلى الله تعالى عليه وسلم واسمه لقيط بن الربيع ذكرها ابن منده وأبو نعيم في الصحابة (فارتاح لها) وفي نسخة صحيحة إليها أي فرح بمأتاها وأكرمها ورحب بها ونظر إليها، (ودخلت عليه امرأة) أي أخرى في وقت آخر (فهشّ لها) بتشديد شين معجمة أي فرح بها واستبشر منها (وأحسن السّؤال عنها) لزيادة الاستيناس بها بسبب طول عهدها (فَلَمَّا خَرَجَتْ قَالَ إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خديجة) أي في زمانها (وإنّ حسن العهد من الإيمان) وفي الجامع الصغير أن حسن العهد من الإيمان رواه الحاكم في مستدركه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، (ووصفه) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (بعضهم) أي بعض السلف (فقال كان يصل ذوي رحمه) أي يحسن إليهم ويعطف عليهم وإن بعدوا عنه أو أساؤوا إليه (من غير أن يؤثرهم) أي يختارهم ويفضلهم (على من هو أفضل منهم) أي من غيرهم عدلا منه وإعطاء لكل ذي حق حقه لقوله تعالى يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ولقوله سبحانه وتعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ فلا يفضل أحد بني هاشم أو غيرهم على عالم من علماء الدين وأكابرهم كما يستفاد من حديث الشيخين الذي ذكره بقوله. (وقال صلى الله تعالى عليه وسلم إنّ آل بني فلان) وفي أصل الحجازي أن آل بني فلان ثم قال وفي بعض النسخ أن آل أبي فلان قال ابن قرقول وهو المشهور انتهى وقال بعضهم أن آل بني فلان غلط بل هو آل أبي فلان والمراد الحكم بن أبي العاص وقال بعضهم هو أبو العاص بن أمية بن شمس بن عبد مناف كنى عنه الراوي حذرا من آل بني أمية إذ كانوا حينئذ أمراء (ليسوا لي بأولياء) وقال ابن قرقول وفي الحديث المشهور أن آل أبي ليسوا أولياء قال وبعد قوله أبي بياض في الأصول كأنهم تركوا الاسم تورعا أو تقية وعند ابن السكن أن آل أبي فلان كنى عنه بفلان انتهى ولا يخفى أن قوله تورعا لا وجه له إذ نص صلى الله تعالى عليه وسلم على اسمه ثم على تقدير آل أبي فلان لا يبعد أن يكون كناية مبهمة ليشمل جميع أقاربه وقد يحمل عليه رواية آل أبي من غير فلان إذ الظاهر أن المقصود ليس منحصرا في
جميع قريبه دون غيرهم كما يدل عليه عموم قوله ليسوا لي بأولياء أي حقيقة حتى أواليهم صداقة لقوله تعالى إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ ولقوله سبحانه وتعالى فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ هذا وقد قال التلمساني والذي لم يسم ذلك يحتمل عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويجوز غيره وهو أولى وراوي الحديث هو عمرو بن العاص وفي بعض الروايات قال سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جهارا غير سر يقول إن آل أبي سفيان ليسوا لي بأولياء ثم ساق الحديث ومعنى الحديث من كان غير صالح تقي فليس بولي لي وإن قرب نسبه مني (غير أنّ لهم) أي لآل أبي فلان (رحما) أي قرابة (سأبلّها) بضم موحدة ولام مشددة أي سأصلها وأراعيها وأقوم بحقها (ببلالها) بكسر الموحدة وفتحها قال البخاري في صحيحه وبلالها أصح يعني بكسر الباء قال وبلالها يعني بفتحها لا أعرف له وجها وسقط كلام البخاري هذا من الأصل الأصيل انتهى والبلال جمع بلل وهو ما يبل به الحلق من ماء أو لبن وفيه استعارة ومعناه أن القطع حرارة كالنار والوصل برودة كالماء وهو يبرد حرارة القطيعة ويطفئها أي أصلها في الدنيا ولا أغني عنهم من الله شيئا في العقبى شبهت قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وتندى بالصلة ومنه حديث بلوا ارحامكم ولو بالسلام كما رواه البزار والطبراني والبيهقي أي صلوها كما في رواية. (وقد صلّى عليه الصلاة والسلام كما رواه الشيخان (بأمامة) بضم الهمزة (ابنت ابنته زينب) أي بنت أبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس من بنته صلى الله تعالى عليه وسلم (يحملها على عاتقه) جملة حالية وفي نسخة صحيحة فجعلها على عاتقه وقال التلمساني يحملها بفتح الميم وكسرها معا إلا أن الفتح أفصح وروي فحملها على عاتقه والعاتق ما بين المنكب والكتف (فإذا سجد) أي اراد أن يسجد (وضعها) أي على الأرض بعمل يسير (وإذا قام) أي أراد القيام (حملها) وهذا بيان لكيفية صلاته بها ومثل هذا لا يشغل أرباب الكمال عما هم فيه حسن الحال حيث وصلوا إلى مرتبة جمع الجمع الذي لا تحوم حولهم التفرقة بأن لا تمنعهم الوحدةة عن الكثرة ولا الكثرة عن الوحدة فهم كائنون بائنون قريبون غريبون عرشيون فرشيون بحسب الأرواح اللطيفة والأشباح الشريفة كما قال قائلهم:
رق الزجاج ورقت الخمر
…
فتشابها وتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح
…
وكأنما قدح ولا خمر
فالذي ما زاغ بصره وما طغى فيما رأى من آيات ربه الكبرى كيف يشغل قلبه عن ربه قطعه من لحمه ولكن هذا مشرب ارباب السرائر دون مذهب أصحاب الظواهر وقد علم كل اناس معراج مشربهم وسلك كل طائفة منهاج مذهبهم قال الخطابي وإسناد وضعها وحملها في كل خفض ورفع فيها إليه مجاز لأنه يشغله عن صلاته وإنما كانت قد ألفته وأنست به فإذا سجد جلست على عاتقه فلا يدفعها فتبقى محمولة إلى ان يركع فيرسلها إلى الأرض فإذا كل
سجد فعلت كذلك قاله الدلجي وظاهر قوله فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها يأباه إلا قربية صارفة إلى المجاز وقال ابن بطال كان في صلاة نافلة أشهب عن مالك ورواه النووي بما رواه ابن عيينة عن أبي قتادة قال رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه وينصره رواية أبي قال بينا نحن ننتظر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لصلاة الظهر أو العصر فخرج إلينا وأمامة على عاتقه فقام في مصلاه وقمنا خلفه قال النووي وزعم بعض المالكية أنه منسوخ قال ابن دقيق العيد وروي عن مالك وقال ابن عبد البر لعله نسخ تحريم العمل في الصلاة بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم إن في الصلاة لشغلا ورد بأنه كان قبل بدر عند قدوم راويه عبد الله بن مسعود من الحبشة وقدوم زينب بأمامة كان بعد ذلك ونقل أشهب وغيره أن حملها كان لضرورة دعت إليه إذ لم يكن من يتعهدها حتى يفرغ وتركها بلا متعهد أشق واشغل عليه من حملها مصليا وزعم بعضهم أنه خاص به قال النووي وهذه كلها دعاوى مردودة لا بينة عليها ولا ضرورة إليها والحديث قاض بجواز ذلك صريحا ليس فيه ما يخالف قواعد الشرع وما في جوفها من نجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم على طهارتها وأدلة الشرع شاهدة بأن هذه الأفعال لا تبطلها هذا وإنما فعل ذلك تشريعا للجواز وقد أفاد أن لمس المحارم لا ينقض وضوءا والعمل اليسير لا يبطل صلاة انتهى كلامه وأبو أمامة أبو العاص أسر يوم بدر فمن عليه بلا فداء إكراما لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بسبب زينب ثم أسلم قبيل فتح مكة وحسن إسلامه ورد صلى الله تعالى عليه وسلم زينب عليه بنكاح جديد أو بالنكاح الأول ثم بعد موته تزوجها علي بوصاية فاطمة إليه في ذلك ثم بعد على تزوجها المغيرة بن نوفل بن عبد المطلب بن هاشم وليس لزينب ولا لرقية ولا لأم كلثوم رضي الله تعالى عنهن عقب وإنما العقب لفاطمة رضي الله تعالى عنها وزينب أكبر بناته صلى الله تعالى عليه وسلم قال التلمساني روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أهديت له هدية فيها قلائد من جزع فقال لأدفعنها إلى أحب أهلي فقال النساء ذهبت بها ابنة ابن أبي قحافة فدعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمامة بنت زينب فأعلقها في عنقها (وعن أبي قتادة) كما رواه البيهقي وهو أنصاري فارس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يعرف بذلك (قال وفد) بفتح الفاء أي قدم (وقد للنّجاشي) أي جماعة من عنده رسلا إليه صلى الله تعالى عليه وسلم وقد سبق ضبط النجاشي وترجمته (فقام النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يخدمهم) بضم الدال وتكسر وإنما خدمهم بنفسه تواضعا لربه وإرشادا لأمته (فقال له أصحابه نكفيك) أي خدمتهم (فقال إنّهم كانوا لأصحابنا مكرمين) أي حين هاجروا إليهم ونزلوا عليهم (وإنّي أحبّ أن أكافئهم) بكسر فاء بعدها همزة مفتوحة أي أجازيهم بمثل ما فعلوا بهم من الإحسان جزاء وفاقا.
(ولمّا) أي وحين (جيء بأخته من الرّضاعة) بفتح الراء وتكسر وفي نسخة من الرضاع (الشّيماء) بفتح الشين المعجمة وسكون التحتية ممدودة وفي أصل الدلجي بلا ياء وهي رواية
ذكرها المحب الطبري وهي مجرورة بيانا لأخته ويجوز رفعها ونصبها كما هو معلوم في أمثالها عند أربابها قال الحلبي الشيماء فيها قولان هل هي بنت حليمة أو أختها قال الحجازي أبوها الحارث أدرك الإسلام وأسلم بمكة وأسلمت واسمها جدامة بجيم مضمومة فمهملة فألف فميم وقيل خذافة بمعجمة مكسورة وذال معجمة وبفاء وقيل بميم (في سبايا هوازن) متعلق بجيء أي في أسارى قبيلة هوازن من بني سعد بن بكر (وتعرّفت له) أي أعلمت باسمها ومكانها وأطلعته على شأنها مما وقع له معها في زمانها وهو عطف على جيء وجعله الدلجي جملة حالية اعتراضية بين لما وجوابها وهو وقوله (بسط لها رداءه) إجلالا لها وإكراما لأجلها ومكافأة لفعلها إذ هي التي كانت تربيه مع أمها حليمة (وقال لها) أي على وجه التخيير (إن أحببت أقمت عندي مكرّمة) بضم ميم وفتح راء أي معظمة (محبّبة) بضم ميم ففتح فتشديد أي محبوبة وفي أصل التلمساني محببة قال وروي محبة وهما بمعنى والأول أكثر والثاني قليل أغنى عنه محبوبة في الثلاثي (أو متّعتك) أي إن كنت تريدين المراجعة أعطيتك متاعا حسنا ودفعت إليك ما تتمتعين به وتنتفعين منه وزودتك (ورجعت إلى قومك) أي رجوعا مستحسنا (فاختارت قومها) لعلها الضرورة الجأتها إليه (فمتّعها) أي فزودها وأعطاها أشياء تتمتع بها فقيل أعطاها غلاما له اسمه مكحول وجارية فزوجت أحدهما من الآخر فلم يزل فيهم من نسلهما بقية قيل وقد فازت هي وأبوها وأخوها بسعادة الإسلام وزيادة الإكرام ببركته عليه الصلاة والسلام والحديث رواه ابن إسحاق والبيهقي، (وقال أبو الطّفيل) تصغير طفل وفي نسخة ابن الطفيل وهو تصحيف وهو عامر بن واثلة بالمثلثة الكناني آخر من مات من الصحابة على الإطلاق كان مولده عام احد وتوفي سنة مائة من الهجرة وقد روى أربعة أحاديث وكان تفضيليا وقد روى أبو داود بسند صحيح عنه (رأيت النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي وكان جالسا يوما بالجعرانة يقسم لحما (وأنا غلام) أي حال كوني غير بالغ وقيل الصبي إذا فطم سمي غلاما إلى سبع سنين (إذ أقبلت امرأة حتّى دنت منه) أي قربت ووصلت إليه (فبسط لها رداءه) تكريما لها (فجلست عليه) أي بأمره (فقلت) لمن عنده (من هذه قالوا أمّة التي أرضعته) فقيل هي حليمة وقيل ثوبية قال الحافظ الدمياطي لا يعرف لحليمة صحبة ولا إسلام وقال المرأة التي بسط لها رداءه أختها الشيماء وروى ابن عبد البر في استيعابه عن عطاء بن يسار أن حليمة بنت عبد الله مرضعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جاءت يوم حنين فقام لها وبسط لها رداءه وفي سيرة مغلطاي وصحيح ابن حبان وغيره ما يدل على إسلامها. (وعن عمرو بن السّائب) كذا في النسخ المصححة المعتبرة عمرو بالواو قال الحجازي وهو ابن راشد المصري مولى بني زهرة تابعي ذكر الحافظ عبد الغني في إكماله فيمن اسمه عمرو وهمه الحافظ المزي وقال اسمه عمر بضم العين قال الحلبي وهو غلط صريح صوابه عمر بن السائب بضم العين وحذف الواو وهو يروي عن أسامة بن زيد وجماعة وعنه الليث وابن لهيعة وغيرهما ذكره ابن حبان في الثقات والحديث رواه أبو داود مرسلا عنه