الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عليه وسلّم تسليما كثيرا) أي سلاما كثيرا يترتب عليه مراما كبيرا هذا وقد ثبت أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال سألت ربي لأمتي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها وفي مسلم استأذنت ربي في أن استغفر لها يعني أمه فلم يؤذن لي واستأذنت في أن أزور قبرها فأذن لي والله سبحانه وتعالى أعلم ثم قيل آخر من يخرج من النار هناد بعد سبعة آلاف سنة قال الحسن يا ليتني كنت هنادا يعني لقطعه بحسن الخاتمة خوفا من سوء العاقبة فنسأل الله تعالى العافية.
فصل [في تفضيله فِي الْجَنَّةِ بِالْوَسِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالْكَوْثَرِ وَالْفَضِيلَةِ]
(في تفضيله صلى الله تعالى عليه وسلم في الجنّة بالوسيلة) وهي منزلة القربة والوصلة (والدّرجة الرّفيعة) أي العالية التي ليس فوقها درجة (والكوثر) فوعل من الكثرة ومعناه الخير الكثير والعطاء الوفير وفي الحديث أعطيت الكوثر وهو نهر في الجنة يعني ويصب منه في حوض الكوثر يوم القيامة (والفضيلة) أي الصفة الزائدة التي عجز عن بيانها الواصفون مما لا عين رأي ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ولا يبعد أن يراد بها أنواع الفضيلة فهو تعميم بعد تخصيص (حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عيسى التّميميّ) تقدم، (والفقيه أبو الوليد هشام بن أحمد) سبق (بقراءتي عليهما قالا ثنا) أي حدثنا (أبو علي الغّسّاني) بتشديد السين المهملة مر ذكره (قال حدّثنا النّمريّ) بفتح النون هو الحافظ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ) أي عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن القرطبي (حدّثنا أبو بكر التّمّار) بتشديد الميم نسبة إلى التمر (حدّثنا أبو داود) وهو محدث العصر صاحب السنن (حدّثنا محمّد بن سلمة) أي المرادي أبو الحارث المصري وكان أحد الأئمة الأثبات. (حدّثنا ابن وهب) سبق ذكره (عن ابن لهيعة) بفتح فكسر حضرمي بصري ضعيف وكان قاضي مصر (وحيوة) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية ابن شريح المصري الحمصي كان حافظا مجاب الدعوة روى عنه البخاري وغيره (وسعيد بن أبي أيّوب) أي المصري ثقة (عن كعب بن علقمة) وفي نسخة عن كعب عن علقمة والأول هو الصواب كما صرح به الحلبي وغيره وهو تابعي روى عن سعيد بن المسيب وطائفة وعنه الليث وجماعة (عن عبد الرّحمن بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة مصري فقيه مقرئ ثقة وكان مؤذنا (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) وفي نسخة العاصي بالياء والصواب الأول (أنّه سمع النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يقول) قال الحلبي هذا الحديث أخرجه القاضي كما ترى من سنن أبي داود وقد أخرجه أبو داود في الصلاة وأخرجه مسلم أيضا فيها بالسند الذي أخرجه أبو داود سواء إلا أنه قال عن ابن وهب عن حيوة بن شريح وسعيد بن أيوب وغيرهم كلهم عن كعب بن علقمة به وأخرجه الترمذي في المناقب وقال صحيح والنسائي في الصلاة وفي اليوم والليلة وإنما أخرجه المصنف من
عند أبي داود ولم يخرجه من عند مسلم للتنوع في الروايات ولأن بينه وبين أبي داود في هذا الحديث خمسة أشخاص بالسماع ولو روي بالإجازة عن أبي علي الغساني كان بينه وبينه أربعة وليس كذلك مسلم فمسلم يقع له بالسماع بينه وبينه ستة وتارة خمسة فوقع له حديث مسلم موافقة في شيخه انتهى وحاصله أنه إنما أسنده إلى أبي داود دون مسلم لقرب سنده إليه (إذا سمعتم المؤذّن) أي صوته وفي نسخة يؤذن أي حال كونه يؤذن أو حين أذانه (فقولوا مثل ما يقول) أي من كلمات الأذان جميعها إلا الحيعلتين لحديث مسلم وغيره عن عمر المستفاد منه أنه يقال عند سماعهما لا حول ولا قوة إلا بالله ثم هل الأمر بالقول المعلق بالسماع واجب على من سمع حيث لا مانع أو مندوب قال النووي فيه خلاف ذكره الطحاوي والصحيح عن الجمهور ندبه واختلفوا هل يندب عن سماع كل مؤذن أو الأول فقط والأصح يندب إجابة الكل وكون الاول آكد (ثمّ صلّوا عليّ) قال الحلبي صرفه عن الوجوب الإجماع (فإنّه) أي الشأن (من صلّى عليّ مرّة) كذا في الأصول وكأنها سقطت من أصل الدلجي فقال أي مرة بقرينة المقام (صلّى الله عليه) أي بها كما في اصل الدلجي وقال بالمرة أو بالصلاة مرة لكنه هو غير موجود في الأصول والمعنى رحمه وضعف أجره (عشرا) أي باعتبار اقل المضاعفة الموعودة بقوله تعالى مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (ثمّ اسألوا) وفي نسخة ثُمَّ سَلُوا (اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ) أي عظيمة كائنة (في الجنّة لا تنبغي) وفي نسخة لا ينبغي أي لا تحصل أو لا تليق (إلّا لعبد) أي كامل (من عباد الله) تعالى أي من أنبيائه وأصفيائه (وأرجو أن أكون أنا هو) ثم جوز أن يجعل أنا مبتدأ خبره هو والجملة خبرا أكون وأن يجعل تأكيدا لاسمها وخبرها وضع موضع إياه أو موضع اسم إشارة أي أنا ذلك العبد وأتى بلفظ الرجاء تأدبا وإيماء إلى أنه لا يجب على الله شيء (فمن سأل الله لي الوسيلة) أي هذه الدرجة وفي معناه كل ما يتوسل به إلى زيادة الزلفة (حلّت) بتشديد اللام أي نزلت ووقعت (عليه الشّفاعة) أي وجبت وجوبا واقعا عليه وقيل غشيته وقيل حقت وثبتت له وفي الحديث إيذان بجواز سؤال الدعاء من المفضول ليفوز من الفاضل المدعو له مع ثواب الله سبحانه وتعالى لهما بفائدة عظيمة وعائد جسمية من نحو شفاعة وسعادة قربة مع الإيماء إلى أن مراتب القرب إلى الله تعالى لا يتصور فيها الانتهاء. (وفي حديث آخر) كما رواه الترمذي (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الْوَسِيلَةُ أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ. وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله تعالى عنه) كما في البخاري (قال قال رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إذ عرض لي) أي فاجأني وظهر لي (نهر) بفتح الهاء وتسكن (حافتاه) بتخفيف الفاء أي جانباه وطرفاه (قباب اللؤلؤ) بكسر القاف جمع قبة وهي بيت صغير مستدير ووقع في أصل الدلجي فيهما لؤلؤ مثل القباب وهو ليس من نسخ الكتاب ولا أظنه أنه رواية في هذا الباب بل هو من تصرف الكتاب وفي أصل التلمساني اللؤلؤ والدر فقيل هما بمعنى وقيل اللؤلؤ الكبير (قلت لجبريل ما هذا) أي الذي أراه (قال هذا الكوثر الذي أعطاكه الله تعالى) أي خاصة (قال) أي
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ثمّ ضرب) أي جبريل (بيده إلى طينته) بالإضافة وفي نسخة إلى طينة بالتنكير وتاء التأنيث أي من طينه (فاستخرج مسكا) أي شيئا هو مسك أو كمسك وسماه طينا جريا على غالب العادة في كون مقر الماء طينا أو بحسب الصورة. (وعن عائشة وعبد الله بن عمرو) بالواو (مثله) أي مثل حديث أنس قبله (قال) أي في حديثهما (ومجراه) أي جريان مائة (على الدّرّ) اسم جنس واحده درة وكذا قوله (والياقوت) أي ومن تحتهما المسك كالطين تحت حصى الماء فلا منافاة بين حديثهم (وماؤه أحلى) أي أكثر حلاوة وأشد لذاذة (من العسل وأبيض) وفي رواية وأشد بياضا (من الثّلج) وفي رواية أبيض من اللبن قال الدلجي ولا يلزم من كونه أحلى من العسل الاستغناء به عن أنهار العسل المصفى في الجنة لأنها ليست للشرب انتهى ولا يخفى أن نفي كونها للشرب يحتاج إلى بيان حجة في تحقيق المدعي والتحقيق أن الأنهار الأربعة عامة لأهل الجنة والكوثر موضوع للخاصة مع أنه قد يقال التقدير وماؤه أحلى من العسل الموجود في الجنة باعتبار كمال اللذة (وفي رواية عنه) أي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فإذا هو) أي ماؤه (يجري) أي على وجه الأرض من غير نهر (ولم يشقّ) بصيغة الفاعل وفي نسخة بصيغة المفعول (شقّا) أي لم يمل إلى شق من أحد طرفيه بل يجري جريا مستويا كما أراده سبحانه أو تمناه صاحبه من أهل الجنة (عليه) أي على النهر (حديث حوض) أي عظيم (ترد عليه) وفي نسخة صحيحة ترده (أمّتي) أي ضيافة في الجنة أو يوم القيامة والثاني أظهر لقوله (وذكر) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (الحوض) ومطلقه ينصرف إلى الأشهر مع احتمال التعدد فتدبر ومعنى كون الحوض على النهر اعتماده عليه من حيث إن ماءه ممتد من مائة ومنتهى إليه إذ النهر في الجنة والحوض خارجها لما ورد ليردن على الحوض أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقول إنهم مني فيقال لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي (ونحوه) أي ونحو ما ذكر عن المذكورين مروي (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا) كما في البخاري (قَالَ الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ) أي ومنه الحوض وغيره ولعله لم يصفه بالكثير كما في بعض الروايات لما يستفاد من الصيغة للمبالغة. (وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالنَّهْرُ الَّذِي فِي الجنة من الخير الذي أعطاه الله تعالى) أي لأنه مقصور على النهر أو الحوض بل الكوثر أتم وأعم والله تعالى أعلم. (وعن حذيفة فيما ذكر عليه الصلاة والسلام عن ربّه) أي روايا عنه (وأعطاني الكوثر نهرا من الجنّة) بنصب نهرا على أنه بدل أو بتقدير أعني أو على المدح ووقع في أصل الدلجي مخالفا للنسخ نهر بالرفع فقال خبر حذف مبتدأه أي هو بشهادة رواية أعطيت الكوثر وهو نهر في الجنة (يسيل) أي ينصب (في حوضي) أي يوم القيامة أو في الجنة (وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما) كما روى ابن جرير وابن أبي حاتم بسند صحيح (في قوله) أي تفسير قوله تعالى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى: 5] قال) أي ابن عباس (أَلْفُ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ وَفِيهِ) أي وفي كل قصر أو فيما ذكر من