المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في إحياء الموتى وكلامهم] - شرح الشفا - جـ ١

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأوّل

- ‌[المقدمة]

- ‌ترجمة القاضي عياض

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌القسم الأول [في تعظيم العلي الأعلى جل وعلا]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي ثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ [فِيمَا جَاءَ من ذلك مجيء المدح والثناء]

- ‌الفصل الثّاني [في وصفه تعالى بالشهادة وما تعلق به من الثناء والكرامة]

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ [فيما ورد من خطابه تعالى إياه مورد الملاطفة والمبرة]

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ [فِي قَسَمِهِ تَعَالَى بِعَظِيمِ قَدْرِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الفصل الخامس في قسمه

- ‌الْفَصْلُ السَّادِسُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى في جهته عليه الصلاة والسلام مورد الشفقة والإكرام]

- ‌الفصل السّابع [فيما أخبره الله بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِنْ عَظِيمِ قَدْرِهِ]

- ‌الْفَصْلُ الثَّامِنُ [فِي إِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقَهُ بصلاته عليه وولايته له]

- ‌الْفَصْلُ التَّاسِعُ [فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ سُورَةُ الْفَتْحِ مِنْ كراماته عليه السلام]

- ‌الْفَصْلُ الْعَاشِرُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كتابه العزيز من كراماته عليه ومكانته عنده]

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي تَكْمِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ المحاسن خلقا وخلقا]

- ‌فصل [قال القاضي رحمه الله تعالى إذا كانت خصال الكمال والجلال]

- ‌فصل [إن قلت أكرمك الله تعالى لا خفاء على القطع بالجملة]

- ‌فصل [وأما نظافة جسمه وطيب ريحه وعرقه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُفُورُ عَقْلِهِ وَذَكَاءُ لُبِّهِ وَقُوَّةُ حَوَاسِّهِ وفصاحة لسانه واعتدال حركاته وحسن شمائله]

- ‌فصل [وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول]

- ‌فصل [وأما شرف نسبه وكرم بلده ومنشأه]

- ‌فصل [وأما تَدْعُو ضَرُورَةُ الْحَيَاةِ إِلَيْهِ مِمَّا فَصَّلْنَاهُ فَعَلَى ثلاثة ضروب الضرب الأول]

- ‌فصل [وأما الضرب الثاني ما يتفق التمدح بكثرته والفخر بوفوره]

- ‌فصل [وأما الضرب الثالث فهو ما تختلف فيه الحالات]

- ‌فصل [وأما الخصال المكتسبة من الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [وأما أَصْلُ فُرُوعِهَا وَعُنْصُرُ يَنَابِيعِهَا وَنُقْطَةُ دَائِرَتِهَا فَالْعَقْلُ]

- ‌فصل [وأما الحلم]

- ‌فصل [وأما الجود]

- ‌فصل [وأما الشجاعة والنجدة]

- ‌فصل [وأما الحياء والإغضاء]

- ‌فصل [وأما حسن عشرته وآدابه]

- ‌فصل [وأما الشفقة والرأفة والرحمة لجميع الخلق]

- ‌فصل [وأما خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم في الوفاء]

- ‌فصل [وأما تواضعه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما عدله صلى الله تعالى عليه وسلم وأمانته وعفته وصدق لهجته]

- ‌فصل [وأما وقاره صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وأما زهده صلى الله تعالى عليه وسلم في الدنيا]

- ‌فصل [وأما خوفه صلى الله تعالى عليه وسلم من ربه عز وجل]

- ‌فصل [اعلم وفقنا الله تعالى وإياك أن صفات جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قد آتيناك أكرمك الله سبحانه من ذكر الأخلاق الحميدة]

- ‌فصل [في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِيمَا وَرَدَ مِنْ صَحِيحِ الْأَخْبَارِ ومشهورها بتعظيم قدره عند ربه عز وجل]

- ‌الفصل الأول [فِيمَا وَرَدَ مِنْ ذِكْرِ مَكَانَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عز وجل]

- ‌فصل [في تفضيله صلى الله تعالى عليه وسلم بما تضمنته كَرَامَةُ الْإِسْرَاءِ]

- ‌فصل [ثم اختلف السلف والعلماء هل كان إسراء بروحه أو جسده]

- ‌فصل [إبطال حجج من قال أنها نوم]

- ‌فصل [وأما رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم لربه عز وجل]

- ‌فصل [في فوائد متفرقة]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ وَظَاهِرُ الآية من الدنو والقرب]

- ‌فصل [في ذكر تفضيله في القيامة بخصوص الكرامة]

- ‌فصل [في تفضيله بالمحبة والخلة]

- ‌فصل [في تفضيله بالشفاعة والمقام المحمود]

- ‌فصل [في تفضيله فِي الْجَنَّةِ بِالْوَسِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالْكَوْثَرِ وَالْفَضِيلَةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ إِذَا تَقَرَّرَ مِنْ دَلِيلِ الْقُرْآنِ وصحيح الأثر]

- ‌فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته]

- ‌فصل [في تشريف الله تعالى له بما سماه به من أسمائه الحسنى]

- ‌فصل [قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وها أنا أذكر نكتة]

- ‌الْبَابُ الرَّابِعُ [فِيمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَشَرَّفَهُ بِهِ مِنَ الْخَصَائِصِ والكرامات]

- ‌فصل [اعلم أن الله عز وجل قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْمَعْرِفَةِ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ]

- ‌فصل [اعلم أن معنى تسميتنا ما جاءت به الأنبياء معجزة]

- ‌فصل [في إعجاز القرآن العظيم الوجه الأول]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ إِعْجَازِهِ صُورَةُ نَظْمِهِ الْعَجِيبِ والأسلوب الغريب]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ الْإِعْجَازِ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ من الأخبار]

- ‌فصل [الْوَجْهُ الرَّابِعُ مَا أَنْبَأَ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ القرون السالفة]

- ‌فصل [هَذِهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ إِعْجَازِهِ بَيِّنَةٌ لَا نزاع فيها ولا مرية]

- ‌فصل [ومنها الروعة]

- ‌فصل [وَمِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ الْمَعْدُودَةِ كَوْنُهُ آيَةً بَاقِيَةً لا تعدم ما دامت الدنيا]

- ‌فصل [وَقَدْ عَدَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمُقَلِّدِي الْأُمَّةِ في إعجازه وجوها كثيرة]

- ‌فصل [في انشقاق القمر وحبس الشمس]

- ‌فصل [في نبع الماء من بين أصابعه الشريفة وتكثيره ببركته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ تَفْجِيرُ الْمَاءِ ببركته وانبعاثه]

- ‌فصل [ومن معجزاته تكثير الطعام ببركته ودعائه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وإجابتها دعوته]

- ‌فصل [في قصة حنين الجذع له صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [ومثل هذا وقع في سائر الجمادات بمسه ودعوته]

- ‌فصل [في الآيات في ضروب الحيوانات]

- ‌فصل [في إحياء الموتى وكلامهم]

- ‌فصل [في إبراء المرضى وذوي العاهات]

- ‌فصل [في إجابة دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في كراماته صلى الله عليه وسلم]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْغُيُوبِ]

- ‌فصل [في عصمة الله تعالى له صلى الله تعالى عليه وسلم من الناس وكفايته من آذاه]

- ‌فصل [ومن معجزاته الباهرة ما جمعه الله تعالى له من المعارف والعلوم]

- ‌فصل [ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام وكراماته وباهر آياته أنباؤه مع الملائكة]

- ‌فصل [وَمِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ وَعَلَامَاتِ رِسَالَتِهِ مَا تَرَادَفَتْ]

- ‌فصل [وَمِنْ ذَلِكَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ عِنْدَ مولده عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى قد أتينا في هذا الباب]

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌فصل [في إحياء الموتى وكلامهم]

الّذي ذهب بها) فيه إيماء إلى أن إيجادها وإعدامها كليهما من خرق العادة (وقال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (لفرسه عليه الصلاة والسلام كذا في بعض النسخ المصححة وإنما محله قبله بعد قال كما لا يخفى ثم قيل كانت أفراسه صلى الله تعالى عليه وسلم أربعة وعشرين اتفق منها على سبعة (وقد قام إلى الصّلاة) أي والحال أنه قد أراد قيامه إليها (في بعض أسفاره) متعلق بقام كما هو أقرب أو يقال وهو أنسب (لا تبرح) أي لا تفارق مكانك (بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ حَتَّى نَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِنَا وجعله قبلته) أي في صوب قبلته أو في جهة مقابلته (فما حرّك عضوا) أي من أعضائه وهو بضم أوله ويكسر (حتّى صلى الله تعالى عليه وسلم) أي حتى فرغ منها كما في أصل الدلجي والحق في بعض النسخ هنا وزعم بعضهم أنه من الأم؛ (ويلتحق بهذا) بصيغة المجهول أو المعلوم (ما روى الواقديّ) بكسر القاف قاضي العراق يروي عن ابن عجلان وثور وابن جريج وعنه الشافعي رحمه الله تعالى والصاغاني قال البخاري وغيره متروك وقد ذكر له ترجمة حسنة ابن سيد الناس في أول سيرته وذكر فيها ثناء الناس عليه وجرحهم له وأنه نسب إلى وضع الحديث وفي آخرها استقر الإجماع على وهن الواقدي (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَجَّهَ رُسُلَهُ إِلَى الْمُلُوكِ) أي لتبليغ الرسالة إليهم وتحقيق الحجة لديهم (فخرج ستّة نفر منهم) أي من رسله (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَأَصْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ) أي صار لما بلغ عندهم وأراد تبليغهم (يتكلّم بلسان القوم الّذين بعثه) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (إليهم) أي من الملوك واتباعهم من غير تعلم للسانهم وتعرف بشأنهم قال الكلاعي في النقاية وفي حديث ابن إسحاق قال عليه الصلاة والسلام إن الله بعثني رحمة كافة فأدوا عني يرحمكم الله ولا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى فقال أصحابه وكيف اختلفوا يا رسول الله قال دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه فأما من بعثه مبعثا قريبا فرضي وسلم وأما من بعثه مبعثا بعيدا فكره وجهه وتثاقل فشكا عيسى عليه الصلاة والسلام ذلك إلى الله تعالى فأصبح المتثاقلون وكل واحد منهم يتكلم بلغة الأمة التي بعث إليها؛ (والحديث في هذا الباب) أي في معنى هذا النوع من المعجزة (كثير) أي ورد بطرق متعددة وقضايا متكثرة (وقد جئنا منه بالمشهور) أي في صحته وثبوته (وما وقع) أي ومما ورد (منه في كتب الأئمّة) أي المعروفين بالسنة والسيرة.

‌فصل [في إحياء الموتى وكلامهم]

(في إحياء الموتى وكلامهم) أي للأحياء قال القرطبي في تذكرته وكذا نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أحيى الله على يديه جماعة من الموتى قال الحلبي وقد ذكر القاضي فيما يأتي جماعة منهم (وكلام الصّبيان) أي الأطفال قبل أوان التكلم (والمراضع) جمع راضع على خلاف القياس وهو أخص من الأول فتأمل ويحتمل أن يكون العطف تفسيريا ووقع في أصل الدلجي وكلام الصبيان المراضع بالوصف بدون العاطف (وشهادتهم) أي الصبيان (له بالنّبوّة)

ص: 644

أي المتضمنة للرسالة (صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ محمد بن رشد) بضم فسكون (وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التّميميّ) سبق (وغير واحد) أي وكثيرون من مشايخنا (سماعا) أي رواية (وإذنا) أي إجازة (قالوا) أي كلهم (حدّثنا أبو عليّ الحافظ) الظاهر أنه أبو علي الغساني (حدّثنا أبو عمر الحافظ) أي ابن عبد البر (حدّثنا أبو زيد) أي عبد الرحمن بن يحيى كما في نسخة (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ) تقدم (حدّثنا أبو داود) صاحب السنن (حدّثنا وهب بن بقيّة) بفتح موحدة وكسر قاف وتشديد تحتية روى عنه مسلم والبغوي ثقة (عن خالد هو الطّحّان) بتشديد الحاء أحد العلماء ثقة عابد زاهد يقال اشترى نفسه من الله ثلاث مرات يتصدق بزنة نفسه فضة (عن محمد بن عمرو) أي ابن علقمة بن وقاص الليثي يروي عن أبيه وأبي سلمة وطائفة وعنه شعبة ومالك ومحمد بن عبد الله الأنصاري (وعن أبي سلمة) وهو أحد الفقهاء السبعة على قول الأكثر (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) قال المزي في الأطراف كذا وقع هذا الحديث في رواية سعيد عن ابن الأعرابي عن أبي داود مسندا موصولا وعند باقي الرواة عن أبي سلمة وليس فيه أبو هريرة فهو مرسل (أنّ يهوديّة) وهي زينب أخت عبد الله بن سلام وقيل زينب بنت الحارث (أهدت للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بخيبر شاة مصليّة) بفتح الميم وكسر اللام وتحتية مشددة أي مشوية (سمّتها) بتشديد الميم من السم لا من التسمية أي وضعت السم فيها (فأكل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم منها والقوم) بالرفع ويجوز نصبه وفي نسخة وأكل القوم أي منها أيضا (فقال أرفعوا أيديكم) أي عنها (فإنّها أخبرتني) أي حينئذ (أنّها مسمومة فمات) أي من أكلها (بشر بن البراء) بفتح الباء وتخفيف الراء وهو ابن معرور وإياك أن تعجمها فإنه تصحيف مغرور وهو خزرجي سلمي شهد العقبة وبدرا وأحدا قيل إنه مات في الحال وقيل لزمه وجعه حتى مات بعد سنة وقضية خيبر كانت في أول السابعة أو في آخر السادسة (وقال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ما حملك) أي أيتها اليهودية (على ما صنعت قالت) أي حملني ما تردد في باطني من أنك (إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ الَّذِي صَنَعْتُ وإن كنت ملكا) بكسر اللام أي ممن يدعى ملكا (أرحت النّاس منك قال) أي أبو هريرة كما رواه البيهقي عنه موصولا وأبو داود عن أبي سلمة مرسلا (فأمر بها) أي بقتلها (فقتلت. وقد روى هذا الحديث) أي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (أنس) أي كما في الصحيحين (وفيه قالت أردت قتلك) إن لم تكن نبينا (فَقَالَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَلِكَ) ويروى ليسلط على ذلك ويسلطك على أي على قتلي فإني نبي موعود بإكمال ديني وعصمة روحي (فقالوا نقتلها) وفي رواية إلا نقلتها (قال لا) أي لا تقتلوها ولعل هذا كان قبل موت بشر فلما مات أمر بقتلها به (وكذلك روي) أي هذا الحديث وفي نسخة وكذلك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ وَهْبٍ) أي ابن بقية وهو شيخ أبو داود (قال) أي أبو هريرة رضي الله تعالى عنه (فما عرض لها) أي فما

ص: 645

تعرض لها ولم يأمر بقتلها، (ورواه أيضا، جابر بن عبد الله) كما رواه أبو داود والبيهقي عنه (وفيه) أي في حديثه (أخبرتني به هذه الذّراع قال) أي جابر (ولم يعاقبها) أي ولم يؤاخذها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بما صدر عنها قبل موت بشر منها (وفي رواية الحسن) أي البصري (أنّ فخذها تكلّمني أنّها مسمومة) قلت وفي الجمع بينهما نصاب الشهادة؛ (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فقالت) أي الشاة بكمالها أو ببعض اجزائها (إني مسمومة) أي فلا تأكل مني؛ (وكذلك ذكر الخبر ابن إسحاق) أي إمام المغازي (وقال فيه) أي في حديثه (فتجاوز عنها) أي عفا ابتداء؛ (وفي الحديث الآخر) الذي رواه الشيخان (عن أنس أنه قال فما زلت أعرفها) أي أثر سمها (في لهوات رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) بفتح اللام والهاء جمع لهاة وهي اللحمة المعلقة في سقف أقصى الفم، (وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) كما رواه ابن سعد وهو في الصحيح (أنّ رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فيه) وفي نسخة منه (ما زالت أكلة خيبر) بضم الهمزة أي لقمتها وخيبر بلدة على أميال من المدينة السكينة أكل بها من الشاة المسمومة (تعادّني) بضم التاء وتشديد الدال أي يراددني ويراجعني ويعاودني الم سمها في أوقات معينة لها وهو مأخوذ من العداد بكسر العين وهو اهتياج وجع اللديغ لوقت معلوم فإنه إذا تمت له سنة من حين اللدغ هاج به الالم (فالآن) وفي نسخة والآن أي وهذا الزمان الذي أنا فيه (أوان قطعت أبهري) والأوان بفتح الهمزة ويكسر بمعنى الوقت وهو هنا بفتح النون لإضافته إلى المبنى كما في قوله:

على حين عاينت المشيب على الصبا أو بضمها على أنه مرفوع على الخبرية أي فهذا الزمان أوان قطعت على بناء الفاعل وهو الأكلة ومفعوله أبهري وهو بهمزة مفتوحة وسكون موحدة وفتح هاء عرق يكتنف الصلب والقلب إذا قطع لم يبق معه حياة وهو الذي يمتد إلى الحلق فيسمى الوريد وإلى الظهر فيسمى الوتين فكأنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال هذا أوان قتلني السم فكنت كمن انقطع أبهره كذا ذكره التلمساني والظاهر أنه على ظاهره وأن السم سرى إلى أبهره وقال الداودي الالم الذي حصل له من الأكلة هو نقص لذة ذوقه قال ابن الأثير وليس يبين لأن نقص الذوق ليس بألم قلت هو الم من العذاب الأليم كما يشهد به الذوق السليم (وحكى ابن إسحاق) أي في المغازي (إن) مخففة من المثقلة أي أن الشأن (كان المسلمون) أي الصحابة والتابعون (ليرون) بفتح اللام وضم الياء أي ليظنون وفي نسخة صحيحة بفتح الياء أي ليعتقدون (أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مات شهيدا) أي نوعا من الشهادة (مَعَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ) أي والرسالة لئلا يخلو من نوع من أبواب السعادة وهذا لا ينافي قوله تعالى وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إذ المراد به عصمته من القتل على أيديهم وأما ما دونه فقد احتمل صلى

ص: 646

الله تعالى عليه وسلم في ذات الله ومرضاته حتى سم وسحر وكسرت رباعيته كما يشير إليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم حين أصيبت رجله بحجر في طريقه

هل أنت إلا أصبع دميت

وفي سبيل الله ما لقيت

وقد أجيب بأن الآية نزلت بتبوك والسم كان بخيبر قبل ذلك والله تعالى أعلم (وقال ابن سحنون) بفتح السين وضم النون منصرفا وممنوعا وهو محمد بن سحنون بن سعيد التنوخي (أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم قتل اليهوديّة الّتي سمّته) وهو محمول على آخر أمرها فلا ينافي ما ورد من عدم التعرض لها في ابتداء حالها فقول الدلجي إن دعوى ابن سحنون يردها ما مر من حديث أنس وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهما من رواية غير وهب بن بقية ليس في محله إذ سبق أن كل واحد من الحديثين يحمل نفيه قبل موت البراء وهذا معنى قول المصنف؛ (وقد ذكرنا اختلاف الرّوايات في ذلك) أي بحسب ما يتبين التخالف هنالك (عن أبي هريرة وأنس وجابر) أي ابتداء لا انتهاء كما يسير إليه قوله (وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ دَفَعَهَا لِأَوْلِيَاءِ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ فَقَتَلُوهَا) أي بعد موت البراء فارتفع النزاع وثبت ما ذكره ابن سحنون من الإجماع، (وكذلك) أي مثل هذا الاختلاف أو نحوه (قَدِ اخْتُلِفَ فِي قَتْلِهِ لِلَّذِي سَحَرَهُ، قَالَ الواقدي وعفوه عنه أثبت عندنا) أي من قتله (وقد روي) وفي نسخة وقد روي عنه (أنّه قتله) ولعله عفا عنه أولا بسبب سحره المتعلق بخاصة نفسه ثم قتله لما صدر عنه بالنسبة إلى غيره أو لدفع ضرره عن المسلمين في آخر أمره أو أوحي إليه بعد عفوه أن يأمر بقتله وهذه الجملة معترضة (وروى الحديث) أي حديث الشاة المسمومة (البزّار عن أبي سعيد) أي الخدري (فذكر مثله) أي نحو ما سبق (إلّا أنّه قال) أي أبو سعيد (في آخره) أي في آخر حديثه (فبسط) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (يده) أي مدها، (وقال) أي لأصحابه كما في نسخة (كلوا بسم الله) أي مبتدئين باسمه ومستعينين بذكره (فأكلنا) أي منها (وذكر اسم الله) أي عليها (فلم تضرّ منّا أحدا) عن الحافظ ابن حجر أنه منكر ذكره الدلجي ولعل وجه الإنكار عموم نفي الأضرار مع أنه ثبت في الصحيح موت البراء منه كما سبق به التصريح وكذا تقدم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم تضرر منها إلى أن توفي بسببها وحصل له مرتبة الشهادة بها هذا والحديث رواه الجزري أيضا في الحصن الحصين بلفظ وأمر الصحابة في الشاة المسمومة التي أهدتها إليه اليهودية أن أذكروا اسم الله وكلوا فأكلوا ولم يصب أحدا منهم شيء وأسنده إلى مستدرك الحاكم قال صاحب السلاح رواه الحاكم في مستدركه عن أبي سعيد الخدري وقال صحيح الإسناد انتهى لكن قال بعض مشايخنا وفيه تأمل لا يخفى إذ المشهور بين أصحاب الحديث وأرباب السير أنه لم يأكل من تلك الشاة المسمومة أحد من الصحابة إلا بشر بن البراء كل منها لقمة ومات منها وأمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بإحراق تلك الشاة ودفنها تحت التراب واحتجم

ص: 647

رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة حجمه أبو هند بالقرن والشفرة وهو مولى لبني بياضة من الأنصار والله سبحانه وتعالى أعلم بالاسرار (قال القاضي أبو الفضل) أي المصنف (وَقَدْ خَرَّجَ حَدِيثَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ أَهْلُ الصَّحِيحِ) أي الذين التزموا الصحة (وخرّجه الأئمّة) أي البقية من أصحاب السنن المشتملة على الصحيح وغيره من الأقسام، (وهو حديث مشهور) أي بين الخاص والعام عند الجمهور من العلماء الأعلام (واختلف أئمّة أهل النّظر) أي من المتكلمين وغيرهم (في هذا الباب) أي باب خلق الله تعالى الكلام في الأجسام (فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ هُوَ كَلَامٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تعالى) أي في محل من الموجودات أعم من الحيوانات والنباتات والجمادات كما بينه مثلا بقوله (في الشّاة الميّتة) بتخفيف الياء ويجوز تشديدها (أو الشّجر والحجر) ذكرها بلفظ أو للتنويع (وحروف وأصوات) برفعهما عطف على كلام (يحدثها الله فيها) أي يوجدها في هذه الأشياء بلا حياة لها لعدم توقف ما ذكر عليها (ويسمعها) بضم الياء وكسر الميم أي من شاء أي خلقه (منها) أي من الأصوات والحروف (دون تغيير أشكالها) أي أنواع صورها (ونقلها عن هيئتها) أي حالتها وصفتها وتمام حقيقتها (وهو) أي هذا القول (مذهب الشّيخ أبي الحسن) أي الأشعري (والقاضي أبي بكر) أي ابن الطيب الباقلاني (رحمهما الله تعالى) أقول فعلى هذا كلام الشاة من جنس سلام الحجر وكلام الشجر فلا يصلح أن يكون مستندا لإحياء الموتى على ما ساقه المصنف كما لا يخفى بخلاف ما يستفاد من قوله (وآخرون ذهبوا إلى إيجاه) أي الله سبحانه وتعالى (الحياة) وفي نسخة إلى إيجاد الحياة لها (أوّلا ثمّ الكلام) بالنصب أو الجر أي ثم إيجاد الكلام (بعده) أي بعد إيجاد الحياة بها مع عدم تغيرها عن حالها، (وحكي هذا أيضا عن شيخنا) أي معشر أهل السنة (أبي الحسن) أي الأشعري (وكلّ) أي من القولين (محتمل) أي لإيجاد الحياة فيها أو لعدمها ولما كان التناقض بين القولين دفعه المصنف بحمل القول الثاني على الكلام النفسي لاستلزامه الحياة وحمل الأول على اللفظي لعدم استلزام خلقه في محل خلقها فيه بقوله (والله أعلم إذ لم نجعل) أي نحن ويجوز بصيغة الغائب أي أبو الحسن (الْحَيَاةَ شَرْطًا لِوُجُودِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ إِذْ لَا يستحيل وجودها مع عدم الحياة بمجرّدها) أي فيه (فأمّا إذا كانت) أي الحروف والأصوات (عِبَارَةً عَنِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ شرط الحياة لها) أي للأصوات (إِذْ لَا يُوجَدُ كَلَامُ النَّفْسِ إِلَّا مِنْ حيّ) أقول وظاهر الآيات والأحاديث يؤيد القول الأول فتأمل منها قوله تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ وحديث إن الجبل ينادي باسمه أي فلان هل مر بك أحد ذكر الله تعالى فإذا قال نعم قال استبشر الحديث مع أنه ليس هناك خرق للعادة فالصحيح من مذهب أهل السنة والصريح من مشرب الصوفية أن الأشياء لها معرفة بموجدها كما يدل عليه قوله سبحانه وتعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وأن لها السنة مسبحة لخالقها ويفهمها جنسها ومن أراد الله إدراكها (خلافا للجبائيّ) بضم الجيم وتشديد الموحدة بعدها ألف ممدودة نسبة الى جبا قرية بالسواد

ص: 648

وهو من متقدمي المعتزلة وكان إماما في علم الكلام وأخذه عن يعقوب بن عبد الله الشحام البصري رئيس المعتزلة بالبصرة في عصره وعنه أخذ الشيخ أبو الحسن الأشعري علم الكلام وله معه مناظرات مستحسنة بعد ما أقام على الاعتزال معه أربعين سنة ثم رجع عن حاله وحسن مآله ومال إلى مذهب أهل السنة وصار إمام الأئمة قيل إنه مالكي المذهب وقال السبكي أخذ فقه الشافعي عن أبي إسحاق المروزي توفي عام ثلاثين وثلاثمائة وأما الجبائي فمات سنة ثلاث وثلاثمائة (من بين سائر متكلّمي الفرق) أي فرق الإسلامية إذ لم يوافقه أحد منهم (في إحالته) أي عدم إمكانه (وُجُودِ الْكَلَامِ اللَّفْظِيِّ وَالْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ إِلَّا مِنْ حَيٍّ مُرَكَّبٍ عَلَى تَرْكِيبِ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ النّطق بالحروف والأصوات والتزم) أي الجبائي (ذلك) أي ما ذكره من التركيب (في الحصى) أي الذي سبح في يد المصطفى (والجذع) أي الذي حن وأنّ (والذّراع) أي الذي تكلم وبين (وقال) أي الجبائي (إنّ الله خلق فيها حياة وخرق) بالراء أي شق ويروى خلق (لها فما ولسانا وآلة) أي مما يتوقف النطق عليها (مكّنها) بتشديد الكاف وفي نسخة امكنها أي أقدرها الله تعالى (بها من الكلام وهذا) أي ما ادعاه دعوى بلا بينة منه فإنه كما قال المصنف (لو كان) أي وجد ما ذكره (لكان نقله والتّهمّم به) أي الاهتمام بنقله (أوكد) لكونه أغرب وأعجب فنقله أهم (من التّهمّم بنقل تسبيحه) أي الحصى في يديه صلى الله تعالى عليه وسلم (وحنينه) أي الجذع إليه واخباره أي الذراع له كذا في شرح الدلجي ولم يوجد لفظ وإخباره في الأصول المعتمدة (ولم ينقل أحد من أهل التفسير) أي شراح الحديث وفي نسخة من أهل السير أي أرباب التواريخ (والرّواية) أي من المحدثين (شيئا من ذلك) أي مما ادعاه الجبائي (فدلّ) أي عدم نقلهم ما ادعاه (عَلَى سُقُوطِ دَعْوَاهُ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إليه في النّظر) أي في نظر العقل وخبر النقل إذ المقام مقام خرق العادة وهو إنما يكون على وفق القدرة والإرادة وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير (والله الموفّق) أي لتيسير كل عسير وفي نسخة والموفق الله لا سواه، (وروى وكيع) الظاهر أنه ابن الجراح وقد تقدم (رفعه) بالنصب وفي نسخة بصيغة الفعل أي رفع حديثه (عن فهد بن عطيّة) بالفاء في أوله وبالدال في آخره وفي نسخة بالراء وكلاهما لا يعرف على ما ذكره الدلجي تبعا للحلبي وفي المواهب عن مهد بالميم والدال ولعله تصحيف وإنما روى البيهقي عن سمر بن عطية بكسر السين المهملة وسكون الميم في آخره راء عن بعض أشياخه (أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أتي بصبيّ) أي جيء به إليه (قد شبّ) أي صار شابا (لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ فَقَالَ مَنْ أَنَا فَقَالَ رسول الله) أي أنت رسوله، (وروي) بصيغة المجهول وقد رواه البيهقي وابن عساكر (عن معرّض) بضم ميم وتشديد راء مكسورة وروي معرض بكسر أوله كأنه آلة (ابن معيقيب) بالتصغير وفي نسخة معيقب بحذف الياء الثانية (رأيت من النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عجبا) وفي المواهب أسند الحديث إلى معيقيب اليماني قال حججت حجة الوداع فدخلت دارا بمكة فرأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ورأيت منه عجبا أي خرق عادة متضمنا لكرامة

ص: 649

(جيء) أي إليه (بصبيّ يوم ولد فذكر مثله) أي قال له من أنا قال رسول الله، (وهو حديث مبارك اليمامة) قال ابن دحية وهو موضوع ذكره الدلجي ولعله موضوع بإسناد غير معروف لما تقدم من الحديث هذا رواه البيهقي وابن عساكر فتأمل فإنه محل زلل (ويعرف) أي حديث المبارك أيضا (بحديث شاصونة) بضم الصاد وسكون الواو فنون فتاء وضبط في بعض النسخ بتحتية بدل النون وفي أخرى بفتح الصاد والواو وسكون الياء فهاء مكسورة أبو عبيد من أهل اليمن (اسم راويه) أي راوي حديث المبارك قال الحلبي هذا الصبي هو مبارك اليمامة وهو مذكور في الصحابة قال الذهبي في تجريده في الصحابة مبارك اليمامة في حديث معرض الصحابة (وفيه) أي في مروي شاصونة (فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صدقت) أي فيما نطقت (بارك الله فيك) أي في عمرك أو في أمرك (ثمّ إنّ الغلام لم يتكلّم بعدها) أي بعد هذه الكلمة أو الشهادة (حتّى شبّ) أي بلغ زمن التكلم وفيه إيماء إلى أن المراد بالغلام هنا هو الصبي قبل أن يصير شابا فهذا غير الصبي الذي تقدم والله تعالى اعلم (فكان) وفي نسخة صحيحة وكان (يسمّى مبارك اليمامة) أي لكونه صلى الله تعالى عليه وسلم دعا له بالبركة أضيف إلى اليمامة لأنه كان من أهلها وفي القاموس أن اليمامة جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام وبلاد الجو منسوبة إليها سميت باسمها وهي أكثر نخيلا من سائر الحجاز وهي دون المدينة في وسط الشرق عن مكة هذا وقد جمع الجلال السيوطي رحمه الله تعالى جميع من تكلم وهو صغير في هذه الأبيات:

تكلم في المهد النبي محمد

ويحيى وعيسى والخليل ومريم

ومبري جريج ثم شاهد يوسف

وطفل لدى الأخدود يرويه مسلم

وطفل عليه مر بالأمة التي

يقال لها تزني ولا تتكلم

وماشطة في عهد فرعون طفلها

وفي زمن الهادي المبارك يختم

(وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ) بفتح الواو وتكسر وهي سنة عشر من الهجرة؛ (وعن الحسن) أي البصري (أتي رجل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) أي وأسلم هو وامرأته (فذكر) أي الرجل (له أنّه طرح بنيّة) بالتصغير (له في وادي كذا) يعني وأنها هلكت على ظنه بها أو تردد في حياتها ومماتها (فانطلق) أي فذهب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (معه إلى الوادي) أي المعهود. (وناداها) أي البنية أبوها أو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو الأظهر (باسمها يا فلانة أجيبي) أي دعوة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (بإذن الله تعالى) أي بأمره وتيسيره (فخرجت) أي من الوادي وظهرت فيه (وهي تقول لبّيك وسعديك فقال لها) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (إِنَّ أَبَوَيْكِ قَدْ أَسْلَمَا فَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أردّك عليهما) أي بالحياة الأصلية أو المجددة ورددتك عليهما وإلا فتركتك على حالك (فقالت) وفي نسخة قالت (لا حاجة لي بهما) وفي نسخة فيهما (وجدت الله خيرا لي

ص: 650

منهما) والحديث عن الحسن لم يعلم من رواه كذا ذكره الدلجي ثم سياقه محتمل أن يكون من كلام الصغار أو في احياء الموتى لأن القضية تحتملهما إلا أن المصنف رحمه الله تعالى لم يرتب في هذا المحل إذا كان اللائق به أن يذكر أولا ما يتعلق بإحياء الموتى ثم يأتي بكلام الصبيان على طبق العنوان ثم رأيت الحديث في دلائل البيهقي صريحا في إحيائها حيث ذكر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دعا رجلا إلى الإسلام فقال لا أو من بك حتى تحيي لي ابنتي فقال صلى الله تعالى عليه وسلم أرني قبرها فأراه إياه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم يا فلانة قالت لبيك وسعديك فقال صلى الله تعالى عليه وسلم اتحبين أن ترجعي إلى الدنيا فقالت لا والله يا رسول الله إني وجدت الله خيرا لي من أبوي ووجدت الآخرة خيرا من الدنيا فكان حق المصنف أن يقدم هذا الحديث بهذا اللفظ في صدر الباب ليكون مطابقا لعنوان الكتاب ثم يذكر ما أخرجه أبو نعيم أن جابرا ذبح شاة وطبخها وثرد في جفنة وأتى بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأكل القوم وكان عليه الصلاة والسلام يقول لهم كلوا ولا تكسروا عظمها ثم إنه صلى الله تعالى عليه وسلم جمع العظام ووضع يده عليها ثم تكلم بكلام فإذا الشاة قامت تنقص ذنبها كذا ذكره صاحب المواهب وأما ما ذكروا من احيائه عليه الصلاة والسلام أبويه فالأصح أنه وقع على ما عليه الجمهور الثقات كما قال السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفات، (وعن أنس) كما رواه ابن عدي والبيهقي وابن أبي الدنيا وأبو نعيم (أَنَّ شَابًّا مِنَ الْأَنْصَارِ تُوُفِّيَ وَلَهُ أُمٌّ عجوز) أي مات حال وجودها (عمياء فسجّيناه) بتشديد الجيم أي غطيناه (وعزّيناها) بتشديد الزاء أي أمرناها بالصبر وحملناها على الشكر لوعد الأجر والحذر من الوزر ودعونا لها بجبر المصيبة ولولدها بالمغفرة (فقالت مات ابني) أي أمات (قُلْنَا نَعَمْ قَالَتْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ) أي من نيتي في هجرتي (أنّي هاجرت إليك وإلى رسولك رجاء) بالنصب أي من أجل أملي (أن تعينني على كلّ شدّة) أي واقعة لي (فلا تحملنّ عليّ) بتشديد الياء (هذه المصيبة) إذ لست لحملها مطيقة هذا ولا يبعد أن يكون أن بمعنى إذ لكن الأولى ما قدمناه من أن الترديد غير راجع إلى علمه سبحانه وتعالى بل إلى معلومه من حيث عدم جزمها بكون هجرتها خالصة وقد أبعد الدلجي بقوله تجاهلا منها فيه (فما برحنا) بكسر الراء أي ما ذهبنا من مكاننا ولا نزلنا في موضعنا (حتى كشف الثوب) كذا في أصل الدلجي أي إلى أن كشفه وفي الأصول المعتمدة أن كشف الثوب أي فما زلنا كشفه وما فارقنا رفعه (عن وجهه) بعد دعائها إلى احيائه (فطعم وطعمنا) بكسر العين أي فعاش مدة بدعائها وأكل وأكلنا معه وفيه إشارة إلى أن الكرامات نوع من المعجزات بل هي أبلغ منها حيث حصل للتابع ما يحصل للمتبوع من خوارق العادات هذا وليس فيه صريح دلالة على إحيائه بعد أماته لاحتمال اغمائه مع وجود سكته لكن زال الغم بدعاء الأم. (وروي) أي على ما نقله البيهقي (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ كُنْتُ فِيمَنْ دَفَنَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شمّاس) بتشديد الميم قال الحلبي ثابت هذا أنصاري خطيب الأنصار وقد شهد له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم

ص: 651

بالجنة وذلك أنه لما نزل قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الآية احتبس ثابت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم وَكَانَ فِي أُذُنَيْهِ صَمَمٌ فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ وقال لقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأنا من أهل النار فذكر ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال بل هو من أهل الجنة روى عنه بنوه وأنس (وكان) أي ثابت (قتل باليمامة) وكانت وقعة اليمامة سنة اثنتي عشرة في خلافة الصديق (فَسَمِعْنَاهُ حِينَ أَدْخَلْنَاهُ الْقَبْرَ يَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ؛ عُمَرُ الشَّهِيدُ، عُثْمَانُ) وفي نسخة وعثمان (البرّ) بفتح الموحدة (الرّحيم) أي البار لقومه عامة والرحيم برحمة خاصة. (فنظرنا) أي مختبرين حاله من حياة وموت (فإذا هو ميّت) هذا الحديث دليل كلام الموتى لا إحيائهم كما لا يخفى، (وذكر عن النّعمان بن بشير) كما رواه الطبراني وأبو نعيم وابن منده عنه وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن أنس (أنّ زيد بن خارجة) بالخاء المعجمة ثم الجيم (خرّ ميّتا) أي سقط من قيام أو قعود حال كونه ميتا وجوز أن يكون التقدير وقد خر حيا فمات به في عقبه ويؤيده ما في رواية ابن أبي الدنيا على ما نقله عنه القسطلاني فبينما هو يمشي في طريق من طرق المدينة بين الظهر والعصر إذ خر فتوفي (في بعض أزقّة المدينة) بكسر الزاء وتشديد القاف جمع زقاق أي بعض طرقها المسلوكة في داخلها (فرفع) أي جسده (وسجّي) أي غطى وجهه (إذ سمعوه بين العشاءين والنّساء يصرخن) بضم الراء أي يبكين بصياحهن (حوله) أي ومعهن رجال من أهله (يقول أنصتوا أنصتوا) بفتح الهمزة وكسر الصاد المهملة فيهما أي اسكتوا واستمعوا والتكرير للتأكيد فنظروا فإذا الصوت من تحت الثياب (فحسر) بصيغة الفاعل أي كشف غطاؤه (عن وجهه) وفي نسخة بصيغة المفعول ويؤيده أنه في رواية فحسروا عن وجهه (فقال) أي القائل على لسانه كما في رواية (محمد رسول الله) صلى الله تعالى عليه وسلم (النبي الأمّيّ وخاتم النّبيّين) أي آخرهم (كان ذلك) أي كونه رسولا نبيا أميا وخاتما كليا (في الكتاب الأول) أي اللوح المحفوظ الذي كل ما فيه لا يبدل (ثمّ قال) أي زيد (صدق صدق) أي رسول الحق والتكرير للتأكيد أو صدق فيما أخبر به عن الابتداء كما أنه صدق فيما انبأ به عن الانتهاء، (وذكر أبا بكر وعمر وعثمان) أي بخير أو بأنهم صدقوا فيما عاهدوا الله عليه أو بأنهم ممن قال تعالى فيهم وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ وذلك لما كشف له من أحوال الآخرة هذا وقد تصحف علي الدلجي حيث قال صدق صدق أمر مخاطب (ثمّ قال) أي زيد (السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته) وهو سلام وداع إما غيبة وإما مشاهدة ويؤيده أنه في رواية قال هذا رسول الله الخ قال التلمساني روي تركناه أقول الظاهر إنه تصحيف (ثمّ عاد ميّتا كما كان) أي عود البدء واعلم أن صاحب الاستيعاب ذكر في زيد بن خارجة بن زيد أنه هو الذي تكلم بعد الموت لا يختلفون في ذلك قال الذهبي وهو الصحيح وقيل هو أبوه وذلك وهم لأنه قتل يوم أحد قال

ص: 652