الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما ذكر عن الجمادات (حديثه) أي خبره الذي رواه الترمذي والبيهقي (مع الرّاهب) وهو بحيرا بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة مقصورا وقيل ممدودا واسمه جرجس أو جرجيس بزيادة ياء ابن عبد القيس من نصارى تيماء أو بصرى ذكره ابن منده وأبو نعيم في الصحابة أيمانه به صلى الله تعالى عليه وسلم قبل بعثته (في ابتداء أمره) أي أمر ظهوره (إذ خرج تاجرا) ظرف لحديثه معه أو لابتداء أمره (مع عمّه) أي أبي طالب وفيه أنه لم يكن في خروجه معه تاجرا بل تعرض له عند خروجه فقال تتركني وليس له أحد فأخذه معه وإنما خرج تاجرا بعد ذلك مع ميسرة غام خديجة وفي هذه لقي لسطور الراهب وقصته معه مشهورة وفي كتب السير مسطورة فقوله تاجرا حال من عمه لا من ضمير خرج (وكان الرّاهب) أي بحيرا (لا يخرج) أي في عادته (إلى أحد) أي ممن كان ينزل المكان (فخرج) أي في ذلك الزمان (وجعل يتخلّلهم) أي شرع يطلب أحدا في خلال من كان في تلك المحال (حَتَّى أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخٌ مِنْ قريش) أي من المشركين (ما علمك) أي ما سبب علمك به وبقربه عند ربه (فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إلّا خرّ ساجدا له ولا يسجد) أي الأشجار والأحجار (إلّا لنبيّ وذكر القصّة) أي على ما أوردها أهل الأخبار من أنه قال وإني لأعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به كان صلى الله تعالى عليه وسلم في رعية الإبل فقال ارسلوا إليه (ثمّ قال) أي الراهب أو الراوي (فأقبل صلى الله تعالى عليه وسلم وعليه غمامة تظلّه فلمّا دنا من القوم وجدهم سبقوه) وفي نسخة قد سبقوه (إلى فيء الشّجرة) بفتح الفاء وسكون التحتية بعدهم همزة أي إلى ظلها (فلمّا جلس مال الفيء) أي فيء الشجرة (إليه) فقال انظروا مال الفيء إليه ثم قال أنشدكم الله تعالى أيكم وليه قالوا أبو طالب وإذا بسبعة من الروم قد اقبلوا فسألهم فقالوا إن هذا النبي قد خرج من بلاده في هذا الشهر فوجهوا إلى كل جهة جماعة ووجهونا إلى جهتك فقال افرأيتم أمرا أراده الله تعالى ايقدر أحد يدفعه قالوا لا فأقاموا عنده ثلاثة أيام ولم يزل يناشد عمه حتى رده وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب زيتا كعكا قيل وذكر أبي بكر وبلال فيه وهم.
فصل [في الآيات في ضروب الحيوانات]
(في الآيات) أي الشاهدة بثبوت نبوته وصدق رسالته وما خص به من بديع الكرامات ومنيع المعجزات (فِي ضُرُوبِ الْحَيَوَانَاتِ حَدَّثَنَا سِرَاجُ بْنُ عَبْدِ الملك أبو الحسين الحافظ) سبق ذكره (حدّثنا أبي) قال الحلبي تقدم أبوه فما ضبط في بعض النسخ بصيغة التصغير تصحيف وتحريف (حدّثنا القاضي أبو يونس حدّثنا أبو الفضل الصّقليّ) بفتح الصاد وتكسر وسكون القاف (حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أبيه وجدّه) أي كليهما (قال حدّثنا أبو
الْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فضيل) بالتصغير وهذا هو الأصل الصحيح ووقع في أصل المؤلف بإسقاط ثنا محمد بن فضيل (ثنا يونس بن عمرو) بالواو قال أبو معين ثقة وقال أبو حاتم لا يحتج به (ثنا مجاهد عن عائشة) قال يحيى بن سعيد لم يسمع منها قال وسمعت شعبة ينكر أن يكون سمع منها وتبعه على ذلك يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي وحديثه عنها في الصحيحين وقد صرح في غير حديث بسماعه منها والله تعالى أعلم (قالت كان عندنا داجن) بكسر الجيم ما يألف البيت من الحيوان كالشاة والطير مأخوذ من المداجنة وهي المخالطة والملازمة (فَإِذَا كَانَ عِنْدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) وفي نسخة صحيحة عندنا مؤخر (قرّ وثبت مكانه) أي الداجن (فلم يجيء ولم يذهب) أي ولم يغير شأنه توقيرا له وتكريما وهيبة منه وتعظيما (وإذا خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جاء وذهب) أي تردد واضطرب وهذا الحديث رواه أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني والبيهقي والدارقطني وهو صحيح وفي المدعي صريح؛ (وروي عن عمر) رضي الله تعالى عنه بصيغة المجهول إشعارا بضعفه فقد قال الحافظ المزي لا يصح إسنادا ولا متنا وقال ابن دحية إنه موضوع لكن قال القسطلاني قد رواه الأئمة فنهايته الضعف لا الوضع فممن رواه الطبراني والبيهقي قال وروي أيضا بأسانيد عن عائشة وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما وما ذكرنا هو أمثلها (أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان في محفل) بفتح الميم وكسر الفاء أي مجتمع (مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ قَدْ صَادَ ضبّا) بفتح الضاد المعجمة وتشديد الموحدة حيوان معروف يقال إنه فارق جحره لم يهتد إليه وهو لا يشرب وأطول الحيوان روحا بعد ذبحه ويعيش سبعمائة سنة فصاعدا ويقال إنه يبول في كل أربعين يوما قطرة (فقال) أي الأعرابي (من هذا قالوا نبيّ الله فقال والّلات) بواو القسم (والعزّى) وهما صنمان كانوا يعبدونها في وسط الكعبة (لا آمنت بك) أي بنبوتك ورسالتك وفي نسخة لا أومن بك (أو) بسكون الواو (يؤمن) بالنصب أي إلى أن يؤمن أو حتى يؤمن كما في نسخة (بك هذا الضّبّ) أي فأؤمن أنا أيضا بك حينئذ (وطرحه بين يدي النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ألقى الضب بين جهتي يديه يعني قدامه (فقال النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم له: يا ضبّ؛ فأجابه بلسان مبين) أي بين أو مبين حروفه (يسمعه القوم جميعا لبّيك) أي إجابتي لك مرة بعد مرة (وسعديك) أي ومساعدتي لطاعتك كرة بعد كرة (يا زين من وافى القيامة) أي يا زينة من أتاها وحضرها، (قال) أي النبي عليه الصلاة والسلام له (من تعبد) أي ممن يسمى إلها (قال الذي في السّماء عرشه) أي ملكوته سبحانه (وفي الأرض سلطانه) أي ملكه المظهر شأنه (وفي البحر سبيله) أي طريق آياته ولعله من باب الاكتفاء فإن في البر كثيرا من عجائبه (وفي الجنّة رحمته) أي ثوابه من أثرها للمطيعين (وفي النّار عقابه) أي من أثر سخطه للعاصين (قال فمن أنا قال رسول ربّ العالمين وخاتم النّبيّين) أي آخرهم وهو بفتح التاء على ما قرأ به عاصم بمعنى ختموا به وبكسرها بمعنى ختمهم ويؤيده قراءة ابن مسعود ولكن نبينا ختم النبيين (وقد
أفلح) أي فار (من صدّقك) بتشديد الدال أي أطاعك (وخاب) أي خسر (من كذّبك) أي عصاك. (فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ. وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ كَلَامِ الذِّئْبِ المشهورة) بالرفع (عن أبي سعيد الخدريّ) كما رواه أحمد والبزار والبيهقي وصححه (بينا) وفي نسخة بينما على أن ما زائدة كافة وأما ألف بينا فقيل هي إشباع فلا تمنع الجر وقيل مانعة له منه وهو المشهور عند الجمهور (رَاعٍ يَرْعَى غَنَمًا لَهُ عَرَضَ الذِّئْبُ لِشَاةٍ منها) أي وقت رعي غنمه فاجأ عروض الذئب أي ظهوره في تعرضه لشاة من جملة قطيع الغنم (فأخذها) أي الراعي (منه فأقعى الذّئب) أي الصق استه بالأرض ونصب ساقيه وفخذيه ووضع يديه على الأرض (وقال للرّاعي ألا تتّقي الله) أي أما تخاف والمعنى خف الله تعالى فالاستفهام للتوبيخ لا للإنكار الداخل على النفي المفيد لتحقق ما بعده كما ذكره الدلجي (حلت بيني وبين رزقي) بضم الحاء أي منعت رزقي عني وهو جملة مبينة قائمة مقام العلة (قال الرّاعي العجب) أي كل العجب (من ذئب يتكلّم بكلام الإنس) أي في مقام الْإِنْسِ، (فَقَالَ الذِّئْبُ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذلك) أي وأغرب فيما هنالك (رسول الله بين الحرّتين) بفتح الحاء وتشديد الراء تثنية حرة وهي أرض ذات حجارة سود حول المدينة السكينة الطيبة (يحدّث النّاس بأنباء ما قد سبق) وفي نسخة صحيحة ما بدل من وإنما كان أعجب لأنه إخبار عما لم يعلم به غير الرب، (فأتى الرّاعي النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبره) أي بكلام الذئب له (فقال النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم له) أي للراعي (قم فحدّثهم) أي الحاضرين والغائبين؛ (ثمّ قال) أي النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن حدثهم الراعي أو قبله (صدق) أي الراعي في قوله وبالحق نطق في نقله؛ (والحديث فيه قصّة) أي طويلة أو عظيمة وهو الأظهر لقوله (وفي بعضه طول) أي في بعض ألفاظه طول أي ليس هذا محل بسط تلك الفصول وروي أنه لما جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأخبره صدقه ثم قال إنها أمارات بين يدي الساعة فقد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى يحدثه ثمة نعلاه وسوطه بما أحدث أهله بعده وفي رواية قال والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده، (وروي حديث الذّئب عن أبي هريرة) أي من طرق (وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ الذِّئْبُ أَنْتَ أَعْجَبُ وَاقِفًا على غنمك) حال (وتركت) أي والحال أنك قد تركت (نبيّا) أي خدمته وصحبته مع أنه نبي عظيم ورسول كريم (لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهُ عنده قدرا) أي رفعة ورتبة (قد فتحت له أبواب الجنّة) أي وكذا لمن تبعه من أكابر الأمة (وأشرف أهلها) أي واطلع أهل الجنة (على أصحابه ينظرون قتالهم) أي في الغزوة وينتظرون وصالهم بالشهادة وحسن مآلهم في الجنة (وما بينك) أي والحال أنه لا حائل بينك (وبينه إلّا هذا الشّعب) بكسر أوله أي قطع هذا الوادي وهو ما انفرج بين الجبلين (فتصير في جنود الله) أي أحزابه المجاهدين؛ (قال الرّاعي من) وفي نسخة ومن (لي بغنمي) أي من يقوم لي برعاية غنمي (قَالَ الذِّئْبُ أَنَا أَرْعَاهَا حَتَّى تَرْجِعَ فَأَسْلَمَ
الرّجل إليه غنمه ومضى) أي إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وما عنده من غنمه (وذكر) أي الراعي (قصّته) أي مع الذئب (وإسلامه ووجوده النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي على وفق ما حكاه الذئب له (يقاتل فقال له النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عد) بضم العين وسكون الدال المهملة أي ارجع (إلى غنمك تجدها) جواب الأمر أي تصادفها (بوفرها) بفتح الواو وسكون الفاء أي بتمامها وكمالها ما نقص شيء منها (فوجدها كذلك) أي كما أخبره (وذبح للذّئب شاة منها. وعن أهبان) بضم الهمزة (ابن أوس) بفتح أوله أي وروي عنه أيضا (وأنّه) بكسر الهمزة ويجوز فتحها (كان صاحب القصّة) أي المحكية (وَالْمُحَدِّثَ بِهَا وَمُكَلِّمَ الذِّئْبِ وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ عمرو بن الأكوع) على ما في الروض الأنف (وأنّه كان صاحب هذه القصّة أيضا) فيه إيماء إلى تعدد القصة وتكرر القضية (وسبب إسلامه) أي في هذه الرواية (بمثل حديث أبي سعيد) متعلق بروي المقدر قبل قوله وعن أهبان والحاصل أنه اختلف في اسم الراعي المتكلم معه الذئب فقيل هو أهبان بن أوس السلمي أبو عقبة سكن الكوفة وقيل اهبان ابن عقبة وهو عم سلمة بن الأكوع وكان من أصحاب الشجرة وقيل اهبان بن عباد الخزاعي وقيل أهبان بن صيفي وعن الكلبي هو اهبان بن الأكوع وعند السهيلي هو رافع بن ربيعة وقيل سلمة بن الأكوع والجمع ممكن بحمل القصة على تعدد القضية واختلاف المراد بأهبان في الرواية (وقد روى ابن وهب مثل هذا) أي مثل ما جرى في أخذ الذئب شاة (أنّه جرى لأبي سفيان بن حرب) أي والد معاوية رضي الله عنهما (وصفوان بن أميّة) بالتصغير (مع ذئب وجداه أخذ ظبيا) أي أراد أخذه (فدخل الظّبي الحرم فانصرف الذّئب) أي تعظيما للحرم المحترم (فعجبا) بكسر الجيم أي فتعجبا (من ذلك) أي من انصرافه عما هنالك (فقال الذّئب أعجب من ذلك) أي مما تعجبتما (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ يَدْعُوكُمْ إِلَى الجنّة) أي إلى سببها وهو الإيمان (وتدعونه إلى النّار) أي موجبها وهو الكفران فهذا مقتبس من قوله تعالى عن مؤمن آل فرعون وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لا جرم إنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار فستذكرون ما أقول لكم وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (فقال أبو سفيان) أي لصفوان (واللّات والعزّى لئن ذكرت هذا) أي الخبر (بمكّة) أي فيما بين أهلها (لتتركنّها خلوفا) بضم الخاء المعجمة واللام أي بلا راع ولا حام كذا في النهاية ويقال حي خلوف إذا غاب رجالهم وبقي نساؤهم وقيل أي متغيرة أخذا من خلوف فم الصائم والمعنى أن أهلها بعد سماعهم هذا تغيرت أحوالهم وذهبوا إلى المدينة ولم يبق أحد منهم إلا دخل في الإسلام معهم ولعل هذا كان سبب إسلامهم في آخر أمرهم؛ (وقد روي مثل هذا الخبر) أي الذي جرى لأبي سفيان وأحبابه (وأنّه) بفتح الهمزة وكسرها (جرى لأبي جهل وأصحابه) إلا أنه لم يسلم لما سبق له من الشقاوة الأبدية في كتابه هذا وعند ابن القاسم عن أنس كنت مع النبي
صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوة تبوك فشردت علي من غنمي فجاء الذئب فأخذ منها شاة فاشتدت الرعاء خلفه فقال الذئب طعمة اطعمنيها الله تعالى تنزعونها مني فبهت القوم فقال ما تعجبون الحديث وفي الروض أيضا في غزوة ذات السلاسل وهي في آخر الكتاب ما لفظه وذكر في هذه السرية صحبة رافع بن أبي رافع لأبي بكر وهو رافع بن عمير وهو الذي كلمه الذئب وله شعر مشهور في تكلم الذئب له وكان الذئب قد أغار على غنمه فاتبعه فقال له الذئب ألا أدلك على ما هو خير لك قد بعث الله نبيه وهو يدعو إلى الله فالحق به ففعل ذلك رافع واسلم (وعن عباس بن مرداس) بكسر الميم وكان الاولى أن يقول ومن ذلك حديث عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ (لَمَّا تَعَجَّبَ مِنْ كَلَامِ ضمار) بكسر الضاد المعجمة ويفتح وميم مخففة فألف فراء ذكره الصاغاني وغيره وفي نسخة بالدال (صنمه) بالجر بدل من ضمار أو بيان فإنه اسم لصنم كان يعبده هو ورهطه (وإنشاده) أي ومن قراءته برفع صوته (الشِّعْرَ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) روي أن مرداس لما احتضر قال لابنه عباس أي بني اعبد ضمارا فإنه سينفعك ولا يضرك فتفكر عباس يوما عند ضمار وقال إنه حجر لا ينفع ولا يضر ثم صاح بأعلى صوته يا إلهي الأعلى اهدني للتي هي أقوم فصاح صائح من جوف الصنم:
أودى ضمار وكان يعبد مدة
…
قبل البيان من النبي محمد
وهو الذي ورث النبوة والهدى
…
بعد ابن مريم من قريش مهتد
قل للقبائل من سليم كلها
…
أودى ضمار وعاش أهل المسجد
فحرق عباس ضمارا ثم لحق بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فإذا طائر سقط) أي وقع ونزل (فَقَالَ يَا عَبَّاسُ أَتَعْجَبُ مِنْ كَلَامِ ضِمَارٍ ولا تعجب من نفسك) أي بتخلفك عن مورث أنسك (أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يدعو) وفي نسخة صحيحة يدعوك (إلى الإسلام وأنت جالس) أي بعيد عن مقام المرام (فكان) أي كلام الطائر (سبب إسلامه) والحديث هذا كما في الطبراني الكبير بسند لا بأس به قريب مما هنا، (وعن جابر بن عبد الله) كما روى البيهقي عنه (عن رجل) وهو اسلم أو يسار وهو رجل أسود استشهد في غزوة خيبر كما ذكره أبو الفتح اليعمري في سيرته (أتى النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وآمن به وهو) أي النبي عليه الصلاة والسلام (على بعض حصون خيبر وكان) أي الرجل (فِي غَنَمٍ يَرْعَاهَا لَهُمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله كيف بالغنم) أي مع أصحابها (قال أحصب) بفتح الهمزة وكسر الصاد أي ارم بالحصباء وهي دقاق الحصى (وجوهها) أي لترجع إلى دور مالكيها (فإنّ) أي لأن وفي نسخة بأن أي بسبب أن (اللَّهَ سَيُؤَدِّي عَنْكَ أَمَانَتَكَ وَيَرُدُّهَا إِلَى أَهْلِهَا) أي بكمالها من غير خلاف لها (ففعل فسارت كلّ شاة) أي في طريقها (حتّى دخلت إلى أهلها؛ وعن أنس) كما رواه أحمد والبزار بسند صحيح (دخل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم حائط أنصاريّ) أي بستان واحد من الأنصار (وأبو بكر وعمر ورجل من الأنصار) أي معه (وفي الحائط غنم)
وهو بحركتين الشاء لا واحد لها من لفظها والواحد شاة وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث وعليهما جميعا (فسجدت له) أي للنبي عليه الصلاة والسلام سجود التحية والإكرام وانقادت له بإظهار الإسلام فإنه مبعوث إلى كافة الأنام كما اختاره بعض الأعلام والظاهر أن سجودها كان بوضع الجبهة بعد القيام لقوله (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ نَحْنُ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ لَكَ منها) أي فإنها مع قلة عقلها إذا كانت تسجد لك فكيف نحن مع كثرة انتفاعنا بك لكن أمرنا متوقف على أذنك (الحديث) بتثليث المثلثة وسيأتي تمامه (وعن أبي هريرة رضي الله عنه كما رواه البزار بسند حسن (دخل النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَائِطًا فَجَاءَ بِعِيرٌ فَسَجَدَ لَهُ وذكر) أي أبو هريرة (مثله) أي مثل حديث أنس لا مثل حديث أبي هريرة كما توهم الدلجي فقالوا هذه بهيمة لا تعقل فسجدت لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك فقال لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر لو صلح لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما له من الحق عليها؛ (ومثله) أي مثل حديث أبي هريرة (في البعير) وفي نسخة صحيحة في الجمل (عن ثعلبة بن مالك) كما رواه أبو نعيم قال المزي قدم ثعلبة من اليمن على دين يهود فنزل في بني قريظة فنسب إليهم ولم يكن منهم ولم يعرف من الصحابة من اسمه ثعلبة بن أبي مالك غيره واسم أبي مالك عبد الله (وجابر بن عبد الله) كما رواه أحمد والدارمي والبزار والبيهقي عنه (ويعلى بن مرّة) كما رواه أحمد والحاكم والبيهقي بسند صحيح عنه (وعبد الله بن جعفر) كما رواه مسلم وأبو داود عنه قال أبو هريرة (وكان لا يدخل أحد الحائط) أي ذلك البستان من غير أهله (إلّا شدّ عليه الجمل) أي حمل وصال عليه حفظا لحائطه واستغرابا لداخله ورعاية لصاحبه (فلمّا دخل عليه النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم دعاه) أي الجمل فجاءه خاضعا وانقاد له خاشعا (فوضع مشفره) بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الفاء فراء أي شفته (على الأرض وبرك) بتخفيف الراء أي ناخ (بين يديه فخطمه) أي فوضع في رأسه بخطامه من رسنه وزمامه (وقال ما بين السّماء والأرض شيء) أي من حيوان أو غيره (إلّا يعلم) أي إلا أنه يعلم وفي نسخة لا يعلم أي ليس يوجد بينهما شيء لا يعلم قال المزي المعروف إلا يعلم وقد يكون رواية (أنّي رسول الله) أي إليه إلى غيره (إلّا عاصي الجنّ والإنس) أي إلا كافر الثقلين والصيغة تحتمل الإفراد والجمع بأن حذفت نونه للإضافة. (ومثله) أي مثل هذا المروي بعينه (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَفِي خَبَرٍ آخَرَ فِي حَدِيثِ الْجَمَلِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم سألهم عن شأنه) أي حاله معهم في مآله (فأخبروه أنّهم أرادوا ذبحه) الأولى نحره وكأنه أراد ذبحه اللغوي (وفي رواية أنّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قال لهم) أي لأهل الجمل (إِنَّهُ شَكَا كَثْرَةَ الْعَمَلِ وَقِلَّةَ الْعَلَفِ؛ وَفِي رواية أنّه) أي الجمل (شَكَا إِلَيَّ أَنَّكُمْ أَرَدْتُمْ ذَبْحَهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَعْمَلْتُمُوهُ فِي شَاقِّ الْعَمَلِ مِنْ صِغَرِهِ فَقَالُوا نعم) قال بئس الجزاء أرادوا له كذا نقله الدلجي والظاهر أردتموه له وفي أصل صحيح ثم الحديث بقوله نعم والله تعالى أعلم، (وقد روي في قصّة العضباء) وهي الناقة المشقوقة الأذن ولقب ناقة النبي صلى الله تعالى عليه
وسلم ولم تكن عضباء ذكره الفيروزآبادي فقيل إنها والقصوى والجدعاء واحدة وقيل اثنتان وقيل ثلاث ولم يكن بها عضب ولا جدع وقيل كان بأذنها عضب (وكلامها للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وتعريفها له بنفسها) أي بذاتها وحالاتها (ومبادرة العشب إليها في الرّعي) أي في رعيها (وتجنّب الوحوش عنها وندائهم) والأظهر وندائها (لها إنّك لمحمّد) أي في زمان حالك أو في مآلك (وَإِنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ وَلَمْ تَشْرَبْ بَعْدَ مَوْتِهِ حتّى ماتت، ذكره الإسفرايينيّ) حكى ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خرج ذات ليلة وناقة باركة في الدار فلما مر بها قالت السلام عليك يا زين القيامة يا رسول رب العالمين قال فالتفت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إليها فقال وعليك السلام فقالت يا رسول الله إني كنت لرجل من قريش يقال له أعضب فهربت منه فوقعت في مفازة فكان إذا غشيني الليل احترستني السباع فنادت بعضها لا تؤذوها فإنها مركب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وإذا أصبحت وأردت أن أرتع نادتني كل شجرة إلي إلي فإنك مركب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم حتى وقعت هنا قال فسماها عضباء شق لها اسمها من اسم صاحبها ثم قالت الناقة يا رسول الله إن لي إليك حاجة قال وما هي قالت تسأل الله أن يجعلني من مراكبك في الجنة كما جعلني في الدنيا قال صلى الله تعالى عليه وسلم قضيت ذكره التلمساني؛ (وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ حَمَامَ مَكَّةَ أَظَلَّتِ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) أي جعلت عليه ظلا (يوم فتحها) بفتح فسكون وفي نسخة بفتحات (فدعا لها بالبركة) هذا وقد قيل إنها من نسل الحمامة التي باضت على باب الغار بعد دخول سيد الأبرار لكن قال الدلجي وأما قصة العضباء فلم أدر من رواها ولا حديث حمام مكة. (وروي عن أنس) وفي نسخة عن ابن مسعود (وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة) على ما رواه ابن سعد والبزار والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عنهم (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَرَ اللَّهُ لَيْلَةَ الْغَارِ شجرة) وفي نسخة شجرا (فثبتت تجاه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) بضم التاء المبدلة من الواو أي قبالته التي تقتضي مواجهته قال الدلجي هو مجاز عن انبتها كما في كُونُوا قِرَدَةً قلت الظاهر أنه أمر تكوين وأنه على حقيقته كما حقق في قوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (فسترته) أي تلك الشجرة عن أعين الفجرة وقد ذكر قاسم بن ثابت في الدلائل فيما شرح من الحديث أنه عليه الصلاة والسلام لما دخل الغار ومعه أبو بكر أنت الله على بابه الراءة مثل الطاعة قال قاسم بن ثابت وهي شجر معروفة فحجبت عن الغار أعين الكفار وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى الراءة من أعلاث الشجر وتكون مثل قامة الإنسان ولها خيطان وزهر أبيض يحشى منه المخاد ويكون كالريش لخفته ولينه لأنه كالقطن ذكره السهيلي والأعلاث من الشجر القطع المختلطة مما يقدح به من المرخ واليبس على ما في القاموس (وأمر حمامتين فوقفتا) بالفاء وروي بالعين أي نزلتا (بفم الغار) أي لئلا يظن الأغيار دخول سيد الأبرار ومن معه من أصحابه الكبار قال الدلجي فسمت صلى الله تعالى عليه وسلم عليهما أي دعا لهما وانحدرا إلى الحرام فافرخا
كل حمام فيه؛ (وفي حديث آخر وأنّ) وفي نسخة صحيحة وأن (العنكبوت نسجت على بابه) أي على فم الغار (فلمّا أتى الطّالبون له) أي لسيد الأخيار (ورأوا ذلك) أي ما ذكر من وقوف الحمامتين ونسج العنكبوت (قالوا لو كان فيه أحد) أي ممن دخله هذا الوقت (لم تكن الحمامتان ببابه) أي ولا نسج العنكبوت ولعابه (والنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يسمع كلامهم فانصرفوا) أي ولم يدركوا مرامهم وفي مسند البزار أن الله عز وجل أمر العنكبوت فنسجت على وجه الغار وأرسل إليه حمامتين وحشيتين وأن ذلك مما صد المشركين عنه وأن حمام الحرمين من نسل تينك الحمامتين (وعن عبد الله بن قرط) بضم القاف وسكون الراء له صحبة ورواية قال ابن عبد البر كان اسمه في الجاهلية سلطانا فسماه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عبد الله انتهى قتل بأرض الروم والحديث رواه الحاكم والطبراني وأبو نعيم عنه أنه قال (قرّب) بضم القاف وتشديد الراء المكسورة أي أدنى (إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بدنات) بفتحتين جمع بدنة وحكي بضمتين وهي ناقة أو بقرة ذكره الجوهري وزاد ابن الأثير وهي بالإبل اشبه وسميت بدنة لعظمها وسمنها فلا يلتفت إلى قول الدلجي وهي خاصة بالإبل ولا يلزم من الحاقه صلى الله تعالى عليه وسلم البقرة بها في الأجزاء عن سبعة تناول اسمها للبقرة شرعا بل الحديث وآية الحج يمنعانه انتهى ولا يخفى أنه إذا ثبت إطلاق البدنة على البقرة لغة وإلحاقها بالإبل شريعة فالمخالفة فيها مكابرة ومنع الحديث وآية الحج لها مصادرة (خمس أو ستّ أو سبع) شك من الراوي (لينحرها يوم عيد) أي من أعياد الأضحى (فازدلفن إليه) افتعلن من الزلف وهو القرب ومنه قوله تعالى حكاية لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ابدلت تاؤه دالا لمجاورتها الزاء ومنه المزدلفة والمعنى تقربن منه (بأيّهن يبدأ) أي في نحرها قال المزي صوابه يأيتهن بتاء التأنيث وفيه بحث. (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم في صحراء) أي بادية قفراء (فنادته ظبية يا رسول الله) فالتفت فإذا هي موثقة وأعرابي نائم (قال) أي لها (مَا حَاجَتُكِ قَالَتْ صَادَنِي هَذَا الْأَعْرَابِيُّ وَلِي خشفان) تنبيه خشف وهو بكسر الخاء وسكون الشين المعجمتين ولد الظبية الصغير (في ذلك الجبل فأطلقني) بفتح الهمزة وكسر اللام أي من القيد وأرسلني (حتّى أذهب) أي إلى ولدي (فأرضعهما) بضم الهمزة وكسر الضاد (وأرجع) أي إليك (قال أو تفعلين) بفتح الواو أي أتقولين هذا القول وتفعلين هذا الرجوع وفي نسخة صحيحة وتفعلين فالهمزة مقدرة وفي رواية قال أخاف أن لا ترجعي قالت إن لم أرجع فأنا شر ممن يأكل الربا وشر ممن ينام عن صلاة العشاء وشر ممن يسمع اسمك ولم يصل عليك (قالت نعم فأطلقها فذهبت ورجعت) أي بعد ما ارضعت (فأوثقها) أي فربطها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على حالها (فانتبه الأعرابيّ) أي وهو صلى الله تعالى عليه وسلم في المعالجة لها أو عندها (وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ تطلق) أي نعم هو أن تطلق أو هو خبر معناه أمر وفي نسخة صحيحة اطلق (هَذِهِ الظَّبْيَةَ؛ فَأَطْلَقَهَا فَخَرَجَتْ تَعْدُو فِي الصَّحْرَاءِ) أي تجري (وتقول) أي الظبية (أَشْهَدُ أَنْ لَا
إله إلّا الله وأنّك رسول الله) رواه البيهقي في دلائل النبوة من طرق وضعفه جماعة من الأئمة حتى قال ابن كثير لا أصل له وأن من نسبه إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقد كذب لكن طرقه يقوي بعضها بعضا وقد رواه أبو نعيم الأصبهاني في الدلائل بإسناده فيه مجاهيل عن أم سلمة نحو ما ذكره المصنف وكذا رواه الطبراني بنحوه وساقه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب من باب الزكاة؛ (ومن هذا الباب) أي باب طاعة الحيوانات من طريق خرق العادات لبعض صحابته من تمام بركته صلى الله تعالى عليه وسلم (ما روي من) وفي نسخة في (تسخير الأسد لسفينة) غير منصرف للتأنيث والعلمية (مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) اعتقته ام سلمة وشرطت عليه أن يخدم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم واسمه مهران عند الأكثر وكنيته أبو عبد الرحمن على الأشهر ولقبه عليه الصلاة والسلام سفينة لقضية مشهورة (إذ وجّهه) أي كان التسخير حين أرسله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (إلى معاذ باليمن) أي حال إقامته فيه لقضائه (فلقي) أي سفينة (الأسد فعرّفه) بتشديد الراء أي فذكر له (أنّه مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومعه كتابه) أي مكتوبه عليه الصلاة والسلام إلى معاذ أو غيره (فهمهم) بهاءين وميمين مفتوحتين فعل ماض من الهمهمة وهي الكلام بالخفية (وتنحّى عن الطّريق) أي وتبعد وتأخر الأسد عن طريق سفينة (وذكر) أي سفينة (في منصرفه) أي مرجعه أيضا (مثل ذلك) قال الدلجي لم أدر من رواه كذا وقد رواه البيهقي أن لقيه الأسد إنما كان حين ضل عن الجيش في أرض الروم قلت يحمل على تعدد الواقعة كما يشير إليه قول المصنف. (وفي رواية أخرى عنه) أي عن سفينة كما رواه البيهقي والبزار: (أنّ سفينة) أي من السفن (تكسّرت به) أي وسفينة في تلك السفينة (فخرج إلى جزيرة) وهي أرض ينجزر البحر عنها (فإذا الأسد) أي حاضر والمعنى فاجأه بغتة (فَقُلْتُ لَهُ أَنَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم فجعل يغمرني) بسكون الغين المعجمة وكسر الميم وتضم بعدها زاء أي يشير إلى ويحرك علي (بمنكبه) بفتح الميم وكسر الكاف أي بما بين كتفه وعنقه (حتّى أقامني) أي دلني (على الطّريق) وفي إيراد هذا الحديث إشارة إلى أن كرامة الولي بمنزلة معجزة النبي من حيث الدلالة على صدق النبوة والرسالة فإن الكرامة متفرعة على صحة المتابعة (وأخذ عليه الصلاة والسلام كان الأولى أن يقال ومن ذلك أنه أخذ عليه الصلاة والسلام (بأذن شاة لقوم من عبد القيس) قبيلة كبيرة مشهورة (بين إصبعيه) بكسر الهمزة وفتح الموحدة وجوز تثليث كل منهما فالوجوه تسعة (ثمّ خلّاها) أي تركها (فصار لها ميسما) بكسر الميم وفتح السين أي صار أثر أصبعيه لها علامة وهو في الأصل الحديدة التي يكوى بها ويجعل بسببها علامة فإطلاقه على العلامة مجاز في العبارة ظاهر العلاقة (وبقي ذلك الأثر فيها) أي في أصل تلك الشاة (وفي نسلها بعد) بالضم أي بعدها قال الدلجي لا أدري من رواه، (وما روي) أي ومن ذلك ما رُوِيَ (عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمَّادٍ بِسَنَدِهِ مِنْ كلام الحمار) في سيرة مغلطاي كان له صلى الله تعالى عليه وسلم من الحمير يعفور وعفير ويقال
هما واحد وآخر أعطاه سعد بن عبادة (أصابه) أي في سهمه وفي نسخة الذي أصابه (بخيبر وقال) أي الحمار وهو كان أسود (له اسمي يزيد بن شهاب) يعني ونعتي أن الله تعالى أخرج من نسلي ستين حمارا كلهم لم يركبه إلا نبي وقد كنت أتوقعك أن تركبني ولم يبق من نسل جدي غيري ولا من الأنبياء غيرك وكنت ليهودي وكنت أعثر به عمدا وكان يجيعني ويضربني على ما رواه ابن أبي حاتم عن حذيفة في رواية يجيع بطني ويضرب ظهري (فسمّاه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يعفورا) بالقصر وفي نسخة يعفور كيعقوب (وأنّه) أي النبي عليه الصلاة والسلام (كان يوجّهه) أي يرسله (إلى دور أصحابه) أي بيوتهم (فيضرب عليهم الباب برأسه ويستدعيهم) أي يطلب منهم إجابة الدعوة إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (وأنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لمّا مات) أي ودفن (تردّى) أي رمى بنفسه (في بئر) أي لأبي الهيثم بن التيهان (جزعا) أي فزعا (وحزنا) بفتحتين أو بضم فسكون (فمات) أي فصارت قبره رواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أبي منظور وقال لا اصل له وإسناده ليس بشيء وذكره ابن الجوزي في الموضوعات قلت قصة يعفور ذكرها غير القاضي فقد نقلها السهيلي في روضه عن ابن فورك في كتاب الفصول قال السهيلي وزاد الجويني في كتاب الشامل أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان إذا أراد أحدا من أصحابه أرسل هذا الحمار إليه فيذهب حتى يضرب برأسه الباب فيخرج الرجل فيعلم أن قد أرسل إليه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وفي رواية فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هذا وقد أخرجه ابن عساكر عن أبي منظور وله صحبة نحو ما سبق وقال هذا حديث غريب وفي إسناده غير واحد من المجهولين ورواه أبو نعيم عن معاذ بن جبل كما تقدم والله تعالى أعلم. (وَحَدِيثُ النَّاقَةِ الَّتِي شَهِدَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِهَا أَنَّهُ مَا سَرَقَهَا وَأَنَّهَا ملكه) رواه الطبراني عن زيد بن ثابت فيه مجاهيل والحاكم من حديث ابن عمر قال لذهبي وهو موضوع وفيه نظر. (وفي العنز) أي وفي حديث العنز كما في نسخة صحيحة وهي الأنثى من المعز (الّتي أتت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في عسكره) أي حال كونه فيما بين جنده في غزوة له (وقد أصابهم عطش) أي شديد (ونزلوا على ماء) أي لضرورة بهم (وهم زهاء ثلاثمائة) أحوال متتابعة مترادفة أو متداخلة (فحلبها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأروى الجند) أي جميع العسكر، (ثمّ قال لرافع) أي مولاه كذا قال الدلجي لكن مولاه أبو رافع ولذا قال الحلبي رافع هذا لا أعرفه بعينه وفي الصحابة جماعة كثيرة يقال لكل منهم رافع (أملكها) بفتح الهمزة وكسر اللام أي أوثقها أو أربطها واحفظها (وما أراك) بضم الهمزة أي ما أظنك تملكها وتحفظها (فربطها) أي وغفل عنها (فوجدها قد انطلقت) أي ذهبت برأسها بحيث لم يدر أحد عنها، (رواه ابن قانع) وقد سبق ذكره (وغيره) منهم ابن سعد وابن عدي والبيهقي عن مولى أبي بكر رضي الله تعالى عنه، (وفيه) أي وفي حديث ابن قانع (فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إنّ الّذي جاء بها) أي الله سبحانه وتعالى (هو