الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرضعيه أي ما أمكنك إخفاؤه فإذا خفت عليه الآية (وقد قيل ذلك) أي ما ذكر من الوحي بمعنى الإلهام أو المنام (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً [الشُّورَى: 51] أَيْ مَا يلقيه في قلبه) يعني الهاما أو مناما (دون واسطة) أي كما يفهم من المقابلة بقوله أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ كموسى عليه السلام أو يرسل رسولا كجبريل أو غيره من الملائكة فالواسطة إما معنوية أو صورية ودونها مختصة بالواقعة القلبية والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق القضية.
فصل [اعلم أن معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة]
(اعلم أنّ معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء) أي من الآيات الخارقة للعادة (معجزة هو أنّ الخلق) أي المرسل إليهم (عجزوا) بفتح الجيم وهي اللغة الفصحى ومنه قوله تعالى أَعَجَزْتُ وتكسر على لغة فالمستقبل على عكسهما أي لم يقدروا حيث ضعفوا (عن الإتيان بمثلها) فكأنها أعجزتهم عن معارضة إظهار نظيرها وإلا فالمعجز في الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى كما أنه قادر على اقدار العبد بنحوها أو على ابدائها على يد مظهرها والتاء للمبالغة أو لكونها وصفا للآية الخارقة للعادة (وهي) أي المعجزة (على ضربين) أي صنفين من حيث كونها مقدورة للبشر وغير مقدورة لهم، (ضرب هو من نوع قدرة البشر) أي في الجملة أو بالقوة على تقدير خلق القدرة فيه بأن يمكن دخوله تحت قدرتهم (فعجزوا عنه) أي بناء على صرفهم (فتعجيزهم) أي تعجيز الله تعالى إياهم (عنه) بصرف توجههم عَنْهُ (فِعْلٌ لِلَّهِ دَلَّ عَلَى صِدْقِ نَبِيِّهِ) لأنه كصريح قوله صدق عبدي في دعواه الرسالة لجري العادة بخلقه تعالى عقبه علما ضروريا بصدقه كمن قال لجمع أنا رسول الله إليكم ثم نتق فوقهم جبلا ثم قال إن كذبتموني وقع عليكم وإن صدقتموني أنصرف عنكم فكلما هموا بتصديقه بعد عنهم أو بتكذيبه قرب منهم فإنهم يعلمون حينئذ ضرورة صدقه مع قضاء العادة بامتناع صدور ذلك من الكاذب (كصرفهم) أي كصرف الله تعالى لكفار اليهود (عن تمنّي الموت) بقوله تعالى قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ثم أخبر عنهم بقوله وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم لو تمنوا اليهود الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار كما رواه البخاري وغيره (واعجازهم) بالجر عطفا على صرفهم أي وكاعجاز المشركين وغيرهم (عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ الْقُرْآنِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِهِمْ) أي أنه بناء على صرفهم كالنظام من المعتزلة والمرتضى من الشيعة والحق إن عجزهم عنه إنما كان لعلو درجته في فصاحته وبلاغته وغرابة أساليبه وجزالة تراكيبه مع اشتماله على أخبار الأولين وآثار الآخرين وتضمنه للأمور الغيبية الواقعة سابقا ولاحقا فهو معجزة من جهة المبنى ومن حيثية المعنى (ونحوه) أي وكتعجيزهم عن نحو الإتيان بمثل القرآن من سائر خوارق العادة (وضرب) أي نوع من المعجزة (هو
خارج عن قدرتهم) أي حتى بالقوة (فلم يقدروا على الإتيان بمثله) أي بالكلية (كإحياء الموتى) أي ليس من جنس أفعال البشر ولا الملك وأما احياؤهم بدعاء عيسى معجزة له فإنما كان من الله تعالى لا منه بدليل قوله تعالى وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ (وقلب العصا حيّة) أي تسعى معجزة لموسى. (وإخراج ناقة من صخرة) أي بلا واسطة وأسباب معهودة معجزة لصالح (وكلام شجرة) أي لموسى من قبل الله تعالى أو لنبينا عليه الصلاة والسلام بإظهار كلمة الإسلام (ونبع الماء من الأصابع) وفي نسخة من بين الأصابع معجزة لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم كما وردت به الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة (وانشقاق القمر) معجزة لبينا صلى الله تعالى عليه وسلم كما صح به الخبر ونص القرآن بقوله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ والمعنى أن ذلك وأمثاله (ممّا لا يمكن) وفي نسخة مما لا يجوز (أن يفعله أحد إلّا الله فيكون ذلك) أي هذا الضرب الذي لا يفعله إلا الله وفي نسخة فَكَوْنُ ذَلِكَ (عَلَى يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي صورة (من فعل الله تعالى) أي حقيقة كما حقق في قوله تعالى وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى (وتحدّيه) أي وطلب معارضة النبي (من يكذّبه أن يأتي بمثله تعجيز) وفي نسخة تعجيز له أي عن ذلك. (وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي ظَهَرَتْ عَلَى يَدِ نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم ودلائل نبوّته وبراهين صدقه) أي في دعوى رسالته واعلاء حجته كانشقاق القمر ومجيء الشجر وتسليم الحجر وحنين الجذع وأما سقوط شرف بناء الأكاسرة وخرور الأوثان ليلة ولد وأظلال الغمام قبل البعثة فهو من الارهاصات لا المعجزات خلافا لما توهمه عبارة الدلجي (من هذين النّوعين معا) أي جميعا باعتبار البعض والبعض فمنها ما هو من نوع قدرة البشر ومنها ما هو خارج عنها (وهو) أي نبينا (أكثر الرّسل معجزة وأبهرهم آية) أي أنورهم (وأظهرهم برهانا) أي حجة وبيانا (كما سنبيّنه) في محله إن شاء الله تعالى وحده (وهي) أي معجزاته (في كثرتها لا يحيط بها ضبط) أي لجزئياتها (فإنّ واحدا منها) أي مما هو أعظمها (وهو القرآن) أي من حيث آياته وسوره المشتملة على دلالات بيناته (لا يحصى) بصيغة المجهول أي لا يحصر ولا يعد (عَدَدُ مُعْجِزَاتِهِ بِأَلْفٍ وَلَا أَلْفَيْنِ وَلَا أَكْثَرَ) لما أورثه من فنون البلاغة وصنوف الفصاحة من جملتها إفادة المعاني الكثيرة في المباني اليسيرة إلى غير ذلك من أنواعها العجيبة وأصنافها الغريبة التي عجز عنها الخطباء والبلغاء من العرب العرباء (لأنّ النّبيّ) وهو الرسول الأعظم والنبي الأفخم صلى الله تعالى عليه وسلم وشرف وكرم (قد تحدّى بسورة منه) أي طلب المعارضة بأقصر سورة من سور القرآن (فعجز عنها) بصيغة المجهول أي فعجز جميع أهل المعاني والبيان عن الاتيان بمثل سورة من القرآن تصديقا لقوله تعالى قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً أي معاونا ونصيرا، (قال أهل العلم وأقصر السّور) أي سور القرآن وفي نسخة سوره بالضمير (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1] ) أي إلى آخره وكان الأظهر الأقصر أن يقول وأقصر السور سورة الكوثر لأنها
ثلاث آيات حروفها أقل من حروف آيات سورة هي ثلاث مثلها كقل هو الله أحد كذا قرره الدلجي وهو وهم منه لأن سورة الإخلاص أربع آيات نعم سورة العصر نحوها في عدد الآيات لكنها أطول منها باعتبار الحروف والكلمات في عددها (فكلّ آية) أي منه (أو آيات منه) أي من القرآن وسورة (بعددها) أي طويلة بعدد أقصر سورة من جهة الآيات أو الحروف أو الكلمات (وقدرها معجزة) فقوله تعالى فَأْتُوا بِسُورَةٍ أعم من أن تكون حقيقية أو حكمية (ثمّ فيها) أي في سورة الكوثر (نفسها) أي بعينها (معجزات) أي بخصوصها (على ما سنفصّله) أي نبينه (فيما انطوى) أي اشتمل القرآن واحتوى (عليه من المعجزات) أي التي لا تكاد تستقصى (ثمّ معجزاته صلى الله تعالى عليه وسلم) أي الثابتة لدينا والواصلة إلينا (على قسمين) أي باعتبار ما يكون حصوله قطعيا ووصوله ظنيا، (قسم منها علم) أي لنا من طريق كونه (قطعا) كذا قدره الدلجي بناء على جعله لفظ علم مصدرا والصحيح أنه فعل ماض مجهول وأن قطعا صفة لمصدر مقدر أي علم ذلك القسم علم قطع كما يدل عليه عطف قوله (ونقل إلينا متواترا) أي نقل تواتر وفي نسخة متواترا (كالقرآن) فإنه لكون طريق وصوله إلينا تواترا صار علمه لدينا قطعا (فلا مرية) بكسر الميم وقد تضم أي ولا شك ولا شبهة ويروى بلا مرية (ولا خلاف) أي بين أئمة الأمة (بمجيء النّبيّ به وظهوره من قبله) بكسر القاف وفتح الباء أي من جهته وهو عطف تفسير لزيادة تقرير (واستدلاله بحجّته) أي واستشهاد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بحجة القرآن على صدق محجته وتصديق نبوته وإرسال الله تعالى إياه إلى كافة بريته (وإن أنكر هذا) أي ما ذكر من مجيئه به وظهوره من قبله واستدلاله به (معاند) أي حائد يرد الحق مع علمه (جاحد) أي منكر له ملحد في حكمه (فهو) أي انكار ذلك (كإنكاره وجود محمّد في الدّنيا) حيث أنكر كل منهما انكار مكابرة ومجاحدة لتحقق وجودهما بثبوت مشاهدة وين كان أحدهما حسيا والآخر معنويا والحاصل أن وجوده صلى الله تعالى عليه وسلم وشهوده لا ينكره أحد من الموجودين (وإنّما جاء اعتراض الجاحدين) أي المنكرين والملحدين (في الحجّة به) أي في كونه حجة له قاله الدلجي والصحيح في الاحتجاج به أو في ثبوت الحجة بكتابه كما ورد في طعن المشركين إذ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (فهو) أي القرآن (في نفسه) أي في حد ذاته (وجميع ما تضمّنه) أي من سوره وآياته (من معجز) الأولى من معجزاته (معلوم ضرورة) أي بديهة لا تقتضي روية كما شهد به الأعداء من أهل الخبرة كالوليد بن المغيرة إذ قال في حقه لما تلى عليه بعضه إِنَّ لَهُ لِحَلَاوَةً وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً وَإِنَّ أسفله لمغدق وأن أعلاه لمثمر وما هو من كلام البشر، (ووجه إعجازه معلوم ضرورة ونظرا) كان الأولى أن يقال ووجه اعجازه مفهوم ضرورية ونظرية لئلا يقع تكرار صريح في العبارة أما ضرورة فلان سلاسة مبناه وجزالة معناه ونظم آياته والفة كلماته وصباحة وجوه فواتحه وخواتمه في بداياته ونهاياته في أعلى مراتب البلاغة وأعلى مناقب الفصاحة لا يحتاج العلم
به إلى الدلالة فيحكم العقلاء بإعجازه في البداهة وأما نظرا فلافتقار بعض وجوهه إلى النظر والتفكر في خصوص ذلك الأمر (كما سنشرحه) أي نبين ذلك القدر، (قال بعض أئمتنا) أي أئمة المالكية وفي نسخة صحيحة بعض مشايخنا (ويجري هذا المجرى) أي مجرى كون القسم الأول من معجزاته الذي علم قطعا ونقل إلينا تواترا (على الجملة) أي في الجملة باعتبار المعنى لا بطريق المبنى (أنّه) فاعل يجري أي الشأن (قد جرى على يده) وفي نسخة صحيحة على يديه (صلى الله تعالى عليه وسلم آيات) أي علامات أو معجزات (وخوارق عادات) أي شاملة لمعجزات وكرامات (إن لم يبلغ واحد منها) أي لم يصل أمر واحد من تلك الأمور (معيّنا) أي مشخصا ومبينا (القطع) بالنصب أي العلم القطعي بالنسبة إلى غير الصحابي، (فيبلغه) أي العلم اليقيني (جميعها) أي باعتبار معانيها دون مبانيها (على مرية) أي بناء على ما صدر لديه (ولا يختلف مؤمن ولا كافر) كان الأولى أن يقول وكافر بدون لا أو يقول ولا يخالف مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ (أَنَّهُ جَرَتْ عَلَى يَدَيْهِ عجائب) أي آيات غرائب مما أزاغت أبصارهم وحيرت بصائرهم (وإنّما خلاف المعاند) أي مخالفته مع الموحد (في كونها) أي في وصول العجائب فائضة (من قبل الله تعالى) أي من جهة المبدأ الفياض كما يقوله المؤمن الموحد أو حاصلة من تلقاء نفسه عليه الصلاة والسلام وأنه شاعر أو ساحر ونحوهما كما تفوه به المشرك الملحد (وقد قدّمنا كونها) أي كون المعجز فائضة (من قبل الله تعالى) أي لا واصلة من تلقاء نبيه (وأنّ ذلك) أي المعجز مع التحدي (بمثابة قوله) أي الله سبحانه وتعالى (صدقت) أي يا عبدي فيما ادعيت من رسالتي (فقد علم وقوع مثل هذا) أي الذي قدمناه (أيضا من نبيّنا) صلى الله تعالى عليه وسلم (ضرورة) أي بديهة (لاتّفاق معانيها) أي مع قطع النظر عن اختلاف مبانيها في كونها خوارق عادات وعلى صدق صاحبها علامات (كما يعلم ضرورة) أي عند الأخباريين وكذا عند بعض العامة (جود حاتم) بكسر التاء أي ابن عبد الله بن سعد الطائي مشهور بين العرب والعجم مات على كفره (وشجاعة عنترة) بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح التاء الفوقية فراء بعدها هاء وهو العبسي، (وحلم أحتف) أي ابن قيس التميمي (لِاتِّفَاقِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أي من المؤرخين والأخباريين (على كرم هذا) يعني حاتما (وشجاعة هذا) يعني عنترة (وحلم هذا) احنف فأشار إلى كل واحد بما للقريب تنزيلا له في ذهنه منزلته (وإن كان كلّ خبر) أي من أخبار هؤلاء الثلاثة (بنفسه) أي بانفراده ويروى في نفسه (لا يوجب العلم) أي القطعي (ولا يقطع بصحّته) لعدم تواتر كل واحد منها منفردا في كل عصر وطبق ثم اعلم أن حاتما هذا والد عدي قدم المدينة ابنه على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سنة تسع في شعبان وكان نصرانيا فأسلم واسلمت أخته بنت حاتم قبل عدي رضي الله تعالى عنهما وأما عنترة فهو ابن معاوية بن شداد وكان عنترة شديد السواد وأمه زبيبة أمة سوداء كانت لأبيه وكان من أشهر فرسان العرب وأشدهم بأسا وفي القاموس عنتر كجعفر وجندب في لغية
الذباب والعنترة صوته والشجاعة في الحرب هذا ولو قال كشجاعة علي لكان أظهر فإنه بهذا الوصف بين العرب والعجم أشهر وأما الأحنف فهو بفتح الهمزة ثم حاء مهملة ساكنة ثم نون مفتوحة ثم فاء روى عن عمر وعثمان وعلي وعدة وعنه الحسن وحيد بن هلاك وجماعة وكان سيدا نبيلا أخرج له الأئمة الستة مخضرم وقد أسلم في عهده عليه السلام ودعا له ولم يتفق له رؤيته قال صاحب القاموس تابعي كبير. (والقسم الثّاني) أي من معجزاته صلى الله تعالى عليه وسلم هو (ما لم يبلغ) أي لم يصل علمه (مبلغ الضّرورة، والقطع) قطعا يصير ضروريا بديهيا ولا فكريا قطعيا (وهو) أي هذا القسم الذي بمنزلة الجنس (على نوعين نوع مشتهر) أي عند الخاصة (منتشر) أي عند العامة وكلاهما بصيغة الفاعل (رواه العدد الكثير) أي من الصحابة والتابعين (وشاع الخبر به عند المحدّثين) أي من المخرجين والمصنفين (والرّواة) أي من المتأخرين (ونقلة السّير) بفتح النون والقاف جمع ناقل والسير بكسر السين وفتح الياء جمع سيرة أي ومن الذين نقلوا سير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من صفاته وآياته ومعجزاته (والأخبار) بفتح الهمزة أي الأحاديث المتعلقة بسيد الأبرار صلى الله تعالى عليه وسلم الواردة عن بقية العلماء الأخيار (كنبع الماء من بين أصابعه) أو من أصابعه كما في بعض طرقه (وتكثير الطّعام) أي المأكول والمشروب كما في حديث أنس وغيره وكحنين الجذع وكلام الضب والذراع مما رواه الشيخان وغيرهما.
(ونوع منه) وهو الذي غير مشتهر ولا منتشر (اختصّ به) أي بنقله (الواحد) أي تارة (والأثنان) أي أخرى (ورواه العدد اليسير) أي ولو وصل إلى مرتبة الجمع في بعض طرقه (ولم يشتهر) أي هذا القسم (اشتهار غيره) أي الثابت بالعدد الكثير والجم الغفير (لكنّه إذا جمع إلى مثله) أي في المبنى (اتّفقا في المعنى) أي المراد به ثبوت الإعجاز في المدعي (واجتمعا على الإتيان بالمعجز كما قدّمناه) أي من أنه لا مرية في جريان معانيها على يديه وأنه إذا ضم بعضها إلى بعض أفاد القطع لديه. (قال القاضي أبو الفضل) أي المصنف (وأنا أقول صدعا بالحقّ) أي جهرا به ومنه قوله تعالى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ (إنّ كثيرا من هذه الآيات) أي الواردات كمجيء الشجر إليه وتسليم الحجر عليه وتسبيح الحصى في يديه (المأثورة) أي المروية (عنه عليه السلام أي ولو كانت آحادا مبنى (معلومة بالقطع) لتواترها معنى (أمّا انشقاق القمر) أي على يديه بمكة حين سأله كفار قريش آية (فالقرآن نصّ بوقوعه) أي في الجملة لأنه ظني الدلالة وأما قوله الدلجي أما انشقاق القمر فإنه متواتر لفظا إذ القرآن نص بوقوعه فليس على إطلاقه (وأخبر عن وجوده) أي ثبوته وحصوله لقوله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وقرئ وقد انشق أي اقتربت وقد حصل من آيات اقترابها انشاق القمر قبلها (ولا يعدل عن ظاهر) أي من تحقق وقوعه وثبوت وجوده إلى تأويل بأنه سينشق يوم القيامة وأنه جيء بالماضي لتحقق وقوعه في مستقبله (إلّا بدليل) موجب لحمله عليه وصرفه إليه (وجاء) أي وقد ورد (برفع احتماله) أي احتمال الدليل الدال على صرف الآية عن
ظاهرها (صحيح الأخبار) أي الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة (من طرق كثيرة) كخبر الصحيحين وغيرهما (ولا يوهن) وكان الأنسب في ترتيب السبب أن يقال فلا يوهن بالفاء وهو بضم الياء وكسر الهاء مخففا أو مثقلا أي لا يضعف (عزمنا) أي جزمنا (خلاف أخرق) أي مخالفة جاهل أحمق أفعل من الخرق ضد الرفق (منحلّ عرى الدّين) بضم ميم وسكون نون وحاء مهملة مفتوحة ولام مشددة مضاف إلى عرى بضم العين وفتح الراء جمع عروة وهي ما يتمسك به في أمر الديانة ومنه قوله تعالى فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها أي لا انقطاع لها (ولا يلتفت) بصيغة المجهول أي ولا ينظر (إلى سخافة مبتدع) بفتح السين المهملة والخاء المعجمة أي رقة عقل ضال عدل عن الحق المبين (يلقي) بضم الياء وكسر القاف أي يوقع (الشّكّ) أي التردد والشبهة (على قلوب ضعفاء المؤمنين) فربما قبلته ووقعت في ضلالة المبتدعين (بل يرغم بهذا أنفه) بصيغة الفاعل المتكلم من أرغم أنفه الصقه بالرغام بالفتح وهو التراب والمعنى نذله (وننبذ) بفتح النون الأولى وكسر الموحدة أي نطرح (بالعراء) أي بالصحراء والفضاء ومكان الخلاء (سخفه) بضم السين المهملة وتفتح وسكون الخاء المعجمة أي رقة عقله وكثافة جهله والمعنى نلقي جهله بالعراء لا شيء يستره من البناء وفي بعض النسخ يرغم وينبذ بصيغة التذكير وبناء المجهول وأنفه وسخفه مرفوعان (وكذلك) أي وكانشقاق القمر في كثرة الرواة طرقا صريحة وأسانيد صحيحة (قصّة نبع الماء) أي من بين أصابعه أو من أصابعه (وتكثير الطّعام رواها) أي قصة النبع والتكثير (الثّقات) أي من الرواة (والعدد الكثير) أي من الاثبات والمراد منهم طبقة الاتباع (عن الجمّاء) وفي نسخة الجم (الغفير) أي عن الجمع الكثير من التابعين (عن العدد الكثير من الصّحابة) فمن روى نبع الماء بالزوراء بقرب مسجده بالمدينة السكينة الشيخان عن أنس رضي الله تعالى عنه وبالسفر البخاري عن ابن مسعود وممن روى تكثير الطعام البخاري والنسائي عن الشعبي عن جابر في قضاء دين والده والشيخان والترمذي والنسائي عن أنس في قصة أبي طلحة يوم الخندق (ومنها) أي ومن جملة المعجزات أو من جملة رواية الثقات (ما رواه الكافّة) أي الجماعة (عن الكافّة) أي عن مثلهم في الكثرة (متّصلا) أي نقلا متصلا غير منقطع أصلا (عمّن حدّث بها) أي بالمعجزة أو بتلك الرواية الدالة عليها (من جملة الصّحابة) بيان لمن وفي نسخة من جلة الصحابة بكسر الجيم وتشديد اللام أي أكابرهم أو معظمهم ويؤيده قوله (وأخيارهم) على ما ضبط في نسخة صحيحة من فتح الهمزة ثم الياء التحتية لكن في أكثر النسخ إخبارهم بكسر الهمزة ثم الموحدة مجرورا ولا يظهر وجهه ولعله مرفوع عطفا على ما رواه أي ومنها نقل الصحابة (أنّ ذلك) أي ما ذكر من تكثير الطعام (كان في موطن اجتماع الكثير منهم) أي من الصحابة وغيرهم (في يوم الخندق) أي حول المدينة في غزوة الأحزاب وكانت سنة خمس (وفي غزوة بواط) بضم الباء الموحدة وتفتح جبل من جبال جهينة وكانت في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهرا من
الهجرة (وعمرة الحديبيّة) بتخفيف الياء الثانية وتشدد وكانت سنة ست في ذي القعدة ووهم من قال في رمضان وإنما كان الفتح فيه (وغزوة تبوك) بفتح الفوقية وضم الموحدة ممنوعا وقد يصرف وكانت في السنة التاسعة وهي آخر غزواته صلى الله تعالى عليه وسلم بذاته وهو موضع بطرف الشام بينه وبين المدينة أربع عشرة مرحلة (وأمثالها من محافل المسلمين) أماكن اجتماعهم (ومجمع العساكر) أي مكان جمع المجاهدين وكان الأولى أن يؤتى بصيغة الجمع فيهما أو بافرادهما (ولم يؤثر) بصيغة المفعول من الأثر أي ولم ينقل (عن أحد من الصّحابة مخالفة للرّاوي) أي منه في قصتهما (فيما حكاه) أي رواه (ولا) أي ولا نقل عن أحد منهم (إنكار عمّا ذكر عنهم) بصيغة المجهول أي ذكره بعضهم (أنّهم) أي بقية الصحابة (رأوه) أي شاهدوه منه صلى الله تعالى عليه وسلم، (كما رواه) أي عنه (فسكوت السّاكت منهم) أي إذا وقعت الرواية في مكانهم أو زمانهم (كنطق النّاطق) أي بمنزلة رواية الراوي منهم به؛ (إذ هم المنزّهون) أي المبرؤون (عَنِ السُّكُوتِ عَلَى بَاطِلٍ وَالْمُدَاهَنَةِ فِي كَذِبٍ) بفتح الكاف وكسر الذال أو بكسر فسكون وهذا بشهادة قوله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وبدلالة قوله عليه الصلاة والسلام خير القرون قرني فكلهم عدول رضي الله تعالى عنهم (وليس هناك رغبة) أي ميل وطمع (ولا رهبة) أي خوف وفزع والمعنى أنه ما كان هناك موجبة من مداراة مع الخلق ومداهنة في الحق (تمنعهم) من الإنكار وتحملهم على السكوت الذي هو بمنزلة الإقرار (وَلَوْ كَانَ مَا سَمِعُوهُ مُنْكَرًا عِنْدَهُمْ وَغَيْرَ معروف لديهم) أي ولو في الجملة (لأنكروه) أي ذلك المسموع أنكروا على ناقله أيضا (كما أنكر بعضهم) أي بعض الصحابة (على بعض) أي آخرين (أشياء رواها) أي نقلها بعضهم (من السّنن والسّير وحروف القرآن) بيان لأشياء والمراد بالسنن الأحاديث المتعلقة بالأحكام وبالسير الروايات المختصة بشمائله عليه الصلاة والسلام وبحروف القرآن قراآته كإنكار عمر رضي الله تعالى عنه على هشام بن حكيم بن حزام إذ سمعه يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فجاء به إليه فقال سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما اقرأتنيها فقال اقرأ يا هشام فقرأ فقال هكذا أنزلت ثم قال اقرأ يا عمر فقرأ فقال هكذا انزلت أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه رواه الأئمة الستة (وخطّأ بعضهم بعضا) بتشديد الطاء أي نسب بعضهم بعضا إلى الخطأ في اجتهاداتهم واستنباطاتهم (ووهّمه) بتشديد الهاء أي ونسب بعضهم بعضا إلى الوهم في رواياتهم (في ذلك) أي في جميع ما ذكر من السنن والسير والقراآت (ممّا هو معلوم) أي عند أرباب الدرايات كتخطئة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نوفل البكالي في قوله إن موسى الخضر ليس موسى بني إسرائيل (فهذا النّوع) أي الذي رواه العدد اليسير لا الجمع الكثير (كلّه) أي جميع أفراده (يلحق) بفتح الياء على ما قاله الحلبي وغيره وكذا بفتح الحاء والأظهر أن يكون بصيغة المجهول ووقع في أصل الدلجي ملحق بالميم وصيغة المفعول وهو نسخة أيضا والمعنى يوصل
(بالقطعيّ من معجزاته) ويعطي حكمه من كراماته (لما بيّنّاه) مما يؤذن بأن رواية بعضهم وسكوت بعضهم بمنزلة وقوع الإجماع فإن هذه الأمة لا تجتمع على الضلالة (وَأَيْضًا فَإِنَّ أَمْثَالَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَا أَصْلَ لها) أي كالموضوعات (وبنيت على باطل) أي غرض فاسد من الخيالات (لا بدّ مع مرور الأزمان) أي مضي الأوقات (وتداول النّاس) أي في الروايات (وأهل البحث) أي عن حال الرواة (من انكشاف ضعفها) أي لا فراق من تبين ضعف أمرها (وخمول ذكرها) أي وخموده عند أهل المعرفة بسندها (كما يشاهد) بصيغة المجهول وفي نسخة بضم النون وكسر الهاء أي كما يرى ويعلم ويظهر (فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ وَالْأَرَاجِيفِ الطَّارِئَةِ) بالهمزة ويبدل أي الحكايات العارضة، (وأعلام نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم) بفتح الهمزة أي معجزاته التي هي لشهرتها وانتشارها كالاعلام جمع علم على عجز من ناواه ورد من عاداه (هذه الواردة) أي كل واحد منها (من طريق الآحاد) أي المفيدة للظن مبنى لكنه إذا ضم بعضها إلى بعض صارت متواترة موجبة للقطع معنى (لا تزداد) أي بإيراد تلك الآحاد (مع مرور الزّمان إلّا ظهورا) أي إجلالا للمؤيد بها وإمدادا وارغاما لمنكرها عنادا (ومع تداول الفرق) أي للأمور فرقة ففرقة كذا قرره الدلجي بناء على ما وقع في أصله وفي أكثر النسخ تداول القرون وهو المناسب لمقابلة ما سبق من قوله تداول الناس (وكثرة طعن العدوّ) أي الأعداء فإنه يطلق على الجمع والمفرد مع أفراد لفظه ولذا قال (وحرصه على توهينها) أي إبطالها (وتضعيف أصلها) أي باعتبار متنها وإسنادها (وإجهاد الملحد) أي بذل الظالم وسعه عادلا عن الحق قال الدلجي وفي نسخة وإجهاد بلا تاء أي نفسه أي إيقاعها في مشقة وجد وكد ومبالغة (على إطفاء نورها) يعني وهي لا تزداد مع ذلك (إلّا قوّة وقبولا) أي للمنصف المذعن للحق (ولا للطّاعن) أي ولا تزداد للذام العائب (عليها إلّا حسرة وغليلا) بفتح الغين المعجمة أي حرارة وعطشا يهلك من كان عليلا (وكذلك) أي وكإعلامه بفتح الهمزة فيما ذكر من الازدياد (إخباره) بكسر الهمزة أي إعلامه (عن الغيوب) كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم مما أخبر به عن المغيبات في حديث الحاكم بلاء يصيب هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم وقد وجد هذا عند أهل العلم (وإنباؤه) بكسر الهمزة أي وإخباره (بما يكون) أي في الآخرين (وكان) أي وبما كان في الأولين أو بما يكون في الغيوب وبما كان من العدم، (معلوم) أي كل ذلك معلوم كونه (من آياته) أي علاماته الدالة على صدق حالاته وصحة معجزاته (على الجملة) أي من غير نظر إلى الطريق المفصلة (بالضّرورة) أي بالبداهة العقلية فهو في الجملة قطعي الدلالة من غير احتياج علمنا بكونه منها إلى كسب من تفكر واستدلال بالأدلة (وهذا حق) أي أمر ظاهر، (لا غطاء عليه) ولا مرية لديه (وقد قال به) أي بكون إخباره بما يكون الخ (من أئمتنا) أي الأشعرية (القاضي) قال الحلبي الظاهر أنه أبو بكر الباقلاني المالكي (والأستاد) بالدال المهملة وقيل بالمعجمة (أبو بكر) أي ابن فورك بضم الفاء (من الشافعية
وغيرهما) أي من الأئمة الحنفية والحنبلية والمشايخ الماتريدية من أكابر أهل السنة والجماعة (وعندي أوجب قول القائل) بالنصب وفي أصل الدلجي ما أوجب أي ما اثبت قوله وفي نسخة وَمَا عِنْدِي أَوْجَبَ قَوْلَ الْقَائِلِ (إِنَّ هَذِهِ القصص المشهورة) أي في باب المعجزات وخوارق العادات (من باب خبر الواحد) أي إنما هي من خبر الآحاد وهي لا تفيد إلا ظنا مبينا لا علما يقينا وما الجأه إلى قوله هذا (إلّا قلّة مطالعته) أي ملاحظة هذا القائل (للأخبار) أي للأحاديث الصريحة (وروايتها) أي وقلة معرفته بالأسانيد الصحيحة، (وشغله بغير ذلك من المعارف) بضم الشين وفتحها وبضمتين أي وكثرة اشتغاله بغير ما ذكر من الأدلة النقلية المفيدة للعلوم اليقينية من الآلات والأدوات العربية والمعارف الجزئية التي مأخذها الأمور الظنية والعوارف الوهمية (وإلّا) أي وإن لم يكن موجب قوله ذلك قلة اعتنائه بما هنالك (فمن اعتنى) أي اهتم (بطرق النّقل) أي أسانيد المنقول في هذا الباب (وطالع الأحاديث والسّير) أي كتبهما على ما رتب في الأبواب (لم يرتب) من الارتياب أي لم يشك (في صحّة هذه القصص المشهورة) أي الروايات المأثورة والحكايات المذكورة وتبين له أنها (على الوجه الذي ذكرناه) أي على الطريق الذي قررناه والمنهج الذي حررناه من أنها من باب التواتر معنى وإن كانت من أحاديث الآحاد مبنى (وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِالتَّوَاتُرِ عِنْدَ واحد) أي من أهل الحديث والقراءة مثلا (ولا يحصل عند آخر) إذا كان عاريا عن معرفتها أصلا وفرعا (فإنّ أكثر النّاس يعلمون بالخبر كون) وفي نسخة إن في أخرى كون إن (بغداد موجودة وأنّها مدينة عظيمة) أي كبيرة مشهورة (ودار الإمامة والخلافة) ومحل العلماء ومنزل الأولياء بعد أن عمرت في زمن أبي جعفر المنصور العباس أخي السفاح سنة خمس وأربعين ومائة وكانت قبل ذلك مبقلة وسبق أنه يجوز في داليها اعجام وإهمال والمرجح إهمال الاول وإعجام الثاني كما صرح في رواية الشاطبية (وآحاد من النّاس) أي الذين في أطراف العالم واكنافه (لا يعلمون اسمها فضلا عن وصفها) أي من رسمها ووسمها (وهكذا) أي وكعلم بعض الناس بغداد وجهل غيرهم بها (يعلم الفقهاء من أصحاب مالك) أي مثلا من حيث تقليدهم لما هنالك (بالضّرورة) أي بالبديهة الضرورية من غير احتياج إلى التفكر والروية (وتواتر النّقل) وفي نسخة صحيحة والنقل المتواتر (عنه) أي عن مالك الإمام (أنّ مذهبه إيجاب قراءة أمّ القرآن) أي سورة الفاتحة من غير البسملة (في الصّلاة للمنفرد والإمام) أي دون المأموم وإن لم يسمع قراءة إمامه بل يكر له في الجهرية قراءتها وهذا موافق لمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى على تفصيل في كتبهم والشافعي يوجبها على المأموم أيضا، (وإجزاء النّيّة) أي وإن مذهبه الاكتفاء بالنية (في أوّل ليلة من رمضان) أي لجميع أيامه (عمّا سواه) أي من بواقي لياليه (وأنّ الشّافعيّ) أي وكذا يعلم الفقهاء من أصحابه وربما يعلم غيرهم أيضا بالضرورة ونقل المتواتر عنه وكذا عن أبي حنيفة أنه (يرى) أي وجوبا لا ندبا (تجديد النّيّة كلّ ليلة) أو قبل نصف النهار الشرعي عند أبي حنيفة