المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى قد أتينا في هذا الباب] - شرح الشفا - جـ ١

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأوّل

- ‌[المقدمة]

- ‌ترجمة القاضي عياض

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌القسم الأول [في تعظيم العلي الأعلى جل وعلا]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي ثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ [فِيمَا جَاءَ من ذلك مجيء المدح والثناء]

- ‌الفصل الثّاني [في وصفه تعالى بالشهادة وما تعلق به من الثناء والكرامة]

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ [فيما ورد من خطابه تعالى إياه مورد الملاطفة والمبرة]

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ [فِي قَسَمِهِ تَعَالَى بِعَظِيمِ قَدْرِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الفصل الخامس في قسمه

- ‌الْفَصْلُ السَّادِسُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى في جهته عليه الصلاة والسلام مورد الشفقة والإكرام]

- ‌الفصل السّابع [فيما أخبره الله بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِنْ عَظِيمِ قَدْرِهِ]

- ‌الْفَصْلُ الثَّامِنُ [فِي إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقَهُ بصلاته عليه وولايته له]

- ‌الْفَصْلُ التَّاسِعُ [فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ سُورَةُ الْفَتْحِ مِنْ كراماته عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْعَاشِرُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كتابه العزيز من كراماته عليه ومكانته عنده]

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي تَكْمِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ المحاسن خلقا وخلقا]

- ‌فصل [قال القاضي رحمه الله تعالى إذا كانت خصال الكمال والجلال]

- ‌فصل [إن قلت أكرمك الله تعالى لا خفاء على القطع بالجملة]

- ‌فصل [وأما نظافة جسمه وطيب ريحه وعرقه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُفُورُ عَقْلِهِ وَذَكَاءُ لُبِّهِ وَقُوَّةُ حَوَاسِّهِ وفصاحة لسانه واعتدال حركاته وحسن شمائله]

- ‌فصل [وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول]

- ‌فصل [وأما شرف نسبه وكرم بلده ومنشأه]

- ‌فصل [وأما تَدْعُو ضَرُورَةُ الْحَيَاةِ إِلَيْهِ مِمَّا فَصَّلْنَاهُ فَعَلَى ثلاثة ضروب الضرب الأول]

- ‌فصل [وأما الضرب الثاني ما يتفق التمدح بكثرته والفخر بوفوره]

- ‌فصل [وأما الضرب الثالث فهو ما تختلف فيه الحالات]

- ‌فصل [وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [وأما أَصْلُ فُرُوعِهَا وَعُنْصُرُ يَنَابِيعِهَا وَنُقْطَةُ دَائِرَتِهَا فَالْعَقْلُ]

- ‌فصل [وأما الحلم]

- ‌فصل [وأما الجود]

- ‌فصل [وأما الشجاعة والنجدة]

- ‌فصل [وأما الحياء والإغضاء]

- ‌فصل [وأما حسن عشرته وآدابه]

- ‌فصل [وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق]

- ‌فصل [وأما خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم في الوفاء]

- ‌فصل [وأما تواضعه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما عدله صلى الله تعالى عليه وسلم وأمانته وعفته وصدق لهجته]

- ‌فصل [وأما وقاره صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما زهده صلى الله تعالى عليه وسلم في الدنيا]

- ‌فصل [وأما خوفه صلى الله تعالى عليه وسلم من ربه عز وجل]

- ‌فصل [اعلم وفقنا الله تعالى وإياك أن صفات جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قد آتيناك أكرمك الله سبحانه من ذكر الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ صَحِيحِ الْأَخْبَارِ ومشهورها بتعظيم قدره عند ربه عز وجل]

- ‌الفصل الأول [فِيمَا وَرَدَ مِنْ ذِكْرِ مَكَانَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عز وجل]

- ‌فصل [في تفضيله صلى الله تعالى عليه وسلم بما تضمنته كَرَامَةُ الْإِسْرَاءِ]

- ‌فصل [ثم اختلف السلف والعلماء هل كان إسراء بروحه أو جسده]

- ‌فصل [إبطال حجج من قال أنها نوم]

- ‌فصل [وأما رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم لربه عز وجل]

- ‌فصل [في فوائد متفرقة]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ وَظَاهِرُ الآية من الدنو والقرب]

- ‌فصل [في ذكر تفضيله في القيامة بخصوص الكرامة]

- ‌فصل [في تفضيله بالمحبة والخلة]

- ‌فصل [في تفضيله بالشفاعة والمقام المحمود]

- ‌فصل [في تفضيله فِي الْجَنَّةِ بِالْوَسِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالْكَوْثَرِ وَالْفَضِيلَةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ إِذَا تَقَرَّرَ مِنْ دَلِيلِ الْقُرْآنِ وصحيح الأثر]

- ‌فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته]

- ‌فصل [في تشريف الله تعالى له بما سماه به من أسمائه الحسنى]

- ‌فصل [قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وها أنا أذكر نكتة]

- ‌الْبَابُ الرَّابِعُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَشَرَّفَهُ بِهِ مِنَ الْخَصَائِصِ والكرامات]

- ‌فصل [اعلم أن الله عز وجل قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْمَعْرِفَةِ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ]

- ‌فصل [اعلم أن معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة]

- ‌فصل [في إعجاز القرآن العظيم الوجه الأول]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ إِعْجَازِهِ صُورَةُ نَظْمِهِ الْعَجِيبِ والأسلوب الغريب]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ الْإِعْجَازِ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ من الأخبار]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الرَّابِعُ مَا أَنْبَأَ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ القرون السالفة]

- ‌فصل [هَذِهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ إِعْجَازِهِ بَيِّنَةٌ لَا نزاع فيها ولا مرية]

- ‌فصل [ومنها الروعة]

- ‌فصل [وَمِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ الْمَعْدُودَةِ كَوْنُهُ آيَةً بَاقِيَةً لا تعدم ما دامت الدنيا]

- ‌فصل [وَقَدْ عَدَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمُقَلِّدِي الْأُمَّةِ في إعجازه وجوها كثيرة]

- ‌فصل [في انشقاق القمر وحبس الشمس]

- ‌فصل [في نبع الماء من بين أصابعه الشريفة وتكثيره ببركته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ تَفْجِيرُ الْمَاءِ ببركته وانبعاثه]

- ‌فصل [ومن معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابتها دعوته]

- ‌فصل [في قصة حنين الجذع له صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [ومثل هذا وقع في سائر الجمادات بمسه ودعوته]

- ‌فصل [في الآيات في ضروب الحيوانات]

- ‌فصل [في إحياء الموتى وكلامهم]

- ‌فصل [في إبراء المرضى وذوي العاهات]

- ‌فصل [في إجابة دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في كراماته صلى الله عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْغُيُوبِ]

- ‌فصل [في عصمة الله تعالى له صلى الله تعالى عليه وسلم من الناس وكفايته من آذاه]

- ‌فصل [ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الله تعالى له من المعارف والعلوم]

- ‌فصل [ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام وكراماته وباهر آياته أنباؤه مع الملائكة]

- ‌فصل [وَمِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ وَعَلَامَاتِ رِسَالَتِهِ مَا تَرَادَفَتْ]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ عِنْدَ مولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى قد أتينا في هذا الباب]

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى قد أتينا في هذا الباب]

ذلك المحل إماما لقومه كله فصلوا فرادى لإدراك فضله وتكرار الصلاة عليه من خصوصيات حكمه هذا ومن زعم أن المراد بالصلاة هنا الدعاء فقد عدل عن الحقيقة من غير قرينة صارفة (واستئذان ملك الموت عليه) أي ومن طلب إذن ملك الموت في الدخول عليه لقبض روحه (ولم يستأذن على غيره قبله) أي من الأنبياء والأصفياء فضلا عما بعده من العلماء والأولياء وروي أن جبريل قال إن ملك الموت بالباب يستأذن عليك ولم يستأذن على أحد قبلك ولا بعدك فقال ائذن له فقال السلام عليك يا محمد إن الله أمرني أن أطيعك فيما أمرتني به أن أقبض نفسك قبضتها وإن أتركها تركتها (وندائهم الذي سمعوه أن لا تنزعوا) بكسر الزاء غيبا وخطابا أي لا تخلعوا (القميص عنه) أي عن بدنه (عند غسله) بضم الغين أو فتحه وذلك حين قالوا ما تدري أنجرده من ثيابه أم نغسله بها فألقي عليهم النوم فما منهم رجل إلا وذقنه في صدره ثم سمعوا قائلا لا يدرون من هو غسلوه وعليه ثيابه فغسلوه وعليه قميص يصبون الماء فوقه رواه أبو داود والبيهقي وصححه واستشهد له بما رواه عن شيخه أبي عبد الله الحاكم من طريق بريدة قال أخذوا في غسله فإذا هم بمناد من داخل لا تخرجوا عنه قميصه (وَمَا رُوِيَ مِنْ تَعْزِيَةِ الْخَضِرِ وَالْمَلَائِكَةِ أَهْلَ بيته عند موته) إذا سمعوا قائلا لا يرون شخصه السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته إن في الله خلفا من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودركا من كل فائت فبالله ثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب رواه البيهقي في دلائل النبوة نقله الدلجي وقال الحلبي حديث تعزية الخضر رواه الشافعي من حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه قال لما مرض النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الحديث الطحاوي آخره قال علي أتدرون من هذا هذا الخضر وهذا مرسل وقد رواه الشافعي أيضا في الأم بإسناد ضعيف إلا أنه لم يقل الخضر بل سمعوا قائلا يقول وإنما ذكره أصحاب الشافعي قاله النووي في شرح المهذب وقال بعض مشايخي أخرجه الحاكم في المستدرك من رواية أنس وفيه فقال أبو بكر وعلي هذا الخضر لكن في إسناده عباد بن عبد الصمد وهو ضعيف وقد أخرجه الشافعي أيضا في غير الأم وفيه فقال أتدرون من هذا هذا الخضر رواه الطحاوي عن المزني عنه في السنن المشهورة (إلى ما ظهر على أصحابه من كراماته) أي الظاهرة (وبركته) أي الوافرة (في حياته وموته) أي بعد مماته (كاستسقاء عمر بعمّه) أي العباس كما رواه البخاري (وتبرّك غير واحد) أي كثيرين من الصحابة والتابعين (بذرّيته) كالحسين وزين العابدين وصالحي أولادهم رضي الله تعالى عنهم أجمعين وأرضاهم.

‌فصل [قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى قد أتينا في هذا الباب]

(قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ رحمه الله قَدْ أتينا) أي أوردنا (في هذا الباب) أي الرابع من أبواب الكتاب (على نكت) بضم ففتح أي لطائف وشرائف (من معجزاته واضحة) صفة نكت

ص: 756

وقال الدلجي حال مما قبله (وجمل من علامات نبوّته مقنعة) نعت جمل وهو بضم ميم وسكون قاف وكسر نون وفتح عين وقال الدلجي حال من جمل أي تغني من عرف حقيقتها (في واحد) خبر مقدم (منها) أي من النكت والجمل (الكفاية والغنية) بضم فسكون أي الاكتفاء والاغتناء في باب الاعتناء (وتركنا الكثير) أي من الأنباء (سوى ما ذكرنا) أي من النكت والجمل (واقتصرنا من الأحاديث الطّوال) بكسر الطاء أي الطويلة الاذيال (على عين الغرض) أي نفس المراد (وفصّ المقصد) أي زبدة المقصود والفص للخاتم بفتح الفاء ويثلث والصاد مشددة والمقصد بفتح الصاد وتكسر قال الحلبي بكسر الصاد وجد بخط النووي (ومن كثير الأحاديث) أي واقتصرنا وقد أبعد الحلبي في تقديره وأتينا (وغريبها) أي مما انفرد رواتها بها (على ما صحّ) أي سنده (واشتهر) أي نقله عند أهله (إلّا يسيرا) أي شيئا قليلا (من غريبه ممّا ذكره مشاهير الأئمّة) أي من نقاد الأمة وحفاظ السنة بحيث إنه خرج عن حيز الغرابة (وحذفنا الإسناد في جمهورها) أي أكثرها (طلبا للاختصار) أي حذرا من الإكثار الممل للنظار (وبحسب هذا الباب) بسكون السين وزيادة الباء أي ويكفي هذا الباب الرابع الموضوع في المعجزات (لو تقصّي) بتاء وقاف مضمومتين فصاد مشددة مكسورة أي لو استقصي وضبطه الدلجي بالفاء أي لو تتبع (أن يكون ديوانا) أي دفترا ومصنفا على حدة (جامعا) أي محيطا وحاويا (يشتمل على مجلّدات عدّة) بكسر فتشديد أي كثيرة وقال الدلجي وحسب مبتدأ خبره أن يكون ديوانا وجواب لو محذوف أي لأمكن. (ومعجزات نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أظهر) أي أكثر وأبهر (من سائر معجزات الرّسل) الأظهر من معجزات سائر (بوجهين) أي نظرا إلى الكمية والكيفية كما يشير إليه قوله (أحدهما كثرتها) أي مع شهرتها إذ الكثرة لا تستلزم الشهرة (وَأَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ نَبِيٌّ مُعْجِزَةً إِلَّا وَعِنْدَ نبيّنا مثلها) أي شبيهها ونظيرها (أو ما هو أبلغ منها) أي دلالة كانشقاق القمر والإسراء ونحوهما وأما معجزة القرآن المجيد كما مثل به الدلجي فهذا ليس محلها (وقد نبّه النّاس على ذلك) أي على هذا المعنى على وجه الاستقصاء منها أنه تعالى خلق آدم بيده فقد شرح صدر نبينا بنفسه وأنه رفع إدريس مكانا عليا فقد رفعه في المعراج دنو الدنيا وغير ذلك مما يطول بيانها وقد سبق بعضها وسيأتي شيء منها (فإنّ أردته فتأمّل فصول هذا الباب) أي من معجزات نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم (ومعجزات من تقدّم من الأنبياء) أي وقابل بين واحدة مع ما يناسبها من الانباء (تقف على ذلك) أي المعنى (إن شاء الله؛ وأمّا كونها) أي معجزاته (كثيرة فهذا القرآن) أي ظاهر كثرته، (وكلّه معجز) أي والحال أن جميعه باعتبار كله وجزئه مُعْجِزٌ (وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ الْإِعْجَازُ فِيهِ عِنْدَ بعض أئمة المحقّقين) بل عند أكثر المدققين حيث قالوا إعجازه بالفصاحة والبلاغة (سورة إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1] ) أي أقصر سورة نحوها (أو آية في قدرها) لقوله تعالى فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وفي حكم السورة قدرها لا أقلها (وذهب بعضهم) أي ممن قال بالصرفة (إلى أنّ كلّ آية منه) أي من القرآن (كيف كانت) أي وجدت طويلة أو قصيرة (معجرة) خبر أن (وزاد آخرون) أي على ما ذكر (أنّ كلّ جملة منتظمة منه) أي

ص: 757

من القرآن وفي أصل الدلجي مُنْتَظِمَةٍ مِنْهُ (مُعْجِزَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ كَلِمَةٍ أو كلمتين) ويؤيده ظاهر قوله تعالى فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ ولعل الإعجاز أولا كان بعشر سور ثم بسورة ثم بحديث كما هو أسلوب التدريج على وجه الترقي، (والحقّ) أي الثابت عند الجمهور (ما ذكرناه أوّلا لقوله تعالى: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة: 23] ) وفي نسخة من مثله (فهو) أي اتيان نحو سورة (أقلّ ما تحدّاهم) أي طلب معارضتهم (به مع ما ينصر هذا) أي يؤيده ويقويه (من نظر) أي نظر اعتبار وتفكر واستبصار (وتحقيق) أي مشتمل على تدقيق (يطول بسطه) أي والقصد وسطه (وإذا كان هذا) أي أكثر ما تحداهم به أقل (ففي القرآن من الكلمات) أي الاسمية والفعلية والحرفية (نَحْوٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ كَلِمَةٍ وَنَيِّفٍ) بتشديد التحتية وتخفيفها أي وبعض زيادة وجمع بينه وبين نحو مبالغة في الملاحظة لقصد المحافظة (على عدد بعضهم) أي ممن عد كلماته (وعدد إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1] ) أي إلى آخرها (عشر كلمات فتجزىء القرآن) بتشديد الزاء فهمز مبينا للمفعول وفي نسخة فيتجزأ بالهمز وفي أخرى بالألف وفي أصل الدلجي فتجزى القرآن بصيغة المصدر المضاف (على نسبة عدد إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) أي كلماتها العشر (أزيد) بالنصب وعلى أصل الدلجي وبعض النسخ بالرفع أي أكثر (من سبعة آلاف جزء) أي حصة (كلّ واحد منها بمعجز في نفسه) أي مع قطع النظر عما قبله وما بعده وما فيه من إخبار الله تعالى عن نبأ ما قبله وما بعده؛ (ثمّ إعجازه كما تقدّم) أي في محله (بوجهين) أي من طرق الإعجاز (طريق بلاغته) أي باشتماله على لطائف الإعجاز (وطريق نظمه) أي بسلوكه بين الاطناب والإيجاز (فَصَارَ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ) أي السبعة آلاف (معجزتان) أي باعتبار الطريقين (فتضاعف العدد من هذا الوجه) أي الذي له جهتان فيصير أربعة عشر ألفا (ثمّ فيه) أي في القرآن من حيث مجموعه (وجوه إعجاز أخر) بضم ففتح (من الإخبار بعلوم الغيب) أي مما تقدم أو تأخر (فقد يكون في السّورة الواحدة) أي حقيقة أو حكما (مِنْ هَذِهِ التَّجْزِئَةِ الْخَبَرُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الغيب) كقصة موسى وهارون وفرعون وهامان وقارون (كلّ خبر منها بنفسه) أي بانفراده (معجز) أي مستقل في بابه (فتضاعف العدد) أي فتزايد المبلغ المضاعف (كرّة أخرى) أي في الجملة لا في نحو كل سورة فلا يصير ثمانية وعشرين ألفا على ما جزم به الدلجي (ثمّ وجوه الإعجاز الأخر التي ذكرناها) قال الدلجي وهي الغيبة وفيه أنها مما سبق ذكره (توجب التّضعيف) أي إلى ما لا يكاد يحصى ولا يستقصى؛ (هذا) أي التضعيف الوافر (في حقّ القرآن) هو الظاهر (فلا يكاد يأخذ العدّ) أي العدد كما في نسخة (معجزاته) أي لكثرتها (ولا يحوي) أي ولا يكاد يشتمل (الحصر براهينه) لعظمتها، (ثمّ الأحاديث الواردة) أي الصريحة، (والأخبار الصّادرة) أي الصحيحة (عنه صلى الله تعالى عليه وسلم في هذه، الأبواب) أي المذكورة فيها من المعجزات وخوارق العادات والإخبار عن المغيبات (وعن مّا دلّ على أمره) أي ظهور أمره وحكمه (ممّا أشرنا إلى جمله) بضم ففتح أي إلى جمل من مفصله (يبلغ نحوا من هذا) أي التضعيف (الوجه

ص: 758

الثّاني) أي من وجهي كون معجزاته أظهر من معجزات غيره (وضوح معجزاته صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ظهورها وانتشارها واشتهارها (فإنّ معجزات الرّسل كانت) أي واردة على أيديهم (بقدر همم أهل زمانهم) أي حالا ومقدارا في شأنهم (وبحسب) هذا (الفنّ) بفتح السين (الذي) قد (سما فيه قرنه) أي علا وارتفع أهل عصره شهرة بمعرفة ذلك الفن في دهره كما بينه بقوله (فلمّا كان زمن مُوسَى غَايَةُ عِلْمِ أَهْلِهِ السِّحْرُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ مُوسَى بِمُعْجِزَةٍ تُشْبِهُ مَا يَدَّعُونَ قُدْرَتَهُمْ عَلَيْهِ) أي وما يزعمون مهارتهم لديه ويوجهون همتهم إليه (فجاءهم منها) أي على يد موسى (ما خرق عادتهم) أي من انقلاب العصا حية تسعى واليد السمراء بيضاء من غير سوء (ولم يكن) أي ذلك المعجز (في قدرتهم) أي في نطاق قواهم وقدرهم (وأبطل سحرهم) وما أظهره من التخييل عند مكرهم؛ (وكذلك زمن عيسى عليه السلام أغنى) أفعل تفضيل من الغاية أي أنهى (ما كان) أي علم أهله (الطّبّ) بكسر الطاء ويثلث وهو علاج الأمراض الظاهرة وفي نسخة أعيى بالعين المهملة بمعنى أعجز وفي أخرى بالغين المعجمة والنون أي أوفى وفي أخرى بالمهملة والنون أي اقصد وكلها صحيحة على ما لا يخفى (وأوفر ما كان أهله) أي أكثر ما كان أهل قرنه في تتبعه (فجاءهم) أي على يد عيسى (أَمْرٌ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَأَتَاهُمْ مَا لَمْ يحتسبوه) أي شيئا لم يظنوا وجوده لديه وأمره مفوضا إليه (من إحياء الميّت) ويروى الموتى وفي نسخة الميتة (وإبراء الأكمه) أي الذي ولد ممسوح العين ذكره الدلجي قال الحلبي الأكمه هو الذي يولد أعمى ويقال الأعشى وقد قال البخاري في الصحيح أن الأكمة من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل انتهى وهو تفسير للأعشى على ما لا يخفى (والأبرص) من في بدنه بياض من المرض المعروف (دون معالجة ولا طبّ) أي بمداواة بل كان يأتيه من إطاق الاتيان لديه ومن لم يطق ذهب إليه عليه الصلاة والسلام فربما اجتمع عنده الألوف من المرضى وذوي العاهات فيداويهم بالدعوات والآيات (وهكذا سائر معجزات الأنبياء) عليهم الصلاة والسلام أي كانت بقدر علم أهل زمانهم من الأنام، (ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى الله تعالى عليه وسلم وجملة معارف العرب وعلومها) أي من الجزئيات والكليات (أربعة) أي من أنواع المدركات وأصناف الملكات (البلاغة) أي المقرونة بالفصاحة (والشّعر) أي النظم المقابل للنثر (والخبر) بفتحتين أي الإخبار بأنساب العرب وأيامها من وقائعها ومعرفة تاريخها وتفصيل ما جرى فيها من ضروب خروجها وفنون رجوعها (والكهانة) بكسر الكاف وتفتح وهي مزاولة الخبر عن الكائنات وإظهارها وادعاء معرفة اسرارها (فأنزل) بصيغة المجهول أي فأنزل الله تعالى كما في نسخة وفي أخرى زيادة عليه (القرآن الخارق لهذه الأربعة فصول) أي المتقدمة وهي البلاغة والشعر والخبر والكهانة. (من الفصاحة) أي من أجل فصاحة القرآن (والإيجاز) أي وإيجاز الفرقان، (والبلاغة الخارجة عن نمط كلامهم) بفتح النون والميم أي نوعه ونهجه (وَمِنَ النَّظْمِ الْغَرِيبِ وَالْأُسْلُوبِ الْعَجِيبِ الَّذِي لَمْ يهتدوا) أي فصحاؤهم وبلغاؤهم وخطباؤهم وشعراؤهم (في المنظوم) أي من كلامهم (إلى طريقه) أي في مرامه (ولا علموا في أساليب الأوزان) أي

ص: 759

نظما ونثرا وفي أصل الدلجي في أساليب الكلام والافنان من النثر المسجع والنظم المرصع (منهجه) أي طريقته السهلة الممتنعة (ومن الإخبار) بكسرة الهمزة (عن الكوائن والحوادث) أي الكائنات والمحدثات من الأعيان والأكوان (والأسرار) أي في البواطن (والمخبأت) أي في الظاهر (والضّمائر فتوجد على ما كانت) أي ذاتا أو صفة (ويعترف المخبر) بفتح الباء أي من أخبر (عنها بصحّة ذلك وصدقه، وإن كان) أي ولو كان ذلك المعترف المخبر (أعدى العدوّ) أي بكونه من أهل الكفر والنكر (فأبطل) أي القرآن أو النبي او الله سبحانه وتعالى (الْكِهَانَةَ الَّتِي تَصْدُقُ مَرَّةً وَتَكْذِبُ عَشْرًا ثُمَّ اجتثّها) بتشديد المثلثة أي اقتلعها (من أصلها برجم الشّهب ورصد النّجوم) بفتح الصاد أي جعلها معدة لحفظ السماء من استراق الشياطين السمع من الانباء حيث ترميهم بشهب منفصلة من نارها لا نفسها لثبوتها في مقارها كقبس أخذ من نار وهي ثابتة لم تنقص مما لها من مقدار (وجاء) أي في القرآن (من الأخبار) بفتح الهمزة (عن القرون السّالفة) أي السابقة (وأنباء الأنبياء والأمم البائدة) أي الهالكة ومنه حديث الحور العين نحن الخالدات فلا نبيد أبدا (والحوادث الماضية) أي الواقعات المتقدمة من المنفعة والمضرة (ما) أي شيء أو الذي (يعجز من تفرّغ لهذا العلم) أي في صرف جميع عمره (عن بعضه) أي عن معرفة بعض أمره (على الوجوه التي بسطناها) أي أوضحناها (وبيّنّا المعجز فيها) أي مع ما وشحناها ورشحناها (ثمّ بقيت هذه المعجزة) المتعلقة بالفصاحة والبلاغة والاخبار عن الكوائن الحادثة (الجامعة لهذه الوجوه) أي المذكورة المسطورة المضمومة (إلى الفصول الأخر) أي المتقدمة (التي ذكرناها في معجزات القرآن) أي فيما مضى من البيان (ثابتة إلى يوم القيامة) أي حال كونها مستمرة دائمة (بيّنة الحجّة) أي ظاهرة الدلالة في الاعجاز مع غاية الايجاز (لكلّ أمّة تأتي) أي بعد جماعة تنقضي (لا يخفى وجوه ذلك) أي المعجز المتقدم (عَلَى مَنْ نَظَرَ فِيهِ وَتَأَمَّلَ وُجُوهَ إِعْجَازِهِ إلى) أي منضما إلى (ما أخبر به من الغيوب) بضم الغين وكسرها أي المغيبات (على هذه) وفي نسخة على هذه (السّبيل) فإن السبيل يذكر ويؤنث ومنه قوله تعالى وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ومنها جائر (فلا يمرّ عصر ولا زمن) أي ولا ينقضي قرن ولا دهر (إلّا ويظهر فيه صدقه) أي زيادة صدقه أو موجب تصديقه (بظهور مخبره) بضم الميم وفتح الموحدة (على ما أخبر) أي على طبقه ووفقه وأغرب الدلجي بقوله على ما أخبر من وجوه الفصاحة والإيجاز والبلاغة (فيتجدّد الإيمان ويتظاهر البرهان) فيستمر الإيقان ويتقوى العرفان (وليس الخبر كالعيان) بكسر أوله إذ غاية إفادة الخبر غالبا ظنية ونهاية أفاده المعاينة يقينية؛ (وللمشاهدة زيادة في اليقين) ، أي المستفاد مثلا من المتواتر استدلالا (والنّفس أشدّ طمأنينة) أي سكونا (إلى عين اليقين) أي الذي تفيده المعاينة (منها) أي من الطمأنينة (إلى علم اليقين) أي المستفاد بالتواتر استدلالا (وإن كان كلّ) أي من علم اليقين وعين اليقين (عندها) أي عند النفس (حقّا) أي ثابتا وصدقا لكن عين اليقين اسكن لها على ازدياد طمأنينتها وأعون لها على عدم ترددها ووسوستها ومن ثم لما قيل للخليل أَوَلَمْ تُؤْمِنْ أي بعلم الوحي المقدر

ص: 760

والاستدلال بالخبر المكرر قالَ بَلى إي ربي وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بمصاحبة علم العيان لعلم البرهان ومن ههنا قيل علمان خير من علم واحد (وسائر معجزات الرّسل انقرضت بانقراضهم) بل اندرس بعضها حال حياتهم كما أشار إليه بقوله (وعدمت) بصيغة المجهول أي وانعدمت (بعدم ذواتها) أي بعدم وجودها وتحقق صفاتها وفي أصل الدلجي بعدم ذواتهم أي وجودا في الدنيا وإلا فثبت أن الأنبياء في البرزخ أحياء فالجملة تأكيد لما قبلها وعلى الأول تأسيس وهو أولى في محلها، (ومعجزة نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم لا تبيد) أي لا تفنى أبدا (ولا تنقطع) أي ولا تنقضي سرمدا (وآياته) أي علاماته الدالة على صدقه (تتجدّد) أي يوما فيوما (ولا تضمحل) بتشديد اللام أي ولا تزول أصلا (ولهذا) أي المعنى إلا عليّ (أشار صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله) أي الذي هو غاية المرام في هذا المقام المندرج (فيما حدّثنا القاضي الشّهيد أبو عليّ) أي الحافظ ابن سكرة (حدّثنا القاضي أبو الوليد) وهو الباجي (حدّثنا أبو ذرّ) أي الهروي (حدّثنا أبو محمّد) أي ابن حمويه السرخسي (وأبو إسحاق) أي المستملي (وأبو الهيثم) أي الكشميهني (قالوا) أي كلهم (حدّثنا الفربريّ) بكسر الفاء وتفتح (حدّثنا البخاريّ) أي صاحب الجامع (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) أي العامري الأويسي الفقيه عن مالك ونافع مولى ابن عمر (حدّثنا اللّيث) أي ابن سعد (عن سعيد عن أبيه) أي أبي سعيد المقبري روى أن عمر جعله على حفر القبور فسمي به توفي سنة مائة (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) والحديث كما ترى رواه البخاري وقد أخرجه مسلم والنسائي أيضا (قال ما من الأنبياء نبيّ) هو أعم من رسول (إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عليه البشر) أي ليس نبي منهم إلا أعطاه الله من المعجزات شيئا الجأ من شاهده إلى الإيمان به فخص كل نبي بما أثبت دعواه من خوارق العادة التي أعطاه مولاه في زمانه وبعد انقراضه اختفى شأنه ولم يبق سلطانه ولم يلمع برهانه كقلب العصا لموسى حية تسعى (وإنّما كان الذي أوتيت) أي بخصوص ما أنعم علي (وحيا أوحاه الله إليّ) أي معجزا في أعلى طبقات البلاغة وأقصى غايات الفصاحة كريم الفائدة عميم العائدة على السابقين واللاحقين من هذه الأمة قرنا بعد قرن على مرور الأزمنة ولذا رتب عليه قوله (فأرجو) أي بسبب بقائه وظهور ضيائه (أني أكثرهم) وفي اصل الدلجى أن أكون أَكْثَرُهُمْ (تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ) أي المذكور (عند بعضهم وهو) أي هذا المعنى المسطور هو (الظّاهر) أي المتبادر (والصّحيح) أي الصريح (إن شاء الله) أي فلا يعدل عما قدمناه، (وذهب غير واحد) أي كثيرون (مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَظُهُورِ معجزة نبيّنا) أي وتأويل غلبة معجزة نبينا (صلى الله تعالى عليه وسلم إلى معنى آخر) أي غير ما أفاده منطوقا (من ظهورها بكونها) أي من قوة معجزة نبينا بسبب كونها (وحيا) أي خفيا (وكلاما) أي جليا (لا يمكن التّحيّل فيه ولا التّخيّل عليه) بالحاء المهملة من الحيلة (ولا التّشبيه) أي من حيث إنه لا يتصور فيه التمويه (فإنّ غيرها) أي غير معجزة نبينا (مِنْ مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ قَدْ رَامَ الْمُعَانِدُونَ لَهَا) أي قصدوا لإبطالها (بأشياء طمعوا في التّخييل بها) أي

ص: 761

بتلك الأشياء (على الضّعفاء) أي ليتوصلوا بذلك إلى إبطال معجزات الأنبياء (كإلقاء السّحرة حبالهم وعصيهم) أي في معارضة معجزة موسى بالقاء العصا، (وشبه هذا) بالرفع أي وشبيه هذا الذي فعله سحرة فرعون (بما يخيّله السّاحر) أي جنسه على الضعيف في دينه وأمر يقينه (أو يتحيّل فيه) أي يطلب الحيلة في دفعه أنه صدق أو في إثباته أنه حق؛ (والقرآن كلام) أي لله تعالى كما في أصل الدلجي كلام الله تعالى والأظهر أنه أريد به هنا أنه مطلق كلام أي إعجاز القرآن واقع في كلام (ليس للحيلة ولا للسّحر، ولا للتّخييل فيه) أي في الكلام (عمل) أي مما يوجب التمويه (فكان) أي القرآن (من هذا الوجه عندهم) أي عند أرباب هذا المعنى (أَظْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ كَمَا لَا يتمّ لشاعر، ولا خطيب أَنْ يَكُونَ شَاعِرًا أَوْ خَطِيبًا بِضَرْبٍ مِنَ الحيل، والتّمويه) أي مما يكدر أمر المعجزة وينافيه، (والتّأويل الأوّل) أي الذي هو المعول (أخلص) أي أظهر وأنص (وأرضى) عند النفوس الخلص، (وفي هذا التّأويل الثّاني ما يغمّض) أي بصيغة المفعول مخففا وقال الحلبي مشددا أي يغطى (الجفن) بفتح الجيم وسكون الفاء أي غطاء العين (عليه) ويروى عنه (ويغضى) بصيغة المجهول من الإغضاء بمعنى الإغماض وفي أصل الدلجي بالفاء وهو تصحيف وتحريف كما لا يخفى والتحقيق أنه لا منع من الجمع وأن بناء الثاني على التدقيق والله ولي التوفيق وعلى كل تقدير ظهر الوجهان في ثبوت المعجزة للقرآن. (ووجه ثالث) أي وهنا وجه آخر وفي نسخة صحيحة وجه بدون عاطفة والمعنى وجه ثالث في كون القرآن معجزا خارقا للعادة (على مذهب من قال بالصّرفة) بفتح الصاد وقيل بكسرها وهو مذهب بعض المعتزلة والشيعة حيث قالوا صرف الله هممهم عن الاتيان بأقصر سورة منه مع تمكنهم عنه، (وأنّ المعارضة) أي بمثله في الجملة (كانت في مقدور البشر، فصرفوا عنها) أي بسلب دواعيهم لا بسلب قدرتهم كما ذكره الدلجي فإنه مذهب آخر كما سيأتي، (أَوْ عَلَى أَحَدِ مَذْهَبَيْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أنّ الإتيان بمثله من جنس مقدورهم) أي من جنس كلامهم الذي لهم القدرة عليه (ولكن لم يكن ذلك) أي الاتيان بمثله بعد من تمكنهم منه (قبل ولا يكون بعد) أي قبل التحدي ولا بعده كما ذكره الدلجي والأظهر أن المراد بقوله قبل الزمان السابق وبقوله ولا يكون بعد الزمان اللاحق إلى يوم القيامة ويؤيده قوله (لأنّ الله تعالى لم يقدرهم) أي على الاتيان بمثله قبله (ولا يقدرهم عليه) أي بعده (وبين المذهبين فرق بين) بتشديد التحتية المكسورة أي ظاهر لتمكنهم على المذهب الأول منه إلا أنهم صرفوا عنه ولعدم تمكنهم منه على الثاني مع كونه من جنس مقدورهم (وعليهما) أي وعلى المذهبين (جميعا) أي جميعهما (فتترك العرب) وفي نسخة بغير الفاء أي ترك معارضتهم (الإتيان بما في مقدورهم) أي في الجملة (أو ما هو من جنس مقدورهم) أي في الصورة (ورضاهم بالبلاء) أي العناء في أبدانهم، (والجلاء) أي عن أوطانهم وهو بفتح الجيم الخروج من البلد (والسّباء) بكسر السين ممدودا أي والسبي كما في نسخة أي أسر أطفالهم ونسائهم وأعيانهم، (والإذلال) أي لأنفسهم في بعض الأحوال، (وتغيير الحال) أي بمحالفتهم من الخير إلى الشر (وسلب

ص: 762

النّفوس) أي في حال القتال (والأموال) أي بذلها في فك رقابهم من الأغلال، (والتّقريع) أي قهرا، (والتّوبيخ) أي زجرا، (والتّعجيز) أي بالإذلال، (والتّهديد) أي بعظائم النكال (والوعيد) أي بوخائم الوبال (أبين آية) خبر لقوله ترك والمعنى أظهر علامة وأبهر دلالة، (لِلْعَجْزِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ، وَالنُّكُولِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ) أي والاعراض والامتناع عن معارضة نحوه، (وإنّهم) بكسر الهمزة ويجوز فتحها (مُنِعُوا عَنْ شَيْءٍ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَقْدُورِهِمْ) وفي نسخة مقدرتهم بضم الدال وتفتح أي قدرتهم (وإلى هذا) أي المذهب الثاني (ذهب الإمام أبو المعالي) أي عبد الملك بن أبي محمد (الجوينيّ) بالتصغير النيسابوري وهو الملقب بإمام الحرمين أفصح الشافعية وله اليد الباسطة في الطول من علمي الكلام والأصول توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (وغيره) أي من علماء أهل السنة والجماعة (قال) أي أبو المعالي (وهذا عندنا أبلغ في خلاف الْعَادَةِ بِالْأَفْعَالِ الْبَدِيعَةِ فِي أَنْفُسِهَا كَقَلْبِ الْعَصَا حيّة ونحوها) وكإخراج اليد البيضاء ويحياء الموتى وغيرهما، (فإنّه قد يسبق إلى بال النّاظر) أي قلب المتأمل (يدارا) بكسر الباء أي مبادرة ومسارعة من أول وهلة قبل التأمل في حقيقة أمره وخفية سره (أنّ ذلك) أي ما ذكر من قلب العصا حية ونحوها (من اختصاص صاحب ذلك بمزيد معرفة في ذلك الفنّ وفضل علم) أي في ذلك النوع كما توهم في فرعون حيث قال إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ (إلى أن يردّ ذلك) أي السابق إلى بال الناظر مما ذكر من وهم الخاطر (صحيح النّظر) أي فيتحقق الفهم ويضمحل الوهم ويتبين لقلب الحي أن قلب العصا حية ونحوها مما لا يدخل تحت طوق البشر إذ هو فعل فاعل القوي والقدر (وأمّا التّحدي للخلائق) أي طلب المعارضة منهم باعتبار السابق واللاحق (المئين) وفي نسخة مئين جمع مائة وفي نسخة في المئين (مِنَ السِّنِينَ بِكَلَامٍ مِنْ جِنْسِ كَلَامِهِمْ لِيَأْتُوا بمثله) أي على وفق مرامهم (فلم يأتوا) أي الخلائق بتمامهم كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بقوله قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ تَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى الْمُعَارَضَةِ ثمّ عدمها) أي بترك المناقضة (إلّا أن منع الله الخلق عنها) أي عن المعارضة لأحد الوجوه الثلاثة في بيان المعجزة (بمثابة ما لو قال نبيّ) أي وقد طلب منه آية وعلامة دالة على صدق دعواه للنبوة (آيَتِي أَنْ يَمْنَعَ اللَّهُ الْقِيَامَ عَنِ النَّاسِ مع مقدرتهم) وفي نسخة مع قدرتهم (عليه وارتفاع الزّمانة عنهم) أي عن بعضهم للاستواء في حال عجزهم ولا يبعد أن تكون الواو بمعنى أو التنويعية (فلو كان ذلك) أي الذي قال ذلك النبي (وعجّزهم الله تعالى عن القيام) أي في ذلك المقام (لكان ذلك من أبصر آية وأظهر دلالة) أي في إقامة البرهان وإبانة التحقيق (وبالله التّوفيق) ونظيره قوله تعالى لزكريا آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا؛ (وقد غاب عن بعض العلماء) أي خفي عليه (وجه ظهور آيته) أي معجزته التي هي القرآن (على سائر آيات الأنبياء) أي في باقي الأزمان ولم يدر أنها ببقائها معلومة لكل واحد في كل أوان متلوة بكل مكان (حتّى احتاج للعذر عن ذلك) أي الذي زعمه من عدم

ص: 763

ظهورها هناك (بدقّة أفهام العرب وذكاء ألبابها) أي شدة فطانة فهومهم وحدة علومهم (ووفور عقولها) أي وكثرة تعلقهم وتأملهم (وأنّهم أدركوا المعجزة فيه) أي في القرآن (بفطنتهم) أي ما الجأهم إلى الاعتراف بكونه من معجزتهم (وجاءهم من ذلك) أي مما أدركوا فيه هنالك (بحسب إدراكهم) بفتح السين أي بمقتضى إدراكاتهم، لغاية فصاحته ونهاية بلاغته، (وغيرهم) أي ممن بعدهم ما عدا العرب (من القبط) أي قوم فرعون (وبني إسرائيل) أي قوم موسى (وغيرهم) أي ممن بعدهم ما عدا العرب (لم يكونوا بهذه السّبيل) أي بهذه الطريقة من دقة الفهم وذكاء الفطنة (بل كانوا من الغباوة) بفتح الغين المعجمة وهي عدم الفطنة وكمال الجهالة (وقلّة الفطنة) أي في بعض القضية (بحيث جوّز عليهم) أي على عقولهم (فرعون أنّه ربّهم) كما قال الله تعالى حكاية عنه أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وقد قال عز وعلا فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (وجوّز عليهم السّامريّ) وكان من عظماء بني إسرائيل واسمه موسى بن ظفر (ذلك) أي كون ظهور ربهم (في العجل بعد إيمانهم) أي بموجبات إيقانهم (وعبدوا) أي طائفة من بني إسرائيل (المسيح) أي عيسى ابن مريم (مع إجماعهم على صلبه وَما قَتَلُوهُ) أي اليهود (وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء: 157] ) أي كما أخبر الله عنهم والمعنى صلبو من ألقي عليه الشبه بعد قتله كما قال تعالى وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ؛ (فجاءتهم) أي اليهود (من الآيات الظّاهرة البيّنة) أي الواضحة (للأبصار) المنفتحة (بقدر غلظ أفهامهم) أي وغلظ أوهامهم (ما) فاعل جاء وفي نسخة مما (لا يشكون فيه ومع هذا) أي المجيء بالأمور الظاهرة والأحوال الواضحة (قالوا) وفي نسخة فقالوا أي خطابا لنبيهم كما حكى الله عنهم بقوله تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة: 55] ) أي معاينة ظاهرة (ولم يصبروا على المنّ والسّلوى) أي على أكلهما وجعلوا الترنجبين من الحلوى والسماني من طير الشوي طعاما واحدا وقالوا لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ (واستبدلوا الذي هو أدنى) أي أقرب إلى الدناءة وأدون في المقدار والمرتبة كالبقل والقثاء والفوم والعدس (بالذي هو خير) أي في المرتبة واللذة وعدم الحاجة إلى الكد والمشقة وأقرب إلى الحيلة، (والعرب على جاهليّتها) أي على حالتها التي كانت عليها قبل ظهور النبوة من الجهل بأمور الشريعة وأحوال الديانة (أكثرها يعترف بالصّانع) بل جميعها كما هو ظاهر قوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ولذا جاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بكلمة التوحيد وهو أن يقولوا لا إله إلا الله لا بأن يقولوا الله موجود لأن هذا مما اجمع عليه أهل الملل والنحل ولا يلزم من قول بعضهم حيث قالوا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ إن الدهر خالقهم إذ لم يقل به أحد منهم بل أرادوا به أن طول الزمان ودورة الدوران يقتضي أن يحيى بعضنا ويموت بعضنا فنسبوا بعض الأفعال إلى الدهر كما قد يتفوهون به أهل العصر وقد قال الله تعالى أنا الدهر أي خالقه أو المتصرف فيه (وإنّما كانت) أي العرب (تتقرّب بالأصنام إلى الله زلفى) أي تقربا كما قال الله تعالى حكاية عنهم ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى وَيَقُولُونَ

ص: 764

هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ (ومنهم من آمن بالله وحده) أي وسفه من عبد غيره (من قبل الرّسول صلى الله تعالى عليه وسلم) أي من قبل إرساله (بدليل عقله وصفاء لبّه) أي آمن بتوحيد ربه كزبد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعد وكذا ورقة بن نوفل إلا أنه أدرك البعثة وآمن به وتشرف بالصحبة؛ (ولمّا جاءهم) أي العرب (الرّسول بكتاب الله) وهو القرآن الكريم والفرقان القديم (فهموا حكمته) أي لحدة فطنتهم وشدة معرفتهم (وتبيّنوا بفضل إدراكهم) أي بزيادة قابليتهم وأهليتهم (لأوّل وهلة معجزته فآمنوا به) أي بعضهم أولا وجلهم آخرا (وازدادوا كلّ يوم إيمانا) أي واكتسبوا يوما فيوما إحسانا وإيقانا (ورفضوا الدّنيا) أي تركوها (كلّها) أي مالها وجمالها (في صحبته) أي وبيمن همته وبركة متابعته (وهجروا ديارهم وأموالهم) أي وفارقوهما باختيارهم (وقتلوا آباءهم وأبناءهم) أي وسائر أقاربهم وأحباءهم (في نصرته) أي في نصرة دينه وقوة يقينه؛ (وأتي) أي وأورد ذلك البعض من العلماء (في معنى هذا) أي المبنى من عبارات البلغاء واعتبارات الفصحاء وإشارات العقلاء (بما يلوح له رونق) أي بما يلمع له ضياء ويلمح له صفاء (ويعجب منه) بصيغة المفعول أي ويبرق من أثره وظهور أمره (زبرج) بكسر الزاء والراء بينهما موحدة ساكنة وفي آخره جيم أي زينة من ذهب أو جوهر أو وشي (لو احتيج إليه) أي إلى كلامه (وحقّق) أي أمره في مرامه، (لكنّا) يروى فقد (قَدَّمْنَا مِنْ بَيَانِ مُعْجِزَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وظهورها) أي ووضوح أمرها (مَا يُغْنِي عَنْ رُكُوبِ بُطُونِ هَذِهِ الْمَسَالِكِ وظهورها) مثل معقولات المعاني بمحسوسات المباني وقصد الاستغناء عن هذه الاستعلاء ونحن نقول لا منع من الجمع فإن الآيات والمعجزات لكل منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع (ورضي الله تعالى عنهم وبالله أستعين) أي في كل وقت وحين (وهو حسبنا) أي كافينا ووافينا وشافينا (ونعم الوكيل) أي اعتمادا واستنادا معاشا ومعادا باطنا وظاهرا وأولا وآخرا والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه نجوم الاقتداء والاهتداء وعلى اتباعهم من العلماء والأولياء والحمد الله الذي هدانا لهذا وأغنانا عما سواه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله اللهم اختم لنا بالخيرات أعمالنا وبالمبرات آجالنا وبالمسرات أحوالنا واغفر لنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك قريب مجيب الدعوات آمين آمين آمين يا رب العالمين ويا أرحم الراحمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وقد تم نصف الكتاب بعون الملك الوهاب ويتلوه القسم الثاني الذي ليس له ثان في هذا الباب عند أرباب الألباب والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب حرره مصنفه الجاني في أوائل جمادى الثاني من شهور عام عشرة بعد الألف السابع من عالم المباني رحمه الله تعالى رحمة واسعة بمنه آمين.

ص: 765